أنت هنا

الصومال والحاجة إلى الدعم الإعلامي ضد الإرهاب الأمريكي
13 ربيع الثاني 1427

يتبادر إلى الذهن فوراً حاجة الصومال ودول شمال القرن الإفريقي إلى بذل المال لتخفيف آلامهم الناتجة عن الجفاف وحروبهم الأهلية, فلقد صارت كلمة "الصومال" ترادف عند جموع العرب كلمة "مجاعة", ويحلو للمتندرين في عالمنا العربي أن يقرنوا بين النحافة الجسدية والجنسية الصومالية, وكأن هذا هو الشأن الوحيد الذي يذكرنا بالأهل الطيبين في الصومال؟!
يربطنا في الواقع دين يطوق أعناقنا بواجبات نحو إخواننا الصابرين على محن الفقر والأمراض والحروب, وتربطنا إستراتيجية الممانعة التي يصطف في كتائبها كل مقاوم للمشروع الإمبراطوري الأمريكي الرامي إلى إخضاع العالم ـ كل العالم ـ ولو جمعتنا هذه الإستراتيجية مصلحياً بفنزويلا وكوبا وبوليفيا مؤقتاً في خندق الممانعة, فكيف لو كانت آصرة عقيدة وصلة أرحام ودماء عروبة..
بيد أن المشهد الصومالي في تلك اللحظة ـ وهو لم يبرح منطقة المجاعات بقتامتها وقسوتها ـ يضخ دماء الأمل في جسد العروبة السقيم بمنطقة الممانعة لهذا المشروع المهيمن الطاغي, فدراماتيكية الجفاف والحروب الصومالية لا تحول قطعاً دون استشراف ما يمكن التعويل عليه في دائرة الدعم المعنوي الواجب حيال فئة من الشعب تضحي بشجاعة لحفظ الدين والكرامة في الصومال, والتي تبقى هذه الدائرة ـ واقعاً ـ حكراً على البقع التي تستطيع فتح كوة في جدار العزل الاحتلالي عن رحابة الأفق الأممي العام, وهي الدائرة المتضمنة لآلية تغليف المقاومة الصومالية ضد المشروع الأمريكي في القرن الإفريقي بغلاف سميك من التغطية الإعلامية لأنشطة الإسلاميين المنافحين عن أمن واستقرار وأخلاقيات الصومال, والممثلين الشرعيين فعلاً لهذا الشعب العربي المسلم, إذ من واجب الإعلام الإسلامي أن يكون ردءاً للمسلمين في محنهم ونضالهم, خارقاً حجب التعتيم الصهيونية أو التزييف اللغوي لمفردات العدوان والترهيب والتحريش, وتجريد الحقائق أمام العالم الإسلامي أولاً ثم العالم بأسره؛ ليرى المشهد محرراً من أسر الآلة الإعلامية الصهيونية العوراء.
أمام الإعلام الإسلامي في الحالة الصومالية مرتكزات يبني عليها منظومة التأييد للحق الصومالي في أن يعيش حياة آمنة مستقرة مظللة بشريعة ربانية ارتضاها الله لعباده وأذعن لها المؤمنون في كل عصر ومصر..
* مرتكز العدالة: فالمحاكم الشرعية الإسلامية التي باتت تسيطر على نحو 80% من ربوع العاصمة الصومالية مقديشو وفقاً لتقديرات غربية, هي إفراز طبيعي لحالة حنق من تناحر طاحن دموي وضعت بذوره دولة الاحتلال السابقة/إيطاليا واستنبتته من جديد دولة الاحتلال المعاصرة المدحورة/أمريكا, وحنين نحو عدالة لا ترتجى إلا في ظل شريعة غراء.
* مرتكز الإعلام بماهية تكوين "تحالف السلام ومكافحة الإرهاب" المكون من عصابات الميليشيات الصومالية الخاضعة لآمر أمريكي يدعوها لتصفية مسعى العلماء الصوماليين والمحاكم الإسلامية لإقامة دولة عادلة تزيل خبال الميليشيات المتورطة بالدماء ومافيا الأموال وتهريب المتسللين الأفارقة من إثيوبيا وغيرها ودفن النفايات النووية بالتربة الصومالية.
* مرتكز توحيد الصومال البلد الممزق إلى خمس مناطق كلها محتلة بشكل مباشر أو غير مباشر منذ سقوط النظام العسكري في العام 1991م, وهو ما تسعى إليه المحاكم الشرعية الإسلامية بعد أن نجحت في بسط الأمن في ربوع المناطق التي تسيطر عليها.
* مرتكز إعادة اللحمة إلى القرن الإفريقي المسلم الذي عقدت الولايات المتحدة الأمريكية على تفتيته تمهيداً لبسط سيطرتها الكاملة عليه لأسباب دينية وجيوستراتيجية, بعد تعبيد الطريق إلى هذا القادم الأمريكي من جديد بذريعة وجود "إرهابيين منتمين للقاعدة تسللوا إلى منطقة القرن الإفريقي".
* مرتكز مكافحة التنصير النافذ بقوة في خاصرة المنطقة الحيوية, بعد أن طيرت الأخبار مراراً أنباء تتحدث عن توزيع الصلبان والخبز معاً للمعوزين.
* مرتكز البيان الواضح للأمة حول أهمية الاختراق الآن لهذه المنطقة العسكرية الرخوة من قبل الأمريكيين برغم فقرها, وبرغم عدم اختفاء مشهد الجنود الأمريكيين وهم يسحلون في شوارع مقديشو قبل أعوام قليلة.
* مرتكز دعوة أولي الشأن من العلماء والإسلاميين والوطنيين إلى خلق حماية سياسية للمخلصين من علماء الصومال وقضاته الشرعيين وجنود محاكمها الشجعان, واعتبارهم من فورهم الممثل الأوحد والشرعي للشعب الصومالي.

وتلك مرتكزات قد تكون صالحة للبناء عليها في مسعى الاهتمام بهذه القضية التي بدأت تطرح نفسها على واجهة الأحداث, من جانب الإعلام الإسلامي الذي ينبغي له أن يمارس دوراً ريادياً ربما يمهد لملاحقة المشروع الأمريكي إعلامياً أين كان ومتى أطلت أفعاه في أرض للمسلمين عزيزة.