أنت هنا

المرأة العراقية و الكلاب الأمريكية!!
20 ربيع الأول 1427

سيكون علينا بث فاجعة جديدة..
مر شريط الأخبار مسرعاً أمام ناظرينا في قناة الجزيرة الفضائية التي كانت الوحيدة ربما التي نوهت إلى الخبر المفزع.. امرأة عراقية يطلق الجنود الأمريكيون عليها كلابهم لتمزق ملابسها قبل أن يجري اعتقالها إثر ذلك, الخبر نقلته الفضائية عن مصدر موثوق هو بالأكيد أعلى جهة تتحدث باسم المسلمين في العراق, قال قسم الثقافة والإعلام بهيئة علماء المسلمين في العراق في بيان يحمل ختم الهيئة : إن "قوات الاحتلال الأمريكي (اعتقلت) الأحد 16/4 زوجة المواطن (...) بعد أن أطلقت عليها كلابها البوليسية التي هاجمتها بشراسة فمزقت ملابسها.وحدثت هذه الجريمة غير الأخلاقية عندما داهمت قوات الاحتلال منزل المواطن الكائن في قرية الجدادة التابعة لمنطقة الرضوانية غرب بغداد."
ربما تبدد الخبر هكذا في الذاكرة الجمعية للأمة بأسرع مما يقتضيه إبطاء مرور الشريط الإخباري, أو ربما اختار البعض أن يضرب خيمة النواح تكراراً لعادة ألِف أن يصبغ به خطابه لمستمعيه, أو لربما اختارت فئة قليلة في الداخل العراقي أن تنفذ عملاً انتقامياً سواء أطال المنفذين بالقتل أم غيرهم بالاختطاف المتكافئ أو غيره.
ولكلٍ مذهبه الذي ارتاح إلى سلوكه, فالأولون زينت لهم رؤيتهم ضرورة تجاوز هذه الأزمة لأن تذكر الألم دون بلوغ طاقة الحل مبعث كآبة وإحباط, لا جدوى حقيقة فيه, ما دامت الأيدي مشلولة, وما دام الجناة هم أقوى دولة في العالم ولن تدفعهم إرادات فردية.
والتالون يريدون دوماً أن يذكروننا بمصائبنا حتى نظل مشدودين إلى الأزمة, واعين بالخطر الذي يدهمنا في قلب عاصمة المعتصم التي كانت أُذُن المسلمين السامعين لصرخة المرأة الشهيرة (وامعتصماه) فصارت منطلق الصرخات, ويريدون منا أن نجأر إلى الله أن يرفع بفضله ومنه وقدرته هذه العتمة التي تسد شمسنا عن البزوغ مجدداً.
والآخرون يلمسون في أنفسهم إرادة في تخويف الغزاة؛ طمعاً في ردهم عن مثل هذه الجرائم, اقتناعاً منهم أن الطغام لا تردعهم إلا القوة والمعاملة بالمثل.
لكن التساؤل هنا يبرز: هل نظل دوماً في كل مرة أسارى هذه المدارس الثلاث من دون أن نفكر في حالة إبداعية جديدة تحاول أن تخرق هذه النمطية التي نجهد في أن نعالج بها كل أزمة, ولو لم تفضِ معالجتنا لها إلى الحؤول دون تكرارها أو تناميها في أسوأ الفروض.

إن نخبة هذه الأمة مدعوة لأن تبدع في دفعها لهذا الطغيان الذي تمارسه الدول المعتدية على حرمات المسلمين وضعافهم.. وليس هنا مجال لتقويم المناحي الثلاثة الآنفة, وإنما المقصود هو أن التصرف الآلي هذا.. كل إزاء أي أزمة يمضي إلى حله المعلب النمطي الذي شب وشاخ عليه هو نوع من العجز وتغييب العقول إلى الدرجة التي قد تبلغ حد القطيعية والغثائية الغوغائية, التي هي لاشك مذمومة ولو لم تبلغ هذه التي حكت هذه الآية جدليتها بين الملائكة والعاجزين البائسين: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا" (97 النساء)؟!
وإنه حيال أزمات تترى تتجدد ملامحها بفعل المعتدين لابد من تجدد مقابل, ألم تروا إلى جِدة هذا الاعتداء: ذئاب أمريكية تتخذ الكلاب لها طليعة!!

بقلم: أمير سعيد