أنت هنا

المراكز الصيفية... منارات على طريق الخير
16 جمادى الأول 1426

أصبحت المراكز الصيفية حاجة ماسة للشباب والأسرة على حدٍ سواء، بل تخطت ذلك لتصبح مطلباً أمنياً، وحصناً فكرياً. بدأت المراكز قبل خمس وعشرين سنة، لتستمر في عطائها وإنتاجها وتواكب التطورات ولتتخطى حاجز 331 مركزا مدعوما من الوزارة و126مركزا مدعوما من القطاعات الخاصة والجمعيات الخيرية تحت مظلة وزارة التربية والتعليم و20 مدرسة صيفية لتحفيظ القرآن الكريم ليبلغ عدد المشاركين في هذه المراكز أكثر من (18000) مشارك وأكثر من أربعة آلاف مشرف وذلك في إحصائية وزارة التربية والتعليم لعام 1425هـ.

ولكن...!
الصروح الشامخة والأعمال الضخمة لابد لها من ثغرات وللعاملين والمشاركين من هفوات. لكنها لاتطمس شمسها الناصعة، ولا تغبر سماءها الصافية، ولاتكدر ماءها الزلال.

ولكن...!
لا بد من تلمس الجروح لعلاجها، والنقص لكماله، الخلل لإصلاحه.
فمن هنا يطيب لإخوانكم في موقع المسلم أن يسيروا معكم عبر منهج واضح نيّر.
لمناقشة العلل وسبل إصلاحها من خلال هذه الندوة المباركة، والتي استضفنا فيها مجموعة من الفضلاء الذين كان لهم نظرات تربوية وتجارب سابقة وحمل لهموم المحاضن التربوية ومنها المراكز الصيفية، وهم كل من:
1- فضيلة الشيخ د. ناصر بن سليمان العمر.
2- الأستاذ / حمد بن سليمان الرزيزاء (مشرف توعية إسلامية بإدارة التربية والتعليم)
3- الأستاذ / عبدالله الصغير
4- الأستاذ / محمد البطاح
فنرحب بهم في هذه الندوة المباركة – بإذن الله – كما يسرنا تلقى تعليقات الإخوة الكرام على محاور الندوة وذلك بالضغط على الأيقونة الموجودة في أسفل الصفحة.

في البداية لا بد أن نطرح شكوى كثير من المشرفين على المراكز وذلك لما يلاحظونه من الضعف في الإقبال على المشاركة في المراكز الصيفية، وإن شاركوا لم يستمروا، فما السبب؟
يرى الأستاذ عبدالله الصغير أن السبب يعود لعدة عناصر الشاب نفسه أو أسرته أو الإعلام الخارجي أو ضعف الترويج للمراكز فيقول: (من أسباب المشكلة:
1- عدم توافر مركز قريب من المنزل أو عدم توافر من يقوم بإيصال الطالب للمركز مع خوف الأهل على الابن من المشي وحده.
2- عدم إحساس الأهل أحياناً أو الشاب نفسه بأهمية الالتحاق بالمركز الصيفي وأنه لا جدوى ولا فائدة من ذلك.
3- الصورة المشوشة عند الشاب أو أهله عن المراكز بسبب القراءة في بعض وسائل الإعلام عن التشويه للمراكز أو السماع من الأقارب والأصدقاء والجيران قصص وأحداث لم تكن جيدة أو منفّرة عن المراكز.
4- عدم تقديم بعض المراكز نفسها للناس بالشكل الصحيح وأحياناً عدم الشفافية في إبراز دور المركز وأعماله الرئيسية.
5- الأخطاء الواقعية لدى المراكز والتي تتكرر أحياناً كل عام دون وعي
وإدراك من القائمين عليها.

- ويضيف الأستاذ/ محمد البطاح على ما ذكر الأستاذ عبدالله فيقول: من الأسباب (وجود نسبة كبيرة من أفراد المجتمع ممن سعوا لنيل شهادات علمية معترف بها، يمكن لها أن تساعدهم وتفيدهم في مستقبل حياتهم كاللغات والحاسب، في مقابل عدم وجود تلك الشهادات في غالبية المراكز – مع إمكانية ذلك – فمن الطبيعي إذاً أن يكون برنامج الأفراد في الإجازة مزدحم، ولا يتحقق منهم إقبال على المراكز).

في حين ينظر الأستاذ الرزيزاء من منظور آخر فيخالف المشاركين في أن الإقبال كبير مستدلاً بإغلاق بعض المراكز أبوابها منذ أسابيعها الأولى ولكنه لا ينفي وجود هذا الضعف لدى بعض المراكز فيقول: (ليس هذا على إطلاقه، بل بعض المراكز تغلق باب القبول من أسبوعها الأول بسبب كثرة الإقبال، والضعف عند المراكز إنما هو بسبب ضعف البرامج المقدمة أو الدعاية المستخدمة أو عدم مناسبة المكان من حيث الإعدادات والمغريات).

هل هي ظاهرة أم مراكز دون أخرى؟
ويبين الشيخ ناصر العمر أهمية التحديد وعدم العشوائية في النقد وخاصة إذا كانت غير مدعمة بالأرقام والإحصاءات وهل الضعف لدى مراكز معينة أو ظاهرة تستحق الاهتمام؟ فيقول مبتدئا بتساؤل: (هل هذا صحيح؟ أحياناً نطلق أحكاماً دون تحقق، أو أن تكون أحكاماً جزئية ثم نعممها ولذلك نحن اليوم في عصر الدراسات والمعلومات والأرقام، فدعوى ضعف الإقبال على المراكز هل حقيقة؟ لأنني أعرف أن هناك من المراكز لا تجد مقاعد لبعض المتقدمين، ولكن كما أنني طلبت عدم تعميم المعلومة إلا بعد تحقق فأنا كذلك لا أعممها ولكن أقول: (إنها حالات موجودة) وقد تكون هناك حالات أخرى مشابهة في ضعف الإقبال على مراكز معينة، والسؤال المطروح هنا هل هذه المشكلة ظاهرة؟ إن كانت ظاهرة فيجب أن ندرسها وأن نمحصها وأن نتحقق منها، أما إذا كانت في مراكز دون أخرى فتكون الدراسة محلية ضمن دائرة المركز فقد تكون المركز الظروف الخاصة أو الآنية أو المحلية التي سببت عدم الإقبال وليست ظاهرة عامة).

هذا المحور يجعلنا نطرح هذا السؤال: هل عدد المراكز الصيفية الموجودة يتناسب مع عدد المشاركين؟
تفاوتت أراء المشاركين في الحاجة إلى زيادة عدد المراكز والسبب في عدم الزيادة فيحمل الأستاذ الرزيزاء وزارة التربية والتعليم السبب في قلتها فيقول: (هذه من الأشياء التي يأسف لها الإنسان وهذا يدل على غياب التخطيط لدى وزارة التربية، فعدد المراكز في كل سنة قد يكون قريباً من التي قبلها مع أن المفترض هو زيادة العدد في السنوات التي تليها، مع العلم أن التقديم على طلب فتح مراكز لدى إدارات التربية والتعليم أكثر بكثير مما هو متوقع، ولكن كثير منها يرفض ويرد، بل إن الأسلوب الذي تتخذه إدارة التربية والتعليم في التقديم على المراكز له طابع التعقيد...).
في حين أن الأستاذ الصغير قسّم التركة على الجميع بالسواء الوزارة وضعف المطالبة فيقول: (من أسباب المشكلة:
1- النظام الإداري أحياناً يكون السبب فلا تعتمد الجهة القائمة على المراكز العدد الكافي من المراكز.
2- عدم المطالبة القوية والجادة من قِبل الأفراد والمجموعات للمسؤولين بافتتاح مراكز أكثر مع تدعيم هذه الطالبات ببرامج عمل مرسومة وواضحة المعالم وواقعية قابلة للتطبيق (وهي علاج للسبب الأول لو تمت).

لا يكن وأد المراكز بأيدينا...
ويذهب الأستاذ محمد البطاح مذهباً آخر فيرى عدم الحاجة الآنية لزيادة عدد المراكز وإذا كان هناك زيادة فيجب أن تكون زيادة مدروسة بعناية فيقول: (لا أَعد قلة عدد المراكز مشكلة؛ لأني أراها متناسبة مع عدد الأفراد، ومتناسبة أيضاً مع الإمكانيات المتاحة، وأقترح قبل الشروع في زيادة عدد المراكز التثبت من الحاجة الفعلية لزيادتها، لئلا يكون وأد الكثير من المراكز بأيدينا، وتحت أبصارنا).

هل للأهداف المثمرة مكان في المراكز الصيفية؟
يشدد الشيخ ناصر العمر على وجوب وجود هذه الأهداف والحاجة لها ماسة ومهمة، فيقول:(نعم نحتاج إلى شيء من هذا وهو وضع أهداف واقعية وجادة دون مبالغات، يا إخوتي الكرام، ليس المطلوب من المراكز أن تخرج علماء، ليس المطلوب من المراكز في شهرين أو أقل أن تخرج حفاظ للقرآن أو للسنة، هذا طيب، لا مانع أن يكون ضمن برامجها برامج علمية أو برامج للتحفيظ أو برامج في الحديث، ولكن تكون اختيارية ونسبية دون تعميم، في إجازة الصيف لابد أن تكون أهداف المراكز واقعية تلائم طموح الشباب وواقعهم ورغباتهم وهي مرتبطة بالهدف السابق الذي قلته قبل قليل بحيث يتغير عليهم الجو،

وأضرب لكم مثالاً: بعض المراكز الصيفية إذا دخلت إليها كأنك دخلت في مدرسة ثانوية أو جامعية ما تغيرت البرامج، بل كأنه درس يدخل ودرس يخرج، لا هذا غير مناسب، فإذن لا بد من وضع الأهداف الواقعية والمقصود المحافظة على الشباب وإيجاد الإبداع وتلبية المواهب والقدرات والطاقات، وكل هذا ممكن).

ويرى الأستاذ الرزيزاء أن الضعف في النتائج ذلك بسبب الضعف في صياغة الأهداف الواضحة، فيقول: (إذا لم يكن لمدير المركز والفريق العامل معه أهداف يريدون تحقيقها في نهاية المركز فكيف يقيسون النجاح أو الفشل للمركز، لا يمكن أن نحقق نجاحات ونرتقي بمراكزنا إذا لم يكن هناك أهداف واضحة).

ويرى الأستاذ الصغير أن السبب في مشكلة عدم وجود الأهداف لدى بعض المراكز هو أن حالة الضعف التي وصل إليها المسؤول هي نتيجة لسنوات التربية الأولى فيرى من الأسباب:
1- ضعف التأهيل، والتربية غير الجادة ابتداءً للمسؤولين القائمين على بعض المراكز، فيكون القائمون على الإعداد أو بعضهم ليس عندهم رؤية واضحة للمستقبل وأهدافهم محصورة في جوانب ضيقة، إضافة إلى جانب مهم جداً وهو عدم توفّر البناء العلمي الشرعي والمعرفي مما يجعل الأهداف مشوشة أو تتسم بقصور النظر.
2- رسم الأهداف بناءً على موقع عمل أو محضن تربوي آخر غير المركز فتكون الأهداف غير واقعية وإن كانت جادة أحياناً).

ويذكر الأستاذ البطاح الجميع بالهدف من إقامة المراكز الصيفية سابقاً فيقول: (والسبب: أن القصة الأولى لإنشاء المراكز الصيفية هو: حفظ أوقات الناشئة من الضياع، واستمالتهم بالأسلوب الجذاب الممتع والمرفِّه، ومن المؤسف أن تلك الأهداف الموغرة في القدم هي ذات الأهداف لدى الكثير، ولم تراوح مكانها.

ثم يطرح علاجاً لهذه المشكلة فيقول:(والحل في رأيي:
1- طرد المركزية في الطرح.
2- وإقامة الرؤية الهادفة.
3-إسناد وضع الأهداف لأصحاب الخبرات العالية، والأفكار النيّرة، والشهادات العليا؛ لأنهم أدرى بالملائم، وعدم إخضاعها لأصحاب النظرة العادية).

لماذا تتسم برامج بعض المراكز بالضعف والجمود؟
يرى الأستاذ عبدالله الصغير أن وجود بعض المشرفين غير المقتنعين بهذه البرامج يؤثر سلبا على برامج المركز فيقول: (عدم قناعة بعض العاملين القائمين على هذه المراكز بجدوى المشاركة حيث تكون المشاركة فقط لقضاء وقت الصيف الطويل بالمركز بدلاً من إيجاد برامج قد تكون مرهقة أو غير قابلة للتطبيق ولا سيما أن عدداً من القائمين على المراكز هم من طلاب حلقات التحفيظ فتجد المشرف مثلاً يشارك مع طلابه وتفكيره الأساس العمل الخاص بالحلقة دون النظر إلى العمل العام للمركز بل إن بعضهم يقولها صراحة لطلابه اجعلوا اهتمامكم ببرامج الحلقة الخاصة ودعوا برامج المركز جانباً.
1- تعدد المناشط الدعوية والعلمية والتربوية خلال مدة الصيف مما يجعل جزءاً غير قليل من الطاقات الشبابية منصرفاً لأنشطة أخرى غير المراكز.
2- أحياناً يكون تصميم برامج المركز غير مدروس بشكل جيّد فتجد كثرة التكاليف على المشاركين وكثرة البرامج مما يشتت الجهود وبالتالي ينزل بمستوى البرامج ويضعفها.
3- طبيعة التنافس في أروقة المركز أحياناً يجعل بعض المشرفين يركّزون على موهبة قديمة معلوم نشاطها مسبقاً وإهمال بقية الطلاب وهذا يقودنا إلى أهمية انتقاء المشرفين وإمدادهم بالتدرب والمهارات اللازمة للارتقاء بالمستوى العام).

في حين أن الأستاذ محمد البطاح يرى أن البرامج الضعيفة نتيجة طبيعية للإعداد الضعيف، وضعف الهمم سبب وجيه لديه فيقول من الأسباب:
1- أن القائمين على المراكز الصيفية لا تحين لحظات الإعداد لديهم، إلا في ساعات الحسم
الأخيرة لانطلاقة المراكز.
2- ولقلة عدد المشرفين والإداريين، وعدم ثبات الأسماء حتى في أثناء عمل المركز- فالمصالح
الخاصة مقدمة – وما كان منها ضرورياً فله حق التقديم.
3- الرضا بالنجاح الماضي، والخلود لإبداع الأمس، وقناعة الهمم بما قُدِّم وتم.

ويقول الأستاذ الرزيزاء: (لا زال بعض مشرفي المراكز يسيرون على طرق كانت ناجحة في الماضي، ولكن الوضع والعصر تغير فيجب أن نحافظ على الثوابت ولكن نجدد في الطرح وحبذا لو كان هناك تبادل للخبرات في البرامج المطروحة في كل مركز وبالذات البرامج الناجحة والفاعلة.)

ما لفرق بين مراكز الأمس واليوم؟
ويختم الشيخ ناصر العمر هذا المحور فيقول: (أنا أوافق على أن بعض المراكز الصيفية يشوبها الضعف في البرامج والتقصير في الإعداد ؛ لأنني ألحظ أن بعض المراكز الصيفية لا تزال برامجها شبيهة بالمراكز التي كنا طلاباً قبل ثلاثين سنة وبعض المراكز شبيهة بالبرامج عندما كنا طلاباً في الجامعة وكان لنا بعض المشاركات في المراكز الصيفية.

لا أيها الإخوة، العالم تغير وانفتح، وأصبح كقرية، واستجدت أشياء جديدة، فيجب أن تتطور المراكز الصيفية ويكون لديها من المغريات المباحة العملية وكذلك التجديد في الوسائل ما يناسب هذه الأشياء، ولذلك إذا انصرف بعض الشباب عنها لا يلامون لجمود بعض المراكز وروتينيتها وبقائها على ما كانت عليه.

فرق بين الأهداف والوسائل، الأهداف تبقى هي الأهداف أما الوسائل فهي قابلة للتغيير والتعديل والتجديد وهذا أمر مهم جداً، فأقول لا بد من أن توجد برامج مغرية تجذب الشباب داخل المراكز وضمن المباح وهو كثير جداً والحمد لله، فتحتاج فقط إلى الإبداع والشباب عندهم من القدرات والطاقات والإبداع الشيء الكبير، وأعتقد أن هذا ممكن ومتيسر، ولكن إذا وجدت العزيمة، وإذا بقيت بعض البرامج فلا مانع أن تُعرض كما كانت تُعرض في السابق، ولكن لا يكون عموم برامج المركز كذلك.).

تشكو كثير من المراكز الصيفية ضعف الدعم المادي والمعنوي على حد سواء فما السبب؟
يطالب الأستاذ الرزيزاء من له شأن بهذه المراكز بمساواتهم بغيرهم فيقول: (إذا قارنا بين الدعم المقدم للمراكز من قِبل الوزارة والدعم المقدم من أماكن أخرى لبعض الأنشطة وجدنا الفرق). ثم يذكر الجميع بأنهم أصحاب مبادىء وأهداف فلا يجب أن تكون المادة عائقا لنا فيقول: (ولكن نحن أصحاب هدف ولا يمكن أن يكون الدعم المادي هو العائق بل يجب أن نبحث عن أي طريق من شأنه تعدي العقبات وإثبات النفس).

ويرى الأستاذ عبدالله الصغير أن الأسباب في قلة الدعم تكون في:(
1- عدم قناعة الداعم بجدوى هذه المراكز أو قناعته بأن هناك جهات أخرى أولى بالدعم.
2- التأثر بحملات التشويه المشار إليها سابقاً.
3- ضعف الدعاية والإعلان من قبل المراكز نفسها أو عدم الوصول لكافة شرائح المجتمع أو ضعف البرامج وقلة الإنتاجية المقنعة للداعمين.
4- وجود أخطاء أو تجاوزات بارزة تصد الراغبين في الدعم عن دعمهم سواءً مادياً أو معنوياً.)

وهل لضعف الجهاز الإداري بالمركز أو قلته أثر على المركز؟
أجمع المشاركون في الندوة على أثره على عطاء المركز ورأوا أن من صور الضعف تداخل المسؤوليات والمركزية في العمل الأسباب في الضعف تكمن في التالي فيقول الأستاذ البطاح:(والعلة: أن الحقائب الإدارية توزع بناء على ظن الإجادة، دون توضيحٍ لخطوط كل منصب، ودون اعتبارٍ لخبرة سابقة أو سعي لتهيئة مناسبة.) ويرى الأستاذ عبدالله الصغير أن ضغط العمل وقلة التجربة، وعدم التخطيط الجيد أو الضعف فيها من الأسباب في تداخل المسؤوليات فيقول: (من الأسباب:
1- ضغط العمل وعدم التركيز والخوف من الإخفاق يجعل الحرص يزداد عند البعض فيجد نفسه لا شعورياً وقد اقتحم جميع الميادين وتخطى معظم الصلاحيات.
2- ضعف أو عدم التخطيط الجيّد للبرامج والأنشطة وكذلك عدم التوصيف الواضح لكل مهمة أو لكل مسؤول تكون سبباً مباشراً في ذلك.

ويقول الأستاذ الرزيزاء:(ومن المهم في بداية المركز أن تحدد المهام والوصف الوظيفي لكل مهمة بحيث لا يكون هناك تداخل وتسير الأمور كما ينبغي.) ويضيف داعياً إلى إعداد جيل قادر على حمل الأمانة قائلا:(قلة الطاقات موجودة في كل مكان، وهذا يدعونا إلى التركيز وإعداد الصف الثاني والعناية به، ولا مانع من تجهيز الطلاب المشاركين سواء طلاب الصف الثالث الثانوي أو الأولى جامعة وذلك بأن يتولى كل منهم بعض الحقائب الإدارية الخفيفة.) كما يؤكد على ضرورة نبذ المركزية في العمل واتخاذ القرار وأن لوجودها أسباب فيقول: (ما نراه من تأخر في بعض المراكز قد يكون من أسبابه المركزية في اتخاذ القرار ولا يمكن أن نحقق نجاحات إذا لم يكن الجميع يشعر أن الفكرة هي فكرته ينافح من أجل إنجاحها أما مسألة ما أريكم إلا ما أرى، فهذا أمر غير مرغوب، بل هو سبب ضعف أو فشل المراكز). ويرى الأستاذ البطاح أن العلاج يكون بالتالي: (إسناد كل مسؤولية لمستحقها، مع كشف الصورة الكاملة لكنْه تلك المسؤولية ومراقبة المسؤول لئلا يتعدى.) وفيما يتعلق بالمركزية في العمل يرى أن الحل هو: (إسناد الإدارة المركزية لأصحاب الرؤى التربوية الأكاديمية المميزة أو على الأقل استشارتهم في المشكل، والرجوع إليهم على الدوام).

وبعد نقاش مشكلة المركزية في اتخاذ القرار تم عرض هذه المشكلة على الشيخ ناصر العمر فأسهب في الجواب بعد تأييده لوجود هذه المشكلة، فقال : (أوافق على هذا الكلام أن بعض المراكز الصيفية عندها مركزية، وكم أتمنى أن تدار المراكز الصيفية عن طريق المساهمة عن طريق الشباب حتى لو أخطؤوا هذه المراكز هي مراكز للتدريب والتعويد فيجب على المربين الناجحين الإدارة عن بُعد، بأن يكون الشباب فعلاً هم الذين يديرون أنفسهم بأنفسهم، وذلك لأن الشاب يخرج من إدارة المدرسة المركزية أو إدارة الجامعة المركزية فيريد تجديداً، لماذا لا يكون مدير المركز من الطلاب فأقصد ألا تكون الإدارة من المدرسين، ويكون دور المدرسين هو التوجيه من بُعد، والملاحظة أن بعض الإخوان هداهم الله لا يوفقون في هذا فتحدث إشكالات، يا ليتنا نسمي بالإدارة الحديثة ونستفيد منها وأعتقد ستجدون من إبداعات الشباب وقدراتهم وطاقاتهم الشيء العجيب.

وأذكر مثالاً على ذلك أنني حضرت حفلاً لتحفيظ القرآن فوجدت إبداعاً عجيباً وأفاجأ مع هذا الإبداع الذي لم أجده في كثير من الحفلات التي حضرتها للتحفيظ أن جميع الذين قاموا بهذا هم من الشباب بل أكون أكثر دقة أنني حضرت أكثر من حفل في هذه السنة كلها بإدارة الشباب فالحقيقة أنني ففوجئت بهذه الإبداعات من أبناءنا الشباب، تفجرت المواهب وانطلقت، بينما بعض الحفلات المشرفون على الحلقات هم الذين قاموا بها، هم الذين أعدوها وما وجدت عندهم من الإبداع كما وجدت في الحلقات التي أبدع الشباب وتفجرت مواهبهم وطاقاتهم وقدراتهم، وجدت عروضاً بالحاسب الآلي أو الليزر أو غيرها لأول مرة أراها فندائي للجميع: أعطوا الشباب فرصتهم لتروا العجب ولو أخطؤوا، ألا تلاحظون مثلاً بسيطاً جداً، أنه أحياناً إذا كان لك أخوان أو ابنان واحد مثلاً عمره عشرون سنة أو ثمانية عشر عاماً، وواحد عمره ثمان سنوات أو سبع سنوات، تجد أننا نعجب بتصرفات الصغير هذا الذي عمره خمس أو سبع سنوات أو أقل أو أكثر بقليل، بينما لو قام هذا الكبير بنفس العمل ما لفت أنظارنا، إذن الإدارة نفس العمل لما يكون العمل والإنتاج من هؤلاء الفتية هؤلاء الشباب يكون محل الإعجاب والتقدير والإبداع، فنحن نقيمه نظراً للسن الذي قام به، بينما إذا كانوا كباراً لا يكون بنفس الأمر، فما أحوجنا للإبداع في جانب الإدارة، في التغيير للنمط الموجود قديماً مع المحافظة على استراتيجيات وأهداف التربية والمحافظة على الشباب وإبعادهم).

يلاحظ على كثير من المراكز الصيفية عدم التعاون بينهم، بل قد تصل لدى البعض إلى حد التعصب وعدم الرغبة الجادة في التعاون، فما السبب في ذلك؟
يرى الأستاذ عبدالله الصغير أن عدم التجرد الكامل لله سبب في ذلك، وضعف التربية فيقول: (من أسباب المشكلة:
1- فيما سبق من محاور إشارات إلى ذلك ولكن يضاف إلى ذلك ضعف التجرد والصدق مع الله في أداء العمل.
2- ضحالة التربية للعاملين في المراكز وبنائها على التحزب.
3- الشعور لدى بعض العاملين بفضلهم على غيرهم وأن الحق معهم وفي عملهم متغافلين عن كون كل على خير والجميع يسعى لنفس الهدف).

ويقول الأستاذ البطاح السبب هو: (
1. بهاتة صورة المثل الأعلى، وقصد الدون مع وجود الأفضل، من أصحاب العلم والخبرة والتربية والطرح.
2. ولأن التعاون بين المراكز معدوم، فكل مركز كيان مستقل بذاته، وخبراته وتجاربه وآرائه، بل وأفكاره
والحل: وضع اليد على اليد، ولَزْم مسيرة النجاح، وتذكر جانب الإخلاص.).

ويذكر الأستاذ الرزيزاء بضرورة التكاتف وتوحيد الجهود وخاصة في هذا الزمن الذي اتصف بالتحالفات فيقول: (نحن في عصرنا تكالب الأعداء علينا ورمونا عن قوس واحدة فليس هناك مجال لإثارة مثل هذه الأمور، يكون هناك منافسة شريفة أمر مطلوب لكن أن نختلف ونتحزب فهذا مذموم، والله _سبحانه وتعالى_ يقول: "وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ" (الأنفال: من الآية46).

وعلى الرغم من قيام هذه المراكز بالنفع العظيم للمجتمع، إلا أنها لم تسلم من تشويه الصورة الناصعة فتارة باسم مراكز تفريخ الإرهاب الفكري وغيره كما يقول أحدهم متهما المراكز الصيفية : (ومن اللافت في مسيرة بعض المراكز الصيفية، والمخيمات الدعوية، والمعسكرات وغيرها؛ منذ العام 1990م؛ أنها تستمد من الدعوة شرعية مقنعة لعملها؛ ولكن الدعوة التي نعرف؛ ليس هذا هو نهجها، ولا بعض دعاتها هم دعاتها، وما كان يشي به المصطلح في زمن تقدم؛ أصبح في بعض الأحيان؛ مجرد تغطية لنهج آخر مسيَّس، بهدف تمرير خطط التحزب والعمل الحركي المتأسلم، الذي لم يشذ كثيراً عن أدبيات الإخوان المتأسلمين في مصر قبل عشرات السنين، فكتب ونظريات (سيد قطب)؛ ترفد العمل الحركي بخطط عملية جاهزة؛ لتأهيل الشباب المتأسلم، فمن هذه الخطط على سبيل المثال؛ الخروج إلى البراري، في معسكرات ومخيمات ومراكز، وتقسيم الشباب؛ إلى (جماعات) تحت أسماء حركية، لتتلقى التوجيهات الأيديولوجية، وتتدرب على القتال وصنع القنابل).

حول هذه النقطة يقول فضيلة الشيخ ناصر العمر: (أقول ليست جديدة حملة التشويه أعرفها منذ أكثر من عشرين سنة، وتتحمل كثير من وسائل الإعلام وزر ذلك وبعض الكتّاب – مع كل أسف – وجدوا الطعن في المراكز والحديث فيها وسيلة لتحقيق أهدافهم ومآربهم، بل مادة لملء العمود اليومي أو الأسبوعي الذي يكتبون فيه فإن فيه مادة دسمة كما يقولون ومن أسوأ ما يتعلق بحملة التشويه ربط المراكز الصيفية بالإرهاب كما يقولون وهذه فرية ظالمة ولأبين هذه الحقيقة أن حملة التشويه على المراكز نعرفها منذ كما قلت أكثر من عشرين سنة قبل أن نعرف شيئاً اسمه الإرهاب أو الغلو في بلادنا، إذن تشويه المراكز مقصود بأي وسيلة.

لما جاءت حادثة الحرم ربطوا المراكز وربطوا حادثة الحرم بالمراكز، انتهت القضية واتضح أنه لا علاقة للشباب إطلاقاً بحادثة الحرم بل إن أولئك الذين لهم ارتباط أو علاقة بحادثة الحرم من المعروفين أنهم ليس لهم علاقة بالمراكز لا من قريب ولا من بعيد، لما جاءت الأحداث الآن كان الأمر على أشدّه ولم يسلم أحد، اتهموا جماعات تحفيظ القرآن، اتهموا المناهج، اتهموا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ما تركوا أحداً إلا اتهموه، وهذا باطل، كونه يوجد فرد أو أفراد لهم علاقة أو كانوا في المراكز ما يجوز لأنني أقول في كلمة واحدة هل يجوز مثلاً أن نعمم كمثال على أهل هذه البلاد لنقول مثلاً السعوديون فنعمم أن كل السعوديين إرهابيون، فهل يجوز أن نقول إن كل السعوديين إرهابيون لأن الذين قاموا بعمل بعض التفجيرات سعوديون هل يجوز هذا؟ لا يجوز، لا عقل يقبل ذلك إطلاقاً، هل يجوز أن نقول إن كل مدارس المملكة تقدم إرهاباً لأن الذين تخرجوا أو عملوا الإرهاب درسوا في مدارس المملكة الثانوية أو المتوسطة وغيرها أو جامعاتها هذا ظلم، إذن نفس الشيء نفس المنطق نفس العقلية اتهام المراكز الصيفية بأن لها علاقة بالإرهاب هذا ظلم وتجنٍّ ولو وُجد فرد أو فردين أو أقل أو أكثر وقل مثل ذلك فيما يتعلق بجماعة تحفيظ القرآن، هذا ظلم، ولذلك علينا ألا نلتفت لهذه الأشياء.

لكن من العدل والإنصاف أن نبحث عن عيوبنا وأخطائنا، وأن ندرس هذه المراكز بتأني فلا تسلم من أخطاء وتجاوزات أو اجتهادات حتى لا نعطي عدونا مستمسك فإذا فعلنا ذلك وحدث بعد ذلك ما حدث لا نلتفت إليه، فقد اتهم رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، اتهم الأنبياء حتى قال الله _جل وعلا_: "أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ" (الذريات:53)، فأكثر الذين ينقدون المراكز الصيفية أقول أكثرهم أو كثير منهم "بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ"، ولا أقول الجميع لأن بعض الذين ينقدون المراكز الصيفية ينقدون باعتدال وحكمة وبُعد نظر وباتزان وبعيداً عن الظلم والتجني، فيجب أيضاً أن نقول إن المراكز الصيفية لا تسلم من بعض الأخطاء، عمل بشري في أي قطاع في أي جهة في أي مكان فيه أخطاء أما التعميم وأما التشويه فهو تجنٍّ وظلم وطغيان «يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا».

ويوافق الأستاذ الرزيزاء ماتطرق له الشيخ ناصر العمر، فيقول:(إذا نظرنا إلى من يقوم بهذه الحملة فإننا لا نستغرب، وقبل هذا فهي سنة الله التي لا تتغير من هجوم أهل الباطل والفساد على أي عمل فيه حفظ للشباب ولأوقاتهم، ولكن يجب أن نسير في طريقنا ونقدم ما نرى أن فيه براءة الذمة أمام الله.) ويرى الأستاذ البطاح أن النجاح هو سبب الحملة على المراكز الصيفية فيقول: (سبب الحملة نجاحها، وبدوّ دورها الفاعل في الإصلاح، والتأثير الإيجابي في المجتمع.

والحل: عليها أولاً أن تستمر في نجاحها، وأن تسعى لبث الصورة الحقيقة لها، وأقترح وجود لغة مشتركة، وبيان موحد عن المراكز جميعاً لكشف الحقيقة الفعلية، ولا مانع من دعوة الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة – كقناة المجد، وإذاعة القرآن، والصحف وغيرها – لتغطية مناشطها وأعمالها، كبرهان صدق على إخلاصها ونجاحها، إذ الإعلام يواجه بالإعلام).

من أسباب المشكلة:
1- لا بد أولاً أن نعترف أن هناك أخطاءً وهفوات وتجاوزات أحياناً في بعض المراكز وعليه فذلك سبب لكتابة بعض الغيورين عن هذه الأخطاء والمقصد إن شاء الله علاج هذه الأخطاء.
2- أما حملة التشويه فتكون صادرة من حاقد وصاحب فكر منحط يضيره ويؤلمه أن يرى المصلحين يقومون بعمل إيجابي يخدمون فيه المجتمع وأبناء هذا الجيل ويؤثرون فيه بالناس ويدلونهم على طرق الخير.
3- وقد تكون ممن يريد أن يركب الموجة أو يبحث عن الشهرة فهو في حياته لم يزر مركزاً ولا يعلم ما يدور بداخل هذه المراكز ولكن القضية بالنسبة له (سمعت الناس يقولون فقلت مثلهم).
4- وقد تكون من إنسان كان له سابق مشاركة ولم تكن ناجحة إما بسببه هو أو بسبب أخطاء وقعت عليه، فهو يريد أن يعبّر عن الانتقام بتشويه هذه المراكز).

هؤلاء شبابنا وهذه برامجهم لوحة جميلة خلابة رسمت على مر الأيام والليالي بذلت فيها الطاقات والجهود، ولم تَخْل من الأخطاء ولكنها تنغمر في محيط الحسنات فشكراً لمن عقد العزم على بذل المزيد، وشكراً لمن ساهم في تطويرها، وشكراً لمن عالج جروحها، لتبقى منارات خير في طريق صلاح الأمة، وشوكة في حلوق المستغربين، والحمد لله رب العالمين.