من يخلف مبارك في رئاسة مصر..؟!
9 جمادى الأول 1425

رغم النفي المتكرر للرئيس المصري محمد حسني مبارك وجود أي نية لديه لتوريث نجله جمال مبارك حكم مصر، ورغم تصريحاته المتعددة بأنه يفحص عدداً من الأسماء المرشحة لشغل منصب نائب رئيس الجمهورية، ذلك المنصب الذي تأخر لأكثر من 23 عاماً، إلا أن الخبراء والمحللين السياسيين المصريين، بل وحتى رجل الشارع العادي، يكادون يجزمون بأن جمال مبارك هو رئيس مصر القادم، وأنه سيكون أول رئيس مدني لمصر، وخامس رئيس جمهوري.<BR><BR>لم يقف الأمر عند نفي مبارك وحسب، بل إن جمال نفسه في حوار امتد قرابة ثلاث ساعات مع جمهور معرض القاهرة الدولي للكتاب، قال ردًا عن سؤال حول إمكانية ترشيحه لرئاسة مصر أسوة بما هو سائد في العالم العربي الآن: " إنه لن يسعى لترشيح نفسه كرئيس لجمهورية مصر بعد والده"، مشيراً إلى أن هذا غير وارد – حسب قوله - في دولة مؤسسات كمصر، ولا ينبغي أن يسرح البعض في الأوهام أو الخيالات(!!).<BR><BR><font color="#0000ff">ظروف مبارك الصحية:</font><BR>حرص الرئيس مبارك على الظهور على شاشة التليفزيون المصري مساء الأربعاء 16-6-2004م لينفي شائعات رددتها وكالة أنباء غربية بالقاهرة بعد ظهر الأربعاء 16-6-2004م، نقلاً عن بيان وصلها عبر الفاكس من "مركز المقريزي للدراسات التاريخية" في لندن، والذي يديره (الناشط المصري) هاني السباعي، يؤكد أن مبارك تعرض لأزمة صحية نقل على إثرها إلى أحد مستشفيات الحرس الجمهوري مساء الثلاثاء 15-6-2004م، وأنه توفي هناك.<BR><BR>وسارع مصدر رسمي مصري للتأكيد على أن مبارك قرر تقديم مقابلته مع المشير محمد حسين طنطاوي (وزير الدفاع)، والتي كان محدداً لها صباح الخميس 17-6-2004م، كما أذاع التلفزيون المصري قبلها بقليل نبأ استقبال مبارك لمدير المخابرات الأمريكية (المستقيل) جورج تينيت، مشيراً إلى أن (السفير الأمريكي بالقاهرة) ديفيد ولش و(مدير المخابرات العامة المصرية) اللواء عمر سليمان قد حضرا المقابلة.<BR><BR>وكان مبارك قد أغمي عليه عقب إصابته بـ"هبوط" مفاجئ" في التاسع عشر من نوفمبر من العام الماضي 2003م، خلال إلقائه خطابه السنوي في افتتاح الدورة البرلمانية أمام مجلسي الشعب والشورى في القاهرة، والذي اعتاد أن يتناول فيه كل عام الخطوط العريضة لسياسته الداخلية والخارجية، كما تحولت كاميرات التليفزيون المصري التي كانت تنقل اللقاء على الهواء عن المنصة، وساد جو من القلق داخل أروقة البرلمان، غير أن مبارك عاد بعد نحو 45 دقيقة ليستكمل الخطاب وسط تصفيق حاد من نواب الشعب!! <BR><BR><font color="#0000ff">أقوى المرشحين:</font><BR><BR>وفي أعقاب تلك الأزمة الصحية المفاجئة، سادت أجواء من القلق في الأوساط المصرية، وثار الجدل مجدداً حول خلافة الرئيس، خاصة في ظل عدم تعيينه نائباً له رغم بقائه في السلطة منذ أكثر من 23 عاماً، وعلى الرغم من أنه – مبارك- كان نائباً لسلفه الرئيس السابق محمد أنور السادات الذي كان بدوره نائباً للرئيس الأسبق جمال عبد الناصر. <BR><BR>وهناك 5 شخصيات تقفز إلى الذهن كلما أثير موضوع تعيين نائب لرئيس الجمهورية، وهي حسب ترتيب أهميتها كالتالي : اللواء عمر سليمان (مدير جهاز المخابرات العامة المصرية)، جمال مبارك (نجل الرئيس)، المشير محمد حسين طنطاوي (وزير الدفاع)، واللواء حمدي وهيبة (رئيس أركان حرب القوات المسلحة)، وأخيراً صفوت الشريف (الأمين العام الحالي للحزب الوطني الحاكم، ووزير الإعلام).<BR><BR>ويرجع تقديم سليمان (مدير المخابرات العامة) في الترتيب على نجل الرئيس مبارك، إلى عدة أمور في مقدمتها تلك الثقة التي يوليها مبارك لسليمان، والتي يلحظها المراقبون والمتابعون للشأن المصري، حيث يكلفه الرئيس بالمهام والملفات ذات الاهتمام والحساسية الخاصة، حتى اشتهر بأنه " رجل المهام الصعبة"، فهو المسؤول عن متابعة ملف العلاقة مع الولايات المتحدة، وليس أحمد ماهر (وزير الخارجية)، كما عرف بأنه "مهندس الملف الفلسطيني"، حيث يعد سليمان المسؤول الأول عن الملف الفلسطيني الأكثر أهمية منذ نقل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي من الخارجية المصرية، كما لاحظ دبلوماسيون أجانب في القاهرة ظهور سليمان في الآونة الأخيرة باستمرار إلى جانب الرئيس مبارك في حفلات الاستقبال، أضف إلى ذلك طول مدة الثقة بين الرجلين فكلاهما خريج المؤسسة العسكرية، كما يعتقد أن سليمان هو أول من استخدم تعبير (مصر أولاً) الذي يحلو كثيراً للرئيس مبارك استخدامه في أحاديثه وخطبه.<BR><BR>وفى حال تعيين مبارك (رئيس المخابرات) عمر سليمان نائباً له، فإنه سيكون بذلك قد مهد الطريق أمامه ليخلفه في منصبه، كما سيبقى منصب الرئاسة بأيدي أبناء المؤسسة العسكرية المصرية، فعلى مدى أكثر من نصف قرن، منذ اندلاع ثورة 23 يوليو عام 1952م، لم يتول الحكم بمصر رجل من المدنيين، فمنذ أول رئيس مصري بعد الثورة وانتهاء العهد الملكي، محمد نجيب مروراً بـ جمال عبد الناصر و أنور السادات، و انتهاءً بـحسني مبارك كلهم خريجو المؤسسة العسكرية .<BR><BR><font color="#0000ff">الشريف وعبيد:</font><BR><BR>اتصل الرئيس حسني مبارك الذي يخضع للعلاج في ألمانيا منذ الأحد 20-6-2004م، بوزير الإعلام، صفوت الشريف، وطلب منه، ترك موقعه وترشيح نفسه رئيسًا لمجلس الشورى، وفق المصادر الرسمية المصرية. <BR> <BR>وخلال أيام قليلة، كان قد تولى صفوت الشريف منصب رئيس مجلس الشورى المصري، بتاريخ الخميس 24-6-2004م، ويقدم استقالته من منصب وزير الإعلام الذي ظل محتكره لأكثر من 22 عاماً، في خطوة تباينت آراء مراقبين ومحللين سياسيين بشأنها بين من اعتبرها بداية "تغيير حقيقي" في مصر، بدأ بالأمين العام للحزب الوطني الحاكم، وهو أكثر المقربين من الرئيس حسني مبارك، وبين من اعتبرها إجراء شكليًّا أو مسكنات ليس لها قيمة حقيقية في التغيير المطلوب.<BR><BR>فيما أصدر الرئيس المصري حسني مبارك قراراً جمهورياً يوم 20-6-2004م يباشر بمقتضاه (رئيس مجلس الوزراء) عاطف عبيد مؤقتاً السلطات والاختصاصات الدستورية والقانونية لرئيس الجمهورية خلال مدة غيابه عن مصر بعد توجهه إلى ألمانيا لإجراء عملية جراحية، وذلك في أول مرة يتم الإعلان فيها عن تفويض مبارك كامل صلاحياته لأحد المسؤولين الحكوميين خلال غيابه.<BR>ويرى المحللون أن تفويض مبارك لعبيد هو مرسوم روتيني الطابع، لا يعلن عنه عادة، غير أن الجديد هو الإعلان عنه، مرجحين أن يكون ذلك بهدف محاصرة الشائعات المتعلقة باحتمال تعيين نائب للرئيس.<BR><BR><font color="#0000ff">صعود مستمر لجمال:</font><BR><BR>الصعود الإعلامي لـجمال مبارك ما زال مستمراً، سواء من خلال وسائل الإعلام الحكومية أو من داخل الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، حيث أصدر (والده) قراراً في 17-9-2002م بتعيينه مسؤولاً عن التوجيه السياسي الداخلي للحزب الحاكم، ثم أصبح بعدها رئيساً للجنة السياسات بالحزب، وهو منصب أنشئ حديثاً ليصبح - حسب تقدير المراقبين- الرئيس الفعلي للحزب تمهيداً لتقديمه بشكل آخر .<BR><BR>و يلحظ المراقبون كما يلحظ رجل الشارع المصري، ارتفاع أسهم جمال وظهوره المتكرر على الساحة السياسية، من خلال لقاءاته بقطاع شباب الجامعات، الذي يحرص على الحديث إليهم كل عام في المعسكرات والمؤتمرات التي يقيمها الحزب بالتنسيق مع الجامعات، كما قاد جمال ثورة صامتة للتغيير داخل أروقة الحزب، أزاح خلالها بعض أركان الحرس القديم في الحزب الدكتور يوسف والي نائب (رئيس الوزراء والأمين العام للحزب منذ زمن طويل)، أرهبت الآخرين على حد تعبير خبراء ومحللين مصريين، كما فتح الباب أمام جيل الشباب في محاولة لتجديد دماء الحزب الذي كان قد أوشك على الوفاة السياسية في الشارع المصري، حيث اختار 200 من الشباب ورجال الأعمال والمتخصصين في السياسة والاقتصاد والاجتماع والإعلام، وشكل منهم ما عرف مجلس السياسات بالحزب الحاكم.<BR><BR>وتعد أحدث محاولات تقديم جمال للرأي العام، هي المحاولة التي قام بها الدكتور جهاد عودة (أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني) من خلال كتابه الجديد الذي جعل عنوانه (جمال مبارك وتجديد الليبرالية الوطنية).<BR> <BR>وأول ما يلفت نظر القارئ في الكتاب غلافه الذي وضع عليه صورة جمال مبارك بجوار يتقدم كافة رموز العمل الوطني المصري على مر التاريخ بدءاً من محمد علي باشا وانتهاء بالرئيس مبارك نفسه، مروراً بجمال عبد الناصر وسعد زغلول ومصطفى كامل وغيرهم.<BR><BR>ويتضمن الكتاب فصلاً كاملاً عن جمال مبارك عنوانه "جمال مبارك.. بروفيل شخصي وفكري"، استعرض خلاله عودة بدايات ظهور نجل الرئيس على مسرح الحياة السياسية في مصر، بدءاً من عمله في مجال الأعمال التجارية، وانتهاء بانضمامه لعضوية الحزب الوطني، مشيراً إلى سرعة صعوده السياسي داخل الحزب وإلى دوره في لجنة السياسات.<BR><BR>ويتوقع خبراء مصريون أن يطال التغيير "الحقيقي" المرتقب في مصر بقية رموز الحرس القديم التي أمضت أكثر من 20 عامًا في الحكم، لصالح الجيل الجديد الذي يقوده جمال مبارك رئيس لجنة السياسات نجل الرئيس حسني مبارك والذي تتردد شائعات عن أن كل ما يحدث من تغيير هو محاولة لتجهيزه لرئاسة البلاد. <BR><BR><BR><br>