23 ذو القعدة 1427

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم <BR><BR>أرجو إرشادي فأنا أعيش مع قرابة لي – في نفس المنزل – معاملتهم سيئة وفيهم نوع من قلة الاحترام لمشاعر الآخرين بل حتى أخواتي وأمي يعانون من هذه الأخلاق السيئة ونحن نعفو ونصفح وهم يتمادون في سوء المعاملة حتى بلغ الحد إلى الإهانة والنبز بالألقاب، فقررنا أن نعاملهم بشكل رسمي دون قطيعة، علماً بأننا ندعو لهم بكل خير وللأسف وجدنا أن هذه الطريقة قد آتت أكلها، فهل معاملتنا هذه لا تتوافق مع الأخلاق الحسنه أرشدونا مأجورين0 <BR>

أجاب عنها:
خالد الزوبع

الجواب

أولاً: أهنئكم على هذه الأخلاق الرائعة والتعامل النبيل منكم مع من يسيء لكم..وأدعوكم إلى الصبر والاحتساب على ذلك مع سؤال الله الدائم والمُلِح بأن يدل أقاربكم إلى الطريق وأن يجلي الحق لهم . ثانياً: حين تكون معاملتنا للآخرين مبنية على التودد والتلطف والاحترام فإننا نتوقع أن نتلقى نفس المعاملة الكريمة منهم ، وأن يبادلونا مودة بأخرى . ولكن ما الحيلة إذا كان الطرف الآخر لا يبادلك المعاملة الطيبة بمثلها بل قد تجد منه الفظاظة و سوء الأخلاق دونما سبب واضح !..فهل نعالج الخطأ بالخطأ ونرد على السوء بمثله ؟ الجواب – بلا شك - هو لا ، بل يجب أن نستمر على ما نحن عليه من الخير والمعاملة الطيبة ، كما قال تعالى: " ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " ورسولنا الكريم ، عليه السلام ، قال: " ليس الواصل بالمكافئ " ولنا فيه – صلى الله عليه وسلم – أسوة بما كان يلقاه من بعض الناس ، رغم رحمته بهم وشفقته عليهم ..ولو تذكرت معي – أختي الكريمة - موقفه مع كفار قريش في فتح مكة حين صفح عنهم مع أنهم آذوه بل طردوه من بلده وهي أحب البلاد إليه ، وكذا موقفه مع اليهود والمنافقين الذين آذوه كثيرا بل استطالوا في عرضه الشريف وقالوا ما قالوه في حادثة الإفك ومع ذلك ما رأوا منه إلا وصلاً وعفواً وحكمة بأبي وأمي هو _صلى الله عليه وسلم_ . ثالثاً: مما عرف بالتجربة وشاهده الناس واقعا بينهم أنه كلما أحسنت مع من يسيء لك وصبرت على ذلك مع الاحتساب كلما كان ذلك مدعاة لرجوعه إلى الحق وصلاح أخلاقه وتأدبه . إذ أنه كلما رأى منك خيرا وتواضعا وصفحا وغفرانا - رغم ما يجده منك أذى – فإنه يعود على نفسه باللوم و يدرك مدى خطأه وغيه ويكون ذلك بداية لتغيره نحو الأحسن وذلك أحرى لاستقامة أمره وصلاح شأنه مما لو بادلته خطأ بخطأ أو واجهته بما هو عليه من معاملة فظة غليظة ، فقد تأخذه العزة بالإثم ويصر على خطأه . رابعا : إذا كان أولئك يعيشون معكم في ذات البيت ..فإنه من الحكمة أن يسعى أحدكم إلى علاج ما يراه من خطأ في تصرفاتهم وطريقة تعاملهم مع الآخرين بالحكمة والوسائل العلمية المتبعة في مثل هذه الأحوال . ولأجل ذلك ، يمكن مراجعة الكثير من الكتب والأشرطة المتوفرة حاليا والتي تناقش مثل هذه المشكلة وتبين كيفية معالجة الأفراد وتعديل سلوكياتهم الاجتماعية الخاطئة أيا كانت . خامسا: ومن المهم أن تذكر أن ذلك كله من الابتلاء والمحن التي تعرض للمؤمن في هذه الدنيا وهي لا تزيده إلا ثباتاً واستقامة على الحق . ثم هي تفصح عن الأخلاق النبيلة والمعادن الطيبة و تكرس الحقائق الإيمانية من الإيمان بوعد الله وجميل لطفه على خلقه ، وحكمته وحسن تدبيره - عز وجل - .. وتأملي مع قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "وما ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله رفعة في الدنيا والآخرة...". كم هو جميل أن تخالط تلك المعاني شغاف قلوبنا فنعيشها حقيقة في واقعنا . سادسا : من الحكمة وعين العقل أن نتعامل مع مثل هذه المواقف بخطين هما الصبر والاحتساب وبذل ما في الوسع من حسن الخلق والدعاء، وأما الانفصال في مكان مستقل غير وارد حسب القدرة.. والله يتولاكم بلطفه ورحمته وهو الرحيم الغفور.