أنت هنا

معارض الكتاب الدولية وأثرها الفكري
17 صفر 1429

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فلا شك أن الكتاب وسيلة إعلامية فعالة تعمل عملها في عقل وقلب وفكر القارئ ومن ثم تظهر على سلوكه وتصرفاته ونظرته للحياة.
وفي العقد الأخير ازداد الإقبال الكبير على الكتاب وكثرت المعارض الدولية في الدول العربية وأصبحت مطمح ومرمى المثقفين وغير المثقفين، ولا شك أن هناك ازدياداً في الإقبال على الكتاب، وما زال الكتاب الإسلامي يحتل الصدارة، وإن كان في الآونة الأخيرة تنبه المستغربون وأعداء الدين من الليبراليين في الداخل والخارج من العرب والعجم إلى أهمية الكتاب وراموا مزاحمة الكتاب الإسلامي، فاتخذوا طريقتين:
الطريقة الأولى: وهي دغدغة الشهوات ومخاطبتها وتهييجها واستخدموا أحط الأساليب التي تخطر والتي لا تخطر على عقل إنسان مسلم أو غير مسلم ولا شك أن الشهوات يتساقط عندها أناس كثر، ومن خلالها حاولوا أن يصوروا أن التمسك والعفة عقبة كؤود أمام التمتع بالشهوات والتلذذ بها، وقد نشرت كاتبة في مجلة (سيدتي) مقالاً يشيد بقصة شاب كان متزوجاً ثم طلق زوجته وأنه ما شعر بطعم الراحة والأنس إلا بعد الطلاق وبعد العيش في أحضان المومسات وأنه لما كان متزوجاً كانت تحسب عليه ساعاته وأوقات دخوله وخروجه، وهذا على سبيل المثال، وكانت الأداة الكبرى في نشر الرذيلة وتهييج الشهوات هي:
الرواية والقصة:
وقد تفنن المثقفون العرب من قوميين وشيوعيين وعلمانيين على اختلاف توجهاتهم المنحرفة في كتابة الروايات الساقطة، ولم يكن لهم أدنى تحفظ أو حياء في كتابة تلكم الروايات الفاحشة والتي كانت تفوح بالزندقة مع الإباحية وبرز كتّاب كثر في هذا المجال (أعني في الإباحية مع الزندقة)، أمثال: محمد شكري (المغرب)، نجيب محفوظ (مصر)، نوال السعداوي (مصر)، غادة السمان ( )، تركي الحمد (السعودية)، محمد الماغوط (سورية)، يوسف خال (لبنان)، حيدر حيدر (سوريا)، وغيرهم كثير.

الطريقة الثانية: القدح في الأصول والمسلمات:
والقدح في الذات الإلهية والنبوات والقرآن وجعله أمراً واقعياً وطبيعياً والإكثار منه وقد تولى كبره الحداثيون العرب ذووا الميول الإلحادية الصريحة والمستترة وقد كتبوا في ذلك كتباً ومؤلفات وكان من أبرز أدواتهم:
الدواوين الشعرية: وما يسمى بالشعر الحر أو غيره وظهر زنادقة عرب قدحوا في الرب جل وعلا، وبرزت أسماء كثيرة منها: عبد الوهاب البياتي (العراق)، بدر شاكر السياب (العراق)، محمود درويش (فلسطين)، نزار قباني (سوريا)، توفيق الصايغ، عبد العزيز المقالح (اليمن).

وبهاتين الطريقتين حاولوا نشر الكفر والإلحاد والإباحية، ولا شك أنها لم تؤت ثمارها التي يرجون، وانحسر نشاطهم في العقد الأخير وبرز الكتاب الإسلامي بقوة وكانت له شعبية كبيرة، ومع ظهور الانفتاح الإعلامي الكبير في الخمس السنوات الأخيرة وظهر أثر التغريب على الأمة عادوا للكتابة وبالتحديد العلمانيون في السعودية، ووجدوها فرصة لنشر ما كان محذوراً في عقود مضت، وتولى كبرها وزير الإعلام ومن معه، وكانوا يملكون الجرأة والشجاعة وللأسف في الباطل، وظهر ذلك جلياً في المعرض الدولي الأول والثاني أما الأول فبرزت الجرأة أكثر في الندوات، وكانت المواجهة قوية وفوق ما تصوروا، وخططوا للمعرض الثاني وفاجأوا الجميع بما لم يخطر على الحسبان بفسح جميع الكتب التي منعت حتى في بعض الدول الغربية والعربية، وفسحت الكتب السابقة الآنفة الذكر، وبيعت كتب الإلحاد بل عملت دعايات لبعضها مثل ما فعلت دار الريس لدواوين محمود درويش، وزادوا الطين بلة في الفسح لكل الكتب الإباحية وخاصة الروايات الماجنة وركزوا في المعرض على الروايات من كتاب وكاتبات سعوديين مثل (روايات زينب حفني – رواية الآخرون صبا الحرز – اختلاس لهاني نقشبندي – فسوق لعبده خال -...)، أما الروايات الأجنبية التي منعت في بعض الدول الغربية لفحشها وخروجها عن حد الذوق عند الكفار فضلاً عند المسلمين فقد بيعت بعض الروايات وأعتذر عن ذكر أسمائها.

الملاحظات العامة على معرض الرياض الأخير:
1 – ما حدث في المعرض كان أمراً مخططاً ومنظماً ولم تكن مبادرات فردية والشواهد ما يلي:
أ – حاول المنظمون أن يخفوا نوعية الكتب قبل المعرض وفي هذا دليل على أن الأمر مبيت فقط اطلعنا على القرص الإلكتروني الخاص بفهرس الكتب في المعرض فوجدنا فيه كذباً وإخفاءً للكتب السيئة فعلى سبيل المثال: فهرس دار الساقي (وهي دار تغريبية إباحية تمول من قبل أمريكا) كتب في الفهرس مؤلفات للشيخ ابن عثيمين وتفسير ابن كثير وبعض الكتب التي ليست عليها ملاحظات، وفي الواقع هذه المكتبة لا تبيع الكتب التراثية الإسلامية بل تبيع كتب الحداثيين والروايات الماجنة التي أشرنا إليها.

ب – عندما نوصح وكيل الوزارة السبيل عن الموضوع وكتبت له أسماء الكتب ودخل عليه عدد من طلاب العلم في أوقات متفاوتة وعد وأظهر الحماس في منعها وكان الغرض هو إسكات صوت الناصحين لأن الوضع لم يتغير وازداد سوءاً بل أعطيت التعليمات للمراقبين بعدم سحب أي كتاب ولما مر الوكيل على دار الساقي أثنى عليهم ومدح كانت الكتب التي يعرف أن عليها الملاحظات أمامه مما يدل على التواطؤ وتعمد نشر هذه الكتب.

ج – ظهر الانزعاج والخوف من قبل المسؤول عن الرقابة ومحاولة منع بعض المشايخ للوصول إلى الدور التي تبيع الكتب الإلحادية والإباحية مثل دار الجمل ومثل ما حصل مع الشيخ البراك.

2 – ما حصل سابقة لم تحدث حتى في الدول العربية العلمانية حيثتعجب بعض أصحاب الدور المعروفين بعلمنتهم بل عرف بعضهم بزندقته أنهم لم يطالبوا حتى بالقوائم للكتب، وهذا فيه تجاوز وجرأة غريبة.

3 – يظهر من سياسة هؤلاء هو أن يقوموا بأشنع أمر يتصوره المسلم حتى يمرروا ما دونه من منكرات وهنا يجب التنبه لكل المخالفات في النشر وكذلك في السلوك العام كالاختلاط والتبرج وغيره.

4 – كان التلميع والثناء على المعرض وإبراز النجاح من قبل وزارة الإعلام متكلفاً بشكل غير عادي مما يدل على إصرار الوزارة على هذا الخط التغريبي العلماني للبلد.

5 – كان الإقبال كبيراً على هذه الكتب والروايات حيث إن بعضها نفد وجيء بكميات كبيرة وخاصة الإقبال من الفتيات اللاتي في سن المراهقة وهذا له أثره السيئ مستقبلاً.

6 – تحمل المنظمون للمعرض تبعة رفع الرقابة عن الكتب حيث سوف تفسح بعض الكتب المعارضة سياسياً للحكومة بأنها سوف تنسى في خضم الانفتاح وكثرة الإقبال فعلى سبيل المثال (رواية مدن الملح) للمعارض السياسي عبدالرحمن المنيف والتي كانت ممنوعة في غالب الدول العربية وإن بيعت بيعت من تحت الطاولة كما يقولون.

7 – لم يكن المواجهة الإنكار يتناسب مع حجم المنكر بل كان دونه بمراحل ولعل السبب أن الجميع لم يكن يتصور أن تصل بهم الجرأة إلى هذا الحد.

8 – محاولة سعودة الانحراف والإباحية فأبرزت بعض الدور المعروف بعمالتها للغرب مثل دار الساقي عدداً كبيراً من الروايات الماجنة لكتاب وكاتبات سعوديين حتى يوطنوا الانحراف والفساد، والمتتبع يجزم أن بعضها تحمل أسماء مستعارة وأن هناك من كتبها بغرض الإفساد ومحاولة جعلها أمراً وطنياً كما يقولون.

مقترحات حول معرض الكتاب القادم في شهر صفر الخير 1429هـ:
أولاً: يجب أن ينشر التقرير السابق في وسائل الإعلام المتاحة كالإنترنت وأن يذكر بالانحراف والتجاوزات في المعرض السابق ويرفع لجميع المسؤولين والعلماء.

ثانياً: استصدار فتاوى تنشر حول بعض العبارات والمقولات الكفرية التي لا يختلف فيها اثنان مما نشر في المعرض وأن يكون الحكم واضحاً وأنه كفر وردة حتى يرتدع هؤلاء عن نشره ويشار في الفتوى لحكم نشره والتستر عليه والدعاية له.

ثالثاً: أن تجمع من الآن أسماء الدور المشاركة والكتب التي سوف تباع، وأن يطالب من الآن بمنع بعض الدور من الدخول لأن الأصل في مبيعاتها أنها تبيع الكفر والزندقة والإباحية مثل: دار الساقي (لبنان) – دار الجمل (ألمانيا) – دار المدى (سوريا).

رابعاً: كتابة المقالات في الصحف من الآن وفي الإنترنت عن مساوئ المعرض السابق واستنهاض الرأي العام وحضه على الاحتساب على ما ينشر وجمع التوقيعات في المواقع المشهورة بالمطالبة بالرقابة على ما ينشر.

خامساً: إبراز الآثار السيئة التربوية والسلوكية وقبلها العقدية والأمنية على هذا الانفلات الفكري في المعرض من خلال ندوات فضائية من قبل متخصصين وكذلك من قبل المقالات المنشورة.

سادساً: التواصل مع المسؤولين في وزارة الإعلام من الآن وكذلك الداخلية والملك وولي العهد والإفتاء وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزارة الشؤون الإسلامية.

سابعاً: توجيه رسائل للمفكرين والمثقفين وأساتذة الجامعات والعلماء قبلهم وطلاب العلم وتزويدهم بتقرير المعرض السابق واستنهاض هممهم للمشاركة في كل ما سبق من خطوات لمواجهة الفساد الفكري المتوقع من المعرض.

ثامناً: إعداد خطة إعلامية متكاملة ويرشح أن يتفق مع مركز الرشيد وتشتمل على ما يلي:
1- تنسيق وإعداد البرامج الإعلامية في القنوات حول المعرض وحول النشر عموماً والتجاوزات التي حصلت والتي لا سمح الله سوف تحصل.
2- التواصل مع الإعلاميين المحافظين وتزويدهم بالتقرير السابق واستكتابهم حول الموضوع.
3- رصد ما يكتب في الصحف عن المعرض قبل بدئه وتزويد المشايخ وطلاب العلم والمهتمين بتقرير مفصل.
4- إعداد قائمة وإرسال رسائل جوال عن المعرض وما يجب أن يقوم به الدعاة والمثقفون لمواجهة الباطل قبل وقوعه وكذلك التعريف بالتجاوزات بعد وقوعها.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.