تنازلات إيران تعزز الحملة الأمريكية ضد باكستان
2 ذو القعدة 1424

تمارس الولايات المتحدة منذ عدة سنوات حرباً واسعة النطاق ضد أي دولة عالمية تملك طموحات نووية، أو تسعى للحصول على السلاح النووي، أو تقوم بنقل التكنولوجيا المتطورة الخاصة بهذا العلم إلى دول أخرى.<BR><BR>وفي الوقت الذي تحاول فيه بعض الدول تحدي الولايات المتحدة أو إخفاء نشاطاتها النووية، فإن دولاً أخرى باتت ترحّب بهذه السياسة الأمريكية الخارجية، وتقدم لها الموافقة على طبق من ذهب.<BR><BR>باكستان.. إحدى أكثر الدول الآسيوية التي تمتلك علاقات مميزة مع الولايات المتحدة، حتى حازت لقب "حليف" لواشنطن ، تسلمت منذ مدة بسيطة رسالة أمريكية تقول: إن واشنطن ليست راضية عما يحدث في باكستان من تجاوزات أمنية دولية.<BR><BR>..صحيفة آسيا تايمز أشارت إلى أن الرسالة الأمريكية تضمنت مخاوف واشنطن مما يحدث في باكستان من أعمال قد تدعم القوة المناهضة لأمريكا في الداخل والخارج..<BR><BR>فبالإضافة إلى المخاوف الأمريكية من دعم الجماعات الإسلامية المنتشرة على الحدود المتاخمة لأفغانستان لمجاهدي طالبان وعناصر تنظيم "القاعدة" فإن مخاوف أكبر تتمثل بنقل الخبرات النووية إلى دول أخرى باتت تؤرق واشنطن.<BR><BR>أحداث إلقاء القبض على العلماء الباكستانيين العاملين في المجال النووي، انتشرت في معظم الوسائل الإعلامية، والتي تحدثت عن أن المسؤولين الأمنيين أخضعوا كلاً من الدكتور عبد القدير خان (أبو القنبلة الذرية الباكستانية) ومساعده الدكتور محمد فاروق (المدير العام السابق لمعمل خانة النووي) لعمليات الاستجواب من أجل التأكد من معلومات تشير إلى تسريب هذين العالمين معلومات حول الخبرات النووية إلى دول أخرى.<BR><BR>وقالت وكالة الأسوشيتد برس: إن الاتهامات الموجهة للعاملين النوويين بالإضافة لعلماء آخرين تم استجوابهم، تتمثل بنقل المعلومات السرية لدول، مثل: إيران وكوريا الشمالية، من شأنها أن تساعد في تنمية وتطوير البرامج النووية لتلك الدول.<BR><BR>على أن تقريراً نشر في صحيفة "نيويورك تايمز" كشف بعداً أكبر لهذه المعلومات..<BR>فبعد أن وافقت إيران (تحت الضغوط الدولية) على توقيع البروتوكول الإضافي حول معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، قدمت لوكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة ملفاً كاملاً عن برنامجها النووي الداخلي، والذي كانت تؤكد بشكل دائم على أنه خاص بإنتاج الكهرباء، ويقتصر عمله على الاستفادة المدنية والسلمية.<BR><BR>إلا أن الوكالة عثرت بين صفحات الملف النووي الإيراني على معلومات أخرى.. تشير إلى محاولات إيران تطوير برنامج نووي عسكري.<BR><BR>نيويورك تايمز قالت: إن الملف الإيراني تضمن معلومات حول شراء طهران أسراراً نووية أساسية وهامة من باكستان.<BR><BR>وهذه المعلومة التي نقلتها الصحيفة الأمريكية كانت بداية أزمة العلماء الباكستانيين، والتي بدأتها الولايات المتحدة بالضغط على إسلام أباد من أجل الوقوف على حقيقة نقل الأسرار النووية لإيران، التي تعدها أمريكا أحد دول "محور الشر" العالمي.<BR><BR>إسلام أباد حاولت تبرير ما حدث بالتأكيد على أن هذه المعلومات قد سربت بشكل فردي، حيث أعلن (وزير الإعلام الباكستاني) شيخ رشيد أحمد في مؤتمر صحفي حول هذه الأزمة قائلاً: "ربما أن بعض العلماء قاموا بفعل شيء بشكل فردي، ونحن نحقق في ذلك"، وأن ذلك حدث دون حصول العلماء على تصريح من الحكومة الباكستانية.<BR>إلا أن ذلك لم ينف أن تحرص واشنطن على فتح صفحة جديدة مع باكستان يتمثل بالضغط عليها لإيقاف برامجها النووية ، فواشنطن لن تضيع من يدها هكذا فرصة..<BR><BR>لم تكن الحكومة الباكستانية قريبة من الإدارة الأمريكية قربها الآن، فبعد أن قام الجنرال برويز مشرف بانقلاب أبيض على الحكم عام 1999م، واستلم رئاسة الدولة مع احتفاظه بمنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بدأت تتنامى العلاقات الثنائية بين البلدين.<BR><BR>..وبعد مجيء أحداث سبتمبر 2001م، وبدء الحرب الأمريكية على أفغانستان والمنظمات الإسلامية في المنطقة، وجد برويز مشرف فرصة سانحة لتوطيد العلاقات مع أمريكا، التي احتاجت باكستان في العديد من القضايا السياسة والعسكرية والاستخباراتية واللوجستية في المنطقة.<BR><BR>على أن أمريكا حققت معظم أهدافها في المنطقة، في الوقت الذي بدأت فيه العدوة التاريخية لها (الهند) رحلة مصالح وعلاقات مميزة مع إسرائيل، كما أن برويز مشرف بدأ يواجه أزمات داخلية أجبرته على إعلان تقديم استقالته من منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة على أن يبدأ سريان مفعول الاستقالة في نهاية عام 2004م.<BR><BR>كل هذه الأسباب، بالإضافة ما تدعيه الإدارة الأمريكية من تسريب المعلومات النووية الباكستانية لإيران، والذي يراها الأمريكيون القشة التي ربما تقصم ظهر البعير، أعطت أمريكا حجة تراها قوية في ممارسة الضغط على باكستان من أجل إيقاف برنامجها النووي بمختلف الوسائل الممكنة، وهذا ما يحدث هده الأيام .<BR><BR><BR>صحيفة النيويورك تايمز أكدت أن كلاً من باكستان والهند ستعقدان اجتماعاً خاصاً الأسبوع المقبل من أجل عرض إمكانية إيقاف البرامج النووية في كلا البلدين، ضمن خطة دولية تهدف إلى إقامة (منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل) في آسيا، على غرار ما حدث في التسعينيات بين الدولتين المتنافستين نووياً الأرجنتين والبرازيل، واللتان وقعتا معاهدة "تلاتيلولكو" التي أنهت سنوات التطوير النووي، وأجبرت الدولتين على التخلي عن برامج تطوير الصواريخ طويلة المدى، وهجر المفاعلات النووية فيهما.<BR><br>