في العراق: لعبة تسليم السلطة.. وبناء القواعد
6 صفر 1425

بدأ العراقيون وسلطة الاحتلال العد التنازلي لنقل السلطة خلال مائة يوم، فيما أعلن بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي للعراق عن إنشاء ثلاث هيئات عامة مكلفة ضمان استقلالية السلطة والإعلام وحفظ الأمن في العراق. <BR>وقالت مصادر مجلس الحكم العراقي إن أربع وزارات ستتسلم السلطة في الأول من أبريل المقبل في إطار عملية نقل السلطة من الاحتلال إلى الحكومة العراقية. <BR>وقال بريمر: "سأنشئ رسمياً وزارة الدفاع العراقية الجديدة ولجنة وطنية للأمن على المستوى الوزاري في وقت لاحق هذا الأسبوع ". <BR><BR>كما أعلن عن تشكيل ثلاث وكالات مستقلة لمكافحة الفساد ووضع سياسة جديدة في مجال الإعلام، وقال: " إن العمل جار على تشكيل ثلاث وكالات مستقلة تتعاون فيما بينها، من أجل حماية المصلحة العامة" !!<BR><BR>فيما أكدت نسرين براوري (وزيرة الأشغال العامة العراقية) أن أربع وزارات عراقية ستتسلم السلطة في الأول من إبريل. <BR>وقالت: " إن عملية نقل السلطة ستبدأ أواخر الشهر الحالي عبر تسليم السلطة إلى أربع وزارات، هي: التربية والصحة والموارد المائية والأشغال العامة"، موضحة أنه " تم اختيار هذه الوزارات الأربع؛ لأنها وضعت أكبر قدر من المشاريع".<BR><BR><font color="#0000FF">شكل السلطة: </font><BR>مصادر مقربة من مجلس الحكم قالت: " إن ثمة خيارين يجري بحثهما حول شكل السلطة أو الهيئة التي ستتولى تسلم السلطة من قوات الاحتلال، يقضي الخيار الأول بتشكيل هيئة أو سلطة انتقالية من " مائة " عضو يمثل / 57 / منهم جميع الأحزاب والفئات السياسية والاجتماعية والعشائرية إلى جانب / 25 / عضواً آخرين هم ا لشخصيات الموجودة في مجلس الحكم الانتقالي الحالي <BR>ومن شأن هذا التشكيل، -وعلى النحو المذكور- ألا يفسح المجال لقوة أن تبسط نفوذها على قوة أخرى، مهما تمتعت تلك القوى بحجم يفوق أية قوى أخرى. <BR><BR>وترجح المصادر المقربة من هذه الأجواء أن تتولى الرئاسة في هذا التشكيل أحد ثلاث شخصيات عراقية هم السيد مسعود البرزاني أو السيد أياد علاوي أو السيد عدنان الباججي، على أن يكون لكل رئيس نائبان اثنان. <BR>أما الخيار الذي أطاحت به الأمم المتحدة وأمينها العام كوفي عنان في تقريره إلى مجلس الأمن فكان يقضي اختيار /250 / عضواً لمجلس الحكم الانتقالي تنظم إليه جميع الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية والعشائرية <BR><BR><font color="#0000FF">مجلس غير منتخب: </font><BR>يؤكد الدكتور/ محسن عبد الحميد (رئيس الحزب الإسلامي، وعضو مجلس الحكم) أنه مع تسليم السلطة أولاً، ومن ثم أجراء الانتخابات.<BR>وقال: "لا نريد مجلساً انتقالياً يتم تعيين أعضائه، بل نريد مجلساً منتخباً شرعياً". <BR>موضحاً صعوبة حل كل المشاكل العالقة في غضون ثلاثة أشهر وأضاف: " من الخطأ حل كل هذه المشاكل المتراكمة خلال ثلاثة أشهر، والمقترح كان أن يختار مجلس الحكم الـ250 عضواً للمجلس الانتقالي، هذا خطأ كبير، نحن في مجلس الحكم حتى اليوم نعاني من اتهام الناس لنا بأننا أعضاء مجلس معين وغير منتخب، فكيف لنا أن نعين أعضاء المجلس الانتقالي!؟ وهذا أمر لا يقبل".<BR><BR><font color="#0000FF">قواعد محصنة أمريكية: </font><BR>المسؤولون في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش أكدوا أن قواتهم باقية في العراق حتى العام 2006م من دون تغيير في عددها (105 - 110 آلاف جندي). <BR>وقالوا: إن مهندسيهم العسكريين يخططون لبناء 14 قاعدة محصنة في العراق، وهي ليست خطة لاستمرار احتلال العراق فحسب، بل للكيفية التي سنعمل بها في الشرق الأوسط، طبقا لأحد كبار القادة العسكريين الأمريكيين في بغداد، انطلاقاً من العراق. <BR><BR>وفيما تتصاعد المقاومة ضد الاحتلال والمتعاونين معه، نقلت صحيفة “شيكاغو تربيون” مؤخراً عن مسؤولين في إدارة بوش تأكيدهم عزم الإدارة الإبقاء على قوات الاحتلال في العراق حتى العام 2006م. <BR>وذكرت أن المهندسين العسكريين الأمريكيين يخططون لبناء 14 قاعدة محصنة لإيواء الجنود المحتلين لمدة سنتين، كما تنطوي الخطة العسكرية الأمريكية على جعل العراق قاعدة عسكرية كبرى لواشنطن في المنطقة. <BR><BR>وفي مؤشر يؤكد هذا العزم، كثفت الإدارة الأمريكية محاولاتها لترميم ما يسمى “التحالف” بعد قرار رئيس الحكومة الأسبانية الجديد خوسيه لويس رودريجيز ثاباتيرو سحب قوات بلاده من هناك، وتهديد زعيم المعارضة العمالية الأسترالية مارك لاثام باتخاذ إجراء مماثل حال فوزه في الانتخابات المقبلة في بلاده، الأمر الذي جعل السفير الأمريكي لدى استراليا يحذر من النتائج الخطيرة المترتبة على الانسحاب المحتمل.<BR><BR><font color="#0000FF">حصانة قانونية لقوات الاحتلال: </font><BR>وتتصاعد حدة غضب العراقيين جراء التجاوزات والاعتداءات التي تمارسها قوات الاحتلال ضد المواطنين، وطالبت الكثير من الأحزاب والهيئات بمقاضاة هذه القوات، ومطالبتها بالعوض عن تلك الممارسات غير الإنسانية، والتي أدت إلى موت الكثير من الأبرياء. <BR>ويعمل الأمريكيون على إيجاد حصانة قانونية لجنودهم في العراق ضد أي ادعاء قانوني محلي، فيما يؤكد بعض المسؤولين العراقيين أنهم يملكون الحق بالادعاء على الجنود الأمريكيين ومقاضاتهم في حال قيامهم بخرق القوانين العراقية.. <BR><BR>إلا أن المتحدث الرسمي باسم الحاكم المدني الأمريكي في العراق وباسم القوات العسكرية الأمريكية رفض التعليق على تصورات بعض أعضاء مجلس الحكم الانتقالي في الوقت الذي تعد هذه التصورات " ضربة " إلى اتفاق الخامس عشر من نوفمبر المعقود بين مجلس الحكم والأمريكان بخصوص نقل السيادة إلى العراقيين، حيث نص على وجوب حصول اتفاق حول وضع القوات الأمريكية يكون نافذ المفعول بحلول الشهر المقبل.<BR><BR>وقد ترافق هذا مع استمرار حالة عدم الاتفاق بين أعضاء المجلس حول آلية اختيار الحكومة الجديدة، وهذا أحد المؤشرات على بقاء القوات الأمريكية في العراق حتى بعد تسليم السيادة إلى العراقيين، خاصة بعد التصريحات التي أطلقها الفريق " جون أبي زيد " الذي أكد أن المؤسسات الأمنية العراقية لن تكون مؤهلة بما فيه الكفاية للسيطرة على الوضع في طول البلاد وعرضها بدون وجود ومساعدة القوات الأمريكية !!!<BR>ويتفق مع هذا الرأي عدد من أعضاء مجلس الحكم العراقي " أنه لا يمكن لأي حكومة عراقية أن تستمر في الوجود دون مساعدة ودعم من القوات الأمريكية " !!<BR><BR>ويؤكدون أنه ليس بمقدورهم مناقشة أي اتفاق رسمي مع القوات الأمريكية حول بقائها في العرق؛ لأن هذه المسألة يجب أن تترك إلى حكومة عراقية ذات سيادة يتم تشكيلها مستقبلاً، وأن هذا الأمر يضع الأمريكان لاحقاً في وضع مناقشة هذه المسألة الحساسة، ومسألة التخويل اللازم لاستخدام القوة في العراق مع قياديين قد لا يكونوا على دراية كافية بالموضوع، وهذا يعني أن نقطة أخرى من نقاط اتفاق الخامس عشر من نوفمبر الخاص بنقل السيادة إلى العراقيين قد لا يتحقق حسبما هو مخطط له.. <BR><BR><font color="#0000FF">استمرار تدهور الأمن: </font><BR>في غضون ذلك يتصاعد نشاط المقاومة العراقية المسلحة، وتزداد هجماتها القاتلة ضد دوريات وارتال قوات الاحتلال الأمريكي في بغداد والعديد من المدن العراقية، وفي هذا الوقت الذي تستعد فيه الإدارة الأمريكية لتسليم السلطة للعراقيين،فإن وزارة الخارجية الأمريكية أصدرت في مطلع الشهر الحالي تحذيراً إلى مواطنيها اعتبرت فيه أن الوضع الأمني في العراق لا يزال "خطراً جداً". <BR>وأضافت أن أنصار الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين و المقاومين الأجانب والعناصر الأخرى التي لا تزال نشطة في هذا البلد. <BR><BR><font color="#0000FF">الشرطة وحدها لا تكفي: </font><BR>سمير الصميدعي (عضو مجلس الحكم الانتقالي) وصف أداء قوات التحالف في العراق بعد سقوط النظام بالأداء السيئ، وقال: " إن أسبابا عديدة تقف وراء فشلها في حفظ الأمن كونها مؤهلة لدخول حروب نظامية وليست مؤهلة عملياً لحفظ الأمن في المدن والقرى، وعدم فهمها لشرائح المجتمع العراقي وفرز المجرم من البريء". <BR>وأضاف الصميدعي في تصريح للصحافة أن النوع الأول من القوات له واجبات وتسليح خاص، بينما يحتاج النوع الثاني إلى تدريب من نوع معين ليسهم بشكل فعال في حماية الأمن. <BR><BR>وشدد " الصميدعي " على أهمية إسراع قوات الاحتلال بتأسيس جهاز استخبارات عراقي مدرب وبأساليب جديدة وحديثة بحيث يستطيع فصل الجريمة العادية عن الكبرى (...) مؤكداً أن جهاز الشرطة لا يكفي وحده في حفظ الأمن، ويحتاج إلى معلومات قبل وقوع الجريمة للقضاء عليها وليس عند وقوعها.<BR>موضحاً أن جهاز الاستخبارات الجديد يجب أن يكون جهازاً يجمع معلومات تحفظ أبناء الشعب ولا تقمعهم أو تقتلهم.<BR>وذكر أن قوات الاحتلال لم تستطع فرز الأشخاص الذين يقومون بعمليات هجومية، من الذين ادخلوا إلى السجون بوشاية مغرضين، معترفاً بأن السجون العراقية يقبع فيها أناس أدخلوا إثر وشاية من آخرين. <BR><BR><font color="#0000FF">سيادة تحت الاحتلال: </font><BR>يتساءل المراقبون السياسيون ومعهم الشارع العراقي: ما الذي يعنيه تسليم السلطة للعراقيين، في الوقت الذي يجري فيه بناء أكبر القواعد العسكرية الأمريكية في العالم؟<BR>وما جدوى سيادة العراق تحت هيمنة وتسلط قوات الاحتلال التي فرضت سلفاً ضمان وجودها وحريتها في بناء المعسكرات والمنشآت العسكرية والأمنية التي تسهل مهماتها في السيطرة على العراق والمنطقة؟ <BR><BR>ويسخر العراقيون علناً من التصريحات " الرنانة " لبعض أعضاء مجلس الحكم الذين لا هم لهم سوى استلام السلطة والمناصب وهم لا يدركون "أو ربما يدركون" بأنهم يجرون العراق إلى هاوية التبعية، ويرهنون إرادته واستقلاله بأطماع ونوايا أعداء العرب والمسلمين.<BR><br>