قناة "الحرة" الأمريكية.. في عيون الخبراء
29 ذو الحجه 1424

خبير استراتيجي عسكري : <BR>*" هل بإمكان قناة محو كل هذا التراث من الجرائم البوشية في حق العرب والمسلمين؟ <BR>* "الأجدر ببوش أن يسأل نفسه (لماذا أكره العرب والمسلمين كل هذه الكراهية؟) !! " <BR>وكيل نقابة الصحفيين بمصر :<BR>* "الحرة " اسم عليها وليس لها، فالمعروف أن الأنظمة القمعية تحاول التمسح بكلمة الديموقراطية، والأنظمة الديكتاتورية تتمسح بالحرية !!<BR>المساعد السابق لوزير خارجية مصر :<BR>* القناة مخطط كبير هدفه عمل غسيل مخ للعقل العربي ومسخ شخصيته، وهي تعتمد أسلوب استدراج المشاهد العربي .. <BR>* معيار نجاح القناة ليست بكثرة المشاهدين، وإنما بقدرتها على التأثير وتغيير المشاعر والمفاهيم .<BR><BR>في محاولة يائسة منها لتجميل وجهها القبيح لدى العالم العربي، وتحسين صورتها الملوثة بدماء ملايين الأطفال والنساء والمواطنين الذين قتلتهم في أفغانستان والعراق، أطلقت الإدارة الأمريكية يوم السبت الموافق 14-2-2004م قناة فضائية ناطقة باللغة العربية أسمتها "الحرة".<BR>وبحسب خبراء ومحللين، فإن إطلاق قناة "الحرة" يأتي في إطار سعى الإدارة الأمريكية لتفعيل مبادرتها لإقامة "الشرق الأوسط الكبير"، مؤكدين أن هذه القناة قد جاءت لتسويق السياسات الأمريكية في منطقة الشرق والعالم، في إطار خطة لفرض الهيمنة الأمريكية ونظام القطبية الأحادية وتحرير العالم العربي والإسلامي من قيمه الذاتية، وإنتاج نسخ عربية جديدة تتماشى مع العولمة الأمريكية من خلال بث القيم ووجهات النظر الأمريكية بين الأغاني والسطور، وهو ما يزيد من خطورتها الإعلامية . <BR>وقد استهلت القناة إرسالها بحوار خصها به الرئيس الأمريكي جورج بوش تم بث مقتطفات منه السبت 14-4-2004م، وأذيع كاملاً الأحد 15-2-2004م، تحدث فيه بوش عن مشروعه لـ" نشر الديمقراطية في العالم العربي"، كما تناول قضايا أخرى تتعلق بالسياسة الأمريكية تجاه كل من المملكة العربية السعودية وسوريا وإيران. <BR>وكان الرئيس بوش قد أعلن في يناير 2004 م أن أمريكا والعالم الغربي "ارتكبا خطأ كبيراً على مدى 60 عاماً مضت عندما غضت النظر عن غياب الديمقراطية في الشرق الأوسط بهدف المحافظة على مصالح آنية".<BR> <BR>وقد زعم أعضاء بمجلس إدارة قناة "الحرة" أنه من أهدافها أن تكون شبكة "إخبارية متكاملة ومتوازنة"، وقال نورمان باتيز (رئيس إدارة لجنة الشرق الأوسط في مجلس الأمناء للبث في الشرق الأوسط التي تشرف على المحطة التليفزيونية) : "إن الحرة ستقدم آفاقا جديدة للمشاهدين في الشرق الأوسط، ونعتقد أنها ستوجد درجة أكبر من الفهم الحضاري والاحترام". <BR>وأضاف باتيز "سنكون مميزين مثل عمود من نور في سوق إعلامي تهيمن عليه الإثارة والتشويه"، في إشارة منه إلى قناة "الجزيرة" التي تتهمها واشنطن من آن لآخر بـ"استعداء الرأي العام العربي" عليها و"الترويج لأفكار الجماعات المتطرفة" من خلال بثها تسجيلات صوتية لزعماء تنظيم القاعدة <BR>(حسب زعمها) .<BR> <BR>وقد بدأت الشبكة التلفزيونية ببث 14 ساعة يومياً من البرامج يتم مدها إلى 24 ساعة خلال أسابيع، وسيتمكن المشاهدون في الشرق الأوسط من مشاهدة الشبكة الجديدة على القمرين الرئيسيين في المنطقة، وهما: "عربسات" و"نايل سات"، ومن المقرر أن يكون شعار الحرة الذي يظهر على الشاشة حصاناً عربياً يجري على الشاشة في الفواصل بين البرامج. <BR>ويعمل بالقناة فريق يضم نحو 200 صحفي وإعلامي عربي، استقطبوا من بعض الوسائل الإعلامية المختلفة، معظمهم صحفيين لبنانيين، ومصريين وأردنيين وسوريين وفلسطينيين، إضافة إلى قطري وجزائري وعراقية، ولا يتجاوز معدل أعمار العاملين في القناة 30 عاماً.<BR>ويدير القناة الصحفي اللبناني الأصل "موفق حرب" (36 عاماً) الذي عمل في السابق كرئيس لمكتب صحيفة "الحياة" اللندنية بواشنطن، كما عمل مديراً للقسم الإخباري في إذاعة "سوا" الأمريكية الموجهة للعرب".<BR><BR>ويشرف عليها مجلس أمناء عبارة عن وكالة أمريكية مستقلة للبث الدولي حول العالم تشرف أيضاً على شبكة إذاعات "صوت أمريكا"، ويتألف مجلس الأمناء من 9 أعضاء، منهم 4 جمهوريين و4 ديمقراطيين، إضافة إلى وزير الخارجية بحكم منصبه. <BR>وتعد "الحرة" أكبر مشروع إعلامي- سياسي غربي موجه للعرب منذ إطلاق القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في عام 1934م، و"صوت أمريكا" باللغة العربية في عام 1942م. <BR><BR>وقد خصص الكونجرس الأمريكي ميزانية قدرها 62 مليون دولار لتمويل القناة لعام 2004م، كما تم تجهيزها بأحدث التجهيزات اللازمة للإعلام المرئي، ويقع مقر القناة الرئيس في مقاطعة سبرنغفيلد، إحدى ضواحي ولاية فيرجينيا، على بعد 20 دقيقة من وسط واشنطن، فيما تنتشر شبكة مراسلين للمحطة التليفزيونية في معظم أنحاء العالم العربي. <BR>وكانت الإدارة الأمريكية قد أطلقت في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م إذاعة "سوا" الناطقة بالعربية والموجهة للعالم العربي، والتي لعبت دوراً في الحرب الإعلامية الأمريكية التي رافقت الحملة العسكرية على العراق، وكانت تبثُ برامجها وأخبارها للعراقيين من على متن سفينة عسكرية في الخليج العربي.<BR> <BR>وتعود فكرة إذاعة سوا إلى ما قبل أحداث سبتمبر/ أيلول بمدة طويلة، لكن الفكرة اكتسبت تأييدًا كبيرًا بعد تلك الأحداث، خاصة داخل الكونجرس، وكان نورمان باتيز (المدير التنفيذي لـ"ويست ورد وان التي تعد أكبر شركة إذاعية في الولايات المتحدة) هو صاحب الفكرة التي يهدف من ورائها إلى كسب جمهور الشباب العربي عبر استخدام برامج شبيهة ببرامج الإعلانات التجارية الهادفة إلى ترويج سلعة ما، ولكن في حالة "سوا" تصبح الأخبار والقيم الأمريكية هما السلعتين موضوع الإعلان.<BR><BR>وقد استهلت إذاعة "سوا" بثها المباشر في مارس/ آذار الماضي 2002م، وحظيت بموافقة 4 دول عربية لاستقبال إرسالها، وإعادة بثه على موجات الـ"إف إم"، وبذلك أصبحت سوا تتمتع بـ4 نقاط تقوية في كل من: عمان والكويت ودبي وأبو ظبي.<BR>وتُعد إذاعة سوا واحدة من الخدمات الدولية الأمريكية التي يشرف عليها ويمولها مجلس أمناء الإذاعات الدولية الأمريكية، وقد رصد لها 35 مليون دولار.<BR>كما أطلقت الإدارة الأمريكية أيضاً مجلة "هاي" العربية الموجهة للشباب العربي دون سن الثلاثين، وبشكل خاص لطلاب الجامعات، ووزعت من هذه المجلة عشرات الآلاف من النسخ بأسعار زهيدة، في محاولة منها لاستهداف عقول الشباب العرب. <BR>أما اليوم فالولايات المتحدة أطلقت مشروعها الأكبر لنشر الثقافة الأمريكية في العالم العربي، وهو محطة "الحرة" التلفزيونية، بكلفة تأسيسية تتجاوز 400 مليون دولار، وبتخصيص مبلغ 62 مليون دولار كميزانية لعامها الأول، فيما تعكف إدارة المحطة على افتتاح مكاتب لها في بغداد بتكلفة 40 مليون دولار سيتم اقتطاعها من الأموال المخصصة لإعادة إعمار العراق، كما يقول القائمون على المحطة! <BR>ستموت " الحرة "<BR>من المتوقع أن تواجه تحديات عدة، أهمها شكوك الجمهور العربي في مدى مصداقيتها، خاصة مع تحيز واشنطن الواضح للسياسات والممارسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. <BR>كما أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في موقعها على الإنترنت الأربعاء 17-12-2003 م إلى أن خبراء من منطقة الشرق الأوسط يشكون في إمكانية أن تؤتي هذه القناة ثمارها، بين جمهورها المستهدف الذي وصفته بـ"المتشكك دائماً في كل ما هو أمريكي". <BR>من جانبه قال إدوارد دجيريجيان (رئيس معهد جيمس بيكر للسياسة العامة التابع لجامعة رايس الأمريكية، الذي عين من قبل وزير الخارجية الأمريكي لتقييم جهود العلاقات الأمريكية العامة في الدول الإسلامية): "نشك في إمكانية عبور حاجز المصداقية التي يمكن أن تتمتع بها القناة بينما ستكون خاضعة لإدارة الدولة". <BR>المسؤولون بقناة الجزيرة، قالوا: إن المشاهد العربي سينظر إلى الشبكة الجديدة على أنها إحدى "أدوات الإدارة الأمريكية"، <BR>ودعا عدد من الناشطين العرب إلى مقاطعتها، مشيرين إلى أن الهدف من ورائها إجراء عملية غسيل جماعي لمخ الأمة، مطالبين علماء الأمة بالقيام بدورهم في تبصير الأمة وتحذيرهم منها و إصدار فتاوى شرعية تحرّم متابعتها، معتبرين أنها أشد خطراً على الأمة العربية والإسلامية من القواعد العسكرية .<BR> <BR>ويرى إعلاميون عرب أن "الحرة" قد تجد لنفسها مكاناً بين الفضائيات العربية إذا قررت معالجة مواضيع لا تستطيع الفضائيات المملوكة للحكومات العربية أن تتناولها، غير أن أهم ما سيتعين عليها تجاوزه هو العمل على كسب مصداقية لدى الرأي العام العربي، وهي مهمة لا تبدو بأي حال من الأحوال باليسيرة .<BR>مزاعم أمريكية !!<BR>وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في موقعها على الإنترنت الأربعاء 17-12-2003م أن الولايات المتحدة تهدف من وراء إطلاق هذه القناة إلى جعلها "منافساً أمريكياً عادلاً ومتوازناً" يرد على قناة الجزيرة القطرية التي تتهمها واشنطن بـ"تحريض" الجماهير العربية ضدها. <BR>وزعم موفق حرب (مدير عام القناة) أن الحرة ستعمل على نشر "أخبار موضوعية متوازنة"، وضرب مثالاً يقارن فيه بين الجزيرة والحرة قائلا: "على سبيل المثال، الجزيرة في تقرير لها عن إحدى الغارات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية تشير إلى أن الطائرات المستخدمة في الغارة هي من صنع أمريكي.. الحرة لن تفعل ذلك"، في إشارة إلى أن "الحرة" لن تربط عند عرضها للخبر بين الولايات المتحدة والغارة الإسرائيلية، رغم أن الطائرة المستخدمة في الغارة هي فعلاً من صنع أمريكي!! <BR><BR>ونقلت صحيفة "الحياة" اللندنية عن حرب قوله: "إن الحرة لن تكون امتداداً للسياسة الأمريكية في المنطقة، ولن تخضع لوزارة الخارجية أو الإدارة الأمريكية".<BR> ويزعم الفريق القائم على إنشاء القناة، المواد التحريرية بالقناة ستكون "مستقلة"، ويقول نورمان باتيز (رئيس الهيئة الأمريكية القائمة على التمويل والإشراف على المشروع): <BR>إن "الحرة" ستتواجد في كل مكان توجد فيه قناة الجزيرة القطرية، وأشار إلى أنه بحلول منتصف الشتاء الحالي سيكون للحرة فرع خاص بها بالعراق سيتم تمويله بنحو 40 مليون دولار أمريكي يتم تخصيصها من مبلغ الـ87 مليار دولار التي خصصتها الإدارة الأمريكية من قبل لجهود إعادة الإعمار في كل من العراق وأفغانستان، كما سيكون لها عدة فروع في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط. <BR><BR>كانت الإدارة الأمريكية قد سارعت بوضع جدول زمني لإطلاق "الحرة" وإذاعة "راديو سوا" (أطلقت منذ حوالي عامين) ومجلة "هاي" (صدرت في 2003م) في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م، بعد اعتراف مسؤولين أمريكيين بالحاجة إلى مخاطبة "الإساءات الموجهة إلى الولايات المتحدة عبر وسائل الإعلام العربية". <BR>وكانت إذاعة صوت أمريكا قد بدأت في تقديم خدماتها المنتظمة الموجهة للعالم العربي منذ عام 1950م، وكانت توجه 500 ساعة من البرامج أسبوعيا بـ34 لغة، وكانت تعمل كناطق رسمي باسم الفرع التنفيذي المسؤول عن السياسة الخارجية الأمريكية، وهو جزء لا يتجزأ من وكالة الاستعلامات الأمريكية.<BR><BR>وكان مجلس النواب الأمريكي قد صوت على قانون يهدف إلى الترويج للبث الإذاعي والتلفزيوني الأمريكي باتجاه الدول الإسلامية لمواجهة المشاعر المعادية لواشنطن التي ازدادت حدتها منذ بداية حربها على ما تسميه الإرهاب في أكتوبر 2001م. <BR>وقد خصص قانون "ترويج الحرية" الذي تم التصويت عليه الاثنين 22-7-2002 م، ما قيمته 135 مليون دولار للسنة المالية 2003م ، وقال (رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب "هنري هايد"، النائب الجمهوري عن ولاية "إيلينوي"، معد مشروع القانون): إن القانون الذي سيتكلف 750 مليون دولار على مدار الخمس سنوات المقبلة يشمل تنظيم زيارات للشباب المسلم إلى الولايات المتحدة ودروساً لغوية لهم. <BR><BR>يذكر أن وزارة الخارجية الأمريكية أطلقت في مايو2002م إذاعة تحمل اسم "سوا"، وتبث برامجها لعدد من الدول العربية، وتهدف "سوا" إلى تقريب وجهات النظر العربية الأمريكية، وتوضيح السياسات الأمريكية تجاه المنطقة، وتبث الإذاعة برامجها على موجات "إف إم" حالياً لكل من مصر والإمارات والأردن والكويت والأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد خصصت الإدارة الأمريكية موازنة مالية تُقدر بـ35 مليون دولار. <BR>والغريب أن إدارة بوش التي تقف خلف "الحرّة"؛ كانت هي أكثر من أبدى انزعاجه في السنوات الأخيرة من سقف الحرية "المرتفع" لفضائيات عربية استُهدفت بالاسم، دون أن تتطرق للفضائيات العربية الرسمية بسقوفها المعروفة، وفي أتون الحملة متعددة الأوجه ضد الفضائيات الإخبارية العربية، وبخاصة "الجزيرة" و"العربية" و"المنار" و"أبو ظبي"؛ تأتي هذه الخطوة الأمريكية بإطلاق "الحرّة".<BR><BR>وزاد من تدهور سمعة الولايات المتحدة وصورتها المشاهد التي كانت وسائل الإعلام تتناقلها من أفغانستان والعراق و فلسطين، والتي كانت تتضمن صوراً لأطفال ونساء ومدنيين قضوا نتيجة القصف الأمريكي العشوائي على المناطق المدنية بدعوى وجود مقاتلين فيها، ويتضح في كل مرة أنها تخلو من المقاتلين والأسلحة على حدٍ سواء. <BR>والمحطة الجديدة، سوف تخاطب الإنسان العربي في منزله على مدار الأربع والعشرين ساعة، في أحدث وأكبر غزو ثقافي للعقل العربي، وبهدف تحسين صورة الاحتلال الأمريكي في العراق، وتغيير مسار التفكير العربي، وبذلك فإن هذا المشروع هو أخطر على العرب بكثير من مشروع احتلال العراق ونهب ثرواته؛ لأن الاحتلال إلى زوال طال الزمان أو قصر، لكنَّ المفاهيم والقيم تتحول إلى تراث محفور في العقول مع السنين. <BR><BR>والرهان اليوم هو على وعي الجمهور العربي وذكاء العقل العربي، محل الاستهداف، فإما أن يكون العقل العربي فريسة سهلة لفخ "الحرة"، وإما أن يُفشل بذكائه مشروعها الاستعماري حضارياً وثقافياً وفكرياً.<BR>وفي سياق استطلاع آراء الخبراء والمحللين في قناة "الحرة "، التقى مراسل "المسلم" بالقاهرة بالسفير الدكتور عبد الله الأشعل (مساعد وزير الخارجية المصري ( المستقيل )، وخبير القانون الدولي) الذي استهل حديثه معنا قائلاً: أتوقع لهذه القناة الفشل الذريع؛ لأن الشعوب العربية المستهدفة على وعي بنوايا ومقاصد صناع القرار بالإدارة الأمريكية المتحيزة و المتغطرسة" . <BR>وأضاف الأشعل :" إن هذه القناة قد ولدت ميتة؛ لأن الناس في العالمين العربي و الإسلامي متحفزون لها لكونها صادرة عن هؤلاء المحتلين الذين يحكمون قبضتهم على العراق وينهبون خيراته ، كما أنهم يفهمون جيداً أن هدفها هو التسويغ والتبرير للاحتلال، ومن ثم فقد فقدت هذه القناة مصداقيتها قبل البدء، وإذا ما فقدت الأداة الإعلامية ثقة الناس بها فقد انتهت". <BR>وحول استهلال القناة برامجها ببعض البرامج الرياضية والفنية والأغاني ومحاولة البعد قدر الإمكان عن السياسة ، قال الأشعل (الذي أمضى 36 سنة من عمره دبلوماسياً) - :" هذا مخطط كبير هدفه عمل غسيل مخ للعقل العربي، ومحاولة مسخ شخصيته ومن ثم فهو يعتمد على قاعدة استدراج المشاهد العربي لجعله يتقبل القناة، ويعتقد أنها محايدة أو أنها مهنية، وأنها ليست بوقاً لقوات الاحتلال، ثم تقوم القناة بدس السم في العسل " .<BR><BR>وأشار الأشعل (خبير القانون الدولي) إلى أن" هذه القناة ليست إعلامية بالمفهوم الإعلامي، وإنما هي بوق للدعاية للاحتلال الأمريكي في العراق، وللدعاية للنموذج والأفكار الأمريكية التي تريد الترويج لها في المنطقة بهدف عمل قاعدة إعلامية لهذا النموذج تمهيداً لفرضه على الأنظمة العربية".<BR>وأعتقد أن أمريكا تعرف أن معيار نجاح هذه القناة ليست بكثرة المشاهدين وإنما بقدرتها على التأثير في المنطقة، وقدرتها على تغيير سلوكيات العرب ومشاعرهم ومفاهيمهم عن قوات الاحتلال وعن أمريكا نفسها وسياساتها في المنطقة .<BR>وقال الأشعل : "أعتقد أنه أجدى لأمريكا أن تسعى لتغيير سياساتها بدلاً من أن تنفق كل هذه المليارت على إعلام موجه بهدف تجميل وجهها القبيح، وأن عليها أن تترك الانحياز الأعمى للاحتلال الإسرائيلي الذي يقتل ويهدم ويدمر في فلسطين بينما بوش يصفق لشارون، وأن تترك العراق للعراقيين فهم أدرى بما يصلح شؤونهم !!".<BR><BR>وأكد الدكتور عبد الله الأشعل (خبير القانون الدولي) أن هذه القناة هي لعبة أمريكية للترويج للاحتلال ولسياساتها التي تنوي فرضها على المنطقة، وإلا فبالله عليك ما الذي يجعل الإدارة الأمريكية تنفق 400 مليون دولار على تأسيسها، وتخصص 62 مليون دولار كميزانية لها في عامها الأول فقط ، فيما تعكف على افتتاح فرع لها في العراق بتكلفة 40 مليون دولار؟!!<BR>وما الذي يجعل الحكومة البريطانية تقدم مليارات الدولارات سنوياً من أموال دافعي الضرائب لدعم مؤسسة إعلامية، مثل إذاعة الـ بي بي سي مالم تكن مكلفة بعمل ما يستهدف تجميل وجهها القبيح هي الأخرى بعدما لوثه دماء الأبرياء والأطفال الذي راحوا ضحية الغطرسة الأمريكية والجهل البريطاني في أفغانستان والعراق وفلسطين ؟!!<BR><BR>وحول إمكانية نجاحها واستمرارها في البث في المنطقة، قال الدكتور عبد الله الأشعل (المساعد السابق لوزير الخارجية المصري): " هذه القناة ستفشل ولن تستمر وستغلق عقب الانتخابات اللهم إلا إذا اتخذت أسلوباً مهنياً في المعالجات والتغطيات الإخبارية والبرامج، وإلا إذا استطاعت أن تتوازن وأن توجه رسالة للإدارة الأمريكية بضرورة تغيير سياستها ونظرتها للمنطقة".<BR>وأضاف الأشعل :" كما أعتقد أنه يمكن لمثل هذه القناة أن تنجح لو قررت أن تفتح ملفات الفساد في العالم العربي وتعرضت للفساد والديكتاتورية المستشري في أنظمة الحكم العربية تمهيداً لمبادرتها لدمقرطة الشرق الأوسط الكبير !!"<BR>وحتى تكون الصورة أكثر وضوحاً، التقى مراسل "المسلم" بالقاهرة بالأستاذ/ صلاح عبد المقصود (وكيل نقابة الصحفيين المصريين، ومدير مركز الإعلام العربي للبحوث والنشر) ، ودار حوار حول أهمية الإعلام ودوره في السياسة، فقال : " لاشك أن الإعلام أحد الأسلحة الموجهة التي تستخدمها أمريكا في حربها ضد المنطقة كما أنه أحد الأدوات التي تحاول أمريكا عن طريقها تحقيق أهدافها" .<BR><BR>وأضاف عبد المقصود :" لعلنا شاهدنا في حرب الخليج الثانية بعد الغزو العراقي للكويت، وكذلك في الحرب الأمريكية ضد الشعب الأفغاني المسلم، وكذا في حربها ضد الشعب العراقي الشقيق كيف كان الاهتمام الأمريكي بالإعلام وتوظيفه كسلاح رئيس في هذه الحروب".<BR>واستطرد عبد المقصود قائلاً: " لقد تابعنا خلال هذه المدة الأخيرة الجهود المشبوهة لإدارة التضليل الإعلامي التي كانت تابعة لوزارة الإعلام فانتقلت تبعيتها لوزارة الخارجية بهدف توظيف الإعلام لخدمة أهدافها في المنطقة بكل الوسائل، وذلك عن طريق شراء الذمم والأقلام، بل وصل الأمر لدرجة صناعة عملاء للفكر الأمريكي، وهذه الإدارة تنفق مئات الملايين بل والمليارات على عملائها من الكتاب والصحفيين والإعلاميين لتسويق السياسة الأمريكية في مختلف مناطق العالم" .<BR><BR>وقال (وكيل نقابة الصحفيين المصريين):" ولعل ما يفسر الاهتمام بالإعلام كوسيلة من وسائل الحرب الأمريكية إقدام أمريكا مؤخراً على إنشاء إذاعة سوا وقناة الحرة في محاولة يائسة منها لمواجهة المنابر الإعلامية العربية والإسلامية التي نشطت في السنوات الأخيرة في فضح السياسة الأمريكية المتحيزة والمتغطرسة" .<BR><BR>وحول تسمية هذه القناة بـ " الحرة " قال عبد المقصود:" أعتقد أن هذا الاسم عليها وليس لها، فكثير من الأنظمة القمعية في العالم تحاول التمسح بكلمة الديموقراطية رغم أنها قمعية، كما أن هناك الكثير من الأنظمة الديكتاتورية التي تدعي أنها أنظمة حرة، وأعتقد أن أمريكا أطلقت اسم " الحرة" على هذه القناة لشعورها بأنها مستبدة ومحتلة، وربما لتغيير صورتها التي رسمت في أذهان أبناء الأمتين العربية و الإسلامية على أنها دولة محتلة ومنحازة ومتغطرسة" .<BR><BR>واختتم صلاح عبد المقصود (وكيل نقابة الصحفيين المصريين) حديثه قائلاً: " في تقديري أن أمريكا تحاول من خلال هذه القناة أن تنشر ثقافتها ونموذجها للتغيير للضغط على الحكومات والأنظمة العربية للتحول ناحية مزيد من الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان ولتنفيذ مطالبها ، ومن الناحية المهنية فإنه من الصعب الحكم عليها الآن، ويجب رصد وتحليل ما تقدمه لنعرف كيف يفكرون وفيما يفكرون لنعرف كيف نواجهه وكيف يمكننا التصدي له، ومن الخطأ أن نظن أنها قاصرة على العراق، فهي تستهدف المنطقة العربية كلها" .<BR><BR>ونظراً لأنها قناة من إنتاج أمريكا المحتلة، وأنها تستهدف احتلال عقل وفكر الأمة العربية كلها، كان لا بد أن نستطلع رأي أحد خبراء الاستراتيجية العسكرية، فالتقى مراسل "المسلم " بالقاهرة مع اللواء أركان حرب الدكتور زكريا حسين (المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا، والرئيس الأسبق لهيئة البحوث العسكرية، وأستاذ العلوم الاستراتيجية بجامعة الإسكندرية)، الذي قال :" إعلام القرن الحادي والعشرين بما يتميز به من تكنولوجيا عالية جداً يمكنه الانتشار في نطاقات واسعة جداً، وهذا النوع من الإعلام الموجه ليس جديداً، ولكنه ازداد واتسع في القرن الحادي والعشرين". <BR>وأضاف حسين :" السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ارتكبت الكثير من الأخطاء سواء في دعمها المطلق لقوات الاحتلال الإسرائيلي أو في غزوها للعراق بحيث أصبح هناك دولتان عربيتان تحت القبضة الأمريكية هذا إضافة إلى المخطط الأمريكي للسيطرة على الشرق الأوسط الكبير ". <BR> <BR>وأشار حسين (المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا) :" يجب ألا ننسى أن هناك 40 شخصية يهودية في الإدارة الأمريكية، وأنهم جميعاً من الشخصيات المعروفة بولائها للكيان الإسرائيلي المحتل، وأنها تسعى لدعمها وتدافع باستماتة عن مصالحها بل وتضغط على الحكومات الأمريكية المتعاقبة مستغلة قوة ونفوذ اللوبي اليهودي في أمريكا و تهديده باستخدام ورقة الانتخابات، كما أن هناك تنسيق كبير وواضح بين الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي أريل شارون" .<BR><BR>وقال حسين (الرئيس الأسبق لهيئة البحوث العسكرية بوزارة الدفاع المصرية):" كل هذه الأمور ساهمت في رسم صورة قبيحة للإدارة الأمريكية، ومهما حاولت أمريكا تجميل وجهها القبيح فلن تستطيع تغيير صورتها التي التصقت بالعقلية العربية". <BR>وأضاف حسين( أستاذ العلوم الاستراتيجية بجامعة الإسكندرية) :" لقد حاولت أمريكا فعل ذلك مراراً، وكانت آخر محاولاتها الوفد الذي أرسلته للشرق الأوسط والذي تنقل في معظم دول المنطقة واستمرت جولاته لمدة 3 شهور متواصلة، وكان مكلفاً بدراسة صورة الإدارة الأمريكية في الذهنية العربية".<BR><BR>وقال حسين : " وقد التقى الوفد بالعديد من القوى السياسية المعارضة في المنطقة العربية و عدد من منظمات حقوق الإنسان لاستطلاع آرائهم في السياسة الأمريكية، وقد رجع الوفد بتقرير في غاية الأهمية خلاصته أن الشارع العربي يغلي، وأن الشعوب العربية تكن مزيداً من الكراهية لأمريكا، وأن السبب في ذلك هو سياستها المتحيزة والمتغطرسة في الشرق الأوسط وتحيزها الأعمى لإسرائيل" .<BR><BR>واستطرد حسين قائلاً:" وانتهت اللجنة المشكلة لدراسة تقرير الوفد إلى ضرورة الاهتمام بتحسين صورة أمريكا وتجميل صورتها لدى الشارع العربي، ووضعت اللجنة عدداً من الآليات التنفيذية والخطوات العملية كان من بينها إطلاق فضائية أمريكية باللغة العربية تخاطب شعوب المنطقة العربية المستهدفة، فكانت هذه القناة هي "الحرة" ومن قبل أطلقت أمريكا إذاعة "سوا ".<BR>وحول إمكانية نجاح هذه القناة في مهمتها، قال اللواء أركان حرب الدكتور زكريا حسين (المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا) :" أعتقد أن "سوا" و "الحرة " لن يتمكنا من تغيير هذه الصورة الكريهة التي أخذها العالم عن أمريكا، وليس أمام أمريكا لو كانت صادقة في تحسين صورتها سوى أن تغير سياساتها وخاصة تجاه إسرائيل، فهناك تعاون أمريكي إسرائيلي على ذبح الفلسطينيين، وهناك قروض أمريكية لإسرائيل وصلت إلى 10 مليارات دولار!! ".<BR><BR>وأضاف حسين : " الغريب بعد كل هذا أن نجد أمريكا تتساءل "لماذا يكرهوننا؟! " .. و أنا لن أرد على هذا السؤال الغريب، لكنني سأستنطق مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق في حكومة كيندي الذي رد على هذا السؤال قائلاً: " أجدر بالرئيس الأمريكي بوش ألا يردد كثيراً عبارة لماذا يكرهوننا موجهاً كلامه للعرب والمسلمين، وليسأل نفسه هذا السؤال (لماذا أكره العرب والمسلمين كل هذه الكراهية؟) !! " <BR><BR>وقال حسين :" بوش يتوهم أن بإمكانه أن يجمل صورة أمريكا بهذه القناة أو غيرها، وهذا كله وهم ولن يكون، فما زال العالم العربي يتساءل عن ذنب الـ مليون طفل عراقي وأكثر من مليون مواطن عراقي الذين قتلهم بوش بحصاره وتجويعه للشعب العراقي لأكثر من 11 عاماً متواصلة بدعوى البحث عن أسلحة الدمار الشامل التي لم يجدوها حتى الآن !!، نعم لن ينسوا هذا لبوش، ولن ينسوا له ما فعله بهم في "عاصفة الصحراء" و" ثعلب الصحراء " ثم "غزو العراق" وتدمير بنيته الأساسية وسرقة بتروله وحريته، ولن ينسوا له ضغطه على حكوماتهم وتدخله في شؤونهم الداخلية بتغيير مناهجهم ونظم حياتهم وتأليب حكوماتهم على شعوبها وغيرها كثير مما يزين بالسواد صحيفة بوش! " .<BR><BR>وتساءل اللواء أركان حرب الدكتور زكريا حسين (المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا) :" هل بإمكان قناة الحرة محو كل هذا التراث من الجرائم البوشية في حق العرب والمسلمين ؟!! ..لا أعتقد، ثم إن الشعب العراقي على وعي تام بحقيقة أطماع بوش في العراق حتى قبل الغزو وهم يعرفون جيداً لماذا جاء بوش بخيله وعسكره ؟! " .<BR><BR>وقال حسين :" مشكلتنا أننا لا نقرأ وإذا قرانا لا نفهم.. فقد أعلن بوش في 20 سبتمبر 2002م ، بعد عام واحد من أحداث 11 سبتمبر التي زلزلت أركان أمريكا، أعلن حقيقة ما ينتويه ويخططه للشرق الوسط عندما قال: "سنعمل على تغيير الشرق الأوسط ليكون وفق النموذج الأمريكي " . <BR>وأوضح حسين أن " العراق هو فقط المنطلق لرحلة التغيير الكبير الذي سيحدث في الشرق الأوسط والذي مخطط له أن ينتهي بالهيمنة الأمريكية المطلقة على المنطقة، بل وهو السيناريو التي تخاف حكومات المنطقة من تكراره عليها، فتصير بهذا الخوف أكثر انصياعاً لأوامرها، ولقد وصل الغرور الأمريكي لدرجة أنه يعلن على الملأ خططه للسيطرة على المنطقة!! ".<BR>وقال حسين (أستاذ العلوم الاستراتيجية بجامعة الإسكندرية) :" بوش يظن أن الأمة العربية بشعوبها ومفكريها ومثقفيها وعلمائها ستنطلي عليهم الكذبة الأمريكية بأنها راعية الديمقراطية..لا .. فالكل يعرف حقيقة النوايا الأمريكية ولا ينطلي عليه هذا القناع الزائف الذي تخفي أمريكا خلفه حقيقتها المرعبة" .<BR><BR>وأوضح حسين (الرئيس الأسبق لهيئة البحوث العسكرية) أن مقربين من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، وكذا مقربين من وزير الخارجية الأمريكي كولن باول قد حذروا بوش من احتلال العراق دون حل القضية الفلسطينية، وأوضحوا له أن قوات التحالف لن تشعر بالأمان والاستقرار في المنطقة طالما ظلت فلسطين محتلة لكن كبره وغروره منعه من الاستماع لآراء ناصحيه، ووعد بوش أنه سيحل مشكلة فلسطين بعد الانتهاء من غزو العراق، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث ! <BR><BR>واستبعد حسين (المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا) أن تتمكن محطة تليفزيونية مثل الحرة من محو هذا السجل الكبير من جرائم بوش ضد العرب والمسلمين!!، وقال:" يكفي أن نعلم أن بوش لم يبق له صديق في الشرق الأوسط حتى مصر والمملكة العربية السعودية اللتين كانت واشنطن تعدهما من أصدقائها الأوفياء بالمنطقة لم تسلمان من أذى بوش وعصابته"، مضيفاً أن :" الأدلة على وجود تعاون من الموساد مع أمريكا في العراق واضحة ولا تخفى على ذي لب". <BR><BR>وقال حسين:" لقد ظهر نوع جديد من القوة اسمه "غرور القوة" ، وكان بوش وحكومته هم أول من أصيبوا بهذا الداء، وظهرت أعراضه على بوش عندما قال: " لن نسمح لأي قوة صاعدة في العالم بالظهور، كما لن نمكن أوربا القادمة ولا الصين ولا روسيا أن تصل في يوم من الأيام إلى قوتنا". <BR><BR>واختتم اللواء أركان حرب الدكتور زكريا حسين (المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا، والرئيس الأسبق لهيئة البحوث العسكرية، وأستاذ العلوم الاستراتيجية بجامعة الإسكندرية) حديثه لـ " المسلم" بقوله :" لقد قطعت أمريكا شوطاً كبيراً في طريق السيطرة على مقدرات العالم، فبعد أن سيطرت على نفط بحر قزوين بعد تدميرها لأفغانستان تحت دعوى البحث عن ابن لادن، ها هي تسيطر على نفط العراق بعدما دمرت بغداد بحجة البحث عن صدام !!، وبهذا تكون أمريكا قد وضعت يدها على آبار النفط التي ستضمن لها نهوضا اقتصادياً يماثل قوتها العسكرية" . <BR><br>