أنت هنا

ضوابط الفتيا في النوازل المعاصرة3
19 ربيع الأول 1427

المطلب الثالث: الضوابط التي ينبغي أن يراعيها المجتهد قبل الحكم في النازلة
بيّنا فيما سبق بعض الضوابط التي يحتاجها الناظر في النوازل قبل الحكم أو الفتيا في الواقعة، ولعلنا في هذا المطلب أكثر احتياجاً لسوق بعض الضوابط التي ينبغي مراعاتها، أثناء الحكم على النازلة، من أجل بلوغ الناظر الدرجة العليا من المعرفة والفهم للأدلة والقواعد وما يتعلق بالنظر من ظروف وأحوال تؤدي بمجموعها إلى استفراغ المجتهد وسعه وجهده للوصول إلى الحكم الصحيح ـ إن شاء الله تعالى فمن هذه الضوابط ما يلي:

أولاً:الاجتهاد في البحث عن الحكم الشرعي للنازلة:
والمقصود بذلك أن يبذل المجتهد وسعه في البحث عن الحكم الشرعي للنازلة بتتبع طرق الاستنباط المعروفة
والجري في ذلك على سنن النظر المعهودة، فقد يجد الحكم منصوصاً عليه أو قريباً منه، وقد يلجأ إلى القياس على الأدلة، أو التخريج على أقوال الأئمة؛ مع مراعاة عدم مصادمة حكمه للنصوص والإجماعات الأخرى أو مخالفتها للعقول الصحيحة والفطر السليمة فهذا مسلمٌ اعتباره في الشريعة.
وسوف نتعرض في الفصل القادم؛ للبحث في طرق معرفة حكم النازلة بشيء من التفصيل ـ بإذن الله ـ ولكن يجدر بنا هنا أن نذكر بعض الآداب التي ينبغي للناظر مراعاتها من خلال هذا الضابط ومما له صلة في مبحثنا:

أ – أن يذكر دليل الحكم في الفتوى النازلة:
يقول الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في ذلك: ((ينبغي للمفتي أن يذكر دليل الحكم ومأخذه ما أمكنه ذلك ولا يلقيه إلى المستفتي ساذجاً مجرداً عن دليله ومأخذه، فهذا لضيق عَطَنِه وقلة بضاعته من العلم، ومن تأمل فتاوى النبي صلى الله عليه وسلم الذي قوله حجة بنفسه رآها مشتملة على التنبيه على حِكمة الحكم ونظيره ووجه مشروعيته)) (1).

وقال ـ رحمه الله ـ في موضع آخر: ((عاب بعض الناس ذكر الاستدلال في الفتوى وهذا العيب أولى بالعيب، بل جمال الفتوى وروحها هو الدليل، فكيف يكون ذكر كلام الله ورسوله وإجماع المسلمين وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم والقياس الصحيح عيباً)) (2).

ثم بيّن ـ رحمه الله ـ ما صار إليه الأمر في الفتوى بعد الصحابة والتابعين بقوله: ((ثم طال الأمد وبعد العهد بالعلم، وتقاصرت الهمم إلى أن صار بعضهم يجيب بنعم أو لا فقط، ولا يذكر للجواب دليلاً ولا مأخذاً، ولا يعترف بقصوره وفضل من يفتي بالدليل، ثم نزلنا درجة أخرى إلى أن وصلت الفتوى إلى عيب من يفتي بالدليل وذمه، ولعله أن يحدث للناس طبقة أخرى لا يدري ما حالهم في الفتاوى؟!))(3).
ونُقِل عن الإمام الصيمري ـ رحمه الله ـ وغيره القول بعدم مطالبة المفتي بذكر الدليل في فتواه (4).

ولعل الأقرب إلى الصواب في هذه المسألة ـ والله أعلم ـ: أن ذكر الدليل في الفتوى يرجع إلى حال السائل وطبيعة الفتوى أو النازلة؛ فإذا كان السائل له علم بالشرع، ودراية في معاني الأدلة، أو طلب معرفة الدليل، فينبغي للمفتي أو الناظر ذكر الدليل والحجة أو الحكمة من المشروعية؛ تطميناً لقلب السائل وزيادة في علمه وتوثيقاً لفهمه، أما لو كان المستفتي أمياً لا يفقه معنى الدليل فذكره له مضيعة للوقت وخطاباً لمن لا يفهم.
وكذلك لو كانت النازلة تتعلق بمهام الدين ومصالح المسلمين أو بها غموض قد يطرأ في الذهن فينبغي كذلك للمفتي ذكر الدليل والحجة، والاهتمام ببسط الأدلة ما أمكنه ذلك(5).

ب – أن يبين البديل المباح عند المنع من المحظور:
وهذا الأدب له من الأهمية في عصرنا الحاضر القدر العظيم، وذلك أن كثيراً من المستجدات الواقعة في مجتمعنا المسلم قادمة من مجتمعات كافرة أو منحلة لا تراعي القيم والثوابت الإسلامية؛ فتغزو مجتمعاتنا بكل قوة مؤثرة ومغرية كالمستجدات المالية والفكرية والإعلامية وغيرها.فيحتاج الفقيه إزاءها أن يقرّ ما هو مقبول مباح شرعاً ويمنع ما هو محظور أو محرم مع بيانه لحكمة ذلك المنع وفتح العوض المناسب والاجتهاد في وضع البدائل المباحة شرعاً حماية للدين وإصلاحاً للناس، وهذا من الفقه والنصح في دين الله عز وجل.

كما قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ: ((من فقه المفتي ونصحه إذا سأله المستفتي عن شيء فمنعه منه وكانت حاجته تدعو إليه؛ أن يدله على ما هو عوض له منه، فيسد عليه باب المحظور ويفتح له باب المباح وهذا لا يتأتى إلا من عالم ناصح مشفق قد تاجر مع الله وعامله بعلمه؛ فمثاله من العلماء: مثال الطبيب العالم الناصح في الأطباء؛ يحمي العليل عما يضره، ويصف له ما ينفعه، فهذا شأن أطباء الأديان والأبدان.

وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما بعث الله من نبي إلا كان حـقاً عليه أن يدل أمته على خـير ما يعلمه لهم، وينـهاهم عن شر ما يعـلمه لهم)) (6) وهذا شأن خلق الرسل وورثتهم من بعدهم))(7).

ج – التمهيد في بيان حكم النازلة:
ينبغي للناظر في النوازل التمهيد للحكم المستغرب بما يجعله مقبولاً لدى السائلين، وقد ذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ: ((إذا كان الحكم مستغرباً جداً مما تألفه النفوس وإنما ألفت خلافه، فينبغي للمفتي أن يُوطِّئ قبله ما يكون مؤذناً به؛ كالدليل عليه والمقدمة بين يديه، فتأمل ذكره سبحانه قصة زكريا وإخراج الولد منه بعد انصرام عصر الشيبة وبلوغه السن الذي لا يولد فيه لمثله في العادة، فذكر قصته مقدمة بين يدي قصة المسيح وولادته من غير أب، فإن النفوس لما آنست بولد بين شيخين كبيرين لا يولد لهما عادة سهل عليها التصديق بولادة ولد من غير أب))(8).

كما ينبغي أيضاً للناظر إن يعدل عن جواب المستفتي عما سأله عنه إلى ما هو أنفع له منه ولا سيما إذا تضمن ذلك بيان ما سأل عنه وذلك من كمال علم المفتي وفقهه ونصحه وشاهده قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)(9).

وقد يحتاج الفقيه الناظر أيضاً أن يجيب السائل بأكثر مما سأله عنه لما فيها من تكميل موضوع السؤال أو لعلةٍ ترتبط بينهما قد يحتاج إليها السائل فيما بعد أو يستفيد منها عموم أهل الواقعة.

وقد ترجم الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ لذلك في صحيحه فقال: ((باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله عنه))، ثم ذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ ما يلبس المحرم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات، ولا الخفاف، إلا أن لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل الكعبين))(10).
وهذا أيضاً من كمال العلم والنصح والإرشاد في بيان أحكام النوازل (11).

ثانياً: مراعاة مقاصد الشريعة.
المراد بالمقاصد الشرعية هي: المعاني والحِكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة فيدخل في هذا: أوصاف الشريعة وغايتها العامة والمعاني التي لا يخلو التشريع عن ملاحظتها ويدخل في هذا أيضاً معانٍ من الحكم ليست ملحوظة في سائر أنواع الأحكام ولكنها ملحوظة في أنواع كثيرة منها (12).
وقد يراد بالمقاصد أيضا:الغايات التي وضعت الشريعة لأجل تحقيقها لمصلحة العباد(13).

فهذه الأسرار والغايات التي وضعت الشريعة لأجلها من حفظ الضروريات وإصلاح لأحوال العباد في الدارين؛ معرفتها ضرورية على الدوام ولكل الناس، فالمجتهد يحتاج إليها عند استنباط الأحكام وفهم النصوص وغير المجتهد للتعرف على أسرار التشريع.

ولذلك كان الناظر في النوازل في أمس الحاجة إلى مراعاتها عند فهم النصوص لتطبيقها على الوقائع وإلحاق حكمها بالنوازل والمستجدات، وكذلك إذا أراد التوفيق بين الأدلة المتعارضة فإنه لابد وأن يستعين بمقصد الشرع، وإن دعته الحاجة إلى بيان حكم الله في مسألة مستجدة عن طريق القياس أو الاستصلاح أو الاستحسان أو العرف المعتبر تحرى بكل دقة أهداف الشريعة ومقاصدها (14).

فإذا ثبت بما لا يدع مجالاً للشك: ((أن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معاً)(15)؛ كان لزاماً على المجتهد والمفتي في الوقائع الحادثة اعتبار ما فيه مصلحة للعباد ودرء ما فيه مفسدة عليهم.

فيستحيل أن تأمر الشريعة بما فيه مفسدة أو تنهى عما فيه مصلحة بدليل استقراء آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الإمام البيضاوي ـ رحمه الله ـ:((إن الاستقراء دل على أن الله سبحانه شرع أحكامه لمصالح العباد))(16).

ويؤكد على ذلك الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ وهو من المعتنـين بذلك بقولــه: ((القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مملوءان من تعليل الأحكام والمصالح وتعليل الخلق بها، والتنبيه على وجوه الحِكم التي لأجلها شرع الأحكام ولأجلها خلق تلك الأعيان ولو كان هذا في القرآن والسنة في نحو مائة موضع أو مائتين لسقناهما، ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة)) (17).
فينبغي عندئذٍ أن يراعي الناظر في النوازل تحقيق المصالح في حكمه وفتواه حتى لا يخرج عن كليات الشريعة ومقاصدها العليا.

ولعلنا أن نذكر في هذا المقام بعض الجوانب المهمة التي ينبغي أن يدركها الناظر في النوازل من خلال
مراعاته لمقاصد التشريع، وهي كالتالي:
أ – تحقيق المصلحة الشرعية عند النظر:
إن اعتبار تحقيق المصلحة الشرعية عند النظر هو من مقصود الشرع الذي حافظ على ما يجلب فيه النفع ويدفع فيه الضرر، وكثيراً ما يكون اجتهاد الناظر في النوازل بناءً على اعتبار حجِية المصلحة المرسلة التي لم يرد في الشرع نصٌ على اعتبارها بعينها أو بنوعها ولا على استبعادها ولكنها داخلة ضمن مقاصد الشرع الحنيف وجمهور العلماء على اعتبار حجيتها (18).

ولذلك قال الإمام الآمدي ـ رحمه الله ـ: ((فلو لم تكن المصلحة المرسلة حجة أفضى ذلك أيضاً إلى خلو الوقائع عن الأحكام الشرعية لعدم وجود النص أو الإجماع أو القياس فيها))(19).
وواقعنا المعاصر يشهد على اعتبار المصلحة المرسلة في كثير من المسائل المستجدة في الأنظمة المدنية والدولية وصورٍ من التوثيقات اللازمة لبعض العقود المالية والزوجية وغيرها.
وإذا لم يكن للفقيه فهم وإدراك لمقاصد الشرع وحفظ ضرورياته؛ وإلا أغلق الباب بالمنع على كثير من المباحات أو فتحه على مصراعيه بتجويز كثير من المحظورات.

ولهذا ذكر الأصوليون عدَة ضوابط من أجل تحقق المصلحة المعتبرة والعمل بها عند النظر والاجتهاد، وهي بإيجاز:
1- اندراج المصلحة ضمن مقاصد الشريعة.
2- أن لا تخالف نصوص الكتاب والسنة.
3- أن تكون المصلحة قطعية أو يغلب على الظن وجودها.
4- أن تكون المصلحة كلية.
5- ألا يفوت اعتبار المصلحة مصلحة أهم منها أو مساوية لها (20).

ومما ينبغي للناظر في النوازل في هذا المقام؛ أنه إذا أفتى في واقعة بفتوى مراعياً فيها مصلحة شرعية ما، فإن عليه أن يعود في فتواه ويغير حكمه فيها في حالة تغيّر المصلحة التي روعيت في الفتوى الأولى،ولا يخفى أن تغير الفتوى هنا إنما هوتغيرٌّ في حيثيات الحكم لا تغيرٌّ في الشرع، والحكم يتغير بحسب حيثياته ومناطه المتعلق به، وهذا أمر ظاهر.

ولعل من الأمثلة على ذلك: السفر إلى بلاد الكفار فإن كانت فيه مصلحة مرجوة تعود على صاحبها بالنفع الديني أو العلمي أو المادي كان السفر جائزاً، وإذا زالت المصلحة أو قلت فلا يجوز حينئذٍ السفر للمضار المترتبة على ذلك(21).

ب ـ اعتبار قاعدة رفع الحرج:
يقصد بالحرج: ((كل ما يؤدي إلى مشقة زائدة في البدن أو النفس أو المال حالاً أو مآلاً))
(22)، فيكون المراد برفع الحرج: ((التيسير على المكلفين بإبعاد المشقة عنهم في مخاطبتهم بتكاليف الشريعة الإسلامية)) (23).
وقد دلت الأدلة على رفع الحرج من الكتاب والسنة حتى صار أصلاً مقطوعاً به في الشريعة.
كما في قوله تعالى: ((مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ)) (24)، وقـوله تعـالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (25)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا الدين يسر))(26)، إلى غيرها من الأدلة المتواترة في حجية هذا الأصل.

فإذا تبين لنا قطعية هذا الأصل وجب على المجتهد أن يراعي هذه القاعدة فيما ينظر فيه من وقائع ومستجدات، بحيث لا يفتي أو يحكم بما لا يطاق شرعاً من المشاق، كما يجب عليه أن يراعي الترخيص في الفعل أو الترك على المكلفين الذين تتحقق فيهم الأعذار والمسوغات الشرعية المبيحة لذلك، كما في الترخيص في الضروريات أو التخفيف لأصحاب الأعذار ورفع المؤاخذة عنهم(27).

وهناك شروط لابد للناظر من تحقيقها عند اعتباره لقاعدة رفع الحرج فيما يعرض له من نوازل وواقعات، وهي:
1 ـ أن يكون الحرج حقيقياً، وهو ما له سبب معين واقع؛ كالمرض والسفر، أو ما تحقق بوجوده مشقة خارجة عن المعتاد، ومن ثمَّ فلا اعتبار بالحرج التوهمي وهو الذي لم يوجد السبب المرخص لأجله؛ إذ لا يصح أن يبني حكماً على سبب لم يوجد بعد كما أن الظنون والتقديرات غير المحققة راجعة إلى قسم التوهمات.
2- أن لا يعارض نصاً، فالمشقة والحرج إنما يعتبران في موضع لا نص فيه، وأما في حال مخالفته النص فلا يعتد بهما (28).
3ـ أن يكون الحرج عاماً، قال ابن العربي ـ رحمه الله ـ: ((إذا كان الحرج في نازلة عامة في الناس فإنه يسقط وإذا كان خاصاً لم يعتبر عندنا، وفي بعض أصول الشافعي اعتباره وذلك يعرض في مسائل الخلاف))(29).

ج ـ النظر إلى المآلات:
ومعناه أن ينظر المجتهد في تطبيق النص؛ هل سيؤدي إلى تحقيق مقصده أم لا؟ فلا ينبغي للناظر في النوازل والواقعات التسرع بالحكم والفتيا إلا بعد أن ينظر إلى ما يؤول إليه الفعل.
وقاعدة اعتبار المآل أصل ثابت في الشريعة دلت عليها النصوص الكثيرة بالاستقراء التام(30).كما في قوله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإثْمِ) (31).
وقوله تعالى: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ)(32).
وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم حين أشير إليه بقتل من ظهر نفاقه قوله: ((أخاف أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه))(33)،
وقوله: ((لولا قومك حديث عهدهم بكفر لأسست البيت على قواعد إبراهيم))(34).
إلى غيرها من النصوص المتواترة في اعتبار هذا الأصل (35).

يقول الإمام الشاطبي ـ رحمه الله ـ في أهمية اعتباره عند النظر والاجتهاد: ((النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعاً كانت الأفعال موافقة أو مخالفه، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل، فقد يكون؛ مشروعاً لمصلحة قد تستجلب أو لمفسدة قد تدرأ، ولكن له مآل على خلاف ما قصد فيه، وقد يكون غير مشروع، لمفسدة تنشأ عنه أو مصلحه تندفع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك، فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية، فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدة تساوي المصلحة أو تزيد عليها، فيكون هذا مانعاً من انطلاق القول بالمشروعية وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعدم المشروعية ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدة مثلها أو تزيد، فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية، وهو مجال للمجتهد صعب المورد، إلا أنه عذب المذاق، محمود الغب، جارٍ على مقاصد الشريعة))(36).

وكم من أبواب للشر انفتحت بسبب فتاوى لم يُعتبر فيها ما تؤول إليه بعض الوقائع والمستجدات من مفاسد وأضرار، كما يحصل في بعض البلدان الإسلامية من تجويز عمل المرأة في جميع التخصصات ومشاركتها الرجل في جميع المجالات دون تقدير المفاسد المترتبة على هذا النوع من الاجتهاد. وقد يحصل في اعتبار قاعدة النظر إلى المآل خير ونفعٌ عظيم؛ تشهد له بعض الفتاوى مثل التي ظهرت في جريمة الاتجار في المخدرات والمسكرات واستحقاق من يفعل ذلك القتل تعزيراً، فكان فيها إغلاق لباب الشر وحفظ للعباد من أهل الفساد.

ثالثاً: فقه الواقع المحيط بالنازلة:
ويقصد بهذا الضابط أن يراعي الناظر في النوازل عند اجتهاده تغيّر الواقع المحيط بالنازلة سواءً كان تغيراً زمانياً أو مكانياً أو تغيراً في الأحوال والظروف وعلى الناظر تبعاً لذلك مراعاة هذا التغير في فتواه وحكمه.
وذلك أن كثيراً من الأحكام الشرعية الاجتهادية تتأثر بتغير الأوضاع والأحوال الزمنية والبيئية؛ فالأحكام تنظيمٌ أوجبه الشرع يهدف إلى إقامة العدل وجلب المصالح ودرء المفاسد، فهي ذات ارتباط وثيق بالأوضاع والوسائل الزمنية وبالأخلاق العامة، فكم من حكم كان تدبيراً أو علاجاً ناجحاً لبيئة في زمن معين، فأصبح بعد جيل أو أجيال لا يوصل إلى المقصود منه، أو أصبح يفضي إلى عكسه بتغير الأوضاع والوسائل والأخلاق.

ومن أجل هذا أفتى الفقهاء المتأخرون من شتى المذاهب الفقهية في كثير من المسائل بعكس ما أفتى به أئمة مذاهبهم وفقهاؤهم الأولون، وصرّح هؤلاء المتأخرون بأن سبب اختلاف فتواهم عمن سبقهم هو اختلاف الزمان وفساد الأخلاق في المجتمعات، فليسوا في الحقيقة مخالفين للسابقين من فقهاء مذاهبهم، بل لو وُجِدَ الأئمة الأولون في عصر المتأخرين وعايشوا اختلاف الزمان وأوضاع الناس لعدلوا إلى ما قال المتأخرون(37).
وعلى هذا الأساس أسست القاعدة الفقهية القائلة: ((لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان))(38).

ومن أمثلة هذه القاعدة:
- أن الإمام أبا حنيفة ـ رحمه الله ـ يرى عدم لزوم تزكية الشهود ما لم يطعن فيهم الخصم، اكتفاء بظاهر العدالة، وأما عند صاحبيه أبي يوسف ومحمد ـ رحمهما الله ـ فيجب على القاضي تزكية الشهود بناء على تغير أحوال الناس (39).
- كذلك أفتى المتأخرون بتضمين الساعي بالفساد لتبدل أحوال الناس مع أن القاعدة: ((أن الضمان على المباشر دون المتسبب)) وهذا لزجر المفسدين (40).
- ومـن الفـتاوى ما ذهـب إليـه شـيخ الإسلام ابن تيـمية وتلميذه ابن القيم ـ رحمهما الله ـ في تقييد مطلق كلام العلماء وقالا بإباحة طواف الإفاضة للحائض التي يتعذر عليها المقام حتى تطهر، (41)وقد عمل بها بعض العلماء المعاصرين مراعاة لتغير أحوال الناس.
- كذلك جواز إغلاق أبواب المساجد في غير أوقات الصلاة في زماننا مع أنه مكان للعبادة ينبغي أن لا يغلق وإنما جُوِّزَ الإغلاق صيانة للمسجد من السرقة والعبث (42).
إلى غيرها من الأمثلة الكثيرة التي غيّر فيها الأئمة المتأخرون كثيراً من الفتاوى بسبب تغير الأزمنة واختلاف أحوال الناس (43).

يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في فصل:(تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد): ((هذا فصل عظيم النفع جداً وقد وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه، ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى مراتب المصالح لا تأتي به، فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ومصالح كلها وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت من العدل إلى الجور، ومن الرحمة إلى ضدها، ومن المصلحة إلى المفسدة ومن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإن دخلت فيها بالتأويل))(44).

ولعل هذا النص النفيس للإمام الجليل ابن القيم ـ رحمه الله ـ يكون مناراً لأهل النظر والاجتهاد يهتدون به في بحثهم واجتهادهم من أجل أن يراعي المجتهد أو المفتي أثناء اجتهاده ونظره الظروف العامة للعصر والبيئة والواقع المحيط بالناس، فربَّ فتوى تصلح لعصر ولا تصلح لآخر، وتصلح لبيئة ولا تصلح لأخرى، وتصلح لشخص ولا تصلح لغيره، وقد تصلح لشخص في حال، ولا تصلح له نفسه في حال أخرى.

ولأهمية هذا المقام يمكن أن نذكر بعض الضوابط المهمة التي ينبغي أن يراعيها الناظر عند تغيّر الأزمنة أو الأمكنة أو الظروف لتحقق تغير الفتوى عندها، ويمكن أن نوجزها فيما يلي:
1-أن الأحكام الشرعية ثابتة لا تتغير بمرور الزمان ولا بتغير الأحوال وكون الحكم الشرعي يختلف من واقعة إلى واقعة بسبب تغير الزمان أو المكان أو الحال ليس معناه أن الأحكام مضطربة ومتباينة بل لأن الحكم الشرعي لازم لعلته وسببه وجارٍ معه،فعند اختلاف أحوال الزمان والناس تختلف علة الحكم وسببه فيتغير الحكم بناءً عليه(45).
2-أن الفتوى لا تتغير بحسب الهوى والتشهي واستحسان العباد واستقباحهم بل لوجود سبب يدعو المجتهد بإعادة النظر في مدارك الأحكام، ومن ثمَّ تتغير الفتوى تبعاً لتغير مدركها نتيجةً لمصالح معتبرة وأصول مرعية تُرَجَّح على ما سبق الحكم به.
3-أن تغير الفتوى يجب أن يكون مقصوراً على أهل الاجتهاد والفتوى وليس لأحدٍ قليل بضاعته في العلم أن يتولى هذه المهمة الصعبة، وكلما كان النظر جماعياً من قِبل أهل الاجتهاد كان أوفق للحق والصواب (46).

رابعاً: مراعاة العوائد والأعراف.
المقصود بالعرف أو العادة عند الأصوليين: ((هو ما استقر في النفوس من جهة العقول وتلقته الطباع السليمة بالقبول))(47).
وقد جرى الفقهاء على اعتبار العادة والعرف والرجوع إليها في تطبيق الأحكام الشرعية في مسائل لا تعد لكثرتها، منها: سن الحيض، والبلوغ، والإنزال، والأفعال المنافية للصلاة، والنجاسات المعفو عنها، وفي لفظ الإيجاب والقبول وفي أحكامٍ كثيرة جداً من مسائل البيوع والأوقاف والأيمان والإقرارات والوصايا وغيرها (48).
ولهذا كانت قاعدة (العادة محكمة) بناءً على ما جاء عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ موقوفاً: ((ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن))(49).

فإذا كانت العادة والعرف لهما اعتبار في الشرع، مع كثرة ما يطرأ عليهما من تغير وتبديل بحسب الأزمنة والأمكنة وتطور أحوال الناس، فإن على العلماء مراعاة ذلك التغير بقدر الإمكان. وخصوصاً ما كان من قبيل الفتيا في الأمور الواقعة أو المستجدة لعظم شأنها وسعة انتشارها.

يقول الإمام القرافي ـ رحمه الله ـ في ذلك:((إن إجراء الأحكام التي مدركها العوائد مع تغير تلك العوائد خلاف الإجماع وجهالة في الدين، بل كل ما هو في الشريعة
يتبع العوائد: يتغير الحكم فيه عند تغير العادة إلى ما تقتضيه العادة المتجددة))(50)،
وزاد أيضاً ـ رحمه الله ـ: ((ينبغي للمفتي إذا ورد عليه مستفتٍ لا يعلم أنه من أهل البلد الذي منه المفتي وموضع الفتيا: أن لا يفتيه بما عادته يفتي به حتى يسأله عن بلده، وهل حدث لهم عرف في ذلك البلد في هذا اللفظ اللغوي أم لا؟ وإن كان اللفظ عرفياً فهل عُرف ذلك البلد موافق لهذا البلد في عرفه أم لا؟ وهذا أمر متعين واجب لا يختلف فيه العلماء، وأن العادتين متى كانتا في بلدين ليستا سواءً أن حكمهما ليس سواء)) (51).

وقد قرر أيضاً هذا المعنى في موضع آخر بقوله: ((وعلى هذا القانون تراعى الفتاوى على طول الأيام فمهما تجدد العرف اعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طوال عمرك.. والجمود على المنقولات أبداً اختلاف في الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين))(52).
وقد حرر الإمام ابن القيم فصلاً مطولاً ـ كما بيناه سابقاً ـ في تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد وسرد الكثير من الأمثلة والشواهد (53).
ثم قال ـ رحمه الله ـ في موضع آخر مؤكداً على أهمية مراعاة العرف في الفتوى:
((وهذا باب عظيم يقع فيه المفتي الجاهل فيُغرِ الناس، ويكذب على الله ورسوله ويغير دينه ويحرِّم ما لم يحرمه الله، ويوجب ما لم يوجبه الله والله المستعان)) (54).

ولأهمية هذا الضابط وأنه قد يكون مزلةً لبعض أهل الفتيا والنظر؛ اشترط الفقهاء والأصوليون شرائط يكون فيها العرف معتبراً؛ صيانة لأحكام الشريعة من التبديل والاضطراب، وهي أربعة شروط أذكرها مختصرة:
1-أن يكون العرف مطرداً أو غالباً.
2-أن يكون العرف المراد تحكيمه في التصرفات قائماً عند إنشائها.
3-أن لا يعارض العرفَ تصريحٌ بخلافه.
4-أن لا يعارض العرفَ نصٌ شرعي بحيث يكون العمل بالعرف تعطيلاً له (55).

ويظهر مما سبق ذكره، أن مراعاة العوائد والأعراف المتعلقة بالأشخاص والمجتمعات عند النظر والاجتهاد أمر مهم وطلب ضروري لا بد منه لكل مجتهد ومفتٍ ولعل مراعاة ذلك في عصرنا الحاضر آكد لتشعب الناس في البلاد الواسعة المختلفة الظروف والعوائد وتيسر وسائل الاتصال الحديثة للانتقال إلى مكان المفتي أو سماعه؛مما يجب عليه أن لا يطلق الجواب حتى يعرف أعراف السائلين وما يليق بهم من أحكام الشرع، وليحذر من إطلاق الفتاوى معممة دون تخصيص ما يحتاج منها إلى تخصيص بسبب ظروف السائل وعوائده، وخاصة إذا كانت شريحة المتلقي أو المستمع لهذه الفتوى واسعة الانتشارفي أكثر من بلد كما هو الحاصل في برامج الفتيا في الإذاعة والتلفاز(56).

خامساً: الوضوح والبيان في الإفتاء.
وهذا الضابط مهم في تبليغ الحكم المتعلق بالنازلة فلا يكفي الإخبار وحده بحكم الواقعة بل لا بد أن يكون ذلك الإخبار واضحاً بيناً لا غموض فيه ولا إبهام فيه، وألا يفضي إلى الاضطراب والاختلاف في معرفة المعنى المقصود بالفتوى.

وقد وضح الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ أهمية هذا الضابط بقوله: ((لا يجوز للمفتي الترويج وتخيير السائل وإلقاؤه في الإشكال والحيرة، بل عليه أن يبين بياناً مزيلاً للإشكال متضمناً لفصل الخطاب، كافياً في حصول المقصود لا يحتاج معه إلى غيره، ولا يكون كالمفتي الذي سئل عن مسألة في المواريث فقال: يقسم على الورثة على فرائض الله عز وجل وكتبه فلان، وسئل آخر عن صلاة الكسوف فقال: يصلي على حديث عائشة... وسئل آخر فقال: فيها قولان ولم يزد..))(57).

ويدخل ضمن هذا الأدب في الفتيا مخاطبة الناس بلغة عصرهم التي يفهمون متجنباً وعورة المصطلحات الصعبة وخشونة الألفاظ الغريبة، متوخياً السهولة والدقة.
وقد جاء عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ((حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون، أتريدون أن يكذَّب الله ورسوله)) (58).

فمراعاة حال السائلين من حيث فهم الخطاب وإدراك معنى الحكم مطلبٌ مهم يجب على الناظر مراعاته وتوخيه دون أن يكون قاصراً على فهم طائفة معينة، أو خالياً من التأصيل العلمي اللائق بالفتوى تنزّلاً لحال العوام من الناس بل على الناظر مراعاة الوسط والاعتدال بين ما يفهمه العامي ويستفيد منه المتعلم، ولذلك قال الخطيب البغدادي ـ رحمه الله ـ في ضمن صفات المفتي:
((وليتجنب مخاطبة العوام وفتواهم بالتشقيق والتقعير، والغريب من الكلام، فإنه يقتطع عن الغرض المطلوب، وربما وقع لهم به غير المقصود))(59).
ولذلك ينبغي للناظر في النازلة أن يعتبر نفسه عند الإجابة مفتياً ومعلماً ومصلحاً وطبيباً مرشداً حتى تبلغ فتواه مبلغها ويحصل أثرها بإذن الله.

.. هذه بعض الضوابط التي جرت الإشارة إليها بإيجاز ليتسنى للمجتهد والمفتي مراعاتها وتوخيها قدر استطاعته.
وهناك الكثير من الآداب والضوابط ذكرها العلماء في معرض حديثهم عن الاجتهاد وأدب المفتي أعرضت عن بعضها لعدم الحاجة إليها في عصرنا الحاضر كما أغفلت بعضها الآخر رجاء عدم الإطالة والتشعب.

ولعلي أكتفي بجملةٍ من الضوابط المجملة ذكرها الإمام الخطيب البغدادي يحسن إيرادها في خاتمة هذا المبحث وهي كما قال ـ رحمه الله ـ:
((ينبغي ـ أي للناظر المجتهد أو للمفتي ـ أن يكون: قوي الاستنباط، جيد الملاحظة، رصين الفكر، صاحب أناة وتؤدة، وأخا استثبات وترك عجلة، بصيراً بما فيه المصلحة مستوقفاً بالمشاورة، حافظاً لدينه مشفقاً على أهل ملته، مواظباً على مروءته، حريصاً على استطابة مأكله، فإن ذلك أول أسباب التوفيق، متورعاً عن الشبهات، صادفاً عن فاسد التأويلات، صليباً في الحق، دائم الاشتغال بمعادن الفتوى، وطرق الاجتهاد، ولا يكون ممن غلبت عليه الغفلة، واعتوره دوام السهر، ولا موصوفاً بقلة الضبط منعوتاً بنقص الفهم معروفاً بالاختلال، يجيب بما لا يسنح له، ويفتي بما يخفى عليه..))(60)

وأخيراً: ينبغي للناظر التزام حِمى (لا أدري) عند عدم العلم فإن هذا لا يضع من قدره ولا يحط من شأنه، وذلك أن الإحاطة متعذرة ولابد من أشياء تكون مجهولة وهو محل (لا أدري) ومن طمع في الإحاطة فهو جاهل، ومن تقدم لما ليس له به علم فهو كذاب (61).
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما:((إذا ترك العالم لا أدري أصيبت مقاتله))(62)
وجاء عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قوله: ((العلم ثلاثة: كتاب ناطق، سنة
ماضية، ولا أدري))(63).
والنصوص في ذلك كثيرة وآثار العلماء الربانيين شاهدة على اعتبار هذا الأصل والالتجاء إليه عند عدم القدرة والعلم (64).

وختاماً أسأل الله عزوجل أن يرزقنا وإياكم الإخلاص والتوفيق أن يقينا شر مصارع الجهل والهوى، فما أصبت فمن الله وحده وماأخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله تعالى من كل ذنب وخطيئة، والله تعالى أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين.
______________________
(1) إعلام الموقعين 4/123
(2) المرجع السابق 4/200.
(3)المرجع السابق 4/200.
(4) انظر: أدب المفتي والمستفتي ص 152؛ المجموع 1/90؛ الوصول إلى علم الأصول لابن برهان 2/385.
(5) انظر: الفقيه والمتفقه 2/406 , 407؛ أدب المفتي والمستفتي ص 152؛ المجموع 1/86؛ الإحكام في تمييز الأحكام ص 248 ,249؛ أصول الفتوى والقضاء د. محمد رياض ص 228.
(6) أخرجه البخاري في صحيحه بنحوه، كتاب الأحكام، باب بطانة الإمام وأهل مشورته البطانة والدخلاء رقمه(6659).
(7) إعلام الموقعين 4/122. انظر: الفتوى في الإسلام للقاسمي ص 83؛ المجموع 1/87 , 83.
(8) المرجع السابق 4/125.
(9) سورة البقرة، آية: 189.
(10) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله رقمه (234).
(11) انظر: إعلام الموقعين 4/121؛ المجموع 1/80.
(12) مقاصد الشريعة الإسلامية للطاهر بن عاشور ص 51.
(13) نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي تأليف د.أحمد الريسوني ص 7 مطبوعات المعهد العالمي للفكر الإسلامي واشنطن الطبعة الثانية 1412هـ
(14) انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها د. علال الفاسي ص 7؛ أصول الفقه للزحيلي 2/1017؛ الوجيز في أصول الفقه د. زيدان ص 375.
(15) الموافقات 2/9.
(16) نهاية السول في شرح المنهاج 4/91.
(17) مفتاح دار السعادة ص408.
(18) انظر: المستصفى 1/141؛ شرح تنقيح الفصول ص446؛ البحر المحيط 6/87’79؛ الأحكام للآمدي 4/32؛ حاشية البناني على جمع الجوامع 2/274 – 283؛ شرح الكوكب المنير 4/432؛ تقريب الوصول ص410؛ إرشاد الفحول ص242،الوجيز في أصول الفقه د. زيدان ص240؛ رفع الحرج د. الباحسين ص270.
(19) الإحكام 4/32.
(20)انظر: المستصفى 1/ 296؛ نهاية السول5/77- 90؛ شرح الكوكب المنير 4/170 , 171؛ حاشية البناني على جمع الجوامع 2/584 , 285؛ شرح تنقيح الفصول ص 446؛ إرشاد الفحول ص242؛ ضوابط المصلحة د.البوطي ص115-272.
(21) انظر: الفتوى في الإسلام للقاسمي ص125؛ تغير الفتوى د. محمد بازمول ص43,44، دار الهجرة للنشر بالثقبة، الطبعة الأولى 1415هـ..
(22) رفع الحرج د. صالح بن حميد ص48.
(23) رفع الحرج د. عدنان محمد جمعة ص25، دار العلوم الإنسانية، دمشق، الطبعة الثالثة 1413هـ.
(24) سورة: المائدة، آية: 6.
(25) سورة الحج، آية: 78.
(26) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الدين يسر، رقمه (38).
(27) انظر: رفع الحرج د. البا حسين ص42.
(28) انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 92.
(29) أحكام القرآن 3/310، انظر: الموافقات: 2/268 – 278؛ الأشباه والنظائر للسيوطي ص 168؛ رفع الحرج لابن حميد ص 292-293.
(30) انظر: الموافقات 5/179.
(31) سورة البقرة، آية: 188.
(32) سورة الأنعام، آية: 108.
(33) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب، باب ما ينهى عن دعوة الجاهلية رقمه (3257)،
وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب نصر الأخ ظالماً أو مظلوماً، رقمه (4682).
(34) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه،رقمه (126).
(35) انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص 322-325؛ إعلام الموقعين 3/108 110؛ نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي د. حسين حامد حسان ص 193 –199، مكتبة المتنبي بمصر 1981م.
(36) الموافقات 5/178.
(37) انظر: مجموع رسائل ابن عابدين 2/123؛ المدخل الفقهي العام 2/923,924.
(38) انظر: القواعد الفقهية للشيخ أحمد الزرقا ص227؛ الوجيز في القواعد للبورنو ص254.
(39) انظر: تبين الحقائق شرح كنز الرقائق 6/211.
(40) انظر: قواعد ابن رجب القاعدة 127، 2/597 تحقيق مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عثمان، الطبعة الأولى 1419هـ.
(41) انظر: مجموع الفتاوى 26/224 –243؛ إعلام الموقعين 3/19 –31.
(42) انظر: الوجيز في القواعد د. البورنو ص255.
(43) انظر: الطرق الحكمية لابن القيم ص162، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 5141هـ؛ فتح القدير لابن الهمـــام 1/249؛ رسائل ابن عابدين 2/123 –126؛ شرح القواعد الفقهية للزرقا ص227-229؛ بحث: تغير الفتوى مفهومه وضوابطه وتطبيقاته د. عبد الله الغطيمل ص22-60؛ من مجلة البحوث الفقهية المعاصرة العدد35 عام 1418هـ.
(44) إعلام الموقعين 3/11.
(45) انظر: إعلام الموقعين 3/36- 38؛ إغاثة اللهفان 1/330 , 331.
(46) انظر: تغير الفتوى د. بازمول ص 56؛ بحث تغير الفتوى د. الغطيمل ص21,22 من مجلة البحوث الفقهية العدد 35؛ وبحث فقه الواقع دراسة أصولية فقهية د. حسين الترتوري ص71-114 من مجلة البحوث الفقهية المعاصرة العدد 34 عام 1418هـ.
(47) كشف الأسرار للنسفي 2/718؛ انظر التعريفات للجرجاني ص 193؛ رسائل ابن عابدين 2/112؛ حاشية البناتي على جمع الجوامع 2/356؛ شرح تنقيح الفضول ص 448؛ تقريب الوصول ص 404؛ شرح الكوكب المنير 4/48؛ الأشباه والنظائر لابن بخيم ص101.
(48) انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص102-114؛ الأشباه والنظائر للسيوطي ص182,183؛ أصول مذهب أحمد ص736.
(49) أخرجه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه 1/422، وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/855، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 1/177 و178 وقال: " رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير ورجاله موثوقون ".
(50) الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام ص218.
(51) المرجع السابق ص232.
(52) الفروق 1/167.
(53) انظر: إعلام الموقعين 3/11-30.
(54) المرجع السابق 4/176.
(55) انظر الأشباه والنظائر لابن نجيم ص110-114؛ الأشباه والنظائر للسيوطي ص185,192,193؛ رسائل ابن عابدين 2/113,114؛ المدخل الفقهي العام 2/783-881؛ رفع الحرج د. الباحسين ص349,352؛ أصول مذهب الإمام أحمد ص588-589؛ تغير الفتوى د. بازمول ص47-50.
(56) انظر: أدب المفتي والمستفتي ص115؛ المجموع للنووي 1/82،؛الفتوى بين الانضباط والتسيب ص96-105؛ تغير الفتوى بازمول ص47-50؛ أصول الفتوى والقضاء د. محمد رياض ص236؛ أصول الفتوى د. الحكمي ص57-71؛ المفتي في الشريعة الإسلامية د. الربيعة ص30.
(57) إعلام الموقعين 4/136.
(58) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب من حض بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا 1/44 (124).
(59) الفقيه والمتفقه 2/400؛ انظر أصول الفتوى والقضاء د. محمد رياض ص237،؛ الفتوى بين الانضباط والتسيب ص115 , 116.
(60) الفقيه والمتفقه 2/333.
(61) انظر: أصول الفتوى والقضاء د. محمد رياض ص231.
(62) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/840.
(63) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/753.
(64) انظر: بيان العلم وفضله 2/ 826 –843؛ الفقيه والمتفقه 2/360 –370؛ الآداب الشرعية لابن مفلح 2/44-51؛ إعلام الموقعين 1/27.