11 ربيع الثاني 1428

السؤال

فضيلة الشيخ: <BR>ورد في كتاب الله في عدة مواضع أن الله خلق السماوات في ستة أيام مع أنه قادر على خلقها في لحظة، فما الحكمة، والسبب في ذلك؟<BR> وجزاكم الله خيرا

أجاب عنها:
د.عمر بن عبد الله المقبل

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فأولاً : يجب على المؤمن أن لا تغيب عنه قضية مهمة ،وهي : أن الله تعالى لا يفعل شيئاً إلا بحكمة، وهذه الحكمة قد يأتي النص عليها،وقد تكون ظاهرة ، وقد تكون خفيّة ،وهو ـ بكل حال ـ مطلوب منه التسليم والانقياد ،خصوصاً في مسائل القضاء والخلق والأمر،إذ لله تعالى حكمٌ وأسرار لا يحيط بها أحدٌ سواه . وكون الإنسان يجهل الحكمة ،فهذا لا يحمله على نفيها، أوالاعتراض على حكم الله القدري والكوني ،فإنه سبحانه "لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون". ثانياً : ذكر بعض العلماء ـ من باب التماس الحكمة في ذلك ـ أن يتعلم العباد الرفق والتثبت في الأمور ؛ ولتظهر قدرته للملائكة شيئاً بعد شيء ،وكذلك ليعلموا أن لكل شيء عنده أجلا ، وبيّن بهذا ترك معالجة العصاة بالعقاب ؛ لأن لكل شيء عنده أجلاً . هذا معنى كلام القرطبي في تفسيره للآية (54) من سورة الأعراف ،وذكر نحوه ابن الجوزي ـ عند تفسير الآية ذاتها ـ في كتابه "زاد المسير" ،وزاد : 1 ـ أنه أراد أن يوقع في كل يوم أمراً تستعظمه الملائكة ومن يشاهده. 2 ـ أن التعجيل أبلغ في القدرة، والتثبيت أبلغ في الحكمة ، فأراد إظهار حكمته في ذلك، كما يظهر قدرته في قوله : ( كن فيكون ). 3 ـ أن ذلك الإمهال في خلق شيء بعد شيء، أبعد من أن يظن أن ذلك وقع بالطبع أو بالاتفاق. والله تعالى أعلم وأحكم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.