20 جمادى الأول 1426

السؤال

ماحكم الذهاب بالنساء إلى الكوافيرات لطلب الزينة؟

أجاب عنها:
د. سعد العتيبي

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .. أما بعد .. الأصل في الاستعانة بالنساء في تزيين بعضهن بعضاً الجواز ، ومما يدل لذلك ما ورد في قصة أم المؤمنين عائشة _رضي الله عنها_ ، قالت : " تزوجني النبي _صلى الله عليه وسلم_ لست سنين ، فقدمنا المدينة ، فنزلنا في بني الحارث بن خزرج ، فوعكت فتمزق شعري فوفى جميمة ، فأتتني أم رومان [أم عائشة نفسها] ، وإني لفي أرجوحة ، ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها ، لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار ، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ، ثم أخذت شيئاً من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ، ثم أدخلتني الدار ، فإذا نسوة من الأنصار في البيت ، فقلن : على الخير والبركة ، وعلى خير طائر ، فأسلمتني إليهن ، فأصلحن من شأني ، فلم يرعني إلا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ضحى ، فأسلمتني إليه ، وأنا يومئذ بنت تسع سنين " رواه الشيخان . ولكن خروج المرأة إلى مكان آخر للتتزين - ولا سيما في هذا العصر - لا يخلو من محاذير ، منها : 1) أن الذهاب إلى هذه الأماكن مع ما فيه من خروج المرأة وتكشفها خارج منزلها ، وهو أمر يضعف الحياء و لا سما للمخدَّرات العفيفات اللاتي لم يعتدن مثل ذلك من قبل ؛ ويخشى أن يؤول الحال فيه إلى الدخول في الوعيد الوارد في قول النبي _صلى الله عليه وسلم_ : " أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله" رواه أحمد وغيره، وفي لفظ : "أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله _عز وجل_ عنها ستره " . 2) أن هذا العمل فيه هدر كبير للوقت ، يقدر بالساعات ولا سيما فيما يتعلق بالتهيؤ لمناسبات الأفراح . 3) أن فيه بذلا للمال يصل إلى حد الإسراف والتبذير؛ وهذا أمر معروف لا يخفى . 4) أنَّ كثيراً من محلات (الكوافير) العامة ، تتضمن أموراً محرمة يندر خلوها منها ، ومن هذه الأمور : أ‌- وجود موظفين من الرجال يتولون عملية التجميل للنساء الأجانب في كثير من هذه الأماكن ، وقد وجد لبعضهم دعايات يندى لها الجبين . ب‌- التساهل في المحرمات، بل بكبائر الذنوب، مثل: النمص، والاطلاع على العورات تحت مسمى إزالة الشعر غير المرغوب فيه ، ومن ذلك : شعر العورة المغلظة والفخذين ؛ وهذا مما لا يجوز أن يطّلع عليه امرأة أخرى ولا محرم غير الزوج ، فضلاً عن تكرار النظر إليه والتمرير عليه بآلة أو حلاوة أو نورة أو غيرها . ت‌- أنَّ هذه المحلات تُتَابع الجديد مما يعرف بالموضات ، وهي في كثير منها لا تخلو من التشبه بأهل الكفر أو أهل الفسق من المغنين وأهل التمثيل الماجن ، بل و بما يعرف بالجنس الثالث ، والتقليد لهم في تخنثهم والعياذ بالله . ث‌- أنَّ ارتياد مثل هذه الأماكن فيه دعم لها وعون لأهلها ، وتيسير لتكاثرها مع غلبة الشر وظهوره فيها؛ وقد قال الله _تعالى_: " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" . وبعض هذه المحذورات ونحوها مما هو موجود في الواقع ، حمل بعض أهل العلم على وجوب مقاطعة (الكوافيرات) والاكتفاء بالتزين في البيوت. بل قد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة (ج 17/227-228) ما يلي : " س : نأمل تفضل سماحتكم بإرشادنا بحكم تزيين المرأة للمرأة بوضع الحناء والمكياج وتصفيف الشعر داخل المشاغل النسائية ، وبوجود حارس أمن يمنع دخول الرجال عامة أو داخل المنزل ، وهي غير ظاهرة للناس ، وخاصة العرائس في ليلة الزفاف ، وما حكم العمل بها شرعا ؟ أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء . ج : لا يجوز للمرأة الخروج من بيتها لتذهب إلى محلات تصفيف الشعر وتزيينه؛ لما يترتب على ذلك من الفتنة وإبداء زينتها خارج بيتها؛ ولأنَّه بإمكانها عمل ما تحتاج إليه من التزين داخل بيتها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو / بكر أبو زيد. عضو / صالح الفوزان. عضو / عبد الله الغديان. نائب الرئيس/ عبد العزيز آل الشيخ. الرئيس / عبد العزيز بن عبد الله بن باز. ". وأما البديل الشرعي الأسلم ، الذي ينبغي العدول إليه ممن تحتاج إلى تزيين خاص، فهو – والله تعالى أعلم - أن تدعى المزيِّنة ( الكوافيرة )- التي تصف الشعر وتتقن فن التجميل الطبيعي أو الصناعي الذي يخلو من المحظورات الشرعية – إلى الدار ، وتقوم بعملية التجميل داخل الدار ؛ هذا مع اجتناب المحذورات السابقة ؛ لأن هذه الحال أبعد عن المحاذير ، وأشبه بما ورد في حديث عائشة – رضي الله عنها - السابق . والحذر من هذه الأماكن مهم ، ولا سيما بعدما اشتهر من استغلال الفساق لمثل هذه المهن ومحلاتها للأفعال الشنيعة، وترويج الفاحشة، ولو من خلال الضغط على بعض من يرتدن هذه الأماكن بإظهار صور فاضحة لهن تم التقاطها بعدسات تصوير متحرك خفية، وضعت في بعض جنبات تلك المحلات أثناء تزيين تلك المسكينات ! نعوذ بالله من الخيانة وسوء الحال. هذا والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.