سنة أولى تدريس.. تجربة جديدة بين المدرس والطالب
4 محرم 1426

تحتفظ ذكرياتنا بمشاهد وصور المرة الأولى التي تسلمنا فيها عملنا الجديد، خاصة تلك الأعمال التي تتسم بالاستمرار والانتظام، والتي تعود من عام إلى آخر، حيث تصبح التجربة؛ خطوة نحو تشكيل معالم شخصيتنا العملية.
فلكل شيء بداية، أو كما يقول الناس: "كل شيء له مرة أولى"، وتصبح هذه المرة الأولى، أهم مراحل العمل؛ لأنها تختزل تحول الإنسان من مرحلة التمرين والتجارب النظرية ومقاعد الدراسة، إلى مرحلة الممارسة الفعلية، حيث تتكشف الصورة بشكل أعمق وأوسع، ويصبح التمرين الواقعي هو المعيار الحقيقي لطريقة التعامل مع العمل الجديد.

والتدريس، مهنة سامية أخلاقياً، ومنتشرة شعبياً، لا تكاد تخلو عائلة إلا وفيها مدرس واحد على الأقل.
وتعد تجارب المدرسين في مدارسهم من أغنى التجارب في ميادين العمل، ذلك أنها تتسم بعدة أمور، منها:
1- أنها عملية متجددة باستمرار، فكل عام ينتهي، يبدأ بعده المدرس في ذات التجربة من جديد.
2- أنها عملية تراكمية، تحدث الخبرة فيها عاماً بعد عام، عبر مراحل محددة في كل سنة دراسية.
3- أنها عملية غنية، حيث يتعامل في المدرس مع فئات ونماذج كثيرة ومتنوعة من الطلاب من مختلف البيئات.
4- هي عملية تطويرية، تعتمد على تبني سياسات تعليمية جديدة بشكل مستمر، عبر آليات أو طرق جديدة.
5- تتعامل مع أجيال مختلفة، وتتابع الطلاب جيلاً بعد جيل، فقد تصل تجربة البعض لتدريس الطلاب على مدى أربعين عاماً أو أكثر.
وغيرها من الأمور والسمات التي تعطي التدريس سماته الخاصة.

ميزات التدريس في العام الأول:

عندما يدخل المدرس عامه الأول في التدريس، يواجه جملة من الخصائص المتعقلة بهذا المجتمع الكبير والغني والمثمر، ما يجعل من الصعب عليه أن يفرض رأيه حول أي شيء، أو يعطي نصائحه وملاحظاته التي اختزلها أيام الدراسة للمدرسين، فقد عاش وهو في السابق كتلميذ في مدرسة، ولابد أن لديه ملاحظات.
ولكن هنا يختلف الأمر، إذ إن هذه المؤسسة التعليمية الضخمة، تجعل من الصعب جداً على أي من المدرسين الجدد، أن يقول رأيه، قبل أن يمارس العمل التدريسي بنفسه، ويدخل في المعترك ذاته الذي عايشه الآلاف من قبله.

لذلك، تفرض المدارس (بصورة أو بأخرى) طريقة تعاملها مع الطلاب، بناءً على تجارب استمرت سنوات طويلة.
هكذا يوجز الأستاذ فهد الأحمدي (المدرس في إحدى المدارس الثانوية في الرياض) فكرته عن طريقة تعامل الأستاذ الجديد في المدارس الأهلية أو الخاصة.

فيما يرى الأستاذ عبد الله على الفقيه (المدرس في مدارس الرشد الأهلية) أن أهم ما يميز التدريس في عامه الأول، أن الأستاذ يدخل إلى عالم جديد كلياً عليه، حيث يشعر بأن المدرسة وأفرادها يمثلون عائلة واحدة، يتعاونون في سبيل أن تسير هذه الأسرة إلى الأمام.

فيما يقول الأستاذ أحمد حواس الجاسم (المدرس في مدارس الرشد الأهلية): " إن ما يميز التدريس خلال السنة الأولى في المدارس بشكل عام ترجع إلى شخصية المدرس ورغبته في التدريس ومدى تمكنه من مادته العلمية التي يقدمها، أما بشكل خاص فميزة التدريس تدور على الخبرة أي بمعنى أن الخبرة التعليمية ليست بالمستوى المطلوب مقارنة مع التدريس بعد – مثلاً – ثلاث سنوات أو أكثر، كما أنه يطبع بطابع الجدية غالباً بحكم كون المدرس الجديد مندفعاً اندفاعاً فوق معياره".
ويضيف "ولكن يبقى فيه ميزة حب البحث عن الإبداع والابتكار في التدريس وحب اكتشاف الطرق المناسبة والبديلة وحب التجربة في عرض الدرس".

اختلاف تجربة السنة الأولى في التدرس عن السنوات اللاحقة:
تلعب التجربة المتلاحقة والمستمرة دوراً أساسياً في صقل شخصية المدرس عاماً بعد عام، ويصبح التعامل أكثر سهولة بلا شك.
ولكن يبقى للعام الأول في التدريس سمة مميزة وطابع فريد، قد لا يجده الأستاذ مرة أخرى خلال أعوامه اللاحقة في الدراسة.

يقول الأستاذ أحمد الحواس: " يختلف التدريس بين العام الأول والأعوام الأخرى من حيث الخبرة التدريسية وكيفية التعامل ومعالجة المشاكل التي قد يواجهها أثناء عمله، سواء السلوكية أو التعليمية، وعرض الدرس، وهذا من الناحية الأدائية، أما من الناحية الشخصية، فالمدرس لا شك شخصيته تكبر وتطمع للتميز والنجاح في العمل، وإثبات الوجود أكثر من السابق، ويميل إلى المنافسة مع زملائه في العمل".

أما الأستاذ عبد الله الشلهوب (المدرس في أحد المدارس الثانوية الخاصة في المملكة) فيشير إلى أن السنة الأولى يكون المعلم قليل الخبرة في كيفية التعامل مع التلاميذ أو الطلاب وإن كان ملماً بالمادة العلمية.
ويضيف "وفي السنوات اللاحقة يكتسب المعلم المهارة والدراية ويكون التعليم بالنسبة له مهنة إن أجادها يصعب عليه إجادة مهنة غيرها". مؤكداً على أن التعليم يصبح سمة من سمات شخصيته، ويصبح من الصعب عليه ممارسة مهنة أخرى غير التدريس.

أما الأستاذ فهد، فيشير إلى تجربة التدريس في العام الأول، كمرحلة منفصلة عن السنوات اللاحقة، ويقول: " تجربة السنة الأولى في التدريس تجربة فريدة، لا تتكرر أبداً، وكثيراً ما ترافقها حالات ومواقف طريفة يظل الأستاذ يتذكرها مدى الحياة، وتعد مرجعية لها في تقييم الأخطاء التي ارتكبها، وفي تطوير الإيجابيات التي مارسها".
ويضيف " هي في الحقيقة سنة يستطيع من خلالها الأستاذ تقييم كل ما أخذه ودرسه خلال السنوات السابقة، فإما أن يؤمن بأن طريقة التدريس العملية تختلف عن التدريس النظري، ويبحث بالتالي عن شخصيته التدريسية من خلال تجارب الآخرين، أو أسلوبه الخاص. أو أن يؤمن بأن القسم النظري الذي درسه في المدارس والمعاهد والجامعات أجدى، وأساس للعملية التربوية العملية، فيرجع مرة أخرى إلى الكتب والبحوث، ويحاول البحث عن أفضل الطريق التي درسها، ويتابع آخر طرق التدريس الحديثة التي تنشرها الكتب أو الدوريات المتخصصة".

صورة الأستاذ الجديد في عيون طلابه:

يقول الطالب أسامة مصطفى: " في كل مرة واجهنا فيها أستاذاً جديداً في الفصل، نقوم ببعض الأمور المختلفة من باب "التجربة" لكي نعرف من أي صنف من الأساتذة هذا المدرس الجديد".
ويتابع " يوجد بعض المدرسين الذين لا يأبهون بكل ما نقوم به في الفصل، لذلك نستطيع أن نلهو في الدرس، وبعضهم لديه طبع حاد، نجبر على متابعته والصمت خلال تدريسه، ولكن من غير أن نكون مجبرين على متابعة ما يقول، ومنهم من يتعامل معنا كأنه أحد زملائنا، وبالتالي نكون متعاونين معه قدر المستطاع، وبعضهم يهمل الجانب النظري، ولكن في الامتحانات يصعّب علينا الأسئلة و...."

ويتفق معه الأستاذ عبدالله الفقيه، حيث يقول: " في أول وهلة يرى فيها الطلاب المدرس يبدؤون بتشخيص المعلم فيحاولون أن يجسوا نبضه من خلال القيام ببعض التصرفات والحركات، لكي يروا ردة فعل المعلم، فأول موقف يعرض له المعلم هو الذي يحدد صورته أمام الطلاب".

أما الأستاذ أحمد الحواس، فيرى أن نظرة الطلاب إلى مدرسهم الجديد تختلف وتعود إلى حب شخصية المدرس ومدى تمكنه من مادته العلمية وحسن تقديمها وجديته ومعاملته معهم، ومدى اهتمامه بمظهره الخارجي وكلامه معهم، فإن كان المدرس في نظرهم كذاك فهم يحترمونه ويطيعونه ويحبونه وإن كان غير ذلك فالأمر عندهم مختلف.

في الواقع، تختلف نظرة الطلاب إلى أستاذهم الجديد، بين طالب وآخر، حسب طبيعة الطالب، وحبه للمادة التعليمية التي يتناولها المدرس، ودرجة تأقلمه مع شخصية المدرس، وغيرها من الأمور الأخرى.
إلا أن السمت العام الذي يميز النظر إلى المدرس الجديد، هي أنه مدرس "مجهول" إذ يدور الحديث في الغالب بين الطلاب عن بعض الأساتذة المعروفين، والذين أصبح لهم طريقة واضحة وأسلوب محدد في التدريس وفي التعامل مع الطلاب بشكل عام، وحتى في طريقة وضع الأسئلة، وخلافه.
أما المدرس الجديد، فإنه كثيراً ما تدور حوله "الشائعات" إلى أن تثبت طريقته وأسلوب تعامله مع الطلاب.
لذلك فالنظرة العامة تكون "التوجس" الذي يصاحبه "الرغبة في معرفة شخصيته".

ويرى الأستاذ عبد الله الشلهوب أن الطلاب منهم الذكي ومنهم دون ذلك، ويقول: " فالطالب الذكي يعرف من أول وهلة أن هذا المعلم جديد من خلال نظرة المعلم وكلامه، وقد يلاحظ ارتباك المعلم الخفي أو تعثره في كلمة ونحو ذلك، والمهم أن المعلم إذا استطاع كسب التلاميذ وشد انتباههم احترمه الطلاب وإلا وقع معهم خلاف وافتقد هيبته".

الفارق السني بين الطلاب والمدرسين الجدد:

مع بداية العمل الوظيفي في سلك التعليم، يكون الأستاذ صغير العمر نسبياً، مقارنة مع غيره من الأساتذة والمدرسين الآخرين، كما يكون الأقرب إلى سن الطلاب الذين يدرّسهم، خاصة إذا كان يدرس طلاب مدرسة متوسطة أو ثانوية.

ومع التقارب (العمري) بين الاثنين، تظهر خصائص أخرى مميزة للمدرسين خلال عامهم الأول في التدريس. إذ كلما تقدم بهم العمر، ازدادت المسافة الزمنية (العمرية) بين الاثنين.
وتظهر خلال السنة الأولى للتدريس، بعض المشاكل، فيما يؤكد آخرون على عدم وجود سلبيات في ذلك.

يقول الأستاذ أحمد الحواس: " في نظري لا توجد مشكلة بسبب الفارق العمري إذا كان المدرس متمكناً من مادته العلمية وتقديمها ومهتماً بمظهره وجدياً ومرناً في آن واحد، بل في ذلك نتائج إيجابية، حيث يشعر الطالب أنه على علاقة أخوية مع مدرسه فتذوب الحواجز بينهما ويسود بينهما الاحترام المتبادل والتقبل وأكثر ما يظهر في المرحلة الثانوية والمتوسطة.
أما إذا كان المدرس عكس السابق فإنه لا شك سيكون في مشكلة – بل مشاكل – ولها نتائج سلبية عليه وعلى الطلاب وعلى سير العملية التعليمية".

ويرى الأستاذ عبدالله الفقيه، أن تلك سمة إيجابية وليست سلبية، فيقول: " لا أعتقد أنها تسمى مشكلة بل هي ميزة في مصلحة المعلم ليكون أقرب إلى الطالب من خلال معرفته باهتمامات الطلاب وتوجهاتهم".

أما الأستاذ فهد الأحمدي، فيرى الموضوع من منظور آخر، حيث يشرح مسألة (التربية والتعليم) حسب رؤيته الشخصية، ويقول: " في العملية التعليمية، تقدم التربية على التعليم كما هو معروف، ولأن الطلاب يحتاجون دائماً إلى "قدوة" فإن الفارق العمري الكبير نسبياً بين الطلاب والمدرس، يعتبر الأقرب ليكون هذا الأستاذ قدوة".
ويتابع "انظر إلى الأب والأم، والفارق بينهم وبين الأبناء، ثم انظر إلى الفارق بين الأخوة، الفارق العمري يزيد من إحساس الطالب بأن الذي أمامه مهم وجاد ولديه اطلاع ومعرفة واسعة، فيما لو قام أحد المدرسين القريبين من عمر الطلاب بتدريسهم، لأحسوا بنوع من "المشاركة" في العمر، وبالتالي المشاركة في "المعرفة" و"قلة الخبرة"، رغم وجود إيجابيات أخرى كثيرة لا يمكن إنكارها".

سلبيات تواجه الأستاذ خلال عامه الأول:

السلبيات -ربما- تثير الشهية للكلام أكثر من الإيجابيات، ذلك أن الإيجابيات تجربة شخصية يعيشها كل شخص حسب تجربته، أما السلبيات، فتعد مرجعاً ومعلومة هامة مسبقة، من أجل التسلح بأفضل الطرق لتجنبها، أو للتأقلم معها حال وجودها، تلافياً لأية مشاكل نفسية أو آثار سلبية، قد تؤثر على سير العمل والانشغال به.

وبطبيعة الحال، تواجه المدرسين خلال عامهم الأول، الكثير من السلبيات التي تقترن ببداية تجربة عمل جديدة، والتعامل مع عدد كبير من الطلاب، وتحمل مسؤولية تدريس جيل كامل، يحاسب عليها المدرس في الدنيا والآخرة.

من بين أهم تلك السلبيات، ما يشير إليها الأستاذ أحمد الحواس، والتي يعددها وفق ما يلي:
- ضعف القدرة على التعامل المناسب والفعال مع طلابه.
- نظرة المدرس الجديد إلى مشرفه بأنه ناقد فقط.
- قد يغلب على تدريسه الأسلوب السلطوي.
- قد يكتفي على الغالب في تدريسه بتقديم الجوانب المعرفية فقط مجردة عن الجوانب الوجدانية والتربوية.
- يقل في تدريسه الربط بواقع الحياة.
- يكثر فيه الجانب التلقيني ولا يميل إلى حب المنافسة مع زملائه في العمل.
- قد يتعرض المدرس إلى قدح من قبل زملائه القدامى في العمل.
- إذا اعتقد أو ظن المدرس الجديد أنه ليس بحاجة إلى تطوير نفسه وتدريسه وتوجيهه في عمليته التعليمية.
- قد يغلب على المدرس في شخصيته الأسلوب السلطوي.
- عدم الاستجابة لتوجيهات مديره ومشرفه المتابع له.

ويضيف عليها الأستاذ الفقيه بعض البنود الأخرى، منها:
- الانتقال من بيئة تعليمية إلى بيئة تعليمية أخرى ولكنها مختلفة عن الأولى.
- قد يجد المعلم صعوبة في التعامل مع الفئات التي يتعامل معها.
- صعوبة احتواء الطلاب وضبط الفصل.
- الدقة في المواعيد، عدم القدرة في البداية على التأقلم مع التوقيت الصارم في الحضور إلى العمل.

وعلى كل حال، فإن معظم هذه السلبيات التي يشير إليها المدرسون، تذهب أدراج الرياح، حال التعود على العمل، والدخول إلى المعترك العلمي، وزيادة التجربة عاماً بعد عام.

سلاح المدرس في عامه الأول:

خبرات المدرسين القدامى والجدد، تشكل تاريخاً ونماذج لأفضل الطرق التي يمكن من خلالها التعامل مع السنة الأولى في التدريس، ما قد تساهم في تقليل أي سلبيات تواجه المدرس خلال عامه الأول. منها على سبيل المثال:
- يتسلح بالله _عز وجل_ وحسن الظن به وصدق التوكل عليه.
- يتسلح بالصبر وهذا مهم في البداية.
- بالإخلاص لله _عز وجل_ في عمله.
- زرع الثقة والاحترام بينه وبين طلابه.
- سماع توجيهات مديره والمشرفين.
- حسن التواصل مع أولياء أمور طلابه والاهتمام بهم.
- المشاركة في نشاطات وبرامج المدرسة داخلياً وخارجياً.
- إتقان عمله والرفع من مستوى أدائه وتطويره وتقديم ما هو جديد.
- ضبط المادة العلمية التي ينقلها للطالب.
- ومعرفة الأساليب والطرق الفعالة للتعامل مع الطالب بصورة مثالية.

مواقف وطرائف:
لا تخلو العملية التعليمية من مواقف وطرائف يمر بها المدرسون على اختلاف مراحلهم، ولكن يبقى العام الأول من أوسع الأعوام رحابة في المواقف والطرائف، طالما أن كل شيء جديد، وكل شيء يحدث للمرة الأولى، دون أن يكون للمدرسة خبرة سابقة بالطلاب، ودون خبرة سابقة للطلاب بالمدرس.

يروي الأستاذ أحمد الحواس حادثة حصلت معه، فيقول: " كلفت طالباً في الصف الثاني بقراءة الحديث من السبورة والطلاب يرددون وراءه ما يقول، فأثار ترديد الطلاب وراءه حماسه، فقال نتيجة ذلك – رافعاً يده –: الله أكبر، فردّد الطلاب وراءه الله أكبر، كررها مرتين ثم أكمل قراءة الحديث حتى نهايته".

ويروي حادثة أخرى فيقول: " اتفق طلاب الصف السادس لقسم تحفيظ القرآن على عدم التسميع غيباً للقرآن حتى يختبروني غيباً في القرآن كاملاً وقالوا لي: إذا أجبت عن أسئلتنا فسوف نسمّع، وإذا لم تجب غيباً فلن نحفظ ولن نسمّع عليك فقلت لهم: اجلسوا جيداً وابدؤوا واحداً واحداً، فسأل الأول فأجبته، وسأل الثاني فأجبته، والثالث فأجبته، والرابع فأجبته بفضله _تعالى_، فأصيبوا بخيبة ثم قاموا جميعاً يتشاورون بالبحث عن سؤال صعب فسألوني فأجبتهم، ثم سألوني فأجبتهم، ثم قلت لهم: هل تستمرون؟ فقالوا: لا. فقلت لهم عندئذ: هيا لكي أسمّع لكم الآن".

ويروي الأستاذ فهد حادثة حصلت معه خلال عامه الدراسي الأول، فقال: " داومت في الفصل الذي أدرس فيه عدة أيام، وكان أن تغيب أحد الطلاب منذ بداية الفصل بسبب عدم عودته من السفر مع أهله، وحين عاد، جاء مع ولي أمره إلى الإدارة، وريثما وصل إلى أفصل كنت أنا قد بدأت أدرس الطلاب، وجلست في مقعد بجانب أحد الطلاب، وعندما دخل الطالب الجديد، لك يكن يعرفني، فسلم على أصدقائه، وجلس يتحاور معهم ويسألهم عن الأستاذ أين هو، وهو لا يحسبني أني الأستاذ، بسبب فارق العمر البسيط بيننا".