2 صفر 1427

السؤال

كما تعلمون فإن كثيراً من أبناء الشعب الفلسطيني المسلم يزجون في سجون الاحتلال، وهذه السجون قدرتُ مساحته بحوالي كيلومتر مربع، وهو مقسم إلى عشرة أقسام متجاورة، ويفصل بين القسم والآخر أسلاك شائكة متعددة عرضها أربعة أمتار تقريباً ويوجد حوالي ألف معتقل في هذا المعتقل يعني حوالي مئة معتقل في كل قسم منها، وتقام صلاة الجمعة في كل قسم على انفراد، وكذا صلاة العيد أي عشر جمع وعشر صلوات عيد .<BR>وهنا مجموعة ملحوظات:<BR>- لا يمكن من الناحية العملية إقامة جمعة واحدة؛ لأن قوات الاحتلال لا تسمح بذلك.<BR>- لا يمكن من الناحية العملية إقامة جمعتين لقسمين متجاورين؛ لأن طبيعة أقسام السجن لا تسمح بجلوس المعتقلين من القسمين المتجاورين على جانبي الشبك الشائك.<BR>- يرى المعتقلون وخاصة المشايخ منهم أنه لا بد من إقامة صلاة الجمعة وكذا صلاة العيد وإن تعددتا لما للصلوات من آثار نفسية كبيرة في نفوس المعتقلين. ولا يخفى عليكم ما لصلاة الجمعة من دور في حياة المسلم وخاصة المعتقل.<BR>- هذه الحالة تتكرر في جميع السجون والمعتقلات الصهيونية التي تضم أكثر من عشرة آلاف معتقل.<BR>- ليس هنالك إلا خيارين إما تعدد الجمعة أو القول بأن لا جمعة في السجون.<BR>أرجو التكرم بالجواب المفصل في هذه المسألة.<BR>

أجاب عنها:
سليمان الماجد

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فللعلماء في مشروعية صلاة الجمعة في السجن قولان مشهوران: الأول: عدم المشروعية وحكاه ابن رجب عن الجمهور، بل قال: ولا يعلم في ذلك خلاف بين العلماء. وزاد الحنفية وغيرهم فقالوا: لا تُصلى الظهر يومها إلا فرادى حتى في السجن وبدون أذان أو إقامة. واستدلوا بأن إقامة الجمعة ذريعة لتعددها وسبب لذهاب المقصود من الجمعة، وهو ظهور الشعار، وبأن السجون كانت مشحونة بالعلماء من السلف والخلف ولم يكونوا يقيمونها. الثاني: أن إقامتها مشروعة لأهل السجن، وهو قول ابن سيرين وابن حزم، وأفتى به ابن حجر الهيتمي من الشافعية. واستدلوا لذلك بأن المسجون مخاطب بالجمعة. وما استدل به أهل القول الأول لا يَرِد على اعتبار مشروعيتها؛ إذ لم يثبت النهي عن ذلك عن النبي _صلى الله عليه وسلم_، ولا هو بإجماع من الصحابة، وترك بعض العلماء لها في السجن لا يدل على عدم مشروعيتها؛ فربما تركوها لعدم اجتماع الأربعين في الزنزانة الواحدة، وربما رأوا أنها لا تجب عليهم، لا أنها غير مشروعة. ونقل حكم منع إقامة الجمعة في المنازل والضياع إلى السجن غير صحيح؛ لأن الحال الأولى حال اختيار والثانية حال عجز واضطرار. فعليه فإن القول بمشروعيتها في السجن هو أصح القولين فلو صلاها أهل السجن صحت منهم سواء كانت قبل جمعة البلد أو بعدها أذن الحاكم بإقامتها أو لم يأذن، ويؤجرون عليها لما في إقامتها من تحقيق مقاصد الجمعة من الوعظ والتذكير والاجتماع. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.