أنت هنا

ومضة حول اختراق: معرض الكتاب الدولي..!
18 صفر 1429

لم يكن معرض الكتاب الدولي الذي أُقيم في الرياض العام الماضي وهذا العام حدثاً غريباً ولا شيئاً جديداً على حياة الناس في المملكة.. فقد مهدت له وهيأت الأجواء النفسية للفرحة به.. بعض الجامعات السعودية.. منذ سنوات عديدة، حيث اشتركت في هذه المعارض دور النشر السعودية وعدد من دور النشر العربية.. وكان الإقبال على هذه المعارض وإفراغ كثير من رفوفها في نهاية أيام المعرض.. دليلاً على وعي المجتمع السعودي.. ورغبته في إثراء معارفه الإنسانية، ودليلاً على صداقته للكتاب الذي يبني شخصيته ويقربه من مواكبة الحياة المعاصرة، بما فيها من خير يتبناه.. أو شر يتوقاه، على حد قول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أنْ أقع فيه).

ومواكبة لمسيرة الإصلاح الشاملة التي يقودها بنجاح مستمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - زاده الله توفيقاً - حصل المجتمع السعودي على طموحات كثيرة من طموحاته الخيرة.. التي كان ينشدها ويهمني منها في هذا المقام فتحه أبواب (الحرية) البناءة على مصراعيها في الفكر والرأي والتعبير.
ومن هذه البوابة المرهوبة المرغوبة.. أعطى لوزارة الثقافة والإعلام، السماح المفتوح بإقامة معرض الكتاب الدولي السنوي في الرياض بإشرافها وإدارتها له.

وكانت المفاجأة التي لفتت الأنظار والأفكار، أن كثيراً من دور النشر العربية وغير العربية المشاركة قد حملت معها إلى هذا المعرض كل مطبوعاتها ومنشوراتها.. دون (تحرج) مما تحرَّج منه معرض الكتاب الدولي في القاهرة. وهو أكبر معارض الكتب في منطقة الشرق العربي وأقدمها.

هذا الانفتاح يُحسب للمملكة العربية السعودية ويجعلها من أكثر الدول العربية حريةً في الرأي والفكر من مقروء ومشاهد ومسموع, فلا يحق لأحد أن يراهن على ما يتمتع به الشعب السعودي من صعود وتجاوز للمألوف في حرية القول والعمل.. ولكن دون الفوضى أو الاعتداء على المثل والقيم الإسلامية أو الأمن والاستقرار والطمأنينة النفسية والاجتماعية للمواطن والمقيم في طول البلاد وعرضها..

صحيح أن الكتب التي كانت ممنوعة أو مشبوهة.. كالكتب الإلحادية والروايات التفسخية.. قد حطت رحالها بكل جسارة في معرض الكتاب هذا العام وبِيعت بكميات كبيرة.. والذين اشتروها لم يشتروها لاستفادة علمية أو ثقافية، وإنما لأنها ممنوعة.. وكل ممنوع مرغوب، وقد أخبرني أحدهم أن (دار الجمل) أو (دار الجهل) التي تنشر كتب عبدالله القصيمي وما على شاكلتها.. كانت تتفرس في وجوه الذين يسألون عن كتبه!! فإن كان وجهه ينم عن (تدين) أنكرت أن يكون لديها شيء من هذه الكتب.. وإن كان وجهه ولحن القول فيه لا ينم عن توجه معين.. أحضرت له الكتاب الذي يريده من تحت الركام..!

لا أعتقد أن المسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام يلامون على افتتاح المجال لدور النشر العربية والأجنبية.. أن تحضر مطبوعاتها ومنشوراتها وتبيعها على رواد المعرض أياً كانت اعتماداً على (الخط) الذي أصبحت تسير عليه حكومة المملكة.. بإشاعة (حرية القراءة) كجزء من الحرية العامة التي تتعامل بها مع الشعب السعودي. في السنوات الأخيرة.. واعتماداً كذلك على صحة العقيدة الإسلامية وقوتها في أبناء وبنات هذا الوطن.. الذين سيميزون بين الطيب والخبيث فيما هم يقرؤونه.

أكثرية الذين يقرؤون كتب الإلحاد والزندقة والتفسخ الخلقي.. يقرؤونها للتسلح والتصادم معها.. ولمعرفة فكر صاحب هذا الكتاب أو ذاك وأخذ الحذر من تأثيره على البسطاء من الناس الذين لم يتحصنوا عن الفكر المنحرف بالفكر السليم تعلماً وتعليماً.

ولا شك أنَّ كلاً منَّا سيُحاسَب يوم الحساب عن كل ما كتبته يداه، وكل ما تلفظ به لسانه، وما عملته جوارحه، وما وقر في قلبه، ولات ساعة مندم حينذاك!
"هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ".
"اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا".