25 ذو القعدة 1425

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته<BR>هل يجوز حرق الجثث في جنوب شرق آسيا، بعد الحادث الأخير تعللاً بالخوف من تفشي الأمراض ، وحفاظاً على مصلحة الأحياء ؟<BR>أرجو تفصيل الجواب مدعماً بالأدلة .<BR>وجزاكم الله خيراًً.<BR>

أجاب عنها:
أ.د. خالد المشيقح

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: حرق جثث بني آدم هذا محرّم ولا يجوز؛ لأن حرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً، ويدل لهذا حديث عائشة _رضي الله تعالى عنها_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: " كسر عظم الميت ككسره حياً" أخرجه أبو داود وإسناده صحيح. وكذلك في حديث أبي مرثد الغنوي _رضي الله عنه_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: "لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها"، أخرجه مسلم في صحيحه. وكذلك نهى النبي _عليه الصلاة والسلام_ عن الكتابة على القبور والجلوس عليها. فقد أخرج الإمام أحمد في المسند وأبوداود والنسائي بسند صحيح من حديث جابر _رضي الله عنه_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_:" نهى أن يقعد على القبر وأن يجصَّص أو يبنى عليه". ومن حديث جابر _رضي الله عنه_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ :" نهى أن يكتب على القبر شيء"، أخرجه ابن ماجة والحاكم بسند صحيح . وكل هذه الأدلة الشرعية تدل على بقاء حرمة الميت بعد موته؛ ولهذا شُرع أن يُغسَّل، وأن يُكفَّن، وأن يطيَّب وأن يُقبر في مقابر المسلمين، فيُدفن مع إخوانه المسلمين، وأن يُصلى عليه، وأن يُدعى له بالرحمة، وهذا كله مما يدل على تعظيم شأنه وعدم إهانته أو الاستخفاف به؛ ولهذا نص العلماء _رحمهم الله_ على أن حمل الميت بطريقة مزرية به غير جائز. ومن هذا كله يتبين أن الإسلام عُنِي بشأن الميت المسلم، وأبقى حرمته، ومن محاسنه كذلك أنه شرع تغسيله وتكفينه وتطييبه والدعاء له والصلاة عليه... إلخ. وأما القول بأن هذا يؤدي إلى تفشي الأمراض فيتأذى الأحياء، فهذه كلها أمور ظنية ليست يقينية، فلا يُهدر الأمر المعلوم من الدين وهو ما يتعلق بحرمة المسلم، من أجل أمور ظنية، والله _تعالى_ أعلم.