الأهداف الحقيقية للاحتلال الأمريكي
12 ذو القعدة 1424

احتلت أمريكا العراق بحملة عسكرية – متذرعة بذريعتين.</br>الذريعة الأولى،هي: امتلاك حاكمه أسلحة دمار شمال خلافاً لما التزم به في خيمة صفوان وقرارات الأمم المتحدة للعام 1991م.</br>وأما الذريعة الثانية، فهي: الرغبة في تحرير الشعب العراقي منه بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان على نطاق واسع خلال خمسة وثلاثين عاماً من حكمه مما يجعله تحت طائلة العقاب.</br>وكلا الذريعتين تدين أمريكا قبل إدانتها لصدام حسين.</br></br>لأنها هي التي أجازت امتلاكه السلاح "المحرم" في حرب الخليج الأولى لاستخدامه ضد إيران وضد شعب العراق الثائر عليه الرافض لحكمه، وكان يستخدمه بعلم منها، وتشير عليه ودفاعها عنه وتكذيبه لمن كان يثير هذا الموضوع، وقد سخّرت وسائل إعلام كثير من الدول للدفاع عنه والدعاية له، ونحن ولو سلمنا جدلاً أنه كان لا يزال يمتلك بقية من هذا السلاح الذي امتلكه بعلمها وموافقتها فإنها تكون شريكة له في الجريمة علماً بأن لجان التفتيش التي أرسلت إلى العراق للتأكد من وجود بقية هذا السلاح لم تعثر عليه ونفت وجوده، وهكذا الأمر فيما يتعلق بانتهاكاته لحقوق الإنسان وبجرائمه التي وضعته في مرتبة متقدمة في قائمة الطغاة في التاريخ.<BR>إذ من الثابت أنها – أمريكا – كانت قد دبرت الانقلاب سنة 1968م الذي أوصل صدام حسين إلى الحكم، وقد شاركها في ذلك دول وحكومات مجاورة للعراق كانت بين ممول أو مخطط للانقلاب.</br>حقيقة الأمر أن أمريكا تريد من احتلالها للعراق تنفيذ مشروع عدواني على العالم الإسلامي كله لا البلاد العربية فقط ، وأرادت أن يكون العراق بداية ومنطلقاً للعدوان على أقطار أخرى تتناولها الواحدة تلو الأخرى وفق جدول زمني إذا ما تمكنت من العراق وركزت أقدامها فيه.</br></br>إنها تريد إلغاء الخارطة السياسية لهذا العالم الذي يبلغ تعداد سكانه ما يقارب المليار ونصف المليار من المسلمين الذين تجمعهم عقيدة واحدة هي عقيدة الإسلام تريد "سايكس بيكو" جديدة تحل محل سايكس بيكو التي أفرزت كياناته القائمة التي كانت اتقسمتها أكثرها كل من فرنسا وبريطانيا لإقامة كيانات بديلة على أسس طائفية وعنصرية أكثر عدداً وأضعف شأناً وأكثر استجابة وحراسة لأهدافها من الكيانات القائمة أنها تريد ما يلي:<BR>السيطرة على نفط هذا العالم سيطرة مباشرة بدءاً بالسيطرة على نفط الخليج والعالم الإسلامي.<BR>ضمان تفوق الكيان الصهيوني وتنفيذ مشروعه التوسعي من النيل إلى الفرات.<BR>استئصال الصحوة الإسلامية.<BR><BR><font color="#FF0000"> 1- النفط: </font><BR>يجمع الاقتصاديون على أن النفط الآن ومنذ اكتشافه هو أهم مصدر للطاقة التي تحتاج إليها الصناعة الرأسمالية القائمة على ما يعرف بالإنتاج الكبير الذي يعتمد "المكننة" بدلاً من الاعتماد على الإنتاج اليدوي المحدود والبطيء والمكلف.<BR>ويصفه الاقتصاديون أنه منذ اكتشافه إلى أن يتم اكتشاف بديل عنه أقل كلفة وأكثر فائدة بأنه "أثمن سلعة تجارية" كما يصفونه "بالذهب الأسود"، وقد تضاعفت قيمته وزادت أهميته بعد اكتشاف أن مشتقاته التي كانت تعد فضلات يجري إتلافها، وتدخل في كثير من الصناعات، مثل: العطور، والمبيدات، والمنظفات، ومواد البناء، والأدوية والملابس... إلخ.<BR>إلا أن النفط هذا "الذهب الأسود" يعد ثروة ناضبة، أي أن ما يستهلك منه لا يعوض على المدى القصير وإنما يتطلب حصول تغييرات مناخية "جيولوجية" تستغرق مئات الآلاف من السنين، في حين أن الحاجة إليه مستمرة ومتزايدة، بسبب نمو الصناعات، إلى أن ينضب أو يتم اكتشاف مصدر بديل عنه أقل تكلفة وأكثر فائدة، وإلى الآن لا توجد مؤشرات تدل على ذلك على الرغم من كل المحاولات.<BR>وقد كان الرئيس الأمريكي "كلنتون" في وقت رئاسته أعلن أن أمريكا بصدد التوصل إلى اكتشاف بديل عن النفط خلال عشر سنوات إلا أن النتائج جاءت مخيبة للآمال، ويرى بعض المحللين أن كلنتون كان "كاذباً"، وأن غرضه كان خداع الدول المنتجة للنفط لحملها على زيادة إنتاجها منه، مما يؤدي إلى خفض أسعاره وفعلاً حصل ذلك حين هبط سعر برميل النفط من 33 دولاراً إلى ثمانية دولارات، فأخذت أمريكا تشتري النفط الرخيص وتخزنه في آبارها الناضبة بعد أن صدقها الغافلون من شيوخ النفط.<BR>ومن المعلوم أن أمريكا هي الآن الدولة الصناعية الأولى في العالم، ومعنى هذا أنها أحوج من غيرها إليه، وهي تعتمد في تأمينه لصناعتها على ما هو موجود خارج بلادها، وتحرص على الاحتفاظ بالقليل الموجود في أراضيها لأطول مدة ممكنة، ولا تستخدمه إلا في حالات الضرورة. <BR>إن توقف إمدادها بالنفط عنها لأسابيع سينزل بها كارثة مدمرة؛ لأن ذلك سيحدث توقفاً لمصانعها ثم بطالة لعمالها في زمن أصبح العمال في الدول الصناعية شريحة مهمة في المجتمع ومؤثرة في نظام الدول، ولذلك اعتبرت أمريكا أن تأمين وصول النفط إليها من الدول المنتجة لها مصلحة أمريكية حيوية ذات علاقة مباشرة بأمنها القومي والوطني، وقد هددت الاتحاد السوفيتي في عهد الرئيس كلنتون بحرب نووية إذا ما تقرب من منابع النفط في الخليج، كما أقدمت على اغتيال الملك فيصل عندما أوقف تصدير النفط سنة 1973م واستخدمه سلاحاً سياسياً من أجل قضية فلسطين، وكان قصده من ذلك حمل أمريكا على إعادة النظر في موقفها المتحيز إلى الكيان الصهيوني، ومع ذلك نجد بعض الجاهلين وبعض المغرضين ينكر حاجة أمريكا إلى نفط العراق ودول الخليج زاعماً أن أمريكا تمتلك نفطاً غزيراً في بلادها ولا تفكر بالاستيلاء على نفط العراق وغير العراق.<BR>وهناك هدف آخر لأمريكا في سيطرتها على النفط ألا وهو منع ما زاد عن حاجتها منه عن الدول الصناعية الأخرى إلا عن طريقها وبشروط صعبة لضمان عدم منافستها في الصناعة، حيث إنها تخوض الآن حرباً تجارية مع اليابان وفرنسا وألمانيا، وقد كان هذا سبباً رئيساً لوقوف هذه الدول موقفاً معارضاً لاحتلالها للعراق؛ لأنها تشعر مقدار الخطورة عليها من السياسة الأمريكية، كان على حكام العرب أن يستثمروه لو امتلكوا الشجاعة.<BR>يقدر الخبراء أن العراق وحده يمتلك في أراضيه "112" مليار برميل من النفط ويقدره آخرون يضعف هذا الرقم استناداً إلى عمليات التنقيب التي اكتشفت من قبل المختصين بالتنقيب من العراقيين وبقيت سراً مكتوماً، ويقال: إن أراضيه من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه تطفوا على بحيرات متصلة من النفط الغزير والجيد بما في ذلك بغداد العاصمة.<BR>فإذا صحت هذه التقديرات فإنه يكون مالكاً احتياطياً نفطياً يكفي لإمداد العالم منه لقرنين من الزمن يسيل عليه لعاب الدول الصناعية وفي مقدمتها أمريكا التي تزداد حاجتها إلى النفط، وإلا فإن الرقم الأول الذي يكاد أن يكون قطعياً في "ثبوته" بجعله بعد المملكة العربية السعودية مباشرة.<BR>إن أمريكا تعد أن النفط في العالم هو نفطها وليس نفط الدول المنتجة له، وتنظر إلى حكامها على أنهم ليسوا أكثر من حراس عليه معينين من قبلها، وظيفتهم ضمان وصوله إليها ومن يشذ عن ذلك فالويل له، قد تقتله كما حصل للملك فيصل.<BR>يقول الرئيس الأمريكي نكسن: "إن الذي يسيطر على نفط الشرق الأوسط يسهل عليه السيطرة على العالم إذا أراد...".<BR>ويدون في مذكراته ما يلي:<BR>"وبما أن النفط ليس حاجة كمالية لأمريكا فإن على الولايات المتحدة صد أي عدوان داخلي أو خارجي عليه" وهو يقصد بالعدوان الداخلي قيام حكم وطني يرفض السيطرة الأمريكية عليه..<BR>ويضيف: "علينا أن نكون على استعداد وراغبين في اتخاذ أي إجراءات بما في ذلك الوجود العسكري القوي وحتى العمل العسكري الذي من شأنه أن يحمي مصالحنا، وينبغي أن نكون على استعداد لتأييد أقوالنا بالأفعال، "وإعلان مبدأ العظمة" بأن الولايات المتحدة ستقاوم أي تهديد للمنطقة بالرد العسكري لكي لا ينظر إلينا بأننا لسنا أكثر من مدفع فارغ، وهذا يتطلب أن يكون لدينا قوات في مواقعها، وأن لمن الضروري أن يكون للولايات المتحدة وسائل أساسية وقاعدة قائمة بحيث تساعدنا على عرض قواتنا في المنطقة، وأن نرد رداً سريعاً على أي تهديدات مفاجئة، وعلينا أن تكون لنا قوات يمكننا أن نستخدمها، فقد نركب المخاطر في الدفاع عن مصالحنا في الخليج، لكننا سنعرض أنفسنا لركوب مخاطر أكثر جسامة إذا ما أخفقنا في الدفاع عن تلك المصالح، وهذا ما عرف في حينه بمشروع نكسن الذي كان على وشك التنفيذ إلا أن ثبوت تجسسه على الحزب الديموقراطي في انتخابات الرئاسة اضطرته على الاستقالة قبل تحقيق غرضه بالغزو والعدوان.<BR><BR><font color="#FF0000"> كارتر: </font><BR>ويقول الرئيس كارتر: "لو أن الله كان قد أبعد النفط العربي قليلاً نحو الغرب لكانت مشكلتنا أسهل إذ في هذه المنطقة يقطن 10% من سكان العالم بينما تحتوي أراضيها على 75% من الاحتياطي العالمي النفطي، فلا بد من تصحيح هذا الخطأ عن طريق استخدام القوة إذا لزم الأمر، فلم تسمع عربياً تخلى لنا عن بئرٍ نفطي عن طيب خاطر، والولايات المتحدة تمتلك القوة لتنفيذ ذلك.<BR>إن اقتصادنا ومستقبلنا أصبح مرهوناً بالرياض وليس بواشنطن، لكن الاستيلاء على السعودية سيغير هذا الوضع، إذ يتاح لنا الفرصة للذهاب إلى الحرب بأهداف ثابتة.<BR>وقد كاد ذلك الرئيس أن يسير على خطا نكسن بغزو السعودية، وأصدر قانوناً بذلك سمي "قانون التدخل السريع" للغرض المذكور وأسس جيشاً لذلك سمي بهذا الاسم "قوات التدخل السريع" قام بعد أكثر من ثلاثة عقود أي في سنة 1991م بحرب على العراق وإخراج جيشه من الكويت، وذلك في عهد الرئيس بوش، إلا أن فشل كارتر في الهجوم الجوي على إيران لإنقاذ الرهائن الأمريكيين الذي أسرتهم مجموعة من الشباب الذين أطلقوا على أنفسهم "السائرون على نهج الإمام" لاتهامهم بالتجسس، حال دون ذلك إذ إن ذلك الفشل تسبب في عدم فوزه في انتخابات الرئاسة لمدة ثانية، وقد كان مصمماً أن ينفذ عمله العدواني الذي فشل فيه نكسن، وعندما حل "ريغن" محله في الرئاسة فشل في ذلك أيضاً بسبب انشغاله بالتصدي للاتحاد السوفييتي عند غزوه لأفغانستان.<BR><BR><font color="#FF0000"> جورج بوش: </font><BR>عندما تولى الرئاسة بعد "ريغن" قام باختيار العراق ليكون قبل غيره من الدول المستهدفة بالعدوان، فأغرى صدام حسين باحتلال الكويت لكي يكون ذريعة لاحتلاله، ومصيدة للجيش العراقي الذي خرج من حرب الخليج الأولى قوة ضاربة قوامها نصف مليون مقاتل نظامي مسلح تسليحاً جيداً تولى حلف شمال الأطلسي وحلف وارسو تسليحه، وخبرة مثالية اكتسبها من حرب فعلية استمرت ثماني سنوات، فأصبح خطراً على الكيان الصهيوني إلا أن هذا الرئيس لم ينفذ مشروعه بالإطاحة بصدام حسين واحتلال العراق كما كان قد صمم عليه.<BR>إذا اضطر الرئيس بوش على التوقف فجأة عن الوصول إلى بغداد، وإكمال عمله العدواني مع أنه وعد الشعب العراقي بملاحقة الرئيس صدام حسين ودخول العراق وإلغاء القبض عليه وتقديمه إلى المحاكمة، وقد دعا الشعب العراقي إلى "الثورة" كما صرح ذلك علناً وكانت حليفته رئيسة الوزارة البريطانية، ويعود السبب في ذلك التوقف الفجائي وغير المتوقع هو حصول تغيرات جذرية في الاتحاد السوفييتي تطلب من أمريكا التفرغ لمراقبتها والاستعدادات لاحتمالات فشلها، إذ إن الرئيس غورباتشوف أقدم على الإعلان عن إلغاء الشيوعية "والاعتراف بفشلها" واعتماد النظام الرأسمالي بدلاً عنها، وهو مها كانت أمريكا ضالعة فيه وتريد تفكيك الاتحاد السوفييتي، لذلك أجلت مشاريعها العدوانية في العالم من أجل التفرغ والاستعداد لاحتمالات الفشل وعودة الشيوعيين إلى الحكم، وقد كان الرئيس بوش يأمل أن يفوز في مدة رئاسية ثانية تكون الأوضاع في الاتحاد السوفييتي قد استقرت لصالح غورباتشوف، وعندئذ يكمل مشروعه الذي بدأه باحتلال العراق والإطاحة بصدام حسين، إلا أنه لم يفز.. وقد كان للجهد اليهودي عاملاً رئيساً في عدم فوزه ووصول كلينتون إلى رئاسة أمريكا.. بسبب توقفه وعدم تدمير العراق تدميراً كلياً.<BR><BR><font color="#FF0000">كلينتون يجمد مشروع الحرب: </font><BR>على الرغم من أن اليهود كانوا وراء فوز الرئيس كلينتون وعدم نجاح بوش.. إلا أنهم أصيبوا بخيبة أمل من تجميده لمشروع احتلال العراق – العدو التاريخي – للكيان الصهيوني الذي ازداد خطره بما امتلكه من جيش قوي نتيجة حربه مع إيران.<BR>وقد حاول الكونجرس الذي يتكون من أكثرية – جمهورية – أن يحرجه على السير نحو تحقيق بقية ما اضطر بوش على تأجيله إلا أنه لم يفلح، فلقد أصدر الكونجرس قانوناً سماه قانون تحرير العراق ورصد له 93 مليون دولار، ومع هذا لم يلتزم به الرئيس "كلينتون"، وكانت حجته في أن المعارضة العراقية المتعاونة مع أمريكا مجموعة من اللصوص والمحتالين الذين لا قاعدة شعبية لهم في داخل العراق.<BR><BR><font color="#FF0000"> بوش الابن يرتكب جريمة العصر: </font><BR>استلم الرئاسة بعد الرئيس كلينتون بحكم محكمة وبضغط من اليهود المسيطرين على القضاء في أمريكا، وليس نتيجة لانتخابات كان فوزه فيها موضع شك واعتراض فقرر تنفيذ ما توقف عنده والده، وشن حرباً صهيونية صليبية على العالم الإسلامي، وجعل احتلاله العراق بداية لذلك، فدفع الجيش الأمريكي والمرتزقة المستأجرين نحو عاصمة الخلافة وعاصمة الحضارة الإسلامية لمئات السنين متحدياً كل القيم الأخلاقية والإنسانية وتعاليم السماء وموقف مجلس الأمن والأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي واستنكار شعوب العالم وأكثر حكوماته ومعارضة الشعب الأمريكي نفسه.<BR>لقد استباح جيشه بغداد والمدن الكبرى من العراق فعمل فيها نهباً وحرقاً فلم تسلم منه الوزارات ومخازن الغذاء والمدارس وخزائن الكتب والمخطوطات والمكتبات وبيوت المال والمساجد والمستشفيات ومع جيشه الغازي المتوحش مجموعة ساقطة حاقدة من العراقيين والكويتيين الذين جندهم معه ودخلوا مع جيشه الغازي، فكانت جريمة العصر لا تقل عما فعله جيش هولاكو.<BR>ستبقى هذه الجريمة راسخة في ذاكرة العراقيين إلى قيام الساعة يتوارثونها ومعهم العرب والمسلمين جيلاً عن جيل، ولم يكتفوا بذلك، وإنما استخدموا أسلحة كيماوية ونووية ذات مفعول بطيء إلا أنه مفعول شديد على حياة السكان لمئات السنين.<BR>إنها وصمة عار في جبين العصابة التي تحكم أمريكا وتريد الهيمنة على العالم، ولكن احتلالها للعراق سيكون بداية النهاية لهم، وسيكون مصيرهم على يد المقاومة العراقية المتصاعدة مقبرة لهم _إن شاء الله_ جزاءً وفاقاً على جريمتهم تلك.<BR><BR><font color="#FF0000"> ضمان تفوق الكيان الصهيوني: </font><BR>من المعلوم لدى الكثير من المتابعين للشأن الفلسطيني أن بريطانيا كانت قد أصدرت وعد بلفور "المتضمن منح فلسطين ليكون وطناً قومياً لليهود في العالم، وجعلها تحت الانتداب البريطاني، واختيارها اليهودي البريطاني "هربرت صموئيل" مندوباً سامياً معتمداً من قبل عصبة الأمم..." ولكن الكثير غابت عنهم حقيقة دور أمريكا في هذا كله، الذي بدأ في عهد الرئيس الأمريكي ولين، الذي كان صهيونياً متطرفاً متعاطفاً مع اليهود، وأن أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية تبنت بقوة مشروع التقسيم، وضغطت على دول كثيرة كانت تدور في فلكها بتأييد المشروع، وكانت تهدف أول الأمر من جملة ما تهدف أن يكون الكيان الصهيوني قاعدة انطلاق لنفوذها في البلاد العربية، التي كانت تسعى لتوطيد نفوذها فيها بديلاً عن بريطانيا وفرنسا اللتان اتفقتا على اقتسامها تنفيذاً لاتفاقية سايكس بيكو السرية، إلا أن هذا الكيان الذي تعهدت له بالتفوق النوعي بدلاً من أن يكون تابعاً لها أصبح متبوعاً، إذ إنه عقل أمريكا التي تفكر به، وعينها التي تبصر بها إلى الأمور، وهكذا تحول العبد إلى سيد والسيد إلى عبد.<BR>ينقل بول فندلي (عضو مجلس الشيوخ السابق) في كتابه (من يجرؤ على الكلام) عن دون بيرغس (السفير الأمريكي الأسبق لدى السودان):<BR>إننا في وزارة الخارجية نتندر "بالسر" بأن رئيس وزراء إسرائيل إذا أعلن يوماً أن الأرض مسطحة وليست كروية، أصدر الكونجرس الأمريكي خلال 24 ساعة قراراً يهنئ إسرائيل على هذا الاكتشاف.<BR><BR>رغم أن الرئيس بنيامين فرانكلين كان قد حذر الشعب الأمريكي في خطاب الوداع من نفوذ اليهود على أمريكا وكذلك رجل الصناعة "فورد" إلا أن هذه التحذيرات ذهبت أدراج الرياح وتحولت أمريكا إلى أسير لليهود، إذ إن أكثر الرؤساء الذين تولوا الرئاسة بعد الحرب العالمية الثانية كانوا من اليمين المسيحي المتصهين المتأثر بالأساطير التلمودية، وبالمحرف من التوراة يؤمن أن تخلي أمريكا عن الكيان الصهيوني يجلب عليهم غضب الرب.<BR><BR>ويعبر عن هذا المعنى (عضو مجلس الشيوخ الأمريكي) روجرز جيتس، بقوله:<BR>"أعتقد أن من أسباب البركة في أمريكا عبر السنين، هو إكرامنا لليهود الذين لجؤوا إلى هذه البلاد فبورك فينا؛ لأننا دافعنا عن إسرائيل، واعترفنا بحق إسرائيل في الأرض" ويعد كل من الرؤساء كندي وكارتر وريغن وجورج بوش الأب وجورج بوش الابن من أكثر المسيحيين المتصهينين المتأثرين بالأساطير التوراتية والتلمودية، ومن هنا نفهم لماذا كان حل الجيش العراقي من أولى القرارات التي صدرت بعد احتلال العراق مباشرة.<BR>عندما رشح كندي للرئاسة الأمريكية قام اليهود بعملية اختبار لمعرفة مقدار ولائه للكيان الصهيوني مشترطين عليه أن يختار مساعديه وحاشيته وموظفي البيت الأبيض من اليهود أو من المسيحيين المتصهينين لكي يمنحوه أصواتهم لانتخابات الرئاسة بعد أيزنهاور الذي كان حالة استثنائية من الرؤساء الذين لم يخضعوا خضوعاً تاماً لإسرائيل أخضعه اليهود لعملية اختيار؛ لأنه كان كاثوليكياً ولم يكن من أتباع – مذهب العصمة – يمينياً مثلما يختبر الأستاذ تلميذه لمعرفة موقعه من الكيان الصهيوني، وقد كان حريصاً على الفوز بأي ثمن، فوافق على شروطهم، وعندما التقى برئيس وزراء الكيان الصهيوني "بن غوريون" سأله "ماذا أستطيع أن أقدم لإسرائيل من خدمات" فسجل هذا الأخير في مذكراته بسخرية واستخفاف "أي صنف من الناس هذا الرئيس لدولة كبرى في العالم".<BR><BR>وعندما استلم الرئاسة من بعده نائبه "جونسون" على إثر اغتياله من قبل يهودي كان أول عمل قام به هو استقبال سفير الكيان الصهيوني؛ ليقول له: "لقد خسرتم صديقاً لكم في البيت الأبيض، ولكنكم عوضتم عنه بما هو أكثر صداقة لكم".<BR><BR>أما كارتر فقد بدأ حملته الانتخابية بلبس الطاقية اليهودية؛ ليقول لليهود: "أنا أعبد الإله الذي تعبدون"، وأن بقاء إسرائيل ليس مسألة سياسية وإنما هو ضرورة عقائدية وأخلاقية وكان في كل مناسبة يكرر حتى بعد انتهاء رئاسته "إنني أفضل الانتحار على أن ألحق الضرر بإسرائيل".<BR>أما جورج بوش الأب فيكفيه خدمة للكيان الصهيوني أن غير المعادلة بجعله العراق أول من يشمله الاحتلال، لكي يدمر جزءاً كبيراً من جيشه وقد كان عازماً على تدميره كله أو حله كما فعل "ولده" واحتلال العراق لولا ما حصل في الاتحاد السوفييتي.<BR><BR>إن أمريكا أقل ما يقال عنها قد أصبحت تابعاً ذليلاً للكيان الصهيوني، وإذا أحسنّا الظن به قلنا: إن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة أصبحا وجهين لعملة واحدة في العداء للعرب والمسلمين.<BR><BR><font color="#FF0000"> الصحوة الإسلامية: </font><BR>في أوساط المسلمين الآن صحوة إسلامية نبهت الغافلين وأيقظت النائمين من المسلمين، متمثلة في تيار عريض وتنظيمات كثيرة، ومتميزة بسلوكيات ومظاهر ومواقف وشعارات ومحاولات وبرامج.. كلها تهدف إلى إقامة دولة إسلامية بالمعنى الشرعي وليس بالمعنى العرفي، تجمع شتات المسلمين المبعثرين في العالم بين كيانات ضعيفة هزيلة تسير في فلك هذه الدولة أو تلك من الدول الطامعة في خيراتهم، وهذا الهدف يقتضي التصدي إلى النفوذ الأمريكي والكيان الصهيوني الذي ينظر إليه تيار الصحوة أن العلاقة به هو علاقة وجود وليس علاقة حدود.<BR>لقد بدأت هذه الصحوة في الثلاثينات من القرن العشرين ثم تطورت واتسعت وازدادت خبرة ونضوجاً في أواخر الخمسينيات.<BR><BR>وتسعى أمريكا والكيان الصهيوني لاستئصالها تحت شعار "مقاومة الإرهاب" الذي يعني في الحقيقة "مقاومة الإسلام" الذي ترفض تعاليمه الخضوع للأجنبي كما يرفض وجود الكيان الصهيوني.<BR>يقول بن غوريون (أول رئيس وزراء في الكيان الصهيوني): "أخشى ما نخشاه هو ظهور محمد جديد في العالم الإسلامي" ويقول الكاتب اليهودي الأمريكي في كتابه الموسوم (العهد والسيف):<BR>"إن المبدأ الذي قام عليه وجود إسرائيل منذ البداية هو أن العرب لا بد وأن يبادروا ذات يوم إلى التعاون معها، ولكي يصبح هذا التعاون ممكناً فلا بد من القضاء على العناصر التي تغذي شعور العداء ضد إسرائيل في العالم الإسلامي، وهي عناصر رجعية تتمثل في رجال الدين والمشايخ".<BR><BR>ويقول شمعون بيريز في كتابه (الشرق الأوسط الجديد) وهو رئيس وزراء سابق لحكومة الكيان الصهيوني:<BR>"لا يمكن أن يتحقق السلام في المنطقة ما دام الإسلام شاهراً سيفه، ولكي نطمئن على مستقبلنا لا بد أن يغمد الإسلام سيفه إلى الأبد".<BR>إن مشكلة الشعب اليهودي أن الدين الإسلامي ما زال في دور العدوان والتوسع وليس مستعداً لقبول أي حلول مع إسرائيل. إنه عدونا اللدود الذي يهدد مستقبل إسرائيل وشعبها".<BR>وبتاريخ 26/1/1979م كتب موشي ديان (وزير الدفاع للكيان الصهيوني): "إن على دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة أن تعطي اهتماماً أكبر لإسرائيل باعتبارها خط الدفاع الأول عن الحضارة الغربية في وجه أعاصير الثورة الإسلامية التي بدأت في إيران، والتي من الممكن أن تهب بطريقة مفاجئة وسريعة في أي منطقة أخرى من العالم الإسلامي، وربما في تركيا أو أفغانستان.<BR><BR>إن الشيوعية أقل خطورة من الإسلام على الغرب؛ لأنها في الأصل فكرة غربية يمكن الالتقاء بها، أما الإسلام فلا لقاء معه ولا تفاهم إلا بلغة الحديد والنار.<BR>وقال "أرون باريف" الذي كان مديراً لمخابرات الكيان الصهيوني:<BR>"لا أعتقد أن العرب بأوضاعهم الحالية يستطيعون أن يزيلوا إسرائيل من الوجود، ولكن الأمر يصبح ممكناً إذا نجح المتعصبون في تغيير الأوضاع لصالحهم، ولكننا نأمل من أصدقائنا حكام العرب والمسلمين الكثيرين أنهم سيقومون بالقضاء على خطر المتعصبين في الوقت المناسب".<BR><BR>وقال الرئيس جيمي كارتر:<BR>"إن الإدارة الأمريكية تشعر بالقلق البالغ إزاء تزايد نشاط الحركات الإسلامية في العالم، وإن على الولايات المتحدة الأمريكية وأصدقائها من حكام المسلمين مراقبتها عن كثب حتى لا تفاجأ باندلاع ثورات إسلامية في أي مكان من العالم الإسلامي؛ لأن أمريكا حريصة على عدم السماح للإسلام المتشدد بأن يلعب دوراً مؤثراً في السياسة الدولية".<BR><BR>ولا شك أن كارتر يقصد بالإسلام المتشدد الإسلام الذي يؤمن بفريضة الجهاد التي تلزم المسلمين برفض الاحتلال والعدوان عليهم وعلى كل إنسان.<BR>ويقول الرئيس نكسن في كتابه (نصر بلا حرب): يجب على روسيا وأمريكا أن تعقد تعاوناً حاسماً لضرب الأصولية الإسلامية، وأن واجب الولايات المتحدة الأمريكية ورسالتها في الحياة هي زعامة العالم الحر الذي يجب بدوره أن يتزعم العالم، وأن الطريقة الوحيدة للزعامة هي القوة، وأن العدو الأكبر لنا في العالم الثالث هو الأصولية الإسلامية.<BR><BR>هذه هي الدوافع المتبقية للغزو الأمريكي للعراق، وهي دوافع شريرة لم تستهدف العراق وحده، وإنما هي بداية لأهدافها العدوانية على البلاد العربية والعالم الإسلامي، والسيطرة على العالم كله، فلجأ إلى المقاومة التي هي حق من حقوقه وواجب من واجباته المقدسة فأبلى بلاءً حسناً لطرد الغزاة المعتدين من العراق ولإفشال مخططاتهم بجميع أبعادها العربية والفلسطينية والإسلامية والعالمية، فأحيا فريضة الجهاد التي كانت سفسفة عن عمد، ومارسها عملياً وجعل أمريكا أضحوكة للضاحكين، وهي الآن تواجه مأزقاً ما كانت تتوقعه، فهل يا ترى تصبح مهادنتها والسكوت عنها وتعاون البعض معها ومشاركتها لها في عدوانها والترحيب بها.<BR><BR>إن المجاهدين العراقيين لا يدافعون عن أنفسهم وعن العراق فقط، وإنما يدافعون عن الإنسان المهدد بالخطر الأمريكي عليه بما في ذلك الإنسان الأمريكي الذي تحكمه عصابة من المجرمين.<BR>لذلك كان حريّاً وقوف جميع المهددين بالمشاريع الأمريكية معه، والوقوف إلى جانبه في جهاده المبرور حتى يتحقق النصر _بإذن الله_ وقوته على الغزاة المعتدين.<BR><br>