26 رمضان 1428

السؤال

ما الفرق بين صلاة التراويح والقيام؟ وما الدليل على تخصيص القيام بالعشر الأواخر؟ وهل من دليل على تخصيص القيام بتطويل القراءة والركوع والسجود؟

أجاب عنها:
أ.د. خالد المشيقح

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
صلاة التراويح هي قيام رمضان بما تقدّم، ولكن طول القيام في العشر الأواخر يسمى بالقيام، وفي الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: "كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيى ليله، وأيقظ أهله ".
قال ابن رجب _رحمه الله_ في اللطائف: يُحتمل أن المراد إحياء الليل كله، وقد رُوِي من وجهٍ فيه ضعف بلفظ: "وأحيى الليل كله" وفي مسند الإمام أحمد عن عائشة _رضي الله عنها_ قالت:" كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشد المئزر".
وأخرج أبو نعيم بإسناد فيه ضعف عن أنس _رضي الله عنه_ قال: "كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ إذا شهد رمضان قام ونام، فإذا كان أربعاً وعشرين لم يذق غمضاً "، ا.هـ
وقال ابن رجب في اللطائف – أيضاً – في معنى شدّ المئزر:" والصحيح أن المراد اعتزاله للنساء، وقد ورد ذلك صريحاً من حديث عائشة وأنس _رضي الله عنهما_ ، وورد تفسيره بأنه لم يأوِ إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان، وفي حديث أنس:" وطوى فراشه واعتزل".
ومن هذه الأحاديث يُعلم سبب تخصيص ليالي العشر الأواخر بالقيام، فإن ظاهر هذه الأحاديث أنه يقوم الليل كله بالصلاة والقراءة، ولا شك أن ذلك يستدعي طول القيام والركوع والسجود، وقد ذُكر في (المناهل الحسان) عن الأعرج، قال:"ما أدركنا الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات، وإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفّف".
وعن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه، قال:" كنّا ننصرف في رمضان من القيام، فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة فوت السحور "، وعن السائب بن يزيد قال: " أَمَرَ عمرُ بن الخطاب أُبَيَ بن كعب وتميمًا الداري -رضي الله عنهم- أن يقوما بالناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، فما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر" .
وقال ابن محمود في كتاب الصيام:" وسميت تراويح من أجل أنهم كانوا يستريحون بعد كل أربع ركعات؛ لكونهم يعتمدون على العصي من طول القيام، ولا ينصرفون إلا في فروع الفجر".
وروى مسلم عن جابر – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_:" أفضل الصلاة طول القنوت"، أي: طول القيام.
وروى مسلم – أيضاً – عن حذيفة _رضي الله عنه_ قال:" صليت مع النبي _صلى الله عليه وسلم_ ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المئة ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسِّلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوّذ تعوّذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: "سمع الله لمن حمده"، ثم قام طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد، فقال: "سبحان ربي الأعلى" فكان سجوده قريباً من قيامه).
وروى البخاري ومسلم عن ابن مسعود _رضي الله عنه_ قال: "صليت مع رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فأطال، حتى هممت بأمر سوء، هممت أن أجلس وأدعه".
فمن هذه الأحاديث يؤخذ أن سنَّة النبي _صلى الله عليه وسلم_ التي داوم عليها طول القيام، وطول الأركان، وأنه يخص العشر بمزيد من الاجتهاد، والله أعلم.