28 ذو القعدة 1425

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 22 سنة، مشكلتي ليست فيّ أنا، إنماء في إحدى قريباتي، عمرها 18 سنة، تعيش في عائلة مستقيمة، لكن المشكلة أنها متعلقة بيّ كثيراً، كيف أعدل من هذا الحب وأجعل منه حباًالله وفي ذات الله؟

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

أختنا في الله : السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بك، وشكر الله لك ثقتك بإخوانك في موقع "المسلم"، ونسأل الله العلي القدير أن يجعلنا أهلاً لهذه الثقة، وأن يتقبل منا أعمالنا وأقوالنا، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها لمخلوق حظاً، وأن يرزقنا وإياك السداد والتوفيق، وأن يجري الحق على ألسنتنا، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.. وبعد: لقد قرأت سؤالك، وأكبرت فيك همتك العالية، وحبك لدينك، وأود أن أذكرك بأن الإسلام يسعى، فيما يسعى إليه إلى إقامة المجتمع المسلم، المتحاب والمتراحم، مجتمع الجسد الواحد، ومن أجل ذلك حثنا على "الحب في الله" ورغبنا فيه، وبين لنا أن كل محبة لغير الله تكون وبالاً على صاحبها يوم القيامة، فقال _تعالى_: "الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين" . والحب في الله يوجب على المحب أن يكون ملتزماً بمنهج الله، فيحب الصالحين لصلاحهم، وطاعتهم لربهم _سبحانه وتعالى_ لا لقرابة أو نسب أو نفع دنيوي، فأي صداقة لغير الله تنقلب عداوة يوم القيامة، ومن يتخذ له في الدنيا خليلاً يضله عن سبيل الله يتحسر على ذلك يوم القيامة، كما قال _تعالى_: "يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني" . واعلمي - حفظك الله- أن من أحب أخاً له في الله فقد استحق حب الله ومحبته، فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ "أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى، فأرصد الله _تعالى_ على مدرجته ملكاً فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال : لا، غير أني أحببته في الله، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه . كما أنه _سبحانه_ يجعل المتحابين فيه على منابر من نور يوم القيامة، يغبطهم عليها النبيون والشهداء، وقد روى الترمذي بإسناد صحيح عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ فيما يرويه عن ربه أن الله _تعالى_ يقول: "المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء". ولكن لتعلمي أنه ليس الحب مجرد تعبير باللسان، وإنما هو إخلاص وعمل، فمن لوازم الحب في الله أن يبذل المحب خالص النصح لمن يحبه، فالأصل أنه يحب له كل الخير، فيقدم له النصيحة المخلصة متى احتاجها وإن لم يطلبها . هذه مقدمة لابد منها، أما عن سؤالك فقد فهمت منه أن هذه الفتاة المتعلقة بك، أصغر منك بأربع سنوات، وأنها من أقاربك، وأنها تعيش في أسرة مستقيمة، وأقول لك وبالله التوفيق : إن هذه كلها مقدمات طيبة، ومنطقية في نفس الوقت، وهي تبرر لنا لماذا تتعلق بك، فلا تقلقي من هذا التعلق، بل إنه – التعلق – قد يكون عاملاً مساعداً لك في مهمتك النبيلة، التي تسعين إليها، وهي تعديل هذا الحب وجعله لله . وأنصحك بالآتي : - 1. حافظي على حبها لك، وإياك أن تصدينها. 2. أخلصي النية والقصد من وراء عملك هذا لله _عزوجل_. 3. استعيني بالله، واسأليه العون، فإن القلوب بيده _سبحانه_ يقلبها كيف يشاء. 4. اربطيها بالله _عز وجل_، وكوني لها قدوة صالحة لتقدي هي بك. 5. علميها أن الحب في الله من أسمى مراتب الإيمان، وأنه عبادة يتقرب بها العبد إلى الله، وأن أي صداقة لغير الله تنقلب عداوة يوم القيامة. 6. تدارسا سوياً كتاباً أو واستمعا لشريط حول موضوع "الحب في الله" يتناول : مفهومه، فضله، كيفيته، ضوابطه. 7. عرفيها بحق المسلم على أخيه المسلم، وأنه لو كان مسلماً وقريباً فإن هذا يرتب له مزيداً من الحقوق. 8. أفهميها أن حياتنا كلها يجب أن تكون لله _تعالى_ امتثالاً لقوله _سبحانه_:" قل إن صلاتي و نسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له...". 9. ادرسي حالتها جيداً، فربما كان سبب تعلقها الشديد بك هو افتقادها للحنان في أسرتها. 10. قصي عليها نماذج من قصص الصحابة والسلف الصالح حول الحب في الله، وكيف كانوا يتحابون في الله ولله. وختاماً؛ نسأل الله أن يجزيك على نيتك خير الجزاء، وأن يصلح قلب قريبتك، وأن يجعل حبكما لله، وأن يجمعكما سوياً في مستقر رحمته في الجنة، آمين .