17 جمادى الثانية 1428

السؤال

كيف أستطيع أن أقنع الآخرين<BR>وخاصة فئة الشباب ما بين 15 إلى 25 سنة؟<BR>وشكراً.

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..السائل الكريم حفظك الله: أشكرك في بداية حديثي أنك سألت حول هذا السؤال الذي أعتبره هاما للغاية لكل من تصدى للدعوة إلى الله أو في مجالات التعليم أو التدرب أو القيادة أو غيرها.. إذ إن فاقد القدرة على الإقناع هو كمن فقد أهم آلات صناعته.. وأختصر كلامي معك في عدة نقاط أراها هامة في موضوعك على أن أعدك - إن شاء الله - بكتابة مقال خاص حول "استراتيجية الإقناع".. وهذه النصائح والمحاذير كما يلي: <font color="#0000FF">أولها: ماذا يؤهلك لتقنع؟!</font> عليك أن تفكر قبل أن تقنع أن تسأل نفسك سؤالا هاما..ماذا يؤهلني لأقنع هؤلاء الناس؟ ولست هاهنا أسأل عن مؤهلات رسمية أو عن مثل ذلك ولكنني أنبهك إلى أن إقناع الآخرين له مؤهلاته، فالمكانة المؤثرة في موضوع الإقناع والعلم المحيط بالموضوع والثقافة الملمة واتساع الإدراك فيه وكذلك التخصص والدراية أمور تعين الداعية إلى الله على إقناع الناس وإشباع نهمة رغبتهم في المعرفة والتطبيق.. <font color="#0000FF">ثانيها: هل تحتاج أنت إلى من يقنعك؟!</font> وهو سؤال ساخر أرجو أن يسأله كل واحد منا لنفسه بشأن موضوعه الذي يريد أن يقنع به الآخرين، هل أنت بذاتك على قناعة تامة بما تحاول إقناع الناس به وتفهيمهم إياه؟ والتأكيد عليهم فيه؟! أم إنك تنصح وتبذل جهدك في إقناع غيرك بما أنت لست به مقتنعا؟!! قد يحسن ذلك بعض الناس..ولكنهم للأسف يسقطون في حمأة ذي الوجهين وصاحب اللسانين! (آمن أنت برسالتك أولا يؤمن بها الآخرون.. واقتنع أنت بما تقوله أولا تستطيع إقناع الناس) <font color="#0000FF">ثالثا: الإنجاز قبل الإقناع.. </font> إن الناس من حولنا جميعا كي يقتنعوا بنا ومنا، لابد أن يروننا منجزين ناجحين لا فاشلين منكسرين، فكيف تقنع غيرك بما أنت فاشل فيه؟ وكيف تدفعه نحو العمل بما أنت منكسر عنه؟ وكيف تحفزه نحو ما أنت ساقط فيه؟! <font color="#0000FF">رابعا: القدوة العملية قبل الكلام.. </font> وهو تفصيل لما قبله وشمول للمعنى وأقصد بذلك أن أحذرك.. إياك أن تظن أن الإقناع هو مجرد حديث وكلمات بطريقة معينة، فإن هناك خلفيات لدى من تحدثه تؤثر على مدى إقناعه، فالذي يراك قدوة صالحا أو قريبا من ربك أو مؤثرا في غيرك أو قائما بما تنصح به وتتحدث، هو أقرب الناس إلى الإقناع.. <font color="#0000FF">خامسا: القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء.. </font> لا تظنن أن هداية الخلق وإقبالهم وإقناعهم هو بفضل جودة حديثك أو حرفة خبرتك أو رشاقة أسلوبك.. إنما الأمر كله بيد الله "لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ" (البقرة: من الآية272)، وقد يفتح الله قلب عبد لكلمات قليلة من مخلص صادق، وقد يغلق قلب عبد آخر أمام حديث مثقف كبير أو خطيب شهير أو عالم نحرير.. إذن فمدارنا حول توفيق الله سبحانه لنا في إقناع الآخرين، لذا فلابد بداية من التوجه إلى القادر سبحانه دعاء ورجاء أن يفتح لنا القلوب ويميل لنصائحنا الإيمانية النفوس.. <font color="#0000FF">سادسا: خصوصيات الشباب.. </font> الشباب خصوصا لهم أساليب قد تنفعهم في الإقناع، فكثير منهم ليسوا صبورين كي يستمعوا النصائح الطويلة ولا الخطب الرنانة، فأنصحك معهم بما قل ودل، وأن تختصر نصحك بكلمات جذابة،وأن تدلل عليها بمواقف أخاذة وبأحاديث شيقة،. <font color="#0000FF">سابعا: من العملي إلى النظري ذهابا وعودة.. </font> هي طريقة ناجحة في الإقناع بالأمور وبالقرارات تحدث عنها العلماء، أن تنطلق من حديثك من موقف عملي كانت فيه مشكلة معقدة وأن تجعل حلها هو موضوع حديثك الذي تريد أن تتحدث فيه للآخرين، ثم تخرج منه نحو الاستدلال، ثم في نهاية حديثك تضع الأمر في موقف آخر عملي أيضا وتتساءل عن كيفية التعامل معه... <font color="#0000FF">ثامنا: إنهم يكرهون من يهمل قدرتهم.. </font> إياك أن تحدث شابا على اعتبار أنه جاهل لا يعلم أو أنه غر لم يجرب أو أنه مبتدئ لم يختبر، إنه ولاشك سيقلل من قيمة حديثك معه و سيهملك سواء دريت بذلك أو لم تدر، عليك أن تشارك من تحدثه وتقنعه واستنطق الكلمات من فيه وتابع الردود التي يقولها واجعل الحديث طريقين لا طريقا واحدا... ولعلنا فيما بعد نوسع الحديث عن الموضوع بإسهاب... وأرحب بالتواصل معي وإطلاعي على تجربتك في ذلك بعد قراءة الإجابة.. وفقك الله.