المسجد الأقصى .. بين الانهيار والاستنكار
2 محرم 1425

ربما لم يشهد المسجد الأقصى المبارك في يوم من الأيام وضعاً أسوأ مما هو عليه الآن، فالحفريات الإسرائيلية المعلنة والغير معلنة أتت على الكثير من قواعده وأساساته تحت الأرض.<BR>وفيما يستمر الزعم الإسرائيلي بوجود هيكل النبي سليمان _عليه السلام_ تحت المسجد الأقصى، تستمر الحفريات الإسرائيلية، ويستمر معها خسف الأراضي وتصدع الجدران وهشاشة الأساسات ومتابعة العالم لقراءة ما يحدث دون الكثير من العناء في العمل أو القول، وربما التفكير (وهو أضعف الإيمان).<BR>وآخر ما حصده المسجد الأقصى المبارك من ثمار استمرار العمل الإسرائيلي الدؤوب، هو انهيار جزء من الطريق المؤدي إلى باب المغاربة الذي يعد أحد الأبواب الرئيسة للمسجد الأقصى المبارك فجر يوم الأحد الماضي 24 ذو الحجة ، وقد حصل الانهيار في الطريق الصخري الذي يبلغ عمره نحو 800 عام المؤدي إلى باب المغاربة من جهة حائط البراق. <BR>و حصل الانهيار نتيجة أعمال الحفر والتنقيب التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحت أساسات المسجد المبارك والمنطقة المحيطة بها، وعدم السماح لدائرة الأوقاف الإسلامية بأعمال الترميم في تلك المنطقة.<BR>ويعود تاريخ بناء الطريق للعصر المملوكي، وهو طريق محاذٍ للحائط الغربي المعروف "بحائط البراق" عند المسلمين و"حائط المبكى" عند اليهود.<BR>وكان انهياراً آخر وقع قبل عدة أشهر في الجدار الغربي من مبنى المتحف الإسلامي القريب من منطقة باب المغاربة بسبب منع سلطات الاحتلال دائرة الأوقاف الإسلامية القيام بأعمال الترميم.<BR> <BR><font color="#0000FF"> إسرائيل تستولي على مفتاح باب المغاربة: </font><BR>حمّل الشيخ عكرمة صبري (المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس الهيئة الإسلامية العليا) سلطات الاحتلال المسؤولية عن الانهيار الحاصل في الطريق المؤدية إلى باب المغاربة، إحدى البوابات الخارجية الرئيسة للحرم القدسي الشريف. <BR>وأرجع السبب في ذلك إلى الحفريات التي تقوم بها تحت أساسات المسجد الأقصى وفي محيطه، وقد قال الشيخ عكرمة حول هذا الموضوع: " إن الحفريات ما تزال مستمرة في المنطقة المتاخمة والملاصقة للمسجد الأقصى المبارك، وإن العوامل الطبيعية أثرت على الطريق الموصلة إلى باب المغاربة؛ لأن أساساتها قد ضعفت نتيجة هذه الحفريات".<BR>ويؤكد الشيخ أن المسجد الأقصى قد تنتظره أيام أكثر صعوبة، وقال: " إذا كان الزلزال الذي حصل قبل أيام قد مر بسلام بلطف الله _سبحانه وتعالى_ فإننا نخشى أن يكون الزلزال المقبل أقوى تأثيراً، نتيجة تفريغ الأتربة حول أساسات الأقصى".<BR>وبين الشيخ عكرمة أن مفتاح «باب المغاربة» كان قد استولى عليه جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م، ولا يزال في حوزته رغم مطالبات الأوقاف المتكررة باسترجاعه، الأمر الذي يحول دون قيام الأوقاف الإسلامية بترميم هذه الطريق».<BR> <BR><font color="#0000FF"> أهداف الحفريات الإسرائيلية: </font><BR>كما أوضح (القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي) الشيخ نافذ عزام، أهداف اليهود من استمرار الحفريات في محيط المسجد الأقصى بالقول: " هناك محاولة "إسرائيلية" مستمرة للنيل من المسجد الأقصى ، وهذه المحاولة تستند إلى بعدين : بعد ديني، حيث أن تياراً قوياً داخل إسرائيل يتوهم أن المسجد الأقصى مقام على هيكلهم المزعوم، وبالتالي لا يمكن بناء الهيكل من جديد إلا على أنقاض المسجد الأقصى، والبعد الآخر هو سياسي، وأيضاً لا يمكن فصله عن الديني، حيث إن المسجد الأقصى يرمز إلى توحد المسلمين حول قضية فلسطين ، وإسرائيل تدرك الأهمية الدينية والسياسية للمسجد الأقصى لدى كل عربي ومسلم في العالم ، حيث إن أي أذى يصيب المسجد الأقصى يمكن أن يحرك المسلمين في جميع أنحاء العالم"<BR> ويتابع الشيخ عزام " إسرائيل إذا تسعى لقتل هذا المعنى، وقد كانت أعمال الحفر حول المسجد الأقصى تدخل في ذلك السياق .. ويفترض أن يكون انهيار الطريق المؤدي إلى باب المغاربة ناقوس خطر جديد يهز العرب والمسلمين ، وينبههم إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه المسجد الأقصى والفلسطينيون بشكل عام". <BR>يذكر أنه تم قبل أسابيع الكشف عن خطط يهودية لحفر نفق تحت الأقصى، تلاه قيام متطرفين يهود بتحطيم أعمدة رخامية أثرية قرب المتحف الإسلامي، كما أن الجدار الغربي من مبنى المتحف الإسلامي القريب من منطقة باب المغاربة كان قد انهار أيضاً في سبتمبر الماضي، وسبقه انهيار كبير في الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى قرب حائط البراق.<BR> <BR><font color="#0000FF"> الموقف العربي المستنكر دائماً.!! </font><BR>لم يزد الموقف العربي في معظمه من التمسك بحقه في الحجب والاستنكار(!!!) لما تقوم به إسرائيل من ممارسات تلمس إحساس أي مسلم في كل مكان بالعالم.<BR>حيث خرجت جامعة الدول العربية بكل ثقة(!!) لتلقي بياناً تعرب فيه عن قلقها البالغ(!!) إزاء تواصل أعمال الحفر الإسرائيلية تحت المسجد الأقصى.<BR>وقد تناقلت وسائل الإعلام - كعادتها- البيان المكتوب الذي وزعته جامعة الدول العربية، والذي جاء فيه "إن أعمال الحفر الإسرائيلية المتواصلة تحت المسجد الأقصى تبعث على القلق البالغ (...) باعتبارها ممارسات عدوانية تتم بالمخالفة الكاملة لقرارات الشرعية الدولية وللوضع القانوني لمدينة القدس الشريف باعتبارها أرضاً محتلة منذ عام 1967م"<BR>ولم ينس المتحدث باسم الجامعة أن يحمّل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن أي أضرار تصيب المسجد الأقصى جراء عمليات الحفر التي تقوم بها!!<BR> وناشد المتحدث المجتمع الدولي، وبشكل خاص الأطراف المهتمة بإقرار السلام في المنطقة، وفي مقدمتها أعضاء اللجنة الرباعية الدولية والأمم المتحدة وهيئاتها المتخصصة، التدخل لدى سلطة الاحتلال الإسرائيلية من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية كافة المقدسات الإسلامية والمسيحية بالمدينة المقدسة.<BR>وأشار البيان إلى المخاطر التي تتهدد القدس نتيجة للممارسات الإسرائيلية الساعية إلى تغيير هوية المدينة، والعبث بطبيعتها الجغرافية والديمغرافية.<BR> <BR><font color="#0000FF"> الأردن وجدية التعهد بترميم المسجد: </font><BR>شذّ -إعلامياً- عن الموقف العربي المستنكر ما أعلنه (وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني) أحمد هليل من أن فريقا أردنيا سيقوم بصيانة وترميم الجدار بعد أن انهار جزء منه،<BR>وقد نقلت إحدى الصحف الأردنية قول هليل: "إن فريقاً أردنياً سيقوم بصيانة وترميم الجدار الشرقي بالكامل، والذي تسببت الحفريات الإسرائيلية بهدم جزء منه."<BR>مضيفاً أن الفريق الأردني سيتوجه إلى القدس قريباً لفحص الحائط، ومن ثم صيانته وترميمه.<BR>وعلى الرغم من هذا الإعلان ( المتفائل) إلا أن المشكلة أكبر من ذلك ، إذ إن المؤسسات الحكومية والأهلية الفلسطينية ليست بأقل كفاءة من فرق الصيانة الأردنية التي من المفترض أن تقوم بالترميم، ولكن التحرك الفلسطيني للترميم يحتاج إلى موافقة إسرائيلية أولاً من أجل المضي في العمل، وهذا ما لم يحصل عليه الفلسطينيون حتى الآن.<BR>خاصة وأن إسرائيل تمنع منذ ثلاث سنوات إدخال مواد البناء اللازمة لإجراء الترميم المطلوب في أنحاء المسجد الأقصى.<BR>وقد يبقى الإعلان الأردني للاستهلاك الإعلامي لا أكثر، إلا إذا وافقت إسرائيل على إعطاء الأردن فرصة للظهور بمظهر المنقذ لأجزاء من المسجد الأقصى، وهذا ما لم يحدث دون مقابل.<BR>إلا أن الأردن استطاعت -كثيراً- أن تثبت لإسرائيل أنها قادرة على تقديم (المقابل) بكل ثقة، بدءاً من العلاقات المميزة الدبلوماسية والتجارية، وليس انتهاءً بقتل المجاهدين الفلسطينيين الذين يحاولون النيل من إسرائيل عبر الحدود الأردنية العربية المفترضة.<BR> <BR><font color="#0000FF"> الادعاءات الإسرائيلية: </font><BR>أما إسرائيل فإنها على سياستها القديمة في المراوغة وقلب الحقائق وتقديم الباطل، حتى فيما يتابعه العالم ويراه الفلسطينيون.<BR>ويساعدها في استمرار سياستها هذه، تملكها للعديد من الوسائل الإعلامية العالمية، ما يتيح مجالاً كبيراً لها لتزييف الحق، وتقديمه على أنه الحقيقة الحاصلة، وما سواه، فهو أوهام عربية.<BR>ففي الوقت الذي تتداعى فيه كل مدة أحد أقسام المسجد المبارك، تقول إسرائيل: إنها غير مسؤولة عما يحدث فيه من استنزاف لقدرته على الصمود والوقوف.<BR>حيث تروج وسائل الإعلام العالمية (وبعض العربية أيضاً) من أن المهندسين الإسرائيليين لم يستطيعوا إلى الآن معرفة السبب الذي أدى لانهيار جزء من الطريق الصخري القديم للأقصى (!!!).<BR>مشيرين إلى حدوث عاصفة ثلجية وصفوها (بالنادرة) يوم السبت الذي سبق الانهيار، متغاضين عن أن الحفريات الإسرائيلية تترك أساسات المسجد هشة لدرجة تسمح فيها لأي عاصفة أو حادثة أو مدة زمنية بسيطة لإكمال ما تقوم به، ثم التركيز على ما حدث أخيراً كسبب للانهيار. <BR>وأن ذلك لو كان صحيحاً (من انهيار بسبب عاصفة) لانهار معه الكثير من المباني القديمة والآثار المترامية في الكثير من أراض فلسطين .<BR>بل إن بعض الوسائل الإعلامية (كالسي إن إن ورويترز) نقلت تفسيرات لباحثين إسرائيليين ادعوا أن أحد الأسباب المحتملة لتصدع الطريق، زلزال صغير وقع الأسبوع الماضي في المنطقة .!!!<BR><br>