القيادة الإدارية بين التكليف والتشريف 1
28 ربيع الأول 1427

المدخل:
هناك اتجاه في العالم المتحضر نحو العلوم الإدارية وتطويرها حيث عُرف بالاستقراء أن أهم أسباب النجاح أو الفشل للمؤسسات والشركات يرجع إلى اختيار القائد الإداري الفعال، ولذا كثرت الدراسات والكتب ومذكرات الناجحين من القادة والساسة والإداريين لخدمة هذا المجال، وكان دور كثير ممن ألف من المتخصصين العرب في هذا العلم هو ترجمة الكتب الغربية، أو تأليف الكتب المحشوة بتجارب الغربيين ونظرياتهم.

ولا مانع من الاستفادة من تلك التجارب والمعارف ولكن إهمال تجارب قادة المسلمين وأقوالهم وما ذكره المؤلفون من أرباب الأدب والسياسة الشرعية في هذا المجال تقصير واضح. وفي هذا المقال جمعت بعض الأقوال في هذا المجال من سير رجال الإسلام، وكانت موارد هذا المبحث هي نصوص الوحيين وكتب السياسة الشرعية والأحكام السلطانية وآداب الملوك والوزراء وآداب القضاة وأهل الحسبة، وسير قادة المسلمين، وكتب الأدباء ودواوين الحكماء، وآمل أن يكون هذا المقال بداية اهتمام بكتب التراث المؤلفة في هذا الموضوع.

أهمية القائد:
لا يشك أحد أنه لا يمكن لمجتمع صغير أو كبير أن ينجح ويحقق أهدافه بدون قائد، بل إن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: "إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم"(1)، وفي حديث ابن عمر _رضي الله عنهما_: "لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم"(2) وذلك ليكون قوله فاصلا عند النزاع، ولذلك أعطاه الشرع حق الطاعة ولو كانت في أمر تكرهه النفس كما في حديث: بايعنا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله قال: إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان". بل إن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أرسل جمعا من الصحابة في مهمة وأمَّر عليهم أحدهم فغضب عليهم وأمرهم أن يوقدوا نارا ويقتحموها فهموا بذلك طاعة له، ثم قالوا: ما آمنا إلا هروباً من النار فكيف نقتحمها، فلما رجعوا من مهمتهم أخبروا النبي _صلى الله عليه وسلم_ فقال: إنما الطاعة في المعروف". وقد قال شيخ الإسلام: "فإذا كان قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر الاجتماعات أن يولي أحدهم كان ذلك تنبيها على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك"(3).

وفي أهمية القائد يقول عمرو بن العاص _رضي الله عنه_: إمام عادل خير من مطر وابل وأسد حطوم خير من سلطان غشوم وسلطان غشوم خير من فتنو تدوم(4). وقال الأفوه الأودي:




لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم   ولا سراة إذا جهالهم سادوا
كالبيت لا يبتنى إلا له عمد   ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
فإن تجمع أوتاد وأعمدة   وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا(5)

مسؤولية القائد:
كثير من الناس يحب أن يكون من أهل المناصب والمسؤولية؛ لأنه ينظر إلى ما يحصله صاحب المنصب من شهرة ومكانة ولكنه ينسى أن المنصب تكليف لا تشريف، وأنه مسؤول أمام الله _تعالى_ في عمله، فقد روى الشيخان عن ابن عمر _رضي الله عنهما_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: "ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية عن بيت بعلها وولدها وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"(6).

وفي هذا يقول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "ما من أمير عشرة إلا جيء به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه حتى يكون عمله هو الذي يطلقه أو يوبقه"(7). وفي حديث المقدام بن معدي كرب _رضي الله عنه_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ضرب على منكبه ثم قال: أفلحت يا مقدام إن لم تكن أميرا ولا كاتبا ولا عريفا)(8).

وثبت في حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله_صلى الله عليه وسلم_: "إنكم ستحرصون على الأمارة وإنها ستكون ندامة وحسرة، فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة"(9)، وقال _صلى الله عليه وسلم_ لأصحابه: "إن شئتم أنبأتكم عن الأمارة، أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة، إلا من عدل"(10)، وقال _صلى الله عليه وسلم_ لعبدالرحمن بن سمرة _رضي الله عنه_: "يا عبدالرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها"(11).

"والزجر عن طلب الولاية من الأمور التي ينفرد بها الإسلام حيث ندر أن تجد في أدبيات الإدارة العامة مثل هذا الزجر عن الحرص على الوظيفة، ولعل إحدى المشاكل التي تعاني منها الإدارة العامة وجود أشخاص مسؤولين ذوي كفاءة متدنية يستميتون في البقاء في المنصب ولا يودون أن يتزحزحوا عنه ولا يسمحون لغيرهم من الأكفاء أن يصلوا إليه، وهذا سر التغليظ في هذا الأمر"(12).

وقد كان هذا الأمر واضحا عند الرعيل الأول فقد دخل أبو مسلم الخولاني على معاوية بن أبي سفيان _رضي الله عنهما_ فسلم عليه بلفظ: "أيها الأجير" فلما استنكر الجالسون ذلك، قال: إنما أنت أجير، استأجره رب هذه الغنم لرعايتها، فإن أنت هنأت جرباها وداويت مرضاها وحبست أولاها على أخراها، وفَّاك سيدها أجرها،وإن أنت لم تهنأ جرباها ولم تداو مرضاها ولم تحبس أولاها على أخراها عاقبك سيدها"(13).
فلا بد للمجتمعات الصغيرة والكبيرة من قائد يوجهها، ولكن ذلك له تبعات ولذا نبه على ذلك المصطفى _صلى الله عليه وسلم_ كما في الأحاديث السابقة.

صفات القائد الإيجابية:
ولهذا القائد صفات منها ما هو فطري ومنها ما هو مكتسب، فمن هذه الصفات:
1-أن يكون قويا في شخصيته وفي اتخاذه للقرارات، والقوة إحدى ركني الولاية المذكورة في قوله _تعالى_: "إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ" (القصص: من الآية26) ولذا لما قال أبو ذر: يا رسول الله ألا تستعملني؟ ضرب رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ بيده على منكب أبي ذر، وقال: يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها"(14).

قال شيخ الإسلام _رحمه الله_: "وكان أبو ذر أصلح من خالد بن الوليد في الأمانة والصدق، ومع هذا نهى أبا ذر عن الولاية والأمارة؛ لأنه رآه ضعيفاً مع أنه روي: "ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر"(15).
وقد سئل الإمام أحمد عن الرجلين يكونان أميرين في الغزو وأحدهما قوي فاجر والآخر صالح ضعيف مع أيهما يغزى؟ فقال: أما الفاجر القوي فقوته للمسلمين وفجوره على نفسه، وأما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه وضعفه على المسلمين، فيغزى مع القوي الفاجر"(16).

والشجاعة عند اتخاذ القرارات تميز القائد الناجح من غيره، وقد أشار عمر _رضي الله عنه_ إلى هذا فقد أرسل محمد بن مسلمة في مهمة إلى العراق ثم رجع ففني زاده قبل أن يصل إلى المدينة، فأخذ يأكل من لحاء الأشجار فلما علم عمر بذلك قال له: "هلا قبلت من سعد؟ قال: لو أردتَّ ذلك كتبت له به أو أذنت له فيه، فقال عمر: "إن أكمل الرجال رأيا من إذا لم يكن عنده عهد من صاحبه، عمل بالحزم أو قال به ولم ينكل"(17)، يشير إلى خطأ أن ينتظر القائد التوجيه ممن فوقه في كل الأمور.

2-أن يكون عادلا، وقد أخبر النبي _صلى الله عليه وسلم_ عن عظم جزاء العادل عند الله فقال: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّـوا"(18)، وفي الحديث الآخر: "ما من أمير عشرة إلا وهو يؤتى به يوم القيامة مغلولا حتى يفكه العدل أو يوبقه الجور"(19). وقال شيخ الإسلام: "إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام... وذلك لأن العدل نظام كل شيء"(20).

3-أن يخالف طبعُه طبعَ نائبه في الشدة والليونة،وقد قال زياد: ما غلبني أمير المؤمنين – يعني معاوية رضي الله عنه – بشيء من السياسة إلا بباب واحد: استعملت رجلا فكثر خراجه، فخشي أن أعاقبه ففر إلى معاوية فكتبت إليه: إن هذا أدب سوء لمن قبلي، فكتب إلي: إنه ليس ينبغي لي ولا لك أن نسوس الناس بسياسة واحدة؛ أن نلين جميعا فتمرح الناس في المعصية أو نشتد جميعا فنحمل الناس على المهالك، ولكن تكون للشدة والفظاظة وأكون للين والرأفة(21).

4-أن يكون مخلصا لعمله، قال _صلى الله عليه وسلم_: "ما من راع يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه رائحة الجنة"(22).

5-أن يكون رفيقاً بمن تحته، وقد جاء في الحديث أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: "اللهم من ولي من أمر أمتي أمراً فرفق بهم فارفق به ومن ولي من أمر أمتي أمراً فشق عليهم فاشقق عليه"(23)، وهو عام في كل ولاية. وقد وصف الله _تعالى_ نبيه _صلى الله عليه وسلم_ فقال: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ..." (آل عمران: من الآية159).

6-أن يكون أمينا ذا صلاح وتقوى، وصفة الأمانة أحدى ركني الولاية ولذلك جاء في التنزيل: "إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ" (القصص: من الآية26) وفي سورة يوسف(آية 55): "اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ" وفي حديث حذيفة أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال لأهل نجران: "لأبعثن إليكم رجلاً أميناً حق أمين، قال: فاستشرف له الناس فبعث أبا عبيدة بن الجراح _رضي الله عنه_"(24). فإن وجد رجل أمين في ضعف ورجل إداري قوي وليس بأمانة الأول، فقال شيخ الإسلام: "إذا كانت الحاجة في الولاية إلى الأمانة أشد قدم الأمين مثل حفظ الأموال ونحوها.."(25)، والأمانة مرتبطة بالتقوى والصلاح الذي هو أهم شروط المنصب.

ولذلك فإن من توفيق الله لصاحب المنصب أن يكون من معه في العمل من أهل الصلاح؛ لقوله _صلى الله عليه وسلم_: "من ولي من أمر الناس فأراد الله به خيراً جعل معه وزيراً صالحاً إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه"(26).

ومن أهم الأمانات اللازمة في كل من عين في المنصب الإداري؛ الأمانة المالية، خاصة وقد كثر من الموظفين الاستهانة بالممتلكات العامة وقد سماه رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ غلولاً، ففي صحيح مسلم عن عدي بن عميرة _رضي الله عنه_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: "من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطاً فما فوقه كان ذلك غلولاً يأتي به يوم القيامة"(27).

وتروي لنا كتب التاريخ أنه لما حملت مغانم العراق بعد فتحها إلى عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_ ورأى ما فيها من الجواهر جعل يتعجب ويقول: إن الذي أدى هذا لأمين، فقال عبدالرحمن بن عوف _رضي الله عنه_: أنا أخبرك بذلك يا أمير المؤمنين أنت أمين الله وهم أمناؤك فما دمت مؤدياً للأمانة أدوها ومتى رتعت رتعوا(28). وكما هو معلوم فإن أخلاق القائد تؤثر في من تحته، وقد قيل: الناس على دين ملوكهم، ولذا قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في رسالته إلى هرقل: (فإن أبيت فإن عليك إثم الأريسيين)(29) أي: الفلاحين.

7-ألا يقدم أحداً وهو يجد أكفأ منه لقرابة أو واسطة، وهذا من أكثر أنواع الفساد الإداري انتشارا في البلاد العربية، وقد ورد التحذير الشديد من ذلك، فقد قال _صلى الله عليه وسلم_: "من ولي من أمر المسلمين شيئاً فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح منه فقد خان الله ورسوله"(30). وقال _صلى الله عليه وسلم_: "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قيل: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله"(31). وقال عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_: "من ولي من أمر المسلمين شيئاً فولى رجلاً لمودة أو قرابة بينهما فقد خان الله ورسوله"(32).
ومن الخطأ تعيين أحد في منصب قبل اختباره، قال علي _رضي الله عنه_: "الطمأنينة إلى كل أحد قبل الاختبار عجز"(33).

8-ألا يكون ممن يتغير خلقه ويتيه على الآخرين بعد المنصب والولاية، قال ابن المعتز: من عمل عملاً(34) فتاه فيه أخبر أن قدره دونه ومن تواضع فيه دلَّ على أن قدره فوقه(35)، وقال منصور الفقيه:


يا من تولى فأبدى   لنا الجفا وتبدَّل
أليس منك سمعنا   من لم يمت فسيعزل(36)

9-ألا تحمله عواطفه على مجاوزة العدل، قال عمر بن عبدالعزيز _رحمه الله_ في صفة القائد المطلوب: "من إذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل وإذا قدر عف وكف"(37) ، وهو مأخوذ من قوله _تعالى_: "وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" (المائدة: من الآية8).

10-أن تكون لديه القيادة الفطرية، قال عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_: "أريد رجلاً إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم وإذا كان أميرهم كان كأنه رجل منهم"(38).

11-أن يكون من أشراف الناس في طبعه وعلو همته وجوده، قال يحي بن خالد البرمكي لبنيه: إنكم لا بد لكم من عمال وكُتَّاب فاستعينوا بأشراف الناس وإياكم والسفلة فإن النعمة على الأشراف أزين والمعروف عندهم أثمن والشكر منهم أحسن(39). قال معاوية _رضي الله عنه_: لا ينبغي للملك أن يكون كذاباً؛ لأنه إن وعد لم يُرجَ وإن أوعد لم يُخَف ولا غاشًّا؛ لأنه لا ينصح ولا تصلح الولاية إلا بالمناصحة، ولا حديداً؛ لأنه إذا احتد هلكت رعيته، ولا حسوداً؛ لأنه لا يشرف أحد فيه حسد، ولا يصلح الناس إلا بأشرافهم، ولا جباناً؛ لأنه يجترئ عليه عدوه وتضيع ثغوره(40).

ويذكر عن بعض من لهم تجربة في السياسة أنه قال: لا يصلح لسد الثغور وقود الجيوش وتدبير الخيول وحراسة الأرضين والأقاليم إلا من تكاملت فيه خمس خصال:
• حزم يتيقن به عند موارد الأمور حقائق مصادرها.
• وعلم يحجزه عن التهور في المشكلات إلى تجلي فرصها.
• وشجاعة لا تنقصها الملمات بتواتر حوائجها وعظم هولها.
• وصدق في الوعيد والوعد يوثق منه بالوفاء عليها.
• وجود يهون عنده تدبير الأموال عند ازدحام السؤَّال عليه(41).

12- أن يكون ذا خبرة وتجربة، قال قيس بن عاصم لبنيه: "إذا مت فسودوا أكبركم فإن القوم إذا سودوا أكبرهم أحيوا ذكر أبيهم، ولا تسودوا أصغركم فيسفه الناس كباركم وتهونون عليهم..."(42). وقال علي _رضي الله عنه_: رأي الشيخ خير من مشهد الغلام(43). وإن كان الصغير مؤهلاً فيقدم للقيادة، فقد قال الشاعر في محمد بن القاسم فاتح بلاد السند، وهو ابن سبع عشرة سنة:


قاد الجيوش لسبع عشرة حجة   ولداته إذ ذاك في أشغال
قعدت بهم لذاتهم وسمت به   همم الملوك وسَوْرة الأبطال(44)

وقال آخر:


لا تعجبوا من علو همته   وسنه في أوان منشاها
إن النجوم التي تضيء لنا   أصغرها في العلو أعلاها(45)

والمقصود هنا أن يتم اختيار من يحسن العمل وهذا يكثر في ذوي الأسنان، وقد يوجد في الأحداث من هو أفضل من كثير ممن هو أعلى منه سنا فقد قال علي _رضي الله عنه_: "قيمة كل امرئ ما يحسنه"(46).

________________
(1) رواه أبو داود (2608) عن أبي سعيد رضي الله عنه وأحمد وصححه أحمد شاكر في تحقيقه للمسند 10/6648 ورواه الحاكم 1/443 وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(2) رواه أحمد وصححه أحمد شاكر في تحقيقه للمسند 10/6648.
(3) مجموع الفتاوى 28/65.
(4) تهذيب الرياسة /96، نهاية الأرب 6/34، التمثيل والمحاضرة /31، العقد الفريد 1/5 ونسبه إلى بعض الحكماء.
(5) تهذيب الرياسة /96، الشعر والشعراء /223، نهاية الأرب 3/64، التمثيل والمحاضرة /51.
(6) رواه الشيخان واللفظ لمسلم كما في المختصر (1201).
(7) رواه البيهقي في السنن الكبرى 7/95، والدارمي 2/240، كما في المشكاة (1092).
(8) رواه أبو داود 3/131 والبيهقي في الكبرى 6/361 كما في المشكاة (1094).
(9) رواه النسائي 7/162 وغيره.
(10) حسنه الأباني في صحيح الجامع (1433).
(11) رواه البخاري(6622) ومسلم كما في المختصر(1202).
(12) أخلاق العمل وسلوك العاملين /49-50.
(13) نقله ابن تيمية في السياسة الشرعية /24.
(14) رواه مسلم كما في المختصر (1204).
(15) مجموع الفتاوى 28/256 والحديث رواه الترمذي (3806) وحسنه.
(16) مجموع الفتاوى 28/254-255، والسياسة الشرعية /21-22.
(17) تاريخ الطبري 4/47 عن أخلاق العمل /30.
(18) رواه مسلم كما في المختصر:1207.
(19) صححه الألباني في صحيح الجامع(5571).
(20) الحسبة/147-148.
(21) رواه ابن أبي شيبة 11/92 وله طريقان آخران في الفوائد والأخبار لابن دريد (24) ولباب الآداب /52.
(22) رواه مسلم 4/493.
(23) رواه مسلم 6/7.
(24) متفق عليه واللفظ لمسلم كما في المختصر(1651).
(25) السياسة الشرعية 34.
(26) رواه أبو داود 3/131 والنسائي 7/159 وصححه الألباني في الصحيحة (489).
(27) مختصر مسلم (1214).
(28) تهذيب الرياسة /99، ونسب القول في الطبري 5/254 وغيره إلى علي رضي الله عنه.
(29) رواه البخاري 4/57 ومسلم 5/163.
(30) رواه البخاري 23/17، 24/200،ومسلم 3/246.
(31) رواه البخاري 23/17.
(32) السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية /11-12.
(33) أخلاق العمل /31.
(34) أي ولي ولاية.
(35) تهذيب الرياسة /145، وزهر الآداب /826، ولم ينسباه، والتمثيل والمحاضرة /145 منسوبا إلى ابن المعتز.
(36) المراجع السابقة.
(37) السياسة الشرعية /26.
(38) الإدارة الإسلامية لمحمد كرد علي /28.
(39) الوزراء والكتاب /179، وتهذيب الرياسة /140.
(40) مفتاح السعادة /145، نهاية الأرب 6/4، وأما في البصائر والذخائر للتوحيدي 1/203، ولباب الآداب /70، وتهذيب الرياسة /122 فنسبوه إلى أردشير – أحد ملوك اصطخر.
(41) تهذيب الرياسة / 122، ومروج الذهب 1/190 ونسبه إلى هرمز، وعين الأدب والسياسة /244.
(42) رواه أحمد 5/61 ونسبه ابن حجر في الإصابة 3/253 إلى النسائي في الكبرى.
(43) رواه البيهقي في الكبرى 10/113، وأورده القلعي في تهذيب الرياسة /188.
(44) أورده القلعي في تهذيب الرياسة / 146 دون نسبة.
(45) المرجع السابق ولم ينسبه.
(46) تفسير القرطبي 6/69 عن أخلاق العمال للدكتور فؤاد العمر/28.