اخلعوا (البينيديكت راتسينجر ) أو ليستقيل
2 رمضان 1427
إبراهيم الأزرق

يحق لنا أن نطالب بهذا بعد أن أساء عظيم النصارى (بينيديكت) البضعة عشر، من أجل إصلاح العلاقة بين المسلمين وبين من يمثلهم المذكور..
وعلى هامش المناسبة لست أجزم هل وصفه بقولهم: (البابا) يسوغه مسوغ أم لا؟
وذلك أن لفظ البابا في اللغة اللاتينية (Papa) بمعنى الأب، وهو لفظ تبجيل وتعظيم، لا ينبغي أن يطلقه المسلم على مثله، بيد أنه يجري في ألسنة عامة المسلمين مجرى أسماء الأعلام لا يريدون به معنى تضمنه، كشأن الألقاب التي جرت في عهود الإسلام وانتحلها الظلمة على مر عصورهم فذكرهم الناس بها وقرؤوها في تاريخهم ولا يريدون غير تعريفهم بها دون تزكيتهم بما تضمنه اللقب بل قال قائلهم:
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد!

وأياً ما كان فلا شك أن تنزيه اللسان عن مناداة هذا الكافر باسم الأبوة هو الأولى، وإن كان ولابد فليتنا استعضنا اللفظ اللاتيني بالفظ الإنجليزي (Pope) مع إشباع آخره كسراً في النطق العربي!

وعوداً على الموضوع فبعد أن أساء بينيديكت إلى نبينا _صلى الله عليه وسلم_ وإلى ديننا قدم أسفاً، وكالعادة رآه بعض السذج وبعض من يحاولون تحسين صورة الغرب والنصرانية بكل سبيل، رأوه اعتذاراً كافياً، أو هكذا يحالون خداع الناس ليتجنبوا مواجهة إعلامية وفكرية يرون أن لا قبل لهم بها وسلامتهم من النقد لا يعلها شيء!

ولعل كل عاقل يمعن النظر في أسف الرجل يخرج بأنه ليس اعتذاراً عن انتقاصه الإسلام ونبيه _عليه الصلاة والسلام_، وإنما أسفه على أمرين فيما يظهر:
الأول على غباء المسلمين الذين أساءوا فهم تصريحاته!
والثاني: أسفه على ما سببه التصريح، من ثارات وإحن تجاه النصرانية حتى حرقت بعض الكنائس في بلاد الإسلام، وقتل بعض الرهبان –ولهذا أرسل نحو هذا الأسف في رسالة التعزية على مقتل راهبة بالصومال.

والحق أنه لا ينبغي أن يظن بمثل بينيديكت أسفه على ما سببه تصريحه للمسلمين فليست هي المرة الأولى التي يفلت لسانه بمثل هذا، وقد بين في أسفه أن نحو ملياري مسلم لم يفهموا تصريحه، فالذي سبب الأذى النفسي للمسلمين هو سوء فهمهم لا تصريحه!
وأما زعمه بأنه لا يتبنى مقولة ذلك الإمبراطور وأن له رأيه المختلف فربما كان صحيحاً ولا يعني ذلك الاختلاف بالضرورة أنه رأياً أكثر اعتدالاً أو إيجابية من رأي الإمبراطور بل ربما...

ومع ذلك فإن هذه الكلام لا يمثل اعتذاراً صحيحاً عما بدر منه كما يحاول أن يروج البعض، فهب أن زيداً في أثناء حشد هائل ألقى كلمة نقل في أثنائها إقذاع أحدهم في سب عمرو، فقال لقد قال الإمبراطور العظيم سين: إن عمرو هذا كيت وكيت وذكر من ألفاظ البذاء شيئاً مستفزاً ولم يعقب، فهل يقال ما أساء زيد ولا تعدى وظلم؟
في تقديري حتى وإن جاء زيد في اليوم الثاني من تلقاء نفسه وقال أنا لا أوافق (سيناً) فيما قال للزمه الاعتذار عما سببه من أذى نفسي لمشاعر عمرو وأحبابه في ذلك اليوم، ولو اكتفى بزعمه عدم الموافقة لم يغير ذلك من حقيقة إيذائه له بالأمس شيئاً ولم يمثل ذلك اعتذاراً عنه.

وهذا على فرض ذنب يكفي مجرد الاعتذار منه لمسحه، لا يستوجب حداً، ولعلنا نتفق على أنه لو جرح رجل رجلاً آخر جرحاً بليغاً ثم ابتسم ابتسامة عريضة وقال: هو آسف لما فعل! فلن تغني عنه ابتسامته العريضة شيئاًً، فكيف إذا خَطَّأ الآخر فقال: أنا آسف لأنك أخطأت بالسير في طريق أسير فيه، أو قال أنا آسف لما سببه صراحك للناس من إزعاج!
ولعل هذا مثال مطابق لما صنعه هذا البينيديكت راتسينجر الذي جرح ملياري مسلم.
وأما إذا كان هذا الزيد يمثل مجموعة يتحدث بلسانها فلعل الذي يتوجب تلقاء تلك المجموعة رفض تصريحاته بل إقالته قسراً إن رفض الاستقالة بالحسنى، ولعله بغير ذلك يصعب أن تصلح العلاقة بين من يمثلهم الجاني وبين من جنى عليهم، وإلاّ فقد قلدهم راتسينجر عاراً لا يغسله الاعتذار، ولا يمحوه الليل والنهار.