يوم أسود في تاريخ فرنسا
29 شوال 1424

قول أديب العربية الرافعي:" لا يعذّب فاقدَ الفضيلة شيءٌ مثلُ رؤيتِها في غيره ، وأنه لا يستطيع تحقيقَها في نفسه ".<BR> تذكّرت هذه الكلمة الرائعة للأديب الكبير وأنا أستمع لخطاب الرئيس الفرنسي جاك شيراك وهو يؤيّد قانون حظر الحجاب الإسلامي في فرنسا، فقلت: فعلاً إنّ أصحاب الرذيلة يتألّمون من رؤية أصحاب الفضيلة وهم يتربّعون على عرش فضيلتهم، لماذا الحجاب أيها الإخوة؟ هل الحجاب فعلاً رمز ديني كما زعم هؤلاء أم له وظيفة أخرى؟ <BR><BR>الواقع أن الحجاب الإسلامي ليس رمزاً دينياً فقط، نعم قد يكون رمزاً دينياً، ولكنّه قبل ذلك عبادة لله _عز وجل_ الحجاب عبادة من أعظم العبادات وفريضة من أهم الفرائض؛ لأن الله _تعالى_ أمر به في كتابه، ونهى عن ضده وهو التبرج، وأمر به النبي _صلى الله عليه و سلم_ في سنته ونهى عن ضده، وأجمع العلماء قديماً وحديثاً على وجوبه لم يشذّ عن ذلك منهم أحد، ولو لم يكن الحجاب مأموراً به في الكتاب والسنة، ولو لم يرد في محاسنه أيُّ دليل شرعي، لكان من المكارم والفضائل التي تُمدح المرأة بالتزامها والمحافظة عليها، فكيف وقد ثبتتْ فرضيَّتُه بالكتاب والسنة والإجماع؟<BR><BR>فالحجاب ليس رمزاً دينياً لا حاجة له، وإنما هو فرض رباني وواجب قرآني، فلا يجوز حرمان المرأة من هذا الحق الشخصي، وبعض دعاة المدنية يرى أن الحجاب مظهر من مظاهر التخلف، وأنه يمنع المرأة من الإبداع والرقي، وهذا الادعاء غير صحيح، و ما علاقة الحجاب بالتقدم الحضاري والتكنولوجي؟ إن الحجاب لم يقف في يوم من الأيام حجر عثرة في طريق تقدّم المرأة، ولم يكن سبباً في تقدّمها ماعلاقة الحجاب بهذا الأمر، فلماذا تخلطون الأوراق؟! لماذا لا تتكلمون الحقيقة؟! لماذا لا يقول هؤلاء: إننا نريد المرأة معنا في كل مكان نراها بكامل زينتها كي تكون كلأ مباحاً لكل بهيمة ؟<BR><BR> أنا عندما تقف أمامي امرأة بكامل زينتها أنظر إليها هذه متعة نفسية شهوانية لا علاقة لها بالتقدّم أو التأخر فلماذا الكذب والدجل، وإذا كان هذا الكلام صحيحاً أي أن سفور المرأة وتبرجها سبب من أسباب تقدّمها فكان ينبغي أن تكون بعض الدول التي نزع نساؤها الحجاب في مقدّمة دول العالم لا من دول العالم الثاني أو الثالث أو العاشر،أين هو التقدّم الذي أحرزنه؟! لا نرى شيئاً من ذلك .. لقد وقفت ملكة جمال لبنان منذ عامين أمام ملايين من المغفلين المولعين بمثل هذه الأمور، وقفت أمامهم لكي توجّه إليها بعض الأسئلة، فقال لها المذيع: لو أرسلت سفيرة عن لبنان إلى الأمم المتحدة، فما هي الرسالة التي تحملينها إليهم؟ فقالت: لم أفهم السؤال فأعادوه عليها، فقالت: وما هي الأمم المتحدة ؟!! لا تعرف الأمم المتحدة! فأين التقدّم يا جماعة؟! بل والله إن فيهنّ من لا تعرف شيئاً عن تاريخ حياتها!!<BR><BR> وهؤلاء يروّجون لكذبة أخرى صلعاء أكثر من أختها، وهي أن المرأة كلما تعرّت وفسقت كلّما خفّت النزعة الشهوانية عند الجنس الآخر؛ لأن الشهوة منبعها الكبت إذا كان هذا الكلام صحيحاً فينبغي أن تكون الفضيلة والعفة والأخلاق في دول الغرب أكثر بكثير من مكة والمدينة، ولكن إذا نظرنا إلى الواقع ماذا نجد؟ نجد العكس، نجد أن المجتمعات الغربية قد تفشّى فيها الشذوذ والزنا والاغتصاب وزنا المحارم، مما أدّى إلى الأمراض الفتاّكة التي من ضمنها الإيدز، ويؤكّد هذا الذي نقوله الإحصائيات الكثيرة الواردة في هذا الصدد، جاء في كتاب (يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة) أن إحدى الإحصائيات أظهرت أن 19 مليوناً من النساء في الولايات المتحدة كُنَّ ضحايا لعمليات الاغتصاب !! في كتاب ( تأملات مسلم) أجرى الاتحاد الإيطالي للطب النفسي استطلاعاً للرأي اعترف فيه 70% من الإيطاليين الرجال بأنهم خانوا زوجاتهم، في كتاب ( عمل المرأة في الميزان)، و كتاب (المرأة ماذا بعد السقوط ؟ ) في أمريكا مليون طفل كل عام من الزنا، ومليون حالة إجهاض، في استفتاء قامت به جامعة كورنل تبين أن 70% من العاملات في الخدمة المدنية قد اعتُدي عليهن جنسيًّا، وأن 56% منهن اعتدي عليهن اعتداءات جسمانية خطيرة في ألمانيا وحدها تُغتصب 35000 امرأة في السنة، وهذا العدد يمثل الحوادث المسجلة لدى الشرطة فقط ، أما حوادث الاغتصاب غير المسجلة فتصل حسب تقدير البوليس الجنائي إلى خمسة أضعاف هذا الرقم (رسالة إلى حواء)، وهذه الأرقام شيء قليل من كثير يعرفه الجميع.<BR><BR> المشكلة أيها الإخوة ليست في الحجاب، المشكلة في الإسلام نفسه، إنهم يخافون من الإسلام، الإسلام الحقيقي الصافي، لا الإسلام المتطرف، وإلا لماذا يسمح لليهودي أن يضع طاقية اليهود على رأسه، مع أنها ليس لها أيّ أهمّية إلا الرمز؟ ولماذا يسمحون للسيخ الوثنيين أن يضعوا على رؤوسهم العمامة السيخية، بل إن القوانين في فرنسا تسمح للسيخي الذي يقود الدراجة النارية ألا يضع الخوذة على رأسه، أما خمسة ملايين مسلم فإنهم يضطهدون في دينهم على سمع العالم وبصره، وأين في فرنسا البلد الذي يدّعي الحضارة والتقدم وحقوق الإنسان والحريّة الشخصية إلى آخر هذه الشعارات المهلهلة التافهة، لقد انكشف عارهم وبان عوارهم وليست هذه هي المشكلة إنه الحقد على الإسلام والمسلمين، مازال هؤلاء القوم يعانون من عقدة صليبية متأصّلة. <BR><BR><BR>أرايتم لماذا يخافون من الإسلام ومن الحجاب ؟ إنها جريمة كبرى سيسجّلها التاريخ للفرنسيين؛ لأنهم خالفوا ما يدّعونه من الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، بل خالفوا دستورهم حتى في القانون الفرنسي الذي وضعه آرنست رونان في سنة 1882م، يقول: "على الدولة أن تكون حيادية عندما يتعلق الأمر بالديانات، وأن تكون متسامحة مع كل المذاهب، " كان ينبغي على فرنسا أن تدعم الحجاب وتدعو إليه فالسوس ينخر في أمتهم من الفساد والانحلال، أليس نابليون قائدهم المحنّك؟ يقول نابليون:" الأم التي تهزّ سرير الطفل بيمناها تهزّ العالم بيسراها" إنها الصرخة التي أطلقها نابليون للمرأة كي تعود إلى بيتها أليس جان جاك روسو الأب الروحي للثورة الفرنسية لقد كان من أكثر المطالبين بعودة المرأة إلى بيتها.<BR><BR> أيها الفرنسيون هذا يوم عار في تاريخكم فلا تذكروا الحريّة الشخصية بعد اليوم، ولا تتشدّقوا بحقوق الإنسان، ولا تتكلموا عن تقرير المصير، إنكم تدنسون طهر هذه الألفاظ ونقاءها حين تضعونها في أفواهكم ولا تحتفلوا بيوم الرابع عشر من تموز، ولاتقرؤوا كتب روسو وهوغو ولامارتين ولافوازيه وديكارت، ولا تتبجّحوا بالأدب الفرنسي ؛ لأنكم لم تعودوا خليقين بهذا الأدب ولا تتباهوا بثورتكم الكبرى، فما هي إلا ثورة القتل والتدمير والنهب، أنسيتم ماذا فعلتم بسورية والجزائر والمغرب ومصر وأفريقية كلها أيها المتحضّرون؟ أنسيتم ماذا فعلتم بدمشق أقدم مدينة مأهولة في التاريخ يوم أحرقتموها على رؤوس أبنائها؟لقد كتب ملككم فرانسوا الأول يوماً رسالة لأمه يقول فيها: "لقد خسرنا كل شيء إلا الشرف" اليوم سيكتب التاريخ أنكم خسرتم كل شيء حتى الشرف.<BR><br>