25 صفر 1427

السؤال

أعمل أخصائية اجتماعية، وأتعرض لكثير من الشكاوى والمشكلات من الطالبات اللاتي في مرحلة المراهقة وأكثرها تدور حول الفراغ العاطفي وإثبات الذات، ووددت لو ألقيتم لي بعض الضوء على السبيل الأمثل لتعاملي مع مشكلاتهن وشكاواهن،وجزاكم الله خير الجزاء.

أجاب عنها:
سلام الشرابي

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد : فبداية نشكرك على حرصك على محاولتك الإحاطة بما يصاحب الفتيات خلال فترة المراهقة، وعلى الأخص الفراغ العاطفي الذي أشرت إليه في سؤالك وكذلك مشكلات إثبات الذات ، وهو ما يظهر اهتمامك بالموضوع ، وسنحاول أن أن نوجز لك بعض الأفكار التي ستساعدك _بإذن الله_ في تعاملك مع المراهقات. فالفراغ العاطفي مشكلة تمر بها بعض الفتيات في مرحلة المراهقة ؛ هذه المرحلة التي يعتبرها علماء التربية من أخطر مراحل النمو عند الإنسان وأكثرها تعقدياً، لما يحدث فيها من طفرة في مظاهر النمو المختلفة. ومما يستوجب على الأهل والقائمين على تربية المراهقات، فهم طبيعة واحتياجات هذه المرحلة؛ حتى نتفادى قدر الإمكان وقوع أبنائنا وفتياتنا في مشكلات نفسية أو اجتماعية لا تحمد عقباها , وقد وضع الشرع الإسلامي العظيم ضوابط وأسسا للتعامل في تلك المرحلة ولم يتركها للعشوائية السلوكية من الآباء , كذلك لم يفسرها الإسلام تفسيرا فسيولوجيا فقط أو سيكلوجيا نفسيا فقط، بل قد راعى الإسلام جميع الجوانب النامية في حياة المراهقة ومن ثم وجه إلى السلوك التربوي المميز والناجح في ذلك . <font color="#0000FF">من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الفراغ العاطفي وعدم الشعور بإثبات الذات عند الفتاة: </font> - الانشغال العاطفي للآباء عن الأبناء، والجهل بأبجديات التربية وأسس التلاحم الأسري، إذ تتحمل الأسرة جزءاً كبيراً من المسؤولية في معاناة بناتها من الفراغ العاطفي، فالفتاة التي تعاني من فقد الحنان الأسري وانشغال والديها عنها فتصاب بالجفاف العاطفي والذي يؤدي بها إلى الفراغ العاطفي. - المشاكل الأسرية، خاصة تلك التي تنشأ بين الزوجين تشكل عامل ضغط قوي على الفتاة وتشعرها بالتهديد النفسي وعدم الشعور بالاستقرار والأمان . - كثرة إلقاء اللوم والتعنيف والإقلال من شأن الفتاة وآرائها والسخرية من أفكارها يؤثر سلباً على علاقة الفتاة بأبويها من جهة، ويضعف ثقتها بنفسها من جهة أخرى، الأمر الذي يجعلها فريسة سهلة للوقوع في الفراغ العاطفي. - انفصال الأبوين وما قد يخلفه عند الفتاة من شعور بالانفصال العاطفي الفجائي، ويزيد الأمر سوء عندما لا يدرك الأهل خطورة الفجوة التي يسببها هذا الانفصال. - الجفاف العاطفي الذي يمكن أن تلاقيه الفتاة من المجتمع المحيط بها سواء أسرتها المتمثلة بأمها وأبيها وأخوتها أو في مدرستها بما فيها معلماتها وزميلاتها، وعدم إدراكهم لحاجة الفتاة للعاطفة كجزء من احتياجاتها النفسية المستمرة , كذلك عدم إعطائها الفرصة الكاملة للتعبير عن آرائها الخاصة واتخاذ مواقفها الخاصة – في حدود المقبول – وكذلك التعبير عن رأيها وتقبله باحترام وتقدير . - حصر دور المدرسة في الجانب التعليمي وعدم الاهتمام بالجوانب التربوية والنفسية للفتاة، مما يجعلها أحياناً عامل ضغط آخر على الفتاة. - هناك قضية أخرى أحب أن أشير بها عليك، وهي ابتعاد الفتاة عن الله _عز وجل_، وعن تعاليم الدين الإسلامي. . فالفتاة التي تكون قريبة من طاعة الله _عز وجل_، ويكون قلبها متشرباً بحب الله وحب رسوله، وحب طاعته، لن تجد أي فراغ عاطفي، وستجدينها من أكثر الناس ثقة بالنفس، وانشغالاً بالطاعة وسعيا وراء الإنجاز . ويجب أن نراعي أن الفتاة التي تعاني الفراغ العاطفي، تمر بمجموعة من التطورات؛ تبدأ بالانغلاق عن أسرتها، وفقدان لغة الحوار –إن وجدت- و الصراحة بينها وبينهم، ومن ثم تجنح في البحث عن الإرضاء العاطفي الكاذب والذي يمكن أن يدفع بها للجوء سلوكيات غير منضبطة لتملأ ذاك الفراغ النفسي وتثبت لنفسها أنها ذات أثر ووجود . <font color="#0000FF">حلول مقترحة: </font> - من المهم أولاً أن يدرك الوالدان طبيعة سن المراهقة لمعرفة التعامل مع بناتهم اللواتي يمرن بهذه المرحلة بالشكل الأمثل والحرص على مدهن بالحب والعاطفة والحنان من غير إفراط ولا تفريط حتى يتولد لديهن الإحساس بالاستقرار العاطفي. - الاهتمام بالتربية العاطفية لدى الفتاة، والإشباع العاطفي وهذا لا يمكن أن يتحقق بشكل فجائي، وإنما يجب أن يكون أسلوب متبع في التربية لأبنائنا وبناتنا منذ نعومة أظفارهم حتى نصل معهم إلى سن المراهقة وهم يتمتعون بصحة نفسية جيدة وبشخصية متوازنة، وهنا يجب أن تتضافر جهود كل من الأسرة والمدرسة لإمداد الفتاة بهذا الجانب منطلقين من حقها الطبيعي في الحصول على العاطفة. - تنمية الثقة الإيجابية بالنفس، وتربية الفتاة على الاستقلال بعواطفها. - تعميق إيمانها بالله عز وجل، وحبها لطاعة الله ورسوله، وتفعيل دور العبادة والطاعة في قلبها، كنور يملأ قلبها بالحب والرحمة والخوف من الله ورجاءه. - الاقتراب من الفتاة ومعرفة احتياجاتها وسدها وإعطاءها حقوقها كاملة. - تنمية ثقافة الحوار في الأسرة، والحرص على فتح باب للحوار معها والإجابة على أسئلتها وتقدير اهتماماتها واحتواء مشاعرها والحرص على رفع معنوياتها من خلال الثناء على كل الأعمال الجيدة التي تقوم بها. - الابتعاد كل الابتعاد عن الاستخفاف والاستهزاء بمشاعرها أو تصرفاتها - إشعارها بأهميتها في العائلة من حيث إشراكها في القرارات الهامة المتعلقة بالأسرة وأخذ رأيها ومشورتها فهذا يشعرها بالانتماء لعائلتها مما يجعل الأسرة أكثر تماسكاً وشفافية في التعامل من جهة، كما أنه يساعد على النمو العقلي والعاطفي للفتاة وتعزيز الثقة بالنفس. - إشغال وقتها بما هو نافع لها وتحبيبها به، وتشجيعها على ممارسة الأعمال التي ترغب بها، والتي يمكن أن تنمي قدراتها من خلالها. - الحرص على تسجيلها في دورات تنمي قدراتها الشخصية، وحضورها للندوات والمحاضرات المخصصة للناشئة التي تفهم طبيعتها وطبيعة المرحلة التي تمر بها وتوجهها الوجهة الصحيحة. - للهدية أثرها النفسي على الفتاة وهي تعتبر وسيلة من وسائل التعبير عن الحب والتقدير لذا يجب على الأبوين الاهتمام بهذا الجانب و اختيار الهدية التي تتناسب مع ميول الفتاة وذوقها. - إجراء اختبارات نفسية في المدرسة من خلال توزيع استبيانات على الطالبات. . يمكن من خلال تحليلها تحديد محاور المحاضرات والندوات التي تعني بتنظيمها الأخصائية الاجتماعية للطالبات. على أن الموضوع متشعب وكبير أختي السائلة، وآمل في أن يكون ما ذكرته لك معيناً يساعدك في عملك المبارك بإذن الله، وفي التعامل مع الفتيات، اللواتي اعتقد أننا إن استطعنا أن نجاوز بهن مرحلة المراهقة بأمان وثقة، فإننا نكون قد ساعدنا في إنشاء جيل أخلاقي نبيل.