الشرق أوسطية ... للحقيقة وجه آخر !!
17 ربيع الثاني 1424

أمركة العالم والهيمنة عليه هدف استراتيجي للإدارة الأمريكية أعلنت عن ذلك صراحة في بيان صدر عنها في سبتمبر 2002 م تحدد فيه ملامح استراتيجيتها الأمنية في المرحلة المقبلة جاء في مقدمته : (إن إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي ستعتمد أساسًا على تعاون أمريكي ملموس مع دول العالم؛ ذلك التعاون الذي سيعكس مزجًا بين القيم الأمريكية من جهة، وبين المصالح القومية الأمريكية من جهة أخرى) <BR>ويصبح أمر تغيير هذه الاستراتيجية بالغ الصعوبة بل يعد درباً من المستحيل إذا استندت هذه الاستراتيجية إلى معتقدات دينية وقوة طاغية وهذا ما ينطبق على الإدارة الأمريكية التي يسيطر عليها اليمين المتصهين وإيمان بوش بمعتقداتهم التي ترى أن وجود دولة (إسرائيل) مقدمة ضرورية لمجيء المسيح المنتظر ، ونهاية العالم ، وإقامة حكم المسيح وحوارييه!! <BR>وإذا كان احتلال العراق هو بداية لتغيير المنطقة وفرض الأجندة الأمريكية عليها كما صرح بذلك كولن باول .<BR>في هذا الإطار يمكن لنا أن نفهم مبادرة بوش بعد احتلاله العراق حينما أعلن في 9 مايو الماضي بجامعة كارولينا الجنوبية في كولومبيا عن عزمه على <font color="#FF0000"> (إقامة منطقة للتبادل الحر بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط في السنوات العشر المقبلة) </font> مشترطاً لتنفيذ ذلك عدة إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب ليأخذ بالسياسة والاقتصاد ما لم يستطع أخذه بالحرب حالياً لعدة أسباب أهمها: <BR>* أن الأمر في العراق لم يستقر بعد وأن الأرض العراقية مازالت تموج من تحت أقدام جنود الاحتلال ولم تستقبل بالورود من قبل الشعب العراقي كما كان يظن البعض بل إن المقاومة المسلحة لقوات الاحتلال تزداد يوماً بعد يوم مما دفع الإدارة الأمريكية إلى طلب المزيد من القوات لمواجهة المقاومة العراقية !<BR>* أن التحالف الدولي الرسمي والشعبي المناهض للحرب والهيمنة الأمريكية والسيطرة على مقدرات وخيرات الشعوب إن كان قد قبل بالأمر الواقع على مضض في العراق إلا أنه لن يسمح بتكراره مع دولة أخرى فعلى المستوى الرسمي فها نحن ذا نرى اتفاق ألمانيا وفرنسا وروسيا إضافة إلى بلجيكا ولوكسمبورج على تكوين قوة تدخل أوربي سريع ودعوة سواها من الدول الأوربية للانضمام إليها لتكوين جيش أوربي موحد ، وعلى المستوى الشعبي تكونت العديد من المنظمات والهيئات في العالم أخذت على عاتقها فضح وكشف مخططات اليمين المتصهين في الإدارة الأمريكية وتجييش الشعوب للوقوف في وجه الظلم والعدوان الأمريكي لعل آخرها تكوين ما يعرف بالحملة العالمية لمناهضة العدوان تضم في عضويتها العديد من العلماء و الهيئات والشخصيات الفاعلة في المجتمعات العربية والإسلامية ويتولى أمانتها فضيلة الشيخ الدكتور سفر الحوالي .<BR>* تمكين الحزب الأمريكي الجديد من السيطرة على مقاليد الأمور في المنطقة بعد التخلص من الحزب الأمريكي القديم بعد أن أدى دوره في المنطقة وأصبح يشكل عبئاً على الإدارة الأمريكية لكثرة مطالبه إضافة إلى عدم تجاوب بعض أعضاءه مع الأمريكان بالصورة المطلوبة أثناء الأزمة العراقية .<BR>* أن الانتخابات الأمريكية على الأبواب والاقتصاد الأمريكي يعاني من ركود دفعت وزير الخزانة الأمريكي للاستقالة وإن كانت الحسابات الأمريكية بنيت على انتعاش الاقتصاد بالاستيلاء على بترول العراق وعقود إعادة الإعمار إلا أنه مع تنامي المقاومة واستهدفها تدمير أنابيب تصدير النفط كهدف استراتيجي للمقاومة يجعل من أحلام الإدارة الأمريكية بالاستمتاع بالغنائم محض خيال! <BR>هذا الأمر دفع الإدارة الأمريكية لإعادة النظر في وسائلها بعد احتلال العراق وتقديم الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية مع التلويح باستخدام القوة إن لزم الأمر بهدف محاصرة هذا التوجه المناهض لهيمنتها ووأده وهو مازال في المهد صبيا ! <BR><font color="#0000FF"> من هذا المنطلق انطلقت الدبلوماسية الأمريكية على محورين : </font><BR><font color="#0000FF"> المحور الأول : </font> تمثل في الرحلات المكوكية لوزير الخارجية كولن باول للدول الأوربية وروسيا والصين لتوزيع الهبات وصكوك الغفران ومحاولة كسر شوكة التحالف الفرنسي الألماني الجديد وتراجع الصقور عن لغة التهديد والوعيد التي علت في أعقاب سقوط بغداد، ولأن هذا التحالف تحكمه المصالح قبل المبادئ فقد نجح باول في خلخلة الموقف الأوربي بعض الشيء خلاصته صدور القرار 1483 الصادر من مجلس الامن معترفاً بالولايات المتحدة وبريطانيا كسلطة احتلال للعراق بما يعني أن العراق أصبح مستعمرة أمريكية وحتى إشعار آخر ، ، وعلى أية الأحوال يجمع المراقبون على أن العلاقات الأمريكية الأوربية لن تعود إلى سابق عهدها !! <BR><font color="#0000FF"> المحور الثاني : </font> تمثل في اتجاهين الأول الإعلان عن خريطة الطريق، و الثاني الإعلان عن إقامة منطقة للتبادل الحر بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط في السنوات العشر المقبلة مشترطاً لتنفيذ ذلك عدة إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وتعليمية! وجاءت زيارة بوش الأخيرة للمنطقة والتي بدأت بقمة شرم الشيخ و انتهت بقمة العقبة لتفعيل هذا المحور والدفع به إلى الأمام ترجمة عملية لهذا التوجه. <BR>وعندما تم الإعلان عن ذلك فإذا بحزب – ماما أمريكا - الرسمي وغير الرسمي في المنطقة يهلل فرحاً، هاهو بوش قد وفى بوعوده وأن الدولة الفلسطينية سترى النور في 2005م ، وأن الشعوب العربية ستنعم بالحرية والرخاء الاقتصادي ، وأن كل ما أعلن من خطط استراتيجية للهيمنة والسيطرة على لسان المسؤولين في الإدارة الأمريكية وغير المسؤولين ما هو إلا كلام للاستهلاك الإعلامي!! <BR>ولو عقل هؤلاء ما تنطوي عليه خطة بوش وإصلاحاته من شروط ومتطلبات لأدركوا – لو نجح بوش في مخططه وكانوا في مواقعهم - أنهم أول الخاسرين وأنهم سيخرجون كما يقال من (المولد بلا حمص) ولكن بعد خراب مالطة ولهم في صدام عبرة لو كانوا يعقلون ! إن ما يطمح إليه بوش من وراء خطته هذه هو السيطرة على المنطقة كلها بعد أن سيطر على بغداد ولكن بصورة أخرى !!<BR>ويقولون لك ... ما الدليل ؟ ولماذا هذا التشاؤم ؟<BR>ولكي يكون الجواب صحيحاً يجب أن نزن الأمور بالميزان الصحيح فمن الثابت أن لأي احتلال عدة أهداف استراتيجية أهمها :<BR><font color="#0000FF">* الهيمنة السياسية والعسكرية </br>* الهيمنة الاقتصادية . </br>* الهيمنة الفكرية. </font><BR>وإذا طبقنا هذا الميزان على مخططات الإدارة الأمريكية الطامحة إلى الهيمنة على المنطقة والعالم وما تنطوي عليه خطة بوش وإصلاحاته المزعومة ومتطلباتها التنفيذية وجدنا أن منطقة الشرق الأوسط – وهذا ليس بجديد - هي قلب العالم وحجر الزاوية فيه قديماً وحديثاً لأي قوة تريد أن تهيمن على العالم لما تتمتع به هذه المنطقة من موقع استراتيجي حاكم متحكم ، وخيرات اقتصادية متعددة فاعلة أهمها البترول، وعمق ديني وقيمي وثقافي طويل الامتداد ومرشح لمنافسة الهيمنة الأمريكية، وكما قيل أن من يحكم الشرق الأوسط يحكم العالم من هذا المنطلق كان إصرار الإدارات الأمريكية المتعاقبة على فرض الهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية على المنطقة ومن ثم العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية واعتبار نفسها الوريث الشرعي للإمبراطورية البريطانية فعمدت إلى عدة خطوات لفرض هيمنتها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي :<BR>* الدعم المتواصل وغير المحدود للكيان الصهيوني وضمان تفوقه على العرب جميعاً واعتبارها حليف استراتيجي لها في المنطقة.<BR>* دعم العديد من الانقلابات العسكرية في المنطقة والإتيان بأنظمة تابعة لها.<BR>* عقد العديد من الاتفاقيات العسكرية التي بموجبها تم منح الأمريكان تسهيلات عسكرية وإنشاء عدد من القواعد العسكرية في المنطقة .<BR>* دعم وتشجيع مبادرات الصلح الانفرادية مع الكيان الصهيوني والتي أدت إلى تشرذم الموقف العربي وإعطاء الصهاينة بالسياسة ما لم يأخذوه بالحرب، وفي نفس الوقت دعم وصناعة الصراعات في بين الدول العربية والإسلامية (حرب الخليج الأولى ، حرب الخليج الثانية) والتي انتهت بتمركز القوات الأمريكية في المنطقة واستنزاف خيراتها والسيطرة على بترول المنطقة وفرض الحصار على العراق لتدميرها فيما بعد.<BR>* العمل على امتلاك أكبر قوة عسكرية في العالم مزودة بأحدث التقنيات العسكرية لإرهاب العالم أجمع وعدم التردد في استخدامها إن لزم الأمر (هيروشيما ونجازاكي، أفغانستان ، العراق).<BR>* وتم تتويج هذه الاستراتيجية باحتلال عسكري للعراق ليكون نقطة ارتكاز وقاعدة انطلاق لفرض الهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية على المنطقة باعتبار العراق نموذج يمكن تطبيقه على كل دولة ترفض الدخول في بيت الطاعة الأمريكي.<BR>وباحتلال العراق وما نتج عنه من هرولة الجميع في المنطقة للدخول في بيت الطاعة الأمريكي تكون الهيمنة العسكرية والسياسية للأمريكان قد تمت بطريقة أو بأخرى ولكن لكي تستمر هذه الهيمنة وتؤتي أكلها لابد من فرض الهيمنة الفكرية والاقتصادية بالقضاء على كل القوى المناهضة للهيمنة الأمريكية في المنطقة سواء كانت أفكاراً أو أحزاباً أو مؤسسات وقوانين وهذا هو هدف بوش من طرحه لمشروع الشراكة الاقتصادية مشترطاً عدة إصلاحات تعليمية وقانونية واجتماعية وسياسية وتوفيراً للجهد والوقت تم تفويض الحزب الأمريكي القديم بتنفيذ ما يلي:<BR>* <font color="#0000FF"> تغيير المناهج التعليمية (لأنها محاضن للفكر الإرهابي من وجهة نظرهم) </font>وإنشاء العديد من المنظمات والهيئات التربوية والإعلامية التي تنشر ثقافة السلام الأمريكية، وتغيير بعض القوانين بما يتفق مع هذه التوجهات لإخراج جيل لا هوية له، وديدنه تفضيل أسفله على أعلاه يسهل توجيهه وقيادته وبذلك تتحقق الهيمنة الفكرية.<BR>* <font color="#0000FF"> محاربة الإرهاب وفقاً للمفهوم الأمريكي للإرهاب الذي يعني أول ما يعني من خلال تطبيقهم العملي لهذا المفهوم محاربة الإسلام والداعين إليه أفراداً أو مؤسسات لوقوفهم سداً منيعاً أمام المخطط الأمريكي. </font> كذلك عدم الاعتراف بحق الشعوب في مقاومة الظلم والعدوان وتقرير مستقبلها وفق ما تعتقده وتؤمن به وذلك بالتخلص من القوى المناهضة لأمريكا وإسرائيل بالمنطقة والتي ازدادت تماسكاً وفعالية قبل وبعد احتلال العراق، حيث قال بوش : (يتوجب على الدول العربية أن تحارب الإرهاب بجميع أشكاله) وقد كان هذا الأمر أشد وضوحاً في قمتيّ شرم الشيخ والعقبة الأخيرتين.<BR>* <font color="#0000FF"> الاعتراف بإسرائيل وتحقيق الأمن لها وذلك بالقضاء أولاً على كل القوى والمنظمات المجاهدة في فلسطين وفق ما نصت عليه خريطة الطريق قبل أي مفاوضات وجعل ذلك نقطة الارتكاز الرئيسة في هذه الشراكة الأمريكية حيث قال بوش على الدول العربية (أن تقر وتعترف بحقيقة حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية، بسلام مع جيرانها). </font> وقد أوضحت كوندليزا رايس هذا الأمر بوضوح أكثر أثناء زيارتها الأخيرة إلى إسرائيل بقولها (لقد أثبتت الولايات المتحدة، على مرّ السنوات, أنها صديقة يمكنكم الاعتماد عليها اعتقد أن الرئيس الحالي أثبت أنه صديق يمكنكم الاعتماد عليه والإدارة الأمريكية الحالية تؤمن أن أمن إسرائيل هو المفتاح المطلق ليس للأمن في المنطقة فحسب، وإنما لأمن العالم أيضاً ، ؛ نحن ملتزمون بضمان مستقبل إسرائيل. وستكون إسرائيل دولة يهودية وستكون محمية , نحن ملتزمون بتحقيق حلم الدولتين ونحن ملتزمون ببلورة شرق أوسط يكون مغايراً عن كل ما كان عليه في الماضي)<BR>وإذا تم النجاح في هذا يتم التخلص من الحزب الأمريكي القديم ليحل محله حزب (ماما أمريكا) للأسباب التي سبق ذكرها تحت مسمى الإصلاحات السياسية، والاستيلاء على خيرات البلاد دون جهد يبذل بإقامة منطقة للتبادل التجاري الحر الأمر الذي يتطلب إزالة كافة الحواجز والعوائق الجمركية بين أمريكا ودول المنطقة ؛ بحيث يتم تبادل السلع والخدمات دون قيد أو شرط ، وهذا يعني أن المستفيد الأكبر والغلبة ستكون للطرف الأقوى اقتصادياً وتكنولوجياً وفنياً وإنتاجياً وهم الأمريكان والصهاينة فكما يقول الخبراء ( أن السلع الأمريكية والصهيونية ستنعم بحرية التدفق للأسواق العربية عكس نظيرتها من السلع العربية، وذلك نظرًا للفارق الكبير في مستوى الجودة والكفاءة بين الطرفين؛ وهو ما قد يترتب عليه نتيجتان، كلتاهما سلبية: الأولى إغراق الأسواق العربية بالمنتجات الأمريكية والصهيونية دون رقيب أو حسيب، وهو ما قد ينجم عنه كساد المنتجات المحلية؛ نظرًا لعدم قدرتها علي منافسة نظيرتها الأمريكية والصهيونية، والثانية هي ضرب الصناعات العربية الناشئة في مقتل، وضياع مستقبلها في ظل المنافسة غير العادلة) ليصبح حلم الصهيوني شيمون بيرز حقيقة واقعة والذي سبق وأن طرحه في أعقاب توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993 حول شرق أوسط جديد يقوم على 3 أسس، هي: التكنولوجيا الإسرائيلية، والمال والأسواق الاستهلاكية، والعمالة العربية الرخيصة!<BR>وبهذا تتم السيطرة والهيمنة ، وإن لم يكن هذا صورة من صور الاحتلال فماذا يكون ؟ ! حتى وإن زعم بوش غير ذلك وإن تعجب فعجب قوله في خطاب ألقاه في حفل تخرج أقيم في جامعة ساوث كارولاينا : أن (الناس لا يشتغلون ويبدعون إلا في إطار الحرية.. وأنه لا سبيل بعد الآن ليتحكم المستبدون في مصير المسلمين الذين يشكلون خمس سكان العالم ).<BR>وعبر بوش عن اعتقاده بأن شعوب دول الشرق الأوسط (جديرة بأن تكون قادرة على المشاركة في الرخاء الاقتصادي الذي تنعم به مناطق كثيرة أخرى في العالم ). <BR>وكأننا لم نسمع بأخبار من مضى ولم نرى في الباقين ما يصنع اليمين المتصهين! (في أفغانستان ، وفلسطين ، وفي العراق ) فقد درست في صغري قصة تقول : <BR><font color="#FF0000">برز الثعلب يوماً في ثياب الواعظينا ، فمشى في الأرض يسب الماكرينا ، ويقول الحمد الله رب العالمينا، ياعباد الله توبوا وازهدوا في العيش فإن العيش عيش الزاهدينا ، واطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبح فينا، فأتى الديك رسولُ من إمام الناسيكنا ، عرض الأمر عليه وهو يرجو أن يلينا ، فأجاب الديك عذراً يا أضل المهتدينا ، بلّغ الثعلب عني عن جدود صالحينا من ذوي التيجان (عرف الديك) ممن دخلوا البطن اللعينا (بطن الثعلب) أنهم قالوا وخير القول قول العارفينا مخطئء من ظن يوماً أن للثعلب دينا.ً مخطئء من ظن يوماً أن للثعلب دينا...ً </font><BR><BR><BR><BR><BR><BR><br>