بوش يتحدث كثيرا هذه الأيام فماذا يقول ؟
13 رمضان 1424

ليس غريبا أن تكثر خطابات الرئيس الأمريكي جورج بوش مؤخراً مع كثرة الحديث عن مأزقه ومأزق إدارته في العراق، وتكرار الحديث في وسائل الإعلام الأمريكية عن الذكرى الفيتنامية الأليمة، والربط بينها من قريب أو من بعيد بما يحصل في العراق هذه الأيام . <BR><BR>لابد لبوش أن يتحدث، وأن يقول أي شيء فليس من المقبول أبداً أن يصمت في ظل تزايد الانتقادات الشعبية والرسمية على أداء قواته في العراق، وتزايد الخسائر البشرية يوماً بعد على رغم التعتيم الإعلامي الرهيب الذي يمارس ويحجب جراءه عن الشعب الأمريكي حقيقة المذابح التي يقاد إليها الجنود الأمريكان مع كل إشراقة يوم جديد. <BR><BR>تحدث بوش مؤخراً في واشنطن ، فماذا قال في خطابه الأخير ؟ <BR>إنه كما في خطاباته السابقة يعيد التسويغ والتبرير لحربه على العراق، ولكنه هذه المرة لم يذكر لنا أو لشعبه شيئاً عن أسلحة الدمار الشامل، ولم يتحدث عن القنبلة النووية العراقية التي يمكن أن تعد في ظرف أيام، ولم يقل شيئاً عن الأسلحة الجرثومية التي يمكن أن تهدد الشعب الأمريكي فليس أبداً من مصلحته أن يذكر الناس بهذا الأمر وقد كادوا أن ينسوه، وينسوا معه كذب الإدارة الأمريكية وتضخميها لأمر لم يكن له أدنى مصداقية بشهادة كبير المفتشين الأمريكيين الذي أرسلته واشنطن بعد الحرب، وأصدر تقريراً نفى فيه عثور الأمريكيين على أية دلائل على وجود أسلحة الدمار الشامل<BR><BR>إنه هذه المرة يقول: إن الحرب قامت لنشر الديمقراطية في بلدان الشرق الأوسط التي تعاني الحرمان والفقر والتخلف السياسي، ولإنهاء ما سماه (عقود من الحرمان والكبت ) <BR><BR>والحقيقة أن مثل بوش في لجوئه لهذا العذر لتبرير الحرب على العراق مثل المستجير من الرمضاء بالنار، وهو تسويغ لا ندري من يمكن أن يقتنع به أهو المواطن الأمريكي أم المواطن العربي ؟<BR><BR>ماذا يهم العمال الأمريكيون المنهكون في مصانع ديترويت أو المزارعون البسطاء في حقول بنسلفانيا أو حتى المشردين في أزقة نيويورك القذرة إن كانت الديمقراطية ستقوم في بلدان الشرق الأوسط أم لا ؟ كيف لأولئك البسطاء أن يقبلوا التضحية بأبنائهم، وصرف الأموال التي يرون أنهم أحق بها في سبيل قضية لا تخصهم من قريب ولا من بعيد في بلاد تبعد عنهم آلاف الأميال ؟<BR><BR>أما المواطن العربي، والذي يتهم بأنه أكثر الناس اشتغالاً بالسياسية، وأقلهم حظاً في التمتع بمنافعها، فهو يعلم أن أمريكا دعمت الأنظمة الديكتاتورية طوال سنين، وكانت لها أدوار مشهودة ومشبوهة طوال ( عقود الحرمان والكبت ) كما يسميها بوش بلهجة الأسى والأسف !<BR> فما سر صحوة الضمير التي حلت على أمريكا فجأة وأغرتها أن تدفع دماء أبنائها ثمناً لحرية المواطن العربي وكرامته ؟<BR><BR>ماذا قال بوش أيضاً ؟<BR>أراد بوش أن يوصل رسالة تحذير إلى ثلاثة بلدان،هي: سوريا، وإيران، والسعودية، ومآخذ بوش الظاهرية على هذه البلدان الثلاثة تبدو بريئة كل البراءة، فسوريا فيها بعض الحكام الذين طبقوا الاشتراكية، وفرضوا الخوف على شعوبهم والنظام الديكتاتوري ، والسعودية من الدول الدينية التي حتى وإن كان لديها موارد طبيعية فإنها تثقل الإبداع ولا تستفيد من قدرات نسائها، وإيران مطالبة بتلبية التطلعات الديمقراطية المتنامية لمواطنيها، و عدم رضوخها لذلك سيفقدها شرعيتها، فلماذا توضع الدول هذه على المحك دون غيرها ؟ وهل في مصر مثلاً نظام ديمقراطي حقيقي يستحق أن يشيد به بوش حين يقول عنه: هذا البلد ( مصر ) يجب أن يكون رائداً في السلام والديمقراطية؟!<BR>كذب بوش وما ذلك عنه بغريب، فالحديث عن البلدان الثلاثة لا صلة له بالديمقراطية لا من قريب ولا من بعيد، بل هو متعلق بدماء الجنود الأمريكان التي تراق على ثرى العراق بلا حساب، إنها البلدان الثلاثة التي تتهم بأنه تسمح للمقاتلين بالعبور إلى العراق عبر أراضيها !<BR><BR>فتش عن العراق ومأزق العراق !<BR><br>