28 جمادى الأول 1434

السؤال

ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه ( في حديث الثلاثة نفر الذين دخلوا المسجد والرسول كان يدرِّس أصحابه فقال في حق الثاني وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه)
سؤالي ما المقصود بالحياء هنا؟
وهل يجوز تأويل صفة الحياء هنا إلى أن الله استحيا من أن يحرمه من الأجر؟
وما هو الضابط في تأويل الصفات؟

أجاب عنها:
د. عبدالعزيز العبداللطيف

الجواب

الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فهذا الحديث يدلّ على إثبات صفة الحياء لله عز وجل، وكما جاء في حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين" أخرجه الترمذي وأحمد وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.
وحياء الله تعالى واستحياؤه صفة تليق به سبحانه، فكما أن ذات الله تعالى لا تماثل الذوات المخلوقة فكذلك صفاته سبحانه وتعالى لا تماثل صفات المخلوقين، فالحياء في حق الله عزوجل حياء يليق بجلاله وكماله، ليس كحياء المخلوقين الذي هو انكسار يعتري الشخص بسبب خوف ما يعاب أو يذم، فالواجب أن نثبت هذه الصفة لله تعالى وما تستلزمه من سعة رحمته وكمال جوده وعظيم عفوه وحلمه، ومن ثم فيكون هذا التأويل – المذكور في السؤال – سائغاً إذا أثبت صفة الاستحياء لله تعالى وما تقتضيه من ثبوت الأجر لهذا المستحيي.
وأما الضابط في تأويل الصفات، فالضابط الصحيح في ذلك هو تفسير صفات الله تعالى المبيِّن لمراد الله تعالى و مرادرسوله صلى الله عليه وسلم، بمعنى أن نثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه أو ما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم بالسنة الصحيحة، من غير تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل، فإذا أثبت الله لنفسه صفة اليد كما في قوله تعالى: (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (الفتح: من الآية10) فنقول: لله عز وجل يد، ليست كيد البشر، يد تليق بجلاله وكماله، وهكذا في كل الصفات التي أثبتها الله لنفسه أو أثبتها له رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فالتفقه ومعرفة معاني صفات الله تعالى مشروع ومحمود. وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.