انسحاب أمريكا.. انتصار أم انحسار للمقاومة ؟
15 شوال 1424

"لا يوجد احتلال بدون مقاومة، ولا توجد مقاومة بدون احتلال" هذه حقيقة معلومة من الواقع بالضرورة، والإدارة الأمريكية تبدو هذه الأيام مقتنعة بها للخروج من المأزق العراقي، لكن مع فارق يسير، وهو تنفيذ انسحاب شكلي بالقدر الذي ينهي المقاومة عن طريق إنهاء مسوغاتها ، وهنا تلوح في الأفق خبرة الاستعمار القديمة. <BR> وهذه الفكرة باتت تلقى رواجاً كبيراً في أروقة إدارة بوش، فهم يعلمون أن حركات المقاومة تفتقر دوماً إلى أهداف، وأن تقليص مساحة الأهداف المتاحة يمكن أن يؤدي إلى أحد أمرين:</br> إما ذوبان المقاومة وانكماشها، وإما سقوطها في مستنقع الأهداف البديلة، والتي غالباً ما تكسر القواعد ،وتتخطى الخطوط الحمراء في تجنب الخسائر بين العراقيين أنفسهم، ولذلك أصبحوا يرددون "لماذا نقدم لهم خبز الحياة الذي هو جنودنا؟.. فلننسحب قليلاً حتى يموتوا، ولنحتفل مع العراقيين بانتهاء مرحلة الاحتلال"، والعقدة هنا تكمن في قدرة الأمريكيين على تقديم سيناريو مقنع ينهي الاحتلال صورياً، ويوقع المقاومة في أحد الخيارين السابقين.<BR><BR>وفي هذا السياق أعلن مسؤولون أمريكيون عن اعتماد نمط تفكيكي للدولة سبق أن نفذته في البوسنة، وهو تبادل الحكم بين الطوائف الرئيسة: سنة، شيعة، أكراد، مع البحث عن قيادات سياسية مقنعة لطائفة أهل السنة، وفسح المجال لعدد أكبر من الطائفة في مجلس الحكم الموسع، ودولياً أُعلن عن استعداد أمريكا للخضوع لإدارة دولية للعراق، وهذا كله في إطار مشروع الاستقلال الوهمي، والذي عبر عنه صنيعة رامسفيلد "أحمد الجلبي" بالقول: "سيكون لدينا القوات الأمريكية هنا، لكنها ستتحول من قوة احتلال إلى قوة موجودة بناء على دعوة من الحكومة العراقية"..</br></br>وما يهمنا هنا هو موقف المقاومة من هذا كله، حيث تثور تساؤلات عديدة لا زلنا نبحث عن إجابات لها، وأولها بالطبع هوية هذه المقاومة، ومن الفصيل الغالب عليها؟ وهل هو العنصر الإسلامي غير العرقي؟ ولو كان ذلك صحيحاً، فهذا يعني أنه لو انسحب الأمريكيون فسوف يأخذ هذا الفصيل عصاه ويرحل هو الآخر باحثاً عن مناطق أخرى للجهاد، ولو كانت عناصر البعث لها دور ولو يسير في هذه المقاومة كما تحاول الإدارة الأمريكية أن تروج، فإن هذا يعني إمكانية أن يرث البعثيون – المستأنسون أمريكياً – قيادة الطائفة السنية في العراق في أي تسوية سياسية مقبلة، وقبل أسابيع طالبنا بأن تنشئ المقاومة واجهتها السياسية الخاصة لتحصد مكاسبها، ولكن ما يترشح من أخبار حتى الآن من داخل العراق ينبئ أن ذلك قد لا يحدث أبداً، وهذا يلقي بالمسؤولية على عاتق الإسلاميين من أهل السنة في العراق، الذين ينبغي أن يحملوا عبء الحصاد السياسي لمكاسب المقاومة..<BR><BR> نعم قد يكون جميلاً أن نرى هيئات إسلامية علمية تتشكل، ومرجعيات تتبلور، ولكن ينبغي الإسراع بتفعيل كل ذلك سياسياً قبل أن تنفلت العير من عقلها، وعندها لن تكون الطامة عراقية فقط، بل عربية وإسلامية، وهذا التفعيل السياسي ممكن وله أساليبه، ولكن لذلك حديث آخر.<BR><br>