14 رجب 1427

السؤال

أشعر أن كثيراً من الناس ينفرون مني, كيف أكسب ودّهم؟

أجاب عنها:
أمين الدخيل

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن تبع هداه إلى يوم الدين . إن الحديث عن هذا الموضوع حديث عن مشكلة أرقت الكثير من الناس كباراً وصغاراً ذكوراً وإناثاً ، حتى أصبح بعضهم في حرج اجتماعي، ومنهم من أصبح في عزلة عن الناس أو حرب طاحنة مع نفسه ، وتهيأت فرصة سانحة للشيطان ليلبس على هذا الإنسان الضعيف فمنهم من هجر أهله وأقاربه , ومنهم من قاطع المساجد لعدم محبته لبعض المصلين , أو عدم محبتهم له وقبل أن نذكر بعض الخطوات لأسلوب التعامل مع الناس ينبغي أن نعرف العلاقات التي تتعامل معها في حياتك، وهي علاقتك مع : 1- الله - جل وعلا - وعلاقتك مع ربك هي الفلاح في الدنيا والآخرة . 2- الوالدين ، فعلاقتك بهما ليست كعلاقتك بباقي الناس حتى الزوجة والأولاد . 3- الأقارب ، وتشمل الأسرة الصغيرة والكبيرة والأقارب وإن بعدوا , وبعضهم أقرب وألزم من بعض . 4- الأصدقاء ، وهم كل من لك بهم صلة ود في هذه الحياة . 5- باقي الناس ، وهم من عرفت ومن لم تعرف . وينبغي أن نعلم أن الناس تختلف صفاتهم وطبائعهم فمنهم المزاجي والأناني والعدواني والودود والكريم والبخيل والصادق والكاذب والصابر والملول و منهم غير ذلك ، فينبغي أن تعرف كيف تتعرف على صفات كل شخص تتعامل معه – ولا يعني هذا أن نتوقف عن التعامل مع الناس حتى تكتشف صفاتهم ، بل يتأتى ذلك بطريقة غير متكلفة – وكلما زادت فراستك في معرفة صفاتهم كلما استطعت أن تضع قدمك على الطريق الصحيح .وقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصفات والطبائع تختلف من بيئة إلى بيئة ومن شخص إلى شخص وروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"الناس معادن كمعادن الفضة والذهب, خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا, والأرواح جنودٌ مجندةٌ, فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف"، وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض, فجاء بنو آدم على قدر الأرض, فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك, والسهل والحزن والخبيث والطيب" . ثم دعنا نضع بعض النقاط التي ستساعدك في كسب ود الآخرين : 1- أخلص عملك لله – سبحانه وتعالى – فإذا أحبك الله أحبك أهل السماء، وإذا أحبك أهل السماء أحبك أهل الأرض، والله هو الذي يضع القبول في قلوب الناس، وهو الذي يرفع المحبة من قلوبهم ؛ وقد روى مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل، فقال: إني أحب فلاناً فأحبه، قال : فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبداً دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه قال: فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، قال: فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء في الأرض". وجاء في صحيح مسلم أن سهيل بن أبي صالح قال: كنا بعرفة فمر عمر بن عبد العزيز وهو على الموسم فقام الناس ينظرون إليه فقلت لأبي: يا أبت إني أرى الله يحب عمر بن عبد العزيز قال: وما ذاك؟ . قلت: لما له من الحب في قلوب الناس، فقال: بأبيك أنت سمعت أبا هريرة يتحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا …. ثم ذكر الحديث السابق . 2- أفش السلام ، وسلم على من عرفت ومن لم تعرف ، قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ : "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم " رواه مسلم، وإذا صافحت فلا تكن مصافحة باردة، بل أشعره بشوقك له . 3- اترك ما يتنافس الناس عليه من حطام الدنيا الزائل ، واعلم أنك لن تصل لرزق كتبه الله لغيرك ولن يؤخذ رزق كتبه الله لك ولو اجتمع أهل الأرض والسماوات . 4- كن منصتا أكثر من كونك متحدثا ، فالناس بطبعهم يحبون من يستمع لهم ويستمتعون بحديثهم أكثر من استمتاعهم بحديثك. ولا تقاطع المتحدث حتى ينتهي من حديثه ، ولا تصرف بصرك عن محدثك وخاصة إذا كان ممن يقدر له قدره . 5- احذر أن تغيب الابتسامة عن وجهك ،فهي مفتاح القلوب ، فتقلب كرههم إلى محبة – بإذن الله تعالى - . 6- لا تعاتب كثيرا فتُعاتب كثيرا ، وكن لينا سمحا طيبا متنازلا عن حقك قدر المستطاع . 7- فكر بالكلمة قبل أن تقولها ، فإنك إن لم تقلها ملكتها ، وإن قلتها ملكتك . 8- اهتم بمظهرك ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس الجميل ويتطيب بالطيب الجميل . 9- لا تكثر المزاح مع الناس فكثير منهم لا يحتمل المزاح ،وإن كان المزاح الزائد مع الكريم حط من قدره وإن كان مع اللئيم حط من قدرك ، ولا تكن عبوسا جامدا في المجلس كالجبل فالتوازن واختيار الوقت المناسب مطلوب. 10- استعمل الهدية من حين لآخر فهي رباط من روابط الأخوة وهي هدي نبوي . 11- شارك الناس أفراحهم ففرح لفرحهم ، وشاركهم أحزانهم فاحزن لحزنهم . 12- أحسن الوفادة لمن زارك وكن كريما جوادا بما عندك – قدر استطاعتك - . 13- عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به . 14- احذر الغيبة والنميمة فهي تحط قدرك عن الله وعند الناس ، فمن اغتاب عندك ، اغتابك عند غيرك . 15- تواضع للناس، وخاصة إذا كنت صاحب منصب أو جاه ، وهو عنوان عزة لا ذلة . 16- سم الناس بأحب الأسماء إليهم وبأحب كناهم . 17- أثناء النقاش اطرح رأيك بأدب وبدون مقاطعة لأحد وبدون تعصب أو تشنج لرأيك . 19- استخدم كلمة ( نحن ) أكثر من كلمة ( أنا ) ، فهي تجعل الآخرين معك لا ضدك . 20- لا تكن صاحب وجهين ، فمن كان صاحب وجهين مات ولا وجه له ، وصاحب الوجهين كالحرباء تتلون بحسب طبيعتها فكن صادقاً مع الرجل في حضرته وفي غيابه . عشرون نقطة في التعامل مع الآخرين لن نحوي بها حياتك فهي أوسع من نقاطنا ، ولكن عليك بالتحلي بأخلاق الكبار أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أحبه الله وأهل السماء والأرض وأصحابه الكرام - رضوان الله عليهم أجمعين - الذين جعلوا حياتهم حياة تملأها المحبة والألفة ، أقرأ كثيرا حول سيرتهم ، وطبقها في حياتك على قدر استطاعتك وستجد القبول والسعادة في الدنيا والآخرة . وعليك بكتاب الله قراءة وتدبرا واجعله منهج حياتك وسراج دربك إلى الجنة - بإذن الله تعالى - .