أنت هنا

المالكي : . . إعادة تأسيس حالة الاحتلال . . . هل تجدي ؟ !
4 ربيع الأول 1428

علينا، بعد أربع سنوات من احتلال العراق على يد القوات الأمريكية، أن نلحظ عدداً من النقاط قبل الخلوص إلى نتائج قد تفضي بنا ـ إذا أسقطناها من حساباتنا ـ إلى خداع أنفسنا أو خداع الآخرين ، وبالتالي خداع أمتنا ، ثم علينا أن نكون شديدي الحذر ونحن نعالج هذه المسألة العراقية، لأن تناولها بغير تفكير عميق ربما يودي بأمتنا إلى كارثة ، ولا نقصد هنا الكارثة بمعنى الهزيمة أمام قوات الاحتلال ، فهذه مسألة قد تم حسمها بالفعل حيث لحقت الهزيمة بالفعل بالولايات المتحدة الأمريكية في العراق، وباتت ملامحها حقيقة موضوعية ، يدركها الأمريكيون أنفسهم ، وتوصلت إليها مراكز أبحاث ودراسات بعضها حكومي أمريكي واعترف بها أكثر من مسئول عسكري وسياسي أمريكي، حيث التشبث الأمريكي بالبقاء في العراق بل وزيادة القوات الأمريكية العاملة هناك ليس إلا هروباً إلى الأمام لن يقدم ولن يؤخر في الحقيقة بشيء ، ولولا أن الانسحاب الأمريكي السريع من العراق سيؤدي إلى كوارث استراتيجية بالنسبة لإسرائيل وأمريكا لتم هذا الانسحاب سريعاً ، ويكفي أن ندرك في هذا الصدد ، أن رئيس الوزراء "الإسرائيلي" ألقى كلمة عبر الأقمار الصناعية أمام لجنة العلاقات العامة الأمريكية اليهودية إيباك حذر فيه من أن أي انسحاب أمريكي سريع من العراق قد يؤدي إلى تدهور شامل في الاستقرار الإقليمي في المنطقة يكون بالضرورة في غير صالح "إسرائيل" ، وشرح ايهود أولمرت رئيس الوزراء "الإسرائيلي" موقفه هذا أمام اللجنة الأمريكية اليهودية في القدس قائلاً أنه ليس المهم البحث عن أسباب دخول الولايات المتحدة الأمريكية إلى العراق لأن ذلك سيؤثر على مستقبل "إسرائيل" وأمريكا وليس على مستقبل الرئيس الأمريكي جورج بوش ، وكانت الأجهزة الأمنية "الإسرائيلية" تحذر من التداعيات السلبية المحتملة للانسحاب الأمريكي من العراق .
علينا إذن أن نضع عدداً من الحقائق الموضوعية أمامنا ، فقد دخلت القوات الأمريكية إلى عاصمة الرشيد بغداد في 19 أبريل 2003 وانهار نظام الرئيس صدام حسين وجيشه " الكبير " سريعاً جداً ، وبطريقة درامية ولكن سرعان ما اندلعت المقاومة وتصاعدت وهذا يعني أن أمريكا قد تكسب حرباً بين جيشين بسهولة – لاختلال ميزان القوى العسكرية ، ولكنها ستخسر بالضرورة في حرب المجتمعات أو الحرب الشعبية التي تستند إلى عقيدة الجماهير " الإسلام " . وأن المقاومة الإسلامية " السنية " نجحت في الصمود أمام عشرات العمليات العسكرية الأمريكية ، والحكومية العراقية وفي كل مرة تخرج أكثر قوة ، وهكذا فإن الهزيمة الأمريكية في العراق تعني مباشرة أن أي مجتمع يستطيع أن يهزم الأمريكان – أقوى جيش في العالم – وهذا يعني أن السطوة الأمريكية تتلاشى لأن الشعوب ستصبح قادرة على إنزال الهزيمة بالأمريكان ولن ترضخ لهم بعد اليوم ، وهذا يعني مباشرة نهاية الأسطورة الأمريكية وهو أمر له أبعاده الاستراتيجية الخطيرة على شكل العالم ومستوى التوازنات الدولية .
- أن القوات الأمريكية قد دخلت إلى العراق ، عن طريق تعاون " خيانة " مع بعض القوى الكردية والشيعية ، وتحديداً المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، وحزب الدعوة " الحزب الذي ينتمي إليه المالكي " ثم لحق بهما ما يسمى بجيش المهدي ، وهذا يعني انكشاف الشيعة – الذين خدعوا الناس طويلاً بدعوى مواجهة أمريكا – بل إن ذلك أعاد للسنة شعورهم بأنهم سنة وأفسد الخديعة " الثورية الشيعية " ، ولفت الأنظار إلى الدور التاريخي المريب الذي لعبه الشيعة خاصة ضد الدولة العثمانية والتحالف الصفوي الشيعي مع الأوربيين ضد الدولة العثمانية وكذا الدور المريب الذي لعبه الشيعة مع الغزوات الأجنبية عموماً ومن ثم فإن غسيل المواقف التاريخية الذي قام به حزب الله في لبنان ، قد انهار على يد شيعة العراق تحديداً ! ! .
- أن إيران – الدولة أو الثورة قد لعبت دوراً مريباً في نجاح الغزو الأمريكي للعراق ، وكانت قد لعبت دوراً مماثلاً أو أسوأ في الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001 وهذا نبهنا جميعاً إلى أن هناك مشروع شيعي يستهدف السيطرة على الهلال الشيعي من العراق إلى أفغانستان والذي يضم ثروات بترولية ضخمة ، وهذا المشروع خطر على الأمة كلها "أكثر من 90 % من المسلمين سنة " وخطر على السنة ، ويهدد بضياع منجزات المقاومة في العراق وأفغانستان – ونحمد الله أن هذا المشروع لن يرى النور في تقديرنا ، لأنه لا يقوم لا بالتفاهم مع الأمريكان وهذا صعب الآن لأسباب تتصل بالصراع على مناطق البترول بين أمريكا والمشروع الشيعي الذي تمثل إيران رأس الرمح فيه والذي يلعب شيعة العراق دور العراب في التقريب بين وجهتي النظر الأمريكية والإيرانية ، والمهم هنا أن الشيعة وإيران يرغبون في ذلك ولكن الرفض يأتي من قبل أمريكا .
- أن هناك تصاعد في أداء المقاومة العراقية ، ثم المقاومة الأفغانية " الأفغان سنة " تتمثل في استمرار العمليات في كل الظروف ، بل ووصل إلى حد استخدام تكتيكات شديدة الذكاء والتنوع ، ووصل إلى حد إسقاط الطائرات ويتزايد كماً ونوعاً مع الوقت ، ومن ثم فإن الهزيمة الغربية كاملة إن شاء الله .
- البديل الوحيد المتاح أمام أمريكا هو إسقاط المنطقة في مستنقع الفتنة الطائفية ، وعدم السماح بظهور دولة سنية إسلامية في العراق وأفغانستان ، وهذا متاح لهم في العراق ، لأن هناك قوى تريد وتقبل أن تلعب هذا الدور ، وهي قوات فيلق بدر وجيش المهدي وجحافل عملاء المخابرات الإيرانية . ولكنه سيكون أصعب في أفغانستان لأسباب تتصل بعدم وجود قوى مماثلة ، ولأن التحالف الشمالي الذي تعاون مع الاحتلال في أفغانستان في البداية فقد الكثير من قوته وحماسته لأسباب كثيرة ليس هنا موضع تفصيلها .
على ضوء ما تقدم ينبغي التعامل مع حالة حكومة المالكي ومع المالكي شخصياً ، فهو أولاً ينتمي إلى حزب الدعوة ، وشديد الارتباط بالمشروع الشيعي ومتعاون مع إيران ، وهذا الحزب تحديداً مع حلفائه من الشيعة قبل القيام بدور الخيانة قبل بدء الغزو الأمريكي للعراق وأثناء الغزو ، وبعد الغزو سواء في قبول المشروع الأمريكي السياسي ، في ظل حكومة بريمر ، ثم حكومة علاوي ، ثم الحكومة الانتقالية بقيادة الجعفري ثم في تمرير الدستور الطائفي ، ثم التآمر على وحدة العراق ثم في الانتخابات الأخيرة منذ أكثر من عام وهي التي جاءت بحكومة المالكي ، ولكن كل هذا لم ينجح في التأسيس لمشروعية الاحتلال ، وبديهي أنه لن ينجح ، لسبب بسيط هو أن المقاومة السنية تمسكت بخيار المقاومة ورفض الاحتلال ، وعدم قبول التطهير العرقي للسنة .
- أن جيش المهدي وفيلق بدر وغيرهما من القوى الطائفية قد مارست التطهير العرقي على نطاق واسع ، وتسببت في قتل 200 ألف سني على أقل تقدير ، ومارست القمع والاعتقال ضد السنة ، وهدمت المساجد السنية " في تكرارا لممارسات الدولة الصفوية " ، وكان ذلك وغيره بمعرفة حكومة المالكي وتباطؤ مباشر من أجهزتها من الشرطة والجيش وهناك اختراق شيعي واسع للجيش والشرطة العراقية ومن ثم فإن الوصف الصحيح لحكومة المالكي هو وصف الحكومة الطائفية الموالية للاحتلال ، أي أن لها أجندة طائفية شيعية خاصة تحاول تحقيقها من خلال التعاون والعمالة للأجنبي .
- أن النفوذ الإيراني في العراق يتزايد بصورة خطيرة ، وأن هناك استخبارات وحرس فوري إيراني مباشر ، وهناك الأحزاب الشيعية الموالية بالكامل لإيران " معظمها تقريباً مع بعض الاستثناءات " ، وأن النفوذ الإيراني في العراق يزيد عن النفوذ الأمريكي ، ولكنه للأسف يعمل في صالح الطائفة الشيعية فقط وعلى حساب السنة تحديداً لخدمة المشروع الشيعي ، أو النفوذ الإيراني وحلم الدولة الإقليمية العظمى . بل حتى على مستوى الاقتصاد فإن إيران تهيمن على الاقتصاد العراقي ، فهناك النفط المسروق لحساب عبد العزيز الحكيم " رئيس المجلس الأعلى " والذي تبيعه إيران لحسابه ويتم اقتسام الغنيمة واستخدامها في الترويج للمذهب الشيعي ومحاولة نشره في الدول الإسلامية الأخرى ، وفي هذا الصدد تقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية 17 / 3 / 2007 أن إيران أصبحت تهيمن بشكل كبير على الاقتصاد العراقي لدرجة تقارب الاندماج نتيجة إغراق العراق بالسلع الإيرانية واعتماد الكثير من المدن العراقية على إيران للحصول على احتياجاتها الأساسية ، وأشارت إلى أنه في الوقت الذي تعمل فيه الإدارة الأمريكية على منع إيران من التدخل في العراق ، فإن السلع الإيرانية باتت تغرق المحال التجارية العراقية ، وأصبحت بعض المدن كالبصرة تشتري أو تخطط لشراء الطاقة الكهربائية من إيران .
- أن حكومة المالكي – بسماحها وتواطؤها مع فرق الموت الشيعية تسببت في هجرة حوالي 2 مليون سني من العراق إلى الخارج وكذا في طرد السنة من الكثير من المناطق في بغداد والبصرة والجنوب بهدف إقامة الدولة الشيعية المرتقبة التي سوف تستأثر بمعظم الثروات وخاصة البترول ، لحرمان المقاومة " السنية " من نيل ثمار الانتصار ، ومن ثم منع تحويل العراق إلى قاعدة للتحرر العربي والإسلامي ضد أمريكا وإسرائيل ، بل تحويلها إلى مستنقع للفتنة ، وهذا بالطبع يرضي الأمريكان جداً ، ويحقق لهم فرصة الخروج من العراق بدون خسائر استراتيجية .
- في مقابل هذا الدور المريب الذي يلعبه المالكي وحكومته لحساب أمريكا ، فإنه يستخدم القوات الأمريكية في محاولة القضاء على المقاومة السنية ، بل إنه نجح في إقناع بوش بزيادة القوات الأمريكية حوالي 22 ألف جندي ثم أربعة آلاف جندي آخرين ، ويزعم بوش أنه يريد القضاء على كل أنواع الفلتان أي المقاومة السنية وفرق الموت الشيعية ولكن التواطؤ بين فرق الموت الشيعية وحكومة المالكي جعلت الحكومة تسرب لهم الخطة ، ومن ثم فإنهم يهربون إلى إيران ، أو يختفون في الجحور حتى تمر الحملة الأمريكية ثم يظهرون من جديد ، مع بعض الأشياء الرمزية مثل القبض على بعض هؤلاء ثم الإفراج عنهم أو إدخالهم السجن من باب أمامي وإخراجهم من باب خلفي على أن توجه الضربات الحقيقية الأمريكية إلى المقاومة السنية تحديداً .
وهكذا فإن المالكي يحاول إعطاء مشروعية جديدة للاحتلال وهي مشروعية لن تحقق شيئاً حقيقياً ، لأنه لا مشروعية لأي احتلال لسبب بسيط هو أنه احتلال ! ! في مقابل القضاء على المقاومة السنية . . . ولكن هيهات . . . سوف تفشل آلة الحرب الأمريكية في القضاء على المقاومة السنية إن شاء الله ، وتفشل معها أدوات المكر الشيعي والإيراني وستبدأ العالمية الإسلامية السنية الثانية بإذن الله تعالى .