أنت هنا

زواج الشغار
23 جمادى الأول 1427

الشغار: بكسر الشين من قولك شاغرته شغاراً ومشاغرة أي زوجته ابنتي على أن يزوجني ابنته... إلخ وسيأتي تعريفه.
قال ابن عبد البر بعد ذكر تفسير الشغار جميع رواة مالك عنه قال الحافظ: ورد على خلافه أن أبا داود أخرجه عن القعنبي فلم يذكر التفسير وكذا أخرجه الترمذي من طريق معن بن عيسى لأنهما اختصرا ذلك في تفسيرهما وإلا فقد أخرجه النسائي من طريق معن بالتفسير وكذا أخرجه الخطيب في المدرج من طريق القعنبي.

نعم اختلف بروايته عن مالك فيمن ينسب إليه تفسير الشغار فالأكثر لم ينسبوه لأحد لهذا قال الشافعي بما حكاه البيهقي في المعرفة: "لا أدري التفسير من الشغار أهو عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن عمر أو عن نافع أو عن مالك".
ونسبة محرز بن عوف وغيره إلى مالك.

للشغار ثلاثة كيفيات:
هناك ثلاثة كيفيات للشغار نجمعها لأنه الأحسن والأرجح:
أن يزوج الرجل الرجل ابنته أو أخته أو مولاته على أن يزوج الآخر ابنته أو أخته أو مولاته سواء كان بينهما صداق أو لا صداق.
فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار".
فقد رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه ورواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وزاد ابن نمير: "الشغار أن يقول الرجل للرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي". (فهذا زواج اشتراطي).

وقد كان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فقيهاً – فقد أخرج أبو داود أن العباس بن عبد الله أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته وكانا جعلا صداقاً فكتب معاوية إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما وقال في كتابه:
"هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم".

قال الشيخ العدوي:
والذي تطمئن له النفس هو النهي عنه سواء كان بصداق أم لم يكن بصداق وذلك لأمور منها:
1 – أن ذلك ليس شرطاً في كتاب الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من شرط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل وإن شرط مائة شرط شطر الله أحل وأوثق" رواه البخاري.
2 – تفسير ابن نمير هو الصحيح وقد أشار إلى ذلك الحافظ بن حجر رحمه الله قلت وهو التعريف الأول السابق ذكره وترجيحه.
3 – موافقة الصحابة رضي الله عنهم للحديث وحادثة معاوية لم ينكرها أحد.
قال ابن عبد البر:
أجمع العلماء على أن نكاح الشغار لا يجوز ولكن اختلفوا في صحته فالجمهور على البطلان وفي رواية عن مالك يفسخ قبل الدخول لا بعده.

وذهب الحنفية إلى صحبته ووجوب مهر المثل وهو قول الزهري ومكحول الثوري والليث ورواية عن أحمد وإسحاق وأبي ثور وهو على قول على مذهب الشافعي لاختلاف الجهة.
أما الإمام الشافعي فقد قال: "إن النساء محرمات إلا ما أحل الله أو ملك اليمين فإذا ورد النهي عن نكاح تأكد التحريم".

والعلة كما ذكر ابن تيمية:
التشريك في البضع – أي جعل بضع هذه من هذا وهذا من هذه بلا مهر.
قال القرطبي: تفسير الشغار صحيح موافق لما ذكره أهل اللغة فإن كان مرفوعاً فهو المقصود وإن كان من قول الصحابي فمقبول أيضاً لأنه أعلم بالمقال وأقصد بالحال.
قلت والحديث في الصحيحين فله حكم الرفع... والله أعلم.
ولا يخص الشغار بالبنات والأخوات بل حكم غيرهن من القرائب حكمهن وقد حكى النووي الإجماع في ذلك.