أنت هنا

26 شعبان 1428
المسلم - عمان :

وجهت "هيئة علماء المسلمين في العراق" رسالة مفتوحة إلى فصائل المقاومة العراقية، دعت فيها أبناءها إلى توحيد رؤاهم حول عراق ما بعد الاحتلال، ومنع غيرهم من قطف ثمار تضحياتهم.

وجاء في الرسالة، التي تعتبر الأولى التي تقوم فيها الهيئة بمخاطبة المقاومة بشكل مباشر، تنبيه لأبناء المقاومة لأنهم "سيمتحنون في رسم مستقبل العراق"، وأضافت أنهم مدعون اليوم لتتفق رؤاهم على صياغة مستقبل واعد للشعب العراقي، وإن أي خلاف في الرؤية حول هذا المستقبل ما لم يحسم من الآن، سينتهي بالمحصلة إلى أن يقطف ثمار المقاومة غير أبنائها الشرعيين، أو أن يحدث بين أبناء المقاومة نفسها اقتتال داخلي، مؤكدة أنه إذا حدثت الأخيرة فستكون الخسارة فادحة، لأن الأمة ستفقد الثقة بأبنائها، وسينقلب أهل المقاومة والجهاد في نظر الناس من حماة للبلاد، يفتخرالناس ببطولاتهم، إلى محاربين هواة، غايتهم الاستحواذ على السلطة، وبناء مجد شخصي لهم على الجماجم والدماء.

وقالت الهيئة إن المحتل لن يكف عن إثارة الفتنة بين فصائل المقاومة لأنه ـ وقد قرر الخروج من العراق ـ لا يريد أن يخلفه مشروع جهادي ناجح.

ونبهت الهيئة المقاتلين من أبناء المقاومة على أنهم ليسوا وحدهم من يمثل مشروع المقاومة في العراق، وإن كانوا هم أصحاب الركن الأعظم فيه، بل لهم شركاء، فالجهات التي تمولهم، أو التي تسمح لهم بالحركة في ميادينها، والقوى الرافضة للاحتلال، التي ارتفع لها صوت في التنديد بالمحتل ودعم المقاومة منذ الأيام الاولى من الاحتلال، وأصحاب الكفاءات من السلكين العسكري والمدني الذين رفضوا العمل في ظل الاحتلال، وعامة الشعب بكل طوائفه وأعراقه، من الذين لم يتواطأوا مع المحتل، وصبروا على الظروف الصعبة التي تمر بالبلاد، هؤلاء جميعا شركاء في مشروع المقاومة، وبالتالي فإن على أبناء المقاومة حين يعزمون الاتفاق على مشروع لمستقبل العراق بعد الاحتلال أن يضعوا في الاعتبار، طموحات هؤلاء جميعا، وألا يتجاوزوهم في أي مشروع سياسي مقبل، لا سيما أنهم أغلبية، وأن أي مشروع لا يحظى بنسبة تأييد غالبة منهم، لن يكتب له النجاح.

كما دعت الهيئة أبناء المقاومة إلى ضرورة أن يضعوا في الحسبان ـ حال اختيارهم أي مشروع سياسي ـ خصوصيات المنطقة، والوضع الدولي القائم، لأن أي قادم على سدة الحكم في هذا البلد لا يمكنه أن يتجاهل المحيط من حوله، أو الوضع الدولي القائم في عصره، كما يفترض لضمان نجاح المشروع السياسي الذي يقع الاختيار عليه، أن يكون له نموذج تم تطبيقه، ومعرفة مواطن القوة والضعف فيه على نحو تجريبي، لأن اعتماد نموذج نظري لم يسبق له أن امتحن على أرض الواقع، فيه مجازفة كبيرة، على حد ما ورد في بيان الهيئة.

ونبهت الهيئة على أن المقاومة وحدها لا تستطيع أن تبني دولة، وقالت إن هذا لايقدح في كفاءتها، فهي جزء من كل، والدولة إنما تقوم بالكل، وخلصت إلى وصية قالت إن أبناء المقاومة أهل لها، ولكنها وصية لا يضر تكرارها، وهي مراعاة الشعب والاهتمام به، فلابد أن يكون ضمن أولويات أبناء المقاومة ـ بعد إعلاء كلمة الله عز وجل ـ هدف إسعاد الشعب العراقي، وتوفير العيش الرغيد له، وجعله في مقدمة الشعوب تطورا وازدهارا، وتعويضه عن سني الأذى والظلم والحرمان التي طالته عقودا، وبلغت ذروتها في زمن الاحتلال.

كما دعت إلى العمل على تجنب أن يتعرض أبناء الشعب العراقي لأذى المحتل وعملائه، أو لأذى غير مقصود من المقاومة، تسببه تقديرات خاطئة في الميدان، وقالت: "إننا نعد من يحجم عن عملية قتالية يحصد فيها عددا من المحتلين مخافة أن يصيب فيها واحدا بريئا من أبناء هذا الشعب، لمن أرباب الجهاد الميمون، الذي يعقد الله سبحانه بناصيته الخير، ويجري على يديه النصر".

وختمت الهيئة رسالتها بالدعاء لأبناء المقاومة بالنصر والـتأييد.