أنت هنا

دروس من الحج
2 ذو الحجه 1427

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ" (الحج:1-8)
هذه الآيات مفتتح سورة الحج، والحج رحلة إلى الله _تعالى_ يرحلها العباد مستجيبين لنداء العبودية للواحد القهار "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ" (البقرة: من الآية196)، وإذا كانت الصلاة والزكاة والصيام عبادةً، فإن الحج يتميز عنها بأنه عبادة يغادر من أجلها العبدُ البلادَ، والأولاد والأحباب، والضيعات والأموال، ويقطع المسافات الشاسعة التي قد تمتد آلاف الأميال "وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ" (النحل:7).
إن الحج رحلة وهجرة إلى الله _تعالى_، وتجرد الحاج من المخيط، ووقوف الألوف في عرفات محرمين بأرديتهم البيض من أعظم من يذكر العباد بيوم القيامة، والخروج من هذه الدنيا، ثم الوقوف بين يدي الله _تعالى_ للحساب والجزاء.
وهذا هو المعنى الذي يربط بين افتتاح سورة الحج بالأمر بتقوى الله _تعالى_، وتذكّر زلزلة الساعة العظيمة، وبين معنى من معاني الحج الكبار، كان يدركه سلفنا الصالح، أما نحن اليوم فقد صار حج كثير منا نزهةً قصيرة نطارد من خلالها الزمن لنعود إلى ما كنا عليه من لهو وغفلة – ولا حول ولا قوة إلا بالله-.
حج بالناس عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – سنة ثلاث وعشرين، قبيل استشهاده بأيام، وكان شغله الشاغل في حجه البحث عن رجل من رعيته من التابعين يريد مقابلته.
وصعد عمر جبل أبا قبيس وأطل على الحجيج، ونادى بأعلى صوته: يا أهل الحجيج من أهل اليمن، أفيكم أويسٌ من مراد؟
فقام شيخ طويل اللحية من قرن، فقال: يا أمير المؤمنين، إنك قد أكثرت السؤال عن أويس هذا، وما فينا أحد اسمه أويس إلا ابنُ أخ لي يقال له: أويس، فأنا عمه، وهو حقير بين أظهرنا، خاملُ الذكر، وأقلُّ مالاً، وأوهن أمراً من أن يُرفع إليك ذكره.
فسكت عمر – كأنه لا يريده – ثم قال: يا شيخ وأين ابن أخيك هذا الذي تزعم؟ أهو معنا بالحرم؟ قال الشيخ: نعم يا أمير المؤمنين، هو معنا في الحرم، غير أنه في أراك عرفة يرعى إبلاً لنا.
فركب عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب – رضي الله عنهما – على حمارين لهما، وخرجا من مكة، وأسرعا إلى أراك عرفة، ثم جعلا يتخللان الشجر ويطلبانه، فإذا هما به في طمرين من صوف أبيض، قد صف قدميه يصلي إلى الشجرة وقد رمى ببصره إلى موضع سجوده، وألقى يديه على صدره والإبل حوله ترعى قال عمر لعلي – رضي الله عنهما -: يا أبا الحسن إن كان في الدنيا أويس القرني فهذا هو، وهذه صفته، ثم نزلا عن حماريهما وشدا بهما إلى أراكه ثم أقبلا يريدانه.
فلما سمع أويس حسهما أوجز في صلاته، ثم تشهّد وسلَّم وتقدما إليه، فقالا له: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال أويس: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فقال عمر – رضي الله عنه -: من الرجل؟ قال: راعي إبل وأجيرٌ للقوم، فقال عمر: ليس عن الرعاية أسألك ولا عن الإجارة، إنّما أسألك عن اسمك، فمن أنت يرحمك الله؟ فقال: أنا عبد الله وابن أمته، فقالا: قد علمنا أن كل من في السموات والأرض عبيد الله، وإنا لنقسم عليك إلا أخبرتنا باسمك الذي سمتك به أمك، قال: يا هذان ما تريدان إليّ؟ أنا أويس بن عبد الله، فقال عمر – رضي الله عنه -: الله أكبر، يجب أن توضح عن شقك الأيسر، قال: وما حاجتكما إلى ذلك؟ فقال له علي – رضي الله عنه -: إن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وصفك لنا، وقد وجدنا الصفة كما خبرنا، غير أنه أعلمنا أن بشقك الأيسر لمعةً بيضاء كمقدار الدينار أو الدرهم، ونحن نحب أن ننظر إلى ذلك، فأوضح لهما ذلك عن شقه الأيسر.
فلما نظر علي وعمر – رضي الله عنهما – إلى اللمعة البيضاء ابتدروا أيهما يقبل قبل صاحبه، وقالا: يا أويس إن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أمرنا أن نقرئك منه السلام، وأمرنا أن نسألك أن تستغفر لنا، فإن رأيت أن تستغفر لنا – يرحمك الله – فقد خُبّرنا بأنك سيد التابعين، وأنك تشفع يوم القيامة في عدد ربيعة ومضر، فبكى أويس بكاءً شديداً، ثم قال: عسى أن يكون ذلك غيري، فقال علي – رضي الله عنه -: إنّا قد تيقنّا أنك هو، لا شك في ذلك، فادع الله لنا رحمك الله بدعوة وأنت محسن.
فقال أويس: ما أخصُّ باستغفار نفسي، ولا أحد من ولد آدم، ولكنه في البر والبحر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات في ظلم الليل وضياء النهار، ولكن من أنتما يرحمكما الله؟ فإني قد خبّرتكما وشهرتُ لكما أمري، ولم أحب أن يعلم بمكاني أحد من الناس، فقال علي – رضي الله عنه -: أما هذا فأمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -، وأما أنا فعلي بن أبي طالب، فوثب أويس فرحاً مستبشراً فعانقهما وسلم عليهما ورحب بهما، وقال:
جزاكما الله عن هذه الأمة خيراً. قالا: وأنت جزاك الله عن نفسك خيراً، ثم قال أويس: ومثلي يستغفر لأمثالكما؟ فقالا: نعم، إنا قد احتجنا إلى ذلك منك، فخصّنا – رحمك الله – منك بدعوة حتى نؤمّن على دعائك، فرفع أويس رأسه، وقال:
اللهم إن هذين يذكران أنهما يحباني فيك، وقد رأوني فاغفر لهما وأدخلهما في شفاعة نبيهما محمد _صلى الله عليه وسلم_.
فقال عمر – رضي الله عنه – مكانك – رحمك الله – حتى أدخل مكة فآتيك بنفقة من عطائي، وفضل كسوة من ثيابي، فإني أراك رث الحال، هذا المكان الميعاد بيني وبينك غداً، فقال: يا أمير المؤمنين، لا ميعاد بيني وبينك، ولا أعرفك بعد اليوم ولا تعرفني، ما أصنع بالنفقة؟ وما أصنع بالكسوة؟ أما ترى عليَّ إزاراً من صوف ورداءً من صوف؟ متى أُراني أخلِفهما؟ أما ترى نعليّ مخصوفتين، متى تُراني أبليهما؟ ومعي أربعة دراهم أخذت من رعايتي متى تُراني آكلها؟
يا أمير المؤمنين: إن بين يديّ عقبة لا يقطعها إلا كل مُخِف مهزول، فأخف – يرحمك الله – يا أبا حفص، إن الدنيا غرارة غدّارة، زائلة فانية، فمن أمسى وهمته فيها اليوم مدّ عنقه إلى غدٍ، ومن مدَّ عنقه إلى غدٍ أَعْلق قلبه بالجمعة، ومن أعلق قلبه بالجمعة لم ييأس من الشهر، ويوشك أن يطلب السنة، وأجله أقرب إليه من أمله، ومن رفض هذه الدنيا أدرك ما يريد غداً من مجاورة الجبار، وجرت من تحت منازله الثمار.
فلما سمع عمر – رضي الله عنه – كلامه ضرب بدرته الأرض، ثم نادى بأعلى صوته: ألا ليت عمر لم تلده أمه، ليتها عاقراً لم تعالج حملها، ألا من يأخذها بما فيها ولها؟
فقل أويس: يا أمير المؤمنين! خذ أنت ها هنا حتى آخذ أنا ها هنا، ومضى أويس يسوق الإبل بين يديه، وعمر وعلي – رضي الله عنهما – ينظران إليه حتى غاب فلم يروه، وولى عمر وعلي – رضي الله عنهما – نحو مكة. [انظر إتحاف الورى لابن فهد (2/13-16)، وحلية الأولياء (2/82).
وحديث فضل أويس القرني، وأنه لو أقسم على الله لأبره، وقوله _صلى الله عليه وسلم_ لعمر – رضي الله عنه -: "إن استطعت أن يستغفر لك فافعل". [أخرجه مسلم (2542) في فضائل الصحابة].
وبعد آيات الحج ومناسكه وفضله وتعظيم شعائر الله، يقول _تبارك وتعالى_: "إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحج:38-40).
حيث يلتقي الحج بالجهاد في سبيل الله _تعالى_، إذ هو مدرسة من مدارس الجهاد، والجهاد ذروة سنام الإسلام، "وما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا ذلُّوا" [رواه البخاري ومسلم]، والحج يذكر الأمة ويعلمها الجهاد من خلال عدة أمور:
1- مشقة السفر إلى مكة، فهو شبيه بسفر المجاهدين في سبيل الله _تعالى_، وإن الرجل ليودع أهله وهو لا يدري هل يرجع إليهم أم لا، خاصة القادم من البلاد النائية.
2- السكن في المشاعر إذا نظرت إليه وجدته شبيهاً بمعسكرات الجهاد.
3- وتنقل وتحرك الحجاج إلى منى، ثم من منى إلى عرفات، ثم الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة، ثم إلى منى، في أوقات محددة منضبطة، وكأنها تنقلات جيوش مجاهدة في سبيل الله.
4- وفي زمن النبي _صلى الله عليه وسلم_ لما نهى عن سفر المرأة بدون محرم قام رجل، فقال: إن امرأتي خرجت حاجة، وإنني اكتتبت في غزو كذا، فقال _صلى الله عليه وسلم_: "اذهب وحج مع امرأتك" [رواه البخاري (3006)، ومسلم (1341)م]، فنقله من جهاد إلى جهاد.
5- وسمى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ الحج والعمرة جهاداً بالنسبة للنساء، فقال: "عليهنّ جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة" [رواه ابن ماجة (2901)، وأحمد (6/165)].
6- والرجل الذي وقصته دابته فمات محرماً، نهى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ عن تغطية رأسه عند تكفينه ودفنه، وقال: "إنه يبعثه يوم القيامة ملبياً" [رواه البخاري (1265، 1266)، وفي غير موضع، ومسلم (1206)].
إن الحج مدرسة جهادية تعلم المؤمن وتعلم الأمة، كيف تنقل نفسها من عاداتها المألوفة، ومن ترفها، إلى أن تنخلع من ذلك كله وتلحق بركب ا لمجاهدين.
والحج فوق ذلك كله يعلم المؤمنين صفاء العقيدة وسلامتها وخلوصها من الشرك:
(1) فإبراهيم – عليه الصلاة والسلام – الذي بنى البيت دعا إلى الملة الحنيفية القائمة على إخلاص التوحيد لله، والبراءة من الشرك وأهله "وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" (الحج:26).
فالحج مدرسة ترجع كل مسلم إلى الأصل العقدي الواجب الذي لا يجوز أن يفرط فيه، وهو التوحيد والبراءة من الشرك.
(2) وينبثق من هذا التوحيد، الطاعة لله _تعالى_ فيما أحب الإنسان أو كره، وسواء رضي عنه الآخرون أو لم يرضوا:
أ- هذا إبراهيم يترك ولده الرضيع إسماعيل وأمها هاجر، وقد أنزلهم في مكة قبل عمارتها وقبل بناء البيت، يتركهم بلا ماء ولا زاد، ويذهب لأمر الله _تعالى_، وتلحق به هاجر، وتقول له: كيف تتركنا ها هنا؟ وهو لا يلتفت إليها، ولكنها المرأة المؤمنة عرفت السرّ، فقالت: آللهُ أمرك بهذا؟ فأشار إليها أن نعم. قالت: إذن لا يضيعنا الله.
ولم يضيعهم الله، بل تفجرت مياه زمزم تحت أقدام الرضيع [حديث صحيح رواه البخاري (3364)]، بعد سعيها بين جبلي الصفا والمروة لتكون سنة وشريعة.
ب- ولما بلغ إسماعيل السعي مع أبيه وصار بحيث تتعلق نفس الوالد به أشد التعلق، أمره الله بأمر عظيم: أن يذبح ولده، فاستجاب الوالد دون تردد، واستجاب الولد، وقال: "...يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ" (الصافات: من الآية102) وأسلما لربهما وتله للجبين، ووقع الامتثال الكامل، ولكن رحمة الله كانت واسعة، حيث فداه الله بذبح عظيم، فصارت الأضحية سنة.
جـ- والحج انسلاخ من عادات الجاهلية، وما أحدثوه في الحج خاصة، وقد كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يحب مخالفة المشركين، مع أنهم أهله وقومه وعشيرته، ولكنه لم يكن متلوثاً بما تلوث به بعضنا في هذه الأيام من قوميات جاهلية:
- فأحرم _صلى الله عليه وسلم_ في أشهر الحج مخالفة للمشركين.
- ووقف مع الناس في عرفات، مخالفة لقريش الذين كانوا يقفون بالمزدلفة يزعمون أنهم أهل الحرم فلا يخرجون منه إلى الحل في عرفات.
- وأفاض من عرفات بعد الغروب خلافاً للمشركين.
(3) الأصل في هذا الدين، التوحيد والبعد عن الشرك، ثم يأتي بعد ذلك ما هو من أعمال الخير؛ كعمارة المسجد الحرام، ولقد عكس المشركون الأمر: فاهتموا بعمارة المسجد الحرام والسقاية، مع الشرك بالله _تعالى.
قال _تعالى_: "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (التوبة:19