أنت هنا

عيد أبي نواس
28 رمضان 1428

كان أبو نواس شاعراً متهتكاً في العصر العباسي يتغنى بالخمر والنساء لا غير إلا ما قيل في نهاية حياته عن توبته ورجوعه عن غيه، وقد كان يستقبل أبو نواس رمضان بالضجر لفوات حظوظه من رغباته الدنيوية، بينما كان يطرب حين ينتهي رمضان ويستقبل العيد.. لم يكن في زمان أبي نواس مسلسلات لرمضان ولم يكن هناك إعلام مجنداً حينها لحرف الناس عن جادة العبادة والطاعة في شهر رمضان الفضيل، بل لم يكن هناك إعلام أساساً إلا من بعض نداءات أو خطب ومواعظ وقصص ودروس علم في مختلف شؤون الحياة..
إذ ذاك كان يمثل رمضان لأبي نواس حالة من "الاختناق الاجتماعي" تحول بينه وبين الاستماع بملذات الحياة المحرمة، لذا فقد كانت رؤية هلال العيد لديه تعنى الشيء الكثير حين يعود إلى معشوقته/الخمر، فيأخذ ينشد:
رمضان ولى هاتها يا ساقي XXXX مشتاقة زفت إلى مشتاق!
في زمن أبي نواس لم تكن هناك مراكز تجارية واسعة ليقضي بها ليلة العيد ولا كان عنده هذا الكم الهائل من البرامج والأفلام المعدة خصيصاً لتكون ملهاة عن عيد الفطر الذي يفرح المؤمن فيه بتوفيق الله له لصيام شهر رمضان وقيام لياليه وكثرة الصدقات والتعرض لنفحات الرحمن..
على كل حال؛ فقد ذهب أبي نواس بملذاته وانقضى عيده كما ستنقضي أعيادنا، وستبقى مخبوء عند الله أعياد القاضي عياض وعبد الله بن المبارك وإبراهيم بن أدهم حيث العيد له معنى آخر، ذكر لله، واجتماع على الخير، وفرحة إيمانية في ديارهم وأسواقهم ومساجدهم ومتنزهاتهم، وصلة للرحم، وتوسعة على الأهل، وتهنئة للأحباب، ولكل وجهة هو موليها، وعند الله يقضى الحساب.. "فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره"