9 ذو الحجه 1425

السؤال

فضيلة الشيخ / سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله <BR>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته <BR>تعلمون _أثابكم الله_ أن كثيراً من دول العالم الإسلامي في فقر شديد ، فأيهما أفضل الأضحية في هذا البلد ، أم في هذه الدول الفقيرة ؟ <BR>أفتونا مأجورين

أجاب عنها:
سليمان العلوان

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم عليكم السلام ورحمة الله وبركاته إن من المصالح الكبرى التي عنيت بها الشريعة الإسلامية ، وكانت أحد مقاصدها العظمى ، تقديم المصالح ، والعناية بذوي الحاجة والفقر من المسلمين ، وإن من المصالح المحققة في هذا الباب جواز نقل الأضحية من بلد المضحي إلى بلد آخر ، لاسيما وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله _صلى الله عليه وسلم_ ما يمنع ذلك ويدفعه، والأصل في ذلك الجواز ، فإذا كانت الزكاة وهي واجبة بالإجماع يجوز نقلها من بلد إلى بلد للمصلحة والحاجة ، فكيف بالأضحية المستحبة . وقد منع من ذلك بعضهم مستدلاً بفوات إظهار الشعيرة ، وقد قال _تعالى_ :" وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " وفي الاستدلال بهذه الآية نظر من وجهين: الوجه الأول : أن يتفق الناس كلهم على ذبح ضحاياهم خارج بلادهم، فيبقى إظهار الشعيرة من هذا الوجه موجوداً . الوجه الثاني : على فرض أن الناس جميعاً يذبحون ضحاياهم خارج البلد ، فإن أصل إظهار الشعيرة باق غير منتف ، فهو يظهر ويقوى ظهوره في بلد آخر ، وإن ضعف ظهوره في البلد الأصل للحاجة والمصلحة. والقصد من الأضاحي هو إظهار الشعيرة ، في كل بلد ، ونفع الفقراء " لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ " وقد جاء في الصحيحين من طريق أبي عاصم ، عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: " من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة و بقي في بيته منه شيء " فلما كان العام المقبل ، قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا العام الماضي ؟ قال : " كلوا وأطعموا وادخروا ، فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيها " فالشارع لما نظر في فاقة الناس حرم عليهم الادخار فوق ثلاثة أيام، فلما زالت تلك العلة زال النهي" وحينئذٍ لا نجد حرجاً من الفتوى بجواز نقل الأضحية من بلد إلى آخر فإن أعداداً كبيرة من المسلمين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ويعانون مسغبة ، وقد يموتون جوعاً والحاجة داعية إلى الوقوف معهم ، وإغاثتهم بالزكوات والصدقات ، ونقل الأضحية إلى بلادهم ، فإنه لا يتعين في الأضحية مكان بلد المضحي ، وحين تفوت سنية الأكل من الأضحية فلا تفوت مصلحة إغاثة الفقراء والمساكين وسد حاجتهم ، والله أعلم .