دعه يتوهَّق
12 ربيع الأول 1426

هذا المقال هو خاتمة المقالات التي تتحدث الأساليب العملية في التعامل مع المراهقين، حيث قسمنا الموضوع إلى محورين: بناء الصداقة، وتضمن خمس عناصر تحدثنا عنها في وقتها، والمحور الثاني حل المشاكل بلا مشاكل، وتضمن سبع عناصر، هي:
أ – طوّل بالك. ب – اقبل ابنك بعيوبه.
جـ - الخطوات الخمس لحل مشكلة ابنك.
د – أسلوب "أنا" لحل مشكلتك. هـ - اعترف برأيه.
و – الحزم اللطيف. ز – دعه يتوهق.
واليوم نحن مع العنصر الأخير الذي يكمل المقال الحادي عشر عن أساليب التعامل مع المراهقين.

العنصر السابع: دعه يتوهق(1):
يتحمل الوالدان مسؤولية وقاية أبنائهم من المشاكل بصورة مفرطة، فيتكل الأبناء على حرص الآباء، وهذا ما لا نريده، نريد أن نربي أولادنا على تحمل مسؤولية أنفسهم إذا كان الدين حملهم مسؤولية الأحكام الشرعية أو سيحملهم قريباً، ألا نحملهم نحن مسؤولية ملابسهم وأكلهم؟ إلى متى نظل في حرب معهم على الاستيقاظ إلى المدرسة؟ إلى متى نلقط وراءهم ثيابهم المتسخة المرمية في كل مكان؟ إلى متى تتعبين أختي القارئة في الغداء، وهم ما عليهم إلا الأكل ثم يقومون، لا يأتون بالغداء، ولا يُرجعون الصحون، ولا يرتبون السفرة ولا يساعدونك في شيء أبداً، هذه الحاسة تستمر إذا لم نغير طريقتنا، يعني لماذا الولد يتعب نفسه ويلقط ملابسه المرمية على الأرض وعند الدولاب وطرف السرير هناك من يجمعها، لماذا يكدر على نفسه ويقطع اللعبة لكي يحمل ويضع في الغداء؟ ويخدم أهله طالما أنه –نظاماً- سيأكل ما لذ وطاب (وما سال له اللعاب) اشتغل أو ما اشتغل بالنسبة للاستيقاظ الصباح ما يحتاج كل مدة تأتين وتوقظين ويرجع وينام، وترجعين له مرة ثانية، وتغضبين، وهو نائم أبرد ما عنده، لا.. ريحي بالك، أيقظيه مرة واحدة أو أعطيه ساعة منبه ويتأخر قليلاً ليتحمل هو مسؤولية تأخره هناك في المدرسة، يقول الشاعر:

فقسى ليزدجروا ومن يكن حازماً  

الملابس مثلاً هذه الغسالة تشتغل بهذه الطريقة، وهذه الجفافة تشتغل بهذه الطريقة، وهناك المكواة، تريد أن نشتري لك مكواة خاصة تختارها بنفسك؟ لا بأس، نفس الكلام في الأكل تساعدنا وتقوم بدورك تأكل، لن تساعدنا لن تأكل وستحرمنا من جلستك الحلوة وحديثك معنا على الغداء كل هذا في أمور الدنيا طبعاً أما أمور الآخرة، وأهمها: الصلاة فالوضع يختلف نجاهد أبناءنا في شأن الصلاة ونصبر على ردود أفعالهم المختلفة حتى يعظموا الصلاة ويقيموها ويأمروا غيرهم بها، قال _تعالى_: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا" (طـه: من الآية132)، وحينما يجد المراهق أن الصلاة وأمر الدين هي الشيء الذي يتابع فيه بدقة ويسأل عنه ليدرك عظم قدرها ويشعر بالفارق الكبير بينها وبين بقية الأمور التي تركت له يتحمل عواقب أفعاله فيها.

إخواني وأخواتي أبناؤنا ليس لهم ذنب في الاتكالية التي يعيشونها، ولا نقدر أن نلومهم بكلمة، نحن الذين حرمناهم من تحمل المسؤولية عندما أتينا بخادمة؛ لأننا لسنا قادرين أن نتركهم يواجهون مسؤولياتهم الطبيعية، أو نضحي قليلاً على حساب شكل البيت، فقط نعلم أولادنا.. تناسينا أن إحضار خادمة في بيت المراهقين إصابة لتربيتهم في مقتل لا من ناحية تحملهم المسؤولية ولا من ناحية ثانية تُشَيِّبُ رؤوسكم لا نريد قولها.

إلى هنا نكون قد انتهينا من هذه المقالات سائلين المولى –جل وعلا- أن تكون إسهاماً في دفع عجلة التربية لدى الوالدين، وأن تكون أدت الغرض الذي من أجله كتبت، كما نتمنى أن تروا هذه المقالات –بمشيئة الله- مجتمعة في مكان واحد من خلال هذا الموقع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

___________
(1) توهق فلان في الكلام: اضطره إلى ما يتحير فيه. (القاموس المحيط)836 باب القاف فصل الواو.