قضية الشيخ محمد المؤيد في ألمانيا ..إلى أين.؟
14 جمادى الثانية 1424

طريقة جديدة وأسلوب آخر سعت أمريكا من خلالهما للحصول على مطلوبيها أمنياً، هذا الأسلوب يعتمد على الغدر والمكر وبطريقة أساسية بواسطة العملاء، وهذا ما حدث للشيخ اليمني محمد المؤيد، حيث تم استدراجه إلى ألمانيا بحجة مقابلة أمريكي مسلم يريد أن يدعم الأعمال الخيرية لمركز الإحسان الذي يديره الشيخ، فمن هو الشيخ المؤيد؟<BR><BR>محمد علي المؤيد من أبناء منطقة خولان محافظة صنعاء، وإمام وخطيب مسجد الإحسان بالعاصمة صنعاء، يدير جمعية خيرية (مركز الإحسان) تقدم مساعدات للأسر الفقيرة (حوالي 9 آلاف أسرة في اليوم) من الخبز والمواد الغذائية، كما تقدم خدمات طبية وعلاجية مجانية، وهو عضو قيادي في حزب الإصلاح (المعارض)، وتقلد مناصب حكومية عديدة آخرها مستشار في وزارة الأوقاف. <BR>اشتهر الشيخ بأعماله الخيرية وخطبه القوية إلى جانب الوجاهة الاجتماعية التي يتمتع بها، بالإضافة إلى أنه رئيس الهيئة الإدارية للجمعية الخيرية الإسلامية لنصرة الأقصى إلا أنه ترك هذه الجمعية قبل شهر أو شهرين من اعتقاله بسبب انشغاله بأعماله الخيرية المكثفة، وبذلك انتهت علاقته المباشرة بالجمعية حسب ما ذكر ذلك في رسالته الموجهة إلى السفير اليمني ببرلين بتاريخ 28/5/2003م.<BR><BR><font color="#0000FF" size="4"> مصر تسلم عبد السلام لأمريكا: </font><BR>وهذه الطريقة التي أدت إلى اعتقال المؤيد ليست الأولى، بل حدث قبل ذلك ببضعة أشهر أن تعرض المواطن اليمني عبد السلام الحيلة للاعتقال في مصر بعد أن تم استدراجه إليها بدعوة من شركة المقاولين العرب كونه رجل أعمال ومقاول، واتُهمت السفارة المصرية بصنعاء بتدبير الخطة بالتعاون مع المخابرات المصرية والأمريكية، إلا أن الحكومة المصرية نفت ذلك مشيرة إلى أن عبد السلام الحيلة قد غادر مصر في 28 سبتمبر من العام الماضي إلى أذربيجان، بينما الجانب اليمني يتهمها بتسليمه للمباحث الفيدرالية الأمريكية.<BR> إلا أن الحكومة اليمنية لم تبد اهتماماً كبيراً بموضوع الحيلة -رغم أنه عضو في اللجنة الدائمة للحزب الحاكم- وبالتالي انقطعت الأنباء حوله تماماً بعد مدة قصيرة من اعتقاله، وهذا على عكس قضية المؤيد حيث يبدي الجانب اليمني الرسمي اهتمامه الزائد، وكثفت الحكومة إجراءاتها الهادفة إلى إعادة المؤيد إلى اليمن. <BR><BR><font color="#0000FF" size="4"> طريقة اعتقال الشيخ: </font><BR>وبما أن الشيخ يحب العمل الخيري ومساعدة الفقراء، وبالإضافة إلى أنه مصاب بالسكري والربو فقد سافر إلى ألمانيا لهذين الغرضين بناءً على مشورة أحد المقربين إليه، ويدعى محمد العنسي، حيث أقنع الشيخ بأن أمريكياً مسلماً يريد أن يدعم الأعمال الخيرية التي يقوم بها الشيخ، بشرط أن يسافر إلى أمريكا أو ألمانيا أو دولة إفريقية لم يعرف اسمها لملاقاته مباشرة، وتم الاختيار على ألمانيا كون الشيخ رفض السفر إلى أمريكا، ولأن الطب في ألمانيا متقدم، وبمجرد وصول الشيخ إلى فرانكفورت وكان بصحبته مرافقه محمد زايد، بالإضافة إلى العنسي، خضع للمراقبة الدقيقة بالصوت والصورة، ومن ثم اعتقل ومرافقه محمد زايد واختفى العنسي، وذلك يوم 10يناير الماضي، وكان الاعتقال بناء على طلب أمريكي بحجة أنه يدعم "الأعمال الإرهابية"، حيث أعدت وزارة العدل الأمريكية قائمة بالاتهامات الموجه ضده، ومن ضمنها الاتهام بدعم حركة حماس والقاعدة.<BR>وقامت ألمانيا في يوم 12مارس الماضي بتسليم الملف للمحكمة الألمانية التي تنظر في قضية المؤيد.<BR><BR><font color="#0000FF" size="4"> اهتمام ومتابعة يمنية للقضية: </font><BR>إثر اعتقال الشيخ مؤيد في ألمانيا، أظهر الموقف الرسمي اليمني اهتمامه بالقضية عبر التحركات الدبلوماسية والزيارات المتبادلة وتنصيب محامين للمؤيد ومرافقه. <BR>وجاء الطلب اليمني بتسليم المؤيد ومرافقه إليها إثر طلب أمريكي قدم عبر السفارة الأمريكية بصنعاء بالسماح لأمريكا بتسلمها من ألمانيا، ثم توالت بعد ذلك الاتصالات الرسمية بين اليمن وألمانيا حول القضية، حيث تستند اليمن في مطالبتها إلى أن الدستور اليمني يمنع تسليم أي يمني لأي جهة خارجية، وكذلك اتفاقية التعاون القضائي الموقع بين اليمن الجنوبي سابقاً وألمانيا الشرقية سنة 1971م، إلا أن الجانب الألماني نفى ذلك حيث قالت وزارة العدل الفدرالية الألمانية: إن ألمانيا غير ملزمة من الناحية القانونية بتسليمهما، وأوضح السفير الألماني بصنعاء أن البلدين اتفقا في 8 أكتوبر 1992م على إلغاء هذه الاتفاقية.<BR>وتعددت المطالب اليمنية على كافة المستويات الشعبية والرسمية وكان آخرها الزيارة التي قام بها الرئيس اليمني لألمانيا مؤخراً وبحث خلالها مع المسؤولين الألمان مسألة المؤيد ومرافقه، وذكر في مقابلة له مع قناة المستقبل أنه بحث معهم هذا الموضوع فصارحوه أن الموضوع بيد الأب الكبير (أي: أمريكا). إذن فنوع العلاقة بالإضافة إلى المصالح هي التي ستحدد مصير المؤيد ومرافقه، فألمانيا واليمن من الدول الهامة –أمريكياً- في محاربة ما يسمى (بالإرهاب)، وعلاقتهما بأمريكا قوية، بالإضافة إلى حسن العلاقة بينهما، ولأمريكا وألمانيا مصالح في اليمن وهي معرضة للخطر في حال تسليم ألمانيا المؤيد ومرافقه لأمريكا، بل أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيراتها لرعاياها في اليمن بأخذ الحيطة والحذر، وذلك عقب صدور قرار المحكمة الألمانية بتسليم المؤيد لأمريكا. <BR>وقامت السلطات اليمنية بتشديد إجراءتها الأمنية حول سفارتي أمريكا وألمانيا. <BR>وإلى جانب الاهتمام الرسمي بالقضية أبدى حزب الإصلاح اهتمامه أيضاً كون المؤيد ومرافقه عضوين فيه، ويبدو ذلك واضحاً من وسائله الإعلامية، خصوصاً الموقع الإلكتروني (الصحوة نت) الذي خصص زاوية ثابتة للشيخ المؤيد، وكذلك قام رئيس الدائرة السياسية لحزب الإصلاح بزيارة لألمانيا خلال شهر يوليو الماضي، بالإضافة إلى الإجراءات التي يقوم بها الحزب للضغط على الحكومة اليمنية لبذل المزيد من الجهود، فهناك إشارات إلى أن الخارجية اليمنية لم تقم بالتعاون الأفضل مع محامي المؤيد.<BR>جاء ذلك على لسان رئيس الدائرة السياسية للإصلاح في اتصال هاتفي مع (الصحوة نت) أوائل يوليو الماضي، أما بالنسبة للوضع القانوني والإجراءات القضائية فغير واضحة المعالم حتى الآن، حيث بدأ محاميا المؤيد ومرافقه بتفنيد الاتهامات الأمريكية، وإثبات بطلانها كونها لا تعتمد على أدلة دامغة، وجاءت بصفة إنشائية، وكذلك عملية اعتقاله جاءت بطريقة مخالفة للقانون الألماني، حيث عدها المحامي اختطافاً ونتيجة لأعمال تجسسية غير مشروعة. <BR><BR><font color="#0000FF" size="4"> حرب قضائية بين الطرفين: </font><BR>القضية أقرب أن تكون سياسية منها قضائية أو قانونية، حيث وصف محامي المؤيد كلاوس جونتر نويمان قرار المحكمة العليا في فرانكفورت بتسليمه لأمريكا بأنه سياسي مغلف بإطار قضائي، وقال: إنه يهدف إلى تحسين العلاقات الألمانية الأمريكية.<BR>بينما يستند الجانب الألماني إلى أسس قانونية، فقد جاء في البيان الصحفي للمحكمة العليا بفرانكفورت أنه لا توجد قاعدة عامة لحقوق الشعوب تتناقض مع مبدأ الملاحقة فيما يخص الإساءة إلى السيادة الوطنية للبلدان "في حالة ما إذا قامت جهات البحث مستعينة بعميل لها باستدراج شخص ما إلى بلد آخر" كما استند إلى المادة الأولى –الفقرة الأولى- من الدستور الألماني، والمادة العاشرة –الفقرة الثانية- من قانون حق المساعدة الدولي، كذلك يقول البيان: إن الجانب الأمريكي قدم ضمانات بعدم محاكمة المؤيد ومرافقه أمام محكمة عسكرية أو خاصة، أما المحامي فيقول في مذكرته التي قدمها للمحكمة: إن التهم المنسوبة للمؤيد حسب الوثائق الأمريكية والتي استند إليها قرار التسليم لا يعاقب عليها القانون الألماني، وعليه فلا يوجد هناك مبرر قانوني لتسليمه لأمريكا، وقام المحامي بنقل القضية للمحكمة الدستورية، وفي 25من الشهر الماضي أعلنت وزارة العدل الألمانية أن السلطات ستنتظر قرار المحكمة الدستورية الألمانية في مسألة تسليم المؤيد ومرافقه إلى أمريكا،<BR>ويبدو أن الوضع متأزم والترجيح صعب مع أن بعض الأنباء ترجح أن يكون قرار المحكمة الدستورية لصالح اليمن، خصوصاً بعد الزيارة التي قام بها وفد برلماني يمني لألمانيا وحمله رسالة للبرلمان الألماني (البوندستاج) تطالبه باستخدام صلاحياته القانونية لمنع قرار التسليم، وأفاد أحد أعضاء الوفد أن الزيارة استطاعت أن تخلق رأياً عاماً لدى الألمان متعاطفاً مع المؤيد ومرافقه. <BR><BR><font color="#0000FF" size="4"> تورط إسرائيلي في القضية: </font><BR>وبما أن القضية تتعلق بثلاث دولن هي: اليمن، وألمانيا، وأمريكا إلا أنه لا يستبعد أن يكون لإسرائيل دور فيها كون إحدى التهم تتعلق بحركة حماس، وكذلك الشخص الذي استدرج المؤيد تدور حوله إشارات بعلاقته بالاستخبارات الإسرائيلية من حيث إجادته اللغة العبرية التي تعلمها في إثيوبيا مسقط رأسه، حيث كانت تنشط الاستخبارات الإسرائيلية بالإضافة إلى قضايا جنائية كان متهماً بها في اليمن، كما طُرد من السعودية مطلع التسعينات... وغير ذلك من التهم التي أوردتها صحيفة (الصحوة) اليمنية –العدد الأخير- في مقال للكاتب جمال أنعم، وآخر الأنباء تفيد أن المحكمة العليا بفرانكفورت بصدد إعادة النظر في قراراها الذي أصدرته ضد المؤيد ومرافقه، وذكرت (الصحوة) مؤخراً أن قرار المحكمة الدستورية الألمانية قد يستغرق شهرين على الأقل، أما الجانب الأمريكي فنرى موقفه من خلال السفير الأمريكي بصنعاء إدموند هول، حيث يقول في مقابلته مع صحيفة (26 سبتمبر) الصادرة بتاريخ 24 يوليو الماضي: إن قضية المؤيد الآن في يد المحاكم الألمانية، وأنه من المناسب أن تطلب أمريكا من العدالة الألمانية انتقاله إليها، وأضاف "والمهم في الموضوع بالنسبة لنا هو معرفة اتصالات الشيخ المؤيد ونشاطه مع عدد من المواطنين الأمريكيين، وهذا هدف نركز على تحقيقه".<BR><br>