27 ربيع الأول 1427

السؤال

أريد حلا لطالبة.. محور تفكيرها عن إقامة علاقات مع الشباب!!

أجاب عنها:
سلام الشرابي

الجواب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: بداية أشكر لك حرصك واهتمامك بالطالبة التي وجهتِ سؤالك حولها، وعلى ما يبدو لي أنك تعملين كمدرسة أو إخصائية اجتماعية، وأياً كانت صلتك بهذه الطالبة فأنت بحاجة أولاً إلى معرفة الخصائص التي تتسم بها المرحلة العمرية التي تعيشها صاحبة المشكلة، ورغم أنك لم تذكري عمرها إلا أن المشكلة الواقعة فيها تدل على أنها في سن المراهقة؛ هذا السن الذي يتغير فيه سلوك الفتيات بشكل مفاجئ عندما يصلن إليه _أي إلى سن البلوغ_، وهناك سلوكيات كثيرة خاطئة تقوم بها الفتيات في هذه المرحلة منها ما ذكرته حول تفكير هذه الفتاة في إقامة علاقات مع الشباب، وقبل أن نلقي باللوم عليها، يجب علينا أولاً أن ندرس حالتها؛ البيت الذي تعيش فيه، علاقاتها مع والديها والناس المحيطين بها؛ لأن أول خطوة نحو إيجاد الحل هو معرفة الأسباب المؤدية للمشكلة. - للأسف فإن كثيراً من الأسر فقدت الترابط بين أفرادها، فالأب مشغول في عمله وقد تكون الأم كذلك أو في زياراتها أو على التلفاز.. وقد تكون علاقة الأبناء مع الخادمات أفضل من علاقتهم مع الآباء.. مثل هذه العلاقات لا بد أن تفرز أبناء يعانون من مشاكل نفسية، وبالتالي يلجؤون إلى سلوكيات خاطئة لتعويض التهميش واللامبالاة التي يعانون منها في أسرهم الصغيرة. - كذلك المعاملة السيئة في البيت أو القسوة من أحد الوالدين قد تكون أحد الأسباب التي تجعل الفتاة تهرب من واقعها الذي تعيشه إلى واقع آخر تصنعه وتحلم بأن يكون أجمل. - ضعف الوازع الديني مما يجعل الفتاة لا تخاف العقاب ولا تفكر به فلا تجد لها رادعاً. - متابعة الفضائيات وما تفرزه من أفكار مستوردة غريبة عن مجتمعاتنا، تشجع على بناء مثل هذه العلاقات الخاطئة مع الشباب. - إهمال الأهل وعدم مراقبتهم لبناتهم. - الفراغ العاطفي الذي تعاني منه كثير من الفتيات نتيجة بُعد الأهل عن الفتاة وعدم تقدير مشاعرها والتقرب منها وفهمها وفهم المرحلة التي تمر بها. - الفراغ والملل الذي تعيشه كثير من الفتيات وتركهن دون برنامج يومي منظم مما يدفعها لتملأ وقتها بما قد يضرها، وكما هو معروف أن الوقت إن لم تملؤه بما هو مفيد لأبنائنا سيستخدمونه بشكل يضرهم.. - الضغوط الاجتماعية التي تفرض الكثير من القيود حول تعبير الأنثى عن مشاعرها سواء كان التعبير إيجابياً أم سلبياً، مما يضطرها إلى التحول من التعبير العلني الصريح إلى التعبير الخاطئ والذي قد يقودها إلى التفكير بإقامة علاقات مع الشباب. - وقد أكدت إحدى الدراسات أن مرتكبي سلوك المعاكسات وإقامة العلاقات يشعرون بالرفض وعدم التقبل من الآخرين وهذا الإحساس قد يدفعهم إلى فرض أنفسهم على الآخرين مع رفضهم لذواتهم وعدم رضاهم عن أنفسهم أو تقبلهم لها. <font color="#0000FF">هل بإمكانك تقديم المساعدة لها؟ </font> نعم - بإذن الله – ولكن: أولاً: من المهم أن تدرسي حالة الفتاة الاجتماعية والنفسية والظروف المحيطة بها لتتعرفي إلى الأسباب التي دفعتها إلى هذه السلوكيات، ومن ثم البدء في إيجاد الحل المناسب كالتواصل مع الأهل ولفت نظرهم إلى أهمية الاهتمام بابنتهم والتقرب إليها والاهتمام بمشاعرها – طبعاً مع التكتم على المشكلة لأننا لا نستطيع أن نخمن ردة فعل الأهل إن عرفوا سلوكيات ابنتهم أو تفكيرها فقد يزيدوا الأمر سوءاً. ثانياً: التقرب من الفتاة نفسها قدر الإمكان ومحاولة كسب ثقتها مع الأخذ بالاعتبار أن التعامل مع هذا السن صعب جداً ويحتاج إلى كثير من الخبرة، وينصح الخبراء هنا ألا يفرط الأهل أو المدرسون في توجيه النصائح لبناتهم المراهقات؛ لأنهن غالباً ما يرين أن كل ما يقوله الآباء خاطئاً وغير مقنع، كذلك الابتعاد عن الانفعالات والتوجيهات الغاضبة والتي لا تفلح في تعديل السلوك. ثالثاً: من المهم بناء علاقة ثقة بينك وبينها، وإن استعصى الأمر، عليك بالبحث عن التي يمكن أن تقوم بهذا الدور.. لمتابعة هذه الفتاة والتقرب إليها والتعرف إلى صديقاتها وهواياتها وارتباطاتها وغرس المعاني الجيدة فيها. رابعاً: إنشاء حوار مفتوح معها.. وصفة سحرية في التعامل مع المراهق (الحوار) تبادلي معها موضوعات متعددة.. وادخلي في عوالمها دون سؤال مباشر منك.. دعي الحوار يسير بتلقائية. ومن المهم جداً الحديث مع الأبناء والفتيات في هذا السن، وهو مفتاح إصلاح العلاقة بين المراهقة ووالديها، وكذلك هو الوسيلة الناجحة للتقرب إلى الفتاة المراهقة، ومعرفة ما في داخلها وتقويم سلوكياتها بشكل غير مباشر. ويجب أن نعرف أن المراهق يعيش صراعات متعددة منها صراع بين غرائزه الداخلية وبين التقاليد الاجتماعية.. وهنا في قرارة نفسه يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ ولكنه يحتاج إلى من يهتم به، يحاوره ويضعه أمام الطريق الصحيح، وعلى الرغم من تمرد المراهقين على أي سلطة تواجههم، فإنهم حقيقة في أشد الحاجة إلى هذه السلطة، رغم زعمهم بعدم حاجتهم لها، على أن تكون قائمة على الحماية والاحتواء والحزم.. هكذا يجب أن تتسم علاقاتنا بالمراهقين. خامساً: من المهم أن تضعي رصيداً وافراً من الحب والتفاهم حتى تتقبل هذه الفتاة منك النصح والإرشاد. سادساً: معرفة هوايات هذه الفتاة ومحاولة تنميتها ومساعدتها لملء فراغها بالشكل الذي يعود عليها بالفائدة وصرفها عن التفكير السلبي. سابعاً: توفير المجلات لها، تلك التي تراعي الخصائص العمرية والنفسية لهذه المرحلة والمقدمة وفق رؤية شرعية صحيحة وهي متوفرة هنا في السعودية. ثامناً: تربية وتعميق السلوك الإسلامي السوي في نفس الفتاة. تاسعاً: التحدث إلى الفتاة حول السلبيات التي تصل إليها كل فتاة تحاول بناء علاقة مع شاب. وإفهام الفتاة بشكل غير مباشر - عن طريق سرد قصص واقعية - الهدف الذي يجعل الشاب يُقدم على إقامة علاقة مع فتاة كالتباهي أمام زملائه بذلك والذي يجعله يُسمع صوتها لهم أثناء مهاتفتها له أو يريهم الرسائل التي ترسلها له ليسخروا من كلماتها وعواطفها وما إلى ذلك من القصص الواقعية التي تزخر بها مجتمعاتنا. وكذلك التركيز على أن الشاب لا يرتبط بمن يقيم علاقة معها؛ لأنه ينظر إليها على أنها لا تستحق ذلك، وأنها كما وافقت على إقامة علاقة به، قد تكون فعلت ذلك مع غيره، وبالتالي لا يمكن أن يختارها أماً لأولاده، وزوجة يفتخر بها أمام أهله.. طبعاً لا تتوقعي أن يكون الإقناع سهلاً ذلك أن التطور الفكري عند المراهق يجعل أفكاره غير منظمة، ولديه ميل كبير إلى المجادلة ويحتاج ألف حجة لإقناعه؛ لذا يجب تفهم طبيعة هذه المرحلة وكسب ثقة هذا المراهق أو المراهقة ومن ثم الحوار فالحوار.. فالحوار. آمل أن يكون ما ذكرته معيناً لك على مساعدة هذه الفتاة في الخروج من مشكلتها مع شكرنا الجزيل لاهتمامك بفتاة إن تمت العناية بها وتوجيهها نحو الطريق القويم ستغدو أماً ومربية لجيل صالح _بإذن الله_.