26 صفر 1431

السؤال

فضيلة الشيخ : د. خالد الماجد حفظكم الله ورعاكم. <BR>نود منكم التوضيح بالتفصيل في مسالة زكاة المال المحرم؟ ولكم جزيل الشكر

أجاب عنها:
د. خالد الماجد

الجواب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
فزكاة المال المحرم فيها تفصيل حسب سبب التحريم:
أولاً: أن يكون المال محرماً لذاته: يعني أن التحريم وارد على عينه، مثل: الخنزير ولحمه ولحم الميتة، والخمور والمخدرات، والآلات الموسيقية المحرمة، فهذا المال لا زكاة فيه إذا تاجر فيه المسلم؛ لأنه خبيث الأصل والله لا يقبل إلا طيباً، ولأن الزكاة لا تجب إلا في مال، وهذا ليس بمال في الحقيقة؛ لأنه لا قيمة له في الشرع، ولذا لا يجب ضمانه بإتلافه.
ثانياً: أن يكون المال محرماً لغيره: يعني أن التحريم ليس وارداً على عين المال، بل عين المال مباحة، وإنما التحريم وارد على غير العين إما على طريقة استعماله كالأواني المصنوعة من الذهب أو الفضة، أو على طريقة كسبه، كالمال المكتسب بالربا، ، فحكم زكاة هذا النوع يختلف بحسب الحق في هذا التحريم لمن هو؟ هل هو لحق الله أو لحق الآدمي؟ على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يكون تحريمه رعاية لحق الله تعالى، كتحريم استعمال أو اتخاذ أواني الذهب والفضة، أو حلي الذهب ولباس الحرير للرجال، فهذه أموال غير محرمة أعيانها، لكن التحريم لكون الله حرم استعمالها على هذا الوجه، فهذا النوع -مع حرمة استعماله وبيعه- تجب زكاته، فتجب زكاة أواني الذهب والفضة وحليهما مطلقاً سواء أكانت للتجارة أو للاستعمال؛ لأن الأصل في الذهب والفضة وجوب الزكاة، وإن كان غير ذهب وفضة كالحرير وجبت زكاته إذا كان عروض تجارة، والواجب في الجميع ربع عشر القيمة يعني 2,5% من قيمتها.
والسبب في إيجاب الزكاة في هذه الأموال أن تحريمها غير مطلق بل مقيد بنوع الاستعمال، بدليل أنه يجوز استعمال الذهب في غير الأواني كما يجوز للنساء لبس الحرير، فهي ليست أموالاً محرمة لذاتها وإنما لغيرها، ولأهل الزكاة فيها حق، وكونها استعملت في محرم لا يقطع حقهم فيها.
القسم الثاني: أن يكون التحريم رعاية لحق الآدمي، مثل المال المسروق أو المغصوب فهذا لا يجوز لسارقه أو غاصبه زكاته، بل يجب عليه رده إلى صاحبه الذي ظلمه بأخذه منه على وجه السرقة أو الغصب دون تأخير، وكلما تأخر في رده كان آثماً، فإن أخرج زكاته لم تصح، ولم تقبل منه، بل يغرمها لصاحب المال؛ لأنه أخرجها عن مالكها دون توكيل منه، فلم تتحقق نية إخراج الزكاة.
القسم الثالث: أن يكون التحريم رعاية لحق الله وحق الآدمي، كالمال المتحصل عليه من معاملة محرمة كالربا أو الغش أو القمار، فالتحريم لما فيه من مخالفة أمر الله وظلم الناس بأخذ أموالهم بغير حق، فيجب إبطال هذه المعاملة، والاكتفاء بأخذ رأس المال، ورد الزيادة التي حصل بها الربا أو الغش أو القمار إلى صاحبها، أو التخلص منها –إن جهل صاحبها- بإنفاقها في وجوه البر على نية التخلص منها لا الصدقة، ولو زكاها لم تقبل؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.
بقي الحديث عن حكم زكاة المال الحاصل مقابل عمل محرم كأجرة البغي، وأجرة المغني غناء محرماً فهل فيه زكاة؟ وهل تصح؟ نقول نعم فيه زكاة لأنه مال مباح في الأصل وإنما التحريم وارد على العمل الذي كسبه به، وأهل الزكاة لهم حق في كل مال مباح مملوك لمسلم إذا كان من الأموال الزكوية، وكونه كسب بعمل محرم لا يمنع حقهم فيه؛ لأنه لو بقي عند صاحبه الذي دفعه مقابل العمل المحرم لزكاه، لكن هل تقبل الزكاة عند الله بحيث يؤجر المزكي عليها؟ نقول إن كان تاب توبة صادقة من هذا العمل المحرم صح تملكه لذلك المال الذي قبضه على أرجح أقوال أهل العلم ترغيباً له في التوبة ولعدم وجود حق آدمي فيه، وصحت زكاته وقبلت، وإن لم يتب بقي المال محرماً والزكاة غير متقبلة.
والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.