الصلة والتواصي بين الأرحام
18 ربيع الثاني 1424

*فإن من الأعمال الصالحة العظيمة التي أمر الله بها؛ التواصي بالحق، ولا سيما بين الأقربين، فأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله.
وقد كان من أول التنـزيل قول الحق سبحانه: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، ويتأكد هذا في زمن وجهت فيه السهّام إلى الأسر المسلمة، وأصبحت معاول الهدم فيها تعمل، فتفككت بعض الأسر وتباعدت القرابة كما تباعد المسلمون حتى أضحى لسان حال بعضهم:



ما هذه القربى التي لا تصطفي  
ما هذه الرحم التي لا ترحمُ

حسد القرابة للقرابة قرحة
 
أعيت عوائدها وجرح أقدم

وقال آخر:



أيا قومنا لا تنبشوا الحرب بيننا  
أيا قومنا لا تقطعوا اليَّد باليدِ

وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً
 
على المرء من وقع الحسام المهند

فيا ليت داني الرحم منّا ومنكم
 
إذا لم يقرِّب بيننا لم يبعّدِ

ويتضاعف ذلك مع غفلة الطيبين وتشاغل كل فرد بخاصة نفسه وانشغاله بشأنه، هذا والرحم قد أخذت بحقو الرحمن وقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب. قال: فذاك، قال أبو هريرة راوي هذا الحديث: إقرأوا إن شئتم (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم).
قال الله عز وجل: (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم).
فوصل الأقربين سبيل حق وقطع الرحم مُطّلعٌ كؤود
أذكر بهذا لأنا أصبحنا نعيش زماناً لا أقول يجهل فيه المسلم حال أخيه المسلم بل يجهل فيه المسلم حال أقاربه وأرحامه.



بني عمنا لا تنسوا الرحم أسرعوا  
إليها فقد قام الردى بحيالها

ألاقائم من قومنا يدفع الأذى
 
عن الدار أو يعنى بإصلاح حالها

 

ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه.
ولنعلم أنه ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا من قطيعة الرحم.
جعلنا الله وإياكم من الواصلين لأرحامهم المتناصحين فيما بينهم المتزاورين فيه.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛؛؛


*مقال نشر ببعض الدوريات بتاريخ 3/11/1423