اتركوا العراق وشأنه... دعوة مشبوهة
3 ذو الحجه 1424

عفواً.. إنها ليست دعوة مشبوهة فقط، وإنما هي دعوة خطرة مدانة تلك التي تلوكها بعض الألسن الآن بعد غزو العراق واحتلاله، وتجترها بعض الأفواه التي دخلته بحماية المحتلين وتتناقلها بعض الفضائيات وتثيرها بعض الصحف الممولة من الموساد والمخابرات الأمريكية، الغرض منها ترك الشعب العراقي وحيداً فريداً في الميدان يعالج جراحاته، ويواجه المحتلين، ويبني بلده، ويتفاوض مع الغزاة بالطرق السلمية وبالمنطق الحضاري وبالأسلوب العلمي العقلاني لإقناع "الأصدقاء الأمريكان" بالرحيل مكرمين معززين مشكورين على حسن صنيعهم بعد أن حرروا الشعب العراقي بإطاحتهم بحاكمه "الطاغية"، ويتركوا الشعب يقرر مصيره ويختار مستقبله بالتفاهم مع الغزاة "المحررين"؛ لأن أهل مكة أدرى بشعابها "كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً" (الكهف: من الآية5) وذريعة هذا النفر الضال المضل أن العرب والمسلمين لم يتعاطفوا مع شعب العراق، عندما واجه محنة قاسية دامت خمسة وثلاثين عاماً، وإضافة إلى حصار اقتصادي قاتل..<BR>إنها كلمة حق أريد بها باطل.. إنها ليست دعوة مشبوهة ولا دعوى باطلة، إنما هي هدف شرير عدواني مدان أيضاً؛ لأن وقوف بعض الحكومات مع الطاغية تأييداً وتمويلاً، ومساهمتها في تضليل شعوبها بصدام العادل الحكيم، ورجل الدولة العبقري، المدافع عن البوابة الشرقية من اجتياح الفرس المجوس العنصريين للعراق العربي، وتزلف بعض النقابيين والصحفيين والأحزاب الذين كالوا له الثناء والمديح الرخيص، ووقوف الآخرين على التل لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وتركهم شعب العراق مما كان يعانيه من دون أن يواسوه ولو بالكلمة الطيبة، والنصيحة الخجولة يقدمونها "للحاكم بأمره".. إن هذه مجرد ذرائع كاذبة، وإنها كلمة حق أريد بها باطل؛ لكي يترك الشعب العراقي لوحده في مواجهة هجمة صليبية صهيونية تنفرد به وتسحق البقية الباقية مما أبقاه له النظام الجائر.<BR>إنها محاولة من أجل سلخ الشعب العراقي من هويته الحضارية، وإبعاده عن محيطه العربي الإسلامي، إنها دعوة غارقة بالعنصرية والانفصالية تلوكها بعض الألسن وتجترها بعض الأفواه لكي يخلو لهم الجو بلا حسيب ولا رقيب بعد أن وضعوا في رقابهم طوق العبودية، وعلى رأسهم طاقية العمالة باختيارهم.<BR>إن العراق الذي حمل لواء المقاومة بكل جرأة وكبرياء رغم كل جراحاته التي أصابته خلال خمسة وثلاثين عاماً، سيبقى جزءاً من الأمة العربية والإسلامية، عربي الانتماء، إسلامي الهوية، وإذا لم يلتقِ مع إخوانه من غير العرب رابطة العروبة فإنه يرتبط معهم برابطة الإسلام، وإذا لم يرتبط معهم بهذه الرابطة فإنه يرتبط معهم برابطة العروبة ونسباً.<BR>إنه جزء من أمته غير قابل للانفصال، "غير قابل للأمركة" المتوحشة، ومن واجب كل عربي غير مسلم ومن واجب كل مسلم غير عربي دفاعاً عن عروبته وإسلامه المهددين بالهجمة الصليبية الصهيونية، أن يتدخل في شؤونه ويشاركه في مقاومة المحتلين والمتعاونين معه، إنه ليس شعباً أعزل، وإنما هو قوي بنفسه قوي بإخوانه العرب والمسلمين، الذين آزروه فعلاً، وتسلل منهم من تسلل متجاوزاً الحدود المصطنعة للقتال معه جنباً إلى جنب، فمنم من قضى نحبه وأكرمه الله بالشهادة، ومنهم من ينتظر متربصاً بالغزاة إحدى الحسنيين – النصر أو الشهادة – فاستحق المثوبة من الله والشكر والتقدير من شعب العراق.<BR>أما هؤلاء أصحاب الدعوات المشبوهة، والأصوات المبحوحة فإن مصيرهم سوف لن يكون بأحسن من مصير الذين سبقوهم في التعاون مع الغزاة في فيتنام ولبنان والصومال وكوبا بعد أن خرج الأمريكان منها مهزومين مدحورين، وتركوهم حائرين لكي يتولى الشعب محاكمتهم والاقتصاص منهم.<BR>سيبقى العراق عراقاً عند حسن الظن عربياً مسلماً غير ملتفت ولا آبه للأصوات المنكرة والدعوات الخبيثة، إنه ليس وحده في المعركة، فإن الله معه وهو ناصره بإخوانه العرب والمسلمين ولسان حاله قوله _سبحانه_: "وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ" (النساء: من الآية104)، "إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ" (آل عمران: من الآية140)، وقد بدأت تباشير النصر المبين وإرهاصاته في الأفق _إن شاء الله_.<BR><br>