متابعات سياسية
29 صفر 1428

<font color="#ff0000">(1)عدوى الفساد</font><BR><BR>الأنباء الأخيرة التي تتحدث عما يجري داخل الكيان الصهيوني في فلسطين تشير الى فساد عميق طال رئاسة الدولة ورئيس الوزراء وبعض الوزراء ، والكل متهم إما بقضايا مالية أو قضايا أخلاقية . ويكتب ( يهودا يعاري ) في ( بديعوت أحرونوت ) مستغربا : ماذا حصل لإسرائيل ؟ لم نعد نستطيع إيجاد رجل مستقيم يتولى المناصب الرفيعة ، شخصا ليست حوله أية شبهة ، ببساطة نريده نظيفا لا يشتري منازل بسعر زهيد وعلى سبيل الخطأ يجبرونه على بيعها بسعر عال ؟! ( القدس العربي 28/ 2/ 2007 ) .<BR>ذكرتني هذه الحال بما كتبه عبقري التاريخ الإسلامي ابن خلدون عندما علل اضطراب ملك بني إسرائيل وعدم رسوخ أمرهم بعد خروجهم من مصر ، بأن بلاد الشام كانت مسرحا لقبائل وشعوب متناحرة متفرقة، وأن هذا الداء (داء التفرق) سرى إلى بني إسرائيل فاختلفوا "لم يكن لهم ملك موطد سائر أيامهم إلى أن غلبهم الفرس ثم اليونان ثم الروم آخر أمرهم عند الجلاء" (1) <BR>فهل سرى إلى اليهود في هذه الأيام داء الفساد الإداري والرشاوى الموجود في كثير من البلاد العربية ، وهل هذه حسنة من حسنات هذه الأنظمة (وحسناتها قليلة) حين أعدت إسرائيل بهذا الداء ؟ <BR><BR><font color="#ff0000">(2)أمريكا وبعض ملامح المستقبل</font><BR><BR>تتخبط السياسة الأمريكية في المنطقة ويعيش بوش مأزقا كبيرا في العراق ، والأصوات ترتفع واشنطن مطالبة بالانسحاب فهزيمة أمريكا في العراق ليست كهزيمتها في فييتنام ، فهناك كانت دولة كبرى (الاتحاد السوفييتي) تساند الفيتناميين وهنا ستنهزم على أيدي مقاومة عربية إسلامية عنيدة دون أي تأييد من دولة كبرى أو صغرى فهل سيكون مصير أمريكا بعد العراق كمصير بريطانيا بعد حرب ( السويس) حيث تحولت إلى مجرد دولة كبيرة عرفت قدرها وحجمها وانكمشت في جزرها في شمال غرب أوروبا ؟<BR><BR>ومما يشجع على الاعتقاد بأن أمريكا 2006 هي غير أمريكا ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ، ما نراه من تحول وتغير في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة وأعني بذلك : أمريكا اللاتينية التي باتت بعض دولها الكبرى تنتهج نهجاً مغايراً للرأسمالية الليبرالية الأمريكية ، يقول الكاتب الفرنسي (جيركورت): " للمرة الأولى في تاريخها الحديث تشعر الديمقراطيات اللاتينية بأنها حرة في استكشاف طريقها الخاص." في فنزويلا تحمّس الناس للعمل التطوعي والرئيس( شافيز) قدم البترول لكوبا مقابل بعثات طبية ترسلها الأخيرة لفنزويلا ، وبوليفيا البلد الفقير يرفض استيراد الألبسة المستعملة القادمة من الولايات المتحدة ، يقول رئيسها الجديد :" يجب أن نضع حداً لهذا الاستيراد المذلّ الذي يقتل صناعة الأنسجة الوطنية " (2)<BR><BR>ومن التحولات التي ليست في صالح أمريكا ما نلاحظه من محاولة روسيا إثبات دورها من جديد كدولة كبرى لها وزنها في السياسات العالمية، ومن الواضح عدم رضا روسيا على الهيمنة الأمريكية وعن المفاهيم الأمريكية السائدة . ففي المجلس العالمي العاشر للشعب الروسي الذي عقد في موسكو في الرابع من نيسان ( ابريل) الماضي برعاية الكنيسة الروسية شنّ المشتركون حملة على الليبرالية الغربية التي (تخفف الحدود بين الخير والشر والتي تعطل القيم الأخلاقية ) <BR><BR>لقد تخلت روسيا عن سياسة (يلتسن) اللينة المترددة مع أمريكا وبدأت تتصدى لمحاولات التغلغل الأمريكي في الجمهوريات الإسلامية التي كانت سابقا جزءاً من الاتحاد السوفييتي ، وقد استطاعت أن تقنع اوزبكستان بتفكيك القواعد الأمريكية إن ورطة أمريكا في العراق سيفقدها هيبتها ومكانتها ، وسلسلة الفضائح التي تتالت في الظهور أخيراً مثل قتل المدنيين الأبرياء في (حديثة) واستئجار السجون في أوروبا الشرقية ، هذه السلسة ستطول لأنها دولة باغية ظالمة ولن تكون أمريكا بعد الآن هي القطب الأوحد كما يهيأ لها غرورها وكما تخطط لذلك ، ولا بد أن يعود شيء من التوازن في السياسة العالمية . <BR><BR>ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<BR><BR>1- المقدمة 2/536<BR>2- قارن بالبلاد العربية التي تستورد الملابس المستعملة بينما كانت في الماضي تصدر الأقمشة الى أوروبا؟!<BR><BR><br>