توطيد النظام في العراق.. سياسة أمريكية
13 ربيع الأول 1425

أكد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير في اجتماعهما التاريخي في "كروفورد" في أبريل 2002م، قرارهما المشترك بشن هجوم عسكري على العراق. وفي مؤتمر صحفي مشترك، قال الرئيس بوش: "أوضحت لرئيس الوزراء بأن سياسة حكومتي هي الإطاحة بصدام حسين، وأن الخيارات كلها مفتوحة". ووفقا لتقرير إخباري، كان بلير، الذي بدا "متوترا على غير عادته" في المؤتمر الصحفي "منزعجا بوضوح" من هذا التقديم لأهداف حربهما. وسئل بوش عما حدث للموقف الرسمي القديم بشأن عدم استهداف رؤساء دول بصورة شخصية، فاستدرك قائلا: "ربما ينبغي أن أكون مباشرا بدرجة أدنى ودقيقا بدرجة أعلى وأن أقول إننا نؤيد تغيير النظام". وأقر بأن "تغيير النظام يبدو أكثر تهذيبا بكثير". <BR>تلا بلير الرئيس بوش في الكلام، ولأول مرة، استخدم عبارة "تغيير النظام" بقوله: "إن علينا أن نكون مستعدين للعمل حيثما يهددنا إرهاب أو أسلحة دمار شامل.. وإذا لزم الأمر، يجب أن يكون العمل عسكري، ومرة أخرى إذا لزم الأمر وكان مبررا، يجب أن يشتمل على تغيير النظام". وتباهى بلير بأنه شارك كرئيس وزراء بريطاني في ثلاثة نزاعات تضمنت تغيير نظام: "ميلوسوفيتش، وطالبان، وسيراليون".<BR><BR><font color="#0000FF"> تغيير القيادة: </font><BR>"نظام الحكم" لا يقوم على الحاكم فحسب، ويمكن أن يتجاوز المصطلح الحزب السياسي السائد إلى الجيش والشرطة والخدمة المدنية وحتى إلى مراكز القوة الاقتصادية. وبعد الحرب العالمية الثانية، طاول "نزع النازية" عن ألمانيا جميع هذه المجالات، وإن بضحالة شديدة. وفي صربيا وأفغانستان وسيراليون، وهي الأمثلة التي اختارها طوني بلير ليدل على عمليات "تغيير النظام" التي شارك فيها، لم يكن الهدف ببساطة اعتقال أو اغتيال ميلوسوفيتش، أو الملا عمر، أو أي قائد عسكري أو سياسي في سيراليون. وكان للإجراءات التي اتخذت في تلك الدول تأثير شديد على النظام السياسي. <BR>إذن، يستطيع المرء التمييز بين سياسة "تغيير النظام"، التي تعني في العراق طرد حزب البعث من السلطة وتغييرات في تركيبة قيادة قوى الأمن والإدارة المدنية، وسياسة "تغيير القيادة" التي تتطلب فقط استبدال القائد وبطانته، وترك النظام السياسي بلا تغيير أساسي. وقد عملت سياسة الولايات المتحدة منذ عام 1991م على الأقل على "تغيير القيادة" لا على "تغيير النظام". وحتى بعد مرور حوالي سنة على احتلال العراق، فإن قوات الاحتلال ما زالت غير جادة في التغيير، لأنها تلاحق "الرموز القيادية" في نظام صدام، فيما أوكلت الكثير من المناصب الحالية ولا سيما في الشرطة والإدارات المختلفة إلى أعضاء كانوا بعثيين (أي من النظام السابق نفسه) حتى الساعات الأخيرة لسقوط بغداد. <BR><BR><font color="#0000FF"> الانتفاضات العراقية عام 1991م: </font><BR>في 15 فبراير 1991م، تحدث الرئيس جورج بوش الأب مباشرة إلى الشعب العراقي. ودعا "الجيش العراقي والشعب العراقي إلى الإمساك بزمام الأمور وإرغام صدام حسين، الدكتاتور، على التنحي". ووفقا لأندرو وباتريك كوبيرن، مؤلفي كتاب "من الرماد: انبعاث صدام حسين"، كان يراد بالخطاب في الأصل حض الجيش العراقي على تنفيذ انقلاب، أما عبارة "والشعب العراقي" فقد ضمنت "كفكرة لاحقة ليس إلا".<BR>بعد ذلك بأسبوعين فقط، فيما تزاحم جنود عراقيون غاضبون ويائسون للفرار من الكويت، أجاب الشعب العراقي المناشدة غير المقصودة من الرئيس الأمريكي. فقد هب عصيان عفوي مكتسحا سلطة حزب البعث في الجنوب بأسره، وجاراه عصيان شبه منظم في كردستان العراق في الشمال. وفي غضون أيام، فقد صدام حسين سيطرته على أربع عشرة محافظة من محافظات العراق الثماني عشرة، وبات على شفا هاوية.<BR><BR><font color="#0000FF"> استثناء الحرس الجمهوري: </font><BR>أنقذ النظام العراقي بشق الأنفس!. لقد أنقذ كشأن من شؤون السياسة الغربية. ثمة قرار حاسم واحد كان ذا أهمية في قرار إنهاء الحرب البرية في 28 فبراير 1991م، وكان له مفعول استثناء قسم كبير من الحرس الجمهوري النخبوي (عماد النظام) من التدمير. <BR>فقد كان المعروف على نطاق واسع أن الحرس الجمهوري أفضل عناصر القوات العسكرية العراقية تدريبا وأمتنها ولاء وأكثرها كفاءة. ويلاحظ بيرسي كرادوك، مستشار رئيس الوزراء البريطاني (جون ميجور) لشؤون السياسة الخارجية، في مذكراته أن "أجزاء كبيرة من القوات العراقية، بما فيها مدرعات الحرس الجمهوري، كانت قادرة على التملص (من عملية تطويق أمريكية) لتعزيز الاحتياط الذي كان صدام يسيطر عليه حول بغداد". ويلاحظ كرادوك أن "يوما آخر من القتال كان كافيا للقضاء عليها"، أي ضاعت فرصة يأسف لها كثيرا. <BR>أما القائد العام الأمريكي لقوات الائتلاف في الخليج الجنرال نورمان شوارزكوف فقد رسم خطة عسكرية خاطفة ليتمكن من محاصرة تشكيلات الحرس الجمهوري وتدميرها في الكويت وجوارها. وكان شوارزكوف يعتبر الحرس الجمهوري "حجر الزاوية لنظام صدام".<BR>ويقول المحللون عن المؤتمر الصحفي الأخير لشوارزكوف بشأن الحرب والذي عقده في 27 فبراير 1991م بأن مؤتمره رغم أنه كان حيويا وواضحا ومقنعا فقد "لبثت نقطة أساسية مبهمة، وهي أنه في حين أن جزءا من المهمة التي أعد شوارزكوف نفسه لها - استعادة الكويت - قد تم إنجازه، فإن الجزء الأخير - تدمير الحرس الجمهوري - لم يتم".<BR>وكان مما أدلى به شوارزكوف قي مؤتمره الصحفي: "إذا كان لي إتمام المهمة التي أوكلت إلي، وهي التحقق من أن الحرس الجمهوري أضحى عاجزا عن القيام بالأعمال الشنيعة كتلك التي قام بها في كثير من الأحيان في الماضي، فإن ما يجب عمله هو أن تواصل هذه القوات هجومها عبر هذا المكان، وشل حركة الحرس الجمهوري. لسنا في مهمة قتل عناصر الحرس الجمهوري. لنا في السماء طائرات تؤدي عمليات حرب نفسية. إننا نقول لهم مرارا وتكرارا، ما عليكم سوى الخروج من دباباتكم والرحيل، ولن تتعرضوا للقتل. لكنهم يواصلون القتال، وما داموا يواصلون القتال، سنواصل نحن مقاتلتهم". ووفقا لهذا الكلام، كانت دبابات الحرس الجمهوري وعرباته المدرعة هي محط الاهتمام وليس الجنود أنفسهم. <BR>وفي الوقت الذي عقد فيه مؤتمر شوارزكوف الصحفي كان عدد كبير من عناصر الحرس الجمهوري محتشدا في نطاق حول البصرة طول ضلعه عشرون ميلا. وقد أبقي على حياته بفعل قرار رؤساء شوارزكوف المدنيين بالدعوة إلى وقف إطلاق النار في منتصف ليلة 27 فبراير 1991م. وكان الجنرال باري ماكفري، قائد الفرقة الأمريكية 24، يوشك على مهاجمة فرقة حمورابي الثقيلة التي ربما "كانت القوة الأقوى في الحرس الجمهوري"، عندما دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. وقال ماكفري لاحقا: "كان من السهولة بمكان الذهاب إلى البصرة في اليوم التالي، وكان لدينا خطط للقيام بذلك. فالحرس الجمهوري كان يتداعى.. وكانت قواتنا كلها معا تسحقه!".<BR>وزعم البعض أن "سوء تقدير مهلك" من الجنرال شوارزكوف مكن الحرس الجمهوري من الفرار!. وفي فترة لاحقة كشف القائد العام الأمريكي الحقيقة لديفيد فروست في "بي بي سي": "بصراحة كانت توصيتي هي مواصلة التقدم. أعني كنا قد هزمناه وكان في استطاعتنا مواصلة إنزال تدمير كبير به. كان في إمكاننا سد جميع المنافذ وتحويل الأمر إلى معركة إبادة، وأصدر الرئيس قرارا يقضي بأن نتوقف في زمان محدد ومكان محدد، وهو ما ترك أمامه فرصة للخروج والتراجع". وقد قدرت وكالة استخبارات الدفاع ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكيتان أن 1430 ناقلة جنود مدرعة ونحو 700 دبابة (من مجموع 4550 دبابة في الجنوب العراقي)، نجت من الفخ الذي بذل شوارزكوف وقواته جهودا مضنية لإعداده. <BR>وأثيرت بعض الشكوك حول ما إذا كان في الإمكان تدمير الحرس الجمهوري تدميرا كاملا في ما لو استمرت المعركة. بيد أن النقطة الجوهرية هي أن قرار الإبقاء على العناصر الأقوى في الحرس الجمهوري كان قد أتخذ بصورة متعمدة وواعية من أرفع مستويات الإدارة الأمريكية وخلافا لرغبة مستشار الحكومة البريطانية لشؤون السياسة الخارجية، إن لم يكن خلافا لرغبة رئيس الوزراء جون ميجور نفسه. <BR><BR><font color="#0000FF"> السماح للطائرات بالتصدي للمتمردين: </font><BR>عقب وقف إطلاق النار، تم التوصل إلى اتفاق رسمي بين القوات المسلحة العراقية وقوات "الائتلاف" بقيادة الولايات المتحدة في "صفوان" في الجنوب العراقي بتاريخ 3 مارس 1991م، وحتى ذلك اليوم كانت هناك أوامر سارية المفعول تقضي بإسقاط أي طائرة عراقية تشاهد محلقة. وفي نهاية الاجتماع، وافق الجنرال شوارزكوف على السماح لطائرات الهليكوبتر العراقية بالطيران، شريطة ألا تحلق فوق القوات الغربية في العراق. وتذمر شوارزكوف لاحقا من "استغفاله"!. وسواء كان هذا صحيحا أم لا، فليس قرار منع حق الطيران في 3 مارس هو المسألة المهمة، بل المهم هو قرار الاستمرار في السماح لطائرات الهليكوبتر العراقية بالطيران بعد أن اتضحت كيفية استخدامها. <BR>وقد ذكرت مجلة "القوات الجوية" الأمريكية في مايو 2002م فزع طياري "ف-15" أمريكيين كانا يحلقان فوق العراق في مارس 1991م. إذ أرغما على مشاهدة هليكوبتر مسلحة عراقية وهي تنقض على قافلة من اللاجئين العراقيين. "وما إن أخذت الهليكوبتر المسلحة ترمي القافلة بقنابل وطلقات رشاشاتها، حتى اتصل الطياران مرارا بمركز القيادة الأمريكية في السعودية، طالبين الإذن بتدمير الهليكوبتر العراقية. وعندما جاء الرد بالنفي، اضطر الطياران إلى الانكفاء وترك أتباع صدام حسين المخلصين يمعنون في إجرامهم".<BR>وفي 13 مارس 1991م، قال الرئيس بوش الأب: "لا ينبغي أن تستخدم طائرات الهليكوبتر هذه لأغراض قتالية داخل العراق". وفي اليوم التالي كرر قوله بشأن الحظر المفروض على الطائرات، لكنه لم يذكر طائرات الهليكوبتر. وبعد أيام قليلة، أكد الناطق باسم البنتاغون، بيت وليامز، أن العراق يستخدم "دزينات" من طائرات الهليكوبتر ضد التمرد، وسأل: "هل سياستنا غامضة نوعا ما؟"، وأجاب وليامز نفسه بـ"نعم".<BR>وعن سقوط كربلاء في أيدي الحرس الجمهوري، قال العميد علي، وهو ضابط عراقي منفي انضم إلى التمرد في الجنوب العراقي عام 1991م: "علمنا أن الأمريكيين سيدعموننا، لكني رأيت بأم عيني الطائرات الأمريكية وهي تحلق فوق طائرات الهليكوبتر. كنا نتوقع مساعدة منهم، والآن نراهم يشهدون موتنا في النجف وكربلاء. كانوا يلتقطون صورا، وكانوا يعرفون تماما ما كان يجري". <BR><BR><font color="#0000FF"> صد المعارضة: </font><BR>كان الأكراد العاملون سرا داخل الشمال العراقي قد عرضوا على الولايات المتحدة معلومات عسكرية في أثناء الحرب، فرفضت. إذ كان يتعين أن تنقل المعلومات عبر مكاتب كردية في إيران وسوريا، وأخيرا عبر ديترويت في الولايات المتحدة إلى مدير متعاطف مع الأكراد هو بيتر غولبريث، الذي كان يقدمها للجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ. وقد حاول الزعيم الكردي جلال طالباني دخول وزارة الخارجية الأمريكية في 28 فبراير 1991م، كي يطلع المسؤولين الأمريكيين على الانتفاضة الوشيكة في الشمال العراقي، واستبقي فريقه المرافق له في ردهة الوزارة. وفي اليوم التالي اتصل ريتشارد هاس، مدير شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بغولبريث ليحتج على رعاية الأخير للأكراد غير المرحب بهم. وقال هاس: "ألا تدرك أن سياستنا هي التخلص من صدام لا من نظامه". هذا التصريح يلخص تاريخ العراق على امتداد الأعوام الاثني عشر الماضية. <BR>داخل العراق، رتب الفرنسيون لقاء بين العميد علي، نيابة عن آية الله العظمى أبو القاسم الخوئي، الزعيم الروحي لسكان العراق الشيعة. وكان من المفترض أن يتم اللقاء خارج مدينة الناصرية، مع الجنرال شوارزكوف نفسه، ولكن بعد انتظار دام ثلاثة أيام، أبلغ الأمريكيون المتمردين العراقيين أن اللقاء ألغي!.<BR>وفي أبريل 1991م، قال مسؤول في البنتاغون بعد أن سئل عن إمكانية تنفيذ انقلاب داخل العراق: "لا نرى شيئا في الأفق". ولأن هناك عددا كبيرا من المعارضين قد قتل، أضاف: "الانتفاضات حتمت ألا يكون هناك انقلاب". ووفقا لتقرير من لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، فإن مجموعة من المسؤولين العسكريين العراقيين وسطوا شخصيات عراقية منفية لعرض إمكانية تنفيذ انقلاب، على الإدارة الأمريكية. غير أن وزارة الخارجية الأمريكية رفضت اللقاء مع أي فريق من المعارضة، وهذا الصد العلني فسر كمؤشر جلي على أن الولايات المتحدة لم تكن تريد للانتفاضات الشعبية أن تنجح. ولم يكن الأمر أن الانتفاضات قضت على إمكانية تنفيذ انقلاب، بل إن المتمردين حتموا تقريبا أنه لن يكون هناك انقلاب مقبول من واشنطن.<BR>وبالفعل في عام 1995م سحبت الولايات المتحدة البساط من تحت انتفاضة أو محاولة انقلاب أخرى. كان في صلب المبادرة هذه المرة المؤتمر الوطني العراقي، وهو ائتلاف من مجموعات عراقية معارضة بقيادة أحمد الشلبي. ووفقا للخطة التي رسمها الشلبي ومسؤول وكالة الاستخبارات المركزية المحلي بوب بير، كان يفترض شن هجوم مشترك على جبهتين ضد القوات العراقية حول كردستان العراقية، ويتولى الهجوم الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردي وميليشيا المؤتمر الوطني العراقي، بدعم من قوة جوية أمريكية، وتتمرد قوات عراقية "صديقة" إبان انهماك صدام في الاضطرابات في الشمال، وينفذ انقلاب.<BR>وفي صبيحة يوم الهجوم، في 3 مارس 1995م، أوعز مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، طوني لايك، إلى مسؤول وكالة الاستخبارات المركزية المحلي بير، بإبلاغ المؤتمر الوطني العراقي أن الولايات المتحدة "لن تدعم هذه العملية عسكريا أو بأي طريق أخرى". وقد نجح الهجوم الذي نفذه أحد الأحزاب الكردية في أسر مئات من الجنود العراقيين، الذين استسلموا، لكن لم يقع تمرد في أي موقع آخر. وانسحب الاتحاد الوطني الكردستاني من الأميال القليلة التي احتلها، وأطلق السجناء، الذين لم يكن المؤتمر الوطني العراقي يستطيع إطعامهم. <BR><BR><font color="#0000FF"> الحفاظ على النظام: </font><BR>في أواخر مارس 1991م، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض، مارلين فيتزوتر: "أعتقد أنه يمكن افتراض أن جميع أنواع الفظائع والأعمال الحربية ترتكب في ذلك النوع من الحروب التي تخوضها قوات المتمردين والأكراد، وكذلك الحكومة في العراق، فضلا عن جماعات أخرى. لكننا نعتقد أن السياسة الأفضل الآن هي عدم توريط أنفسنا في هذه النزاعات الداخلية".<BR>إلا أن الولايات المتحدة ورطت نفسها فعلا في النزاع الداخلي. فالرئيس بوش أحجم عمدا عن تدمير تشكيلات النظام العسكرية الأساسية. والرئيس بوش سمح باستخدام طائرات هليكوبتر مسلحة وأخرى للنقل ضد المتمردين. والرئيس بوش أمر بمنع وصول متمردين إلى أسلحة عراقية، وبوجوب تدمير الأسلحة أو إخراجها من العراق. والرئيس بوش صد المعارضة العراقية قبل الحرب وخلالها وبعدها. وواشنطن تدخلت بصورة حاسمة لحماية النظام وأتاحت له أسباب استرداد عافيته والبقاء.<BR><BR><font color="#0000FF"> خير المواقف المختلفة كلها: </font><BR>لماذا صدت الولايات المتحدة المعارضة العراقية، وأمالت ميزان الحرب الأهلية إلى غير مصلحتها؟. لماذا قال مسؤول أمريكي رفيع المستوى إن "سياستنا هي التخلص من صدام لا من نظامه"؟. لماذا اتبعت الولايات المتحدة سياسة تغيير القيادة لا سياسة تغيير النظام في عام 1991م؟.<BR>في الأول من فبراير 2002م، علقت جريدة "فايننشال تايمز" بالقول: "حسابات واشنطن هي أن تفتيت العراق سيبدل ميزان القوى بشكل أساسي في الشرق الأوسط، وخصوصا إذا أدى إلى نشوء كردستان مستقلة. وسيتزعزع استقرار تركيا، حليف أمريكا الراسخ ذي الأقلية الكردية الكبيرة. وقد تستغل إيران الفراغ".<BR>في مارس 2002م، كان مسؤولو الحكومة البريطانية يتكلمون عن "سيناريو كابوس" محتمل مع انقسام العراق إلى ثلاثة أجزاء منفصلة، ومطالبة الأكراد بدولة انفصالية في الشمال، وهو "أمر سترفضه بشدة كل من تركيا وإيران وسوريا"، التي يوجد فيها كلها أقليات كردية كبيرة. وفي يوليو 2002م، أبلغ قادة أتراك نائب وزير الخارجية الأمريكي، بول ولفويتز أن أنقرة لن تعارض حربا أمريكية على العراق ما دامت لا تفضي إلى نشوء كردستان عراقية مستقلة. وردد السير جون موبلري، السفير البريطاني في العراق بين عامي 1982-1985م تلك الملاحظات قائلا إنه سيكون في البلد بعد حرب كبيرة اضطراب شديد إلى درجة أنه "سيكون هناك إغراء عظيم لاستبدال صدام بصدام آخر.. رجل عسكري آخر ذي قبضة حديدية". <BR>وفي منتصف عام 1991م، أوضح توماس فريدمان، المحرر الدبلوماسي في جريدة "نيويورك تايمز" أن نظام العقوبات وضع لإثارة انقلاب عسكري داخل العراق لخلق "خير المواقف المختلفة كلها: طغمة عراقية حاكمة ذات قبضة حديدية بلا صدام حسين".. فهل ستحكم هذه "الطغمة" العراق بعد رحيل الاحتلال "ظاهريا"؟!.<BR><br>