قوات إسلامية للعراق ..تكريس للاحتلال أم بديل عنه
16 جمادى الثانية 1425

من مزايا (الأمين العام للجامعة العربية) د. عمرو موسى أنه – على عكس الكثير من المسؤولين العرب – لا يزال متمسكاً بالثوابت القليلة في الموقف العربي، ورافضاً للخضوع للإملاءات الأمريكية، وغير باق على كرسيه في الجامعة ، ولهذا سعي موسى في أغسطس الماضي 2003م لعرقلة اقتراح طرحته بعض الدول لإرسال قوات عربية للعراق؛ لأنها ستكون قوات احتلال عربية تساند قوة الاحتلال الغربية .<BR>أيضاً فور رواج فكرة إرسال قوات إسلامية عربية مرة أخري للعراق بطلب من أمريكا توجه (الأمين العام لجامعة الدول العربية) عمرو موسى إلى جدة لإجراء محادثات مع المسؤولين السعوديين بشأن المبادرة لإرسال قوات إسلامية إلى العراق ، وسط أنباء عن اعتزام موسى – الذي يعارض هذه المبادرة – دعوة المسؤولين السعوديين للتريث بشأن هذه المبادرة على اعتبار أنها مكسب لقوات الاحتلال الأمريكي وتقنين للاحتلال .<BR>ويبدو أنه عندما طرحت المملكة العربية السعودية فكرة إرسال قوات إسلامية إلى العراق عقب زيارة (وزير الخارجية الأمريكي) كولن باول للرياض ، كان التصور السعودي قائم على أن تدخل هذه القوات من باب لتخرج قوات الاحتلال الأمريكية من الباب الآخر ، ولهذا جاء رد الفعل الأمريكي الفوري على الفكرة هادئاً، وقال كولن باول: إنها تحتاج لتشاور ولم يطير بها فرحاً؛ لأنه يعلم أنها فكرة مشروطة .<BR>وجاء دور مباحثات موسى في السعودية ليؤكد على أن الفكرة السعودية ليست بلا مقابل، وأن القوات العربية والإسلامية إذا ذهبت ستذهب لتحل محل قوات الاحتلال وبديل لها ، لا أن تكون مجرد إضافة لها ، وليضرب عصفورين بحجر واحد : الأول تقديم حل منطقي للاحتلال من مستنقع العراق بعدما اقترب عدد قتلي الجنود الأمريكان من الألف ، والثاني أن يجهض محاولات بعض الدول العربية للسعي لمجاملة واشنطن وإرسال قوات عربية إلى العراق عبر وضع قيود وشروط تعجيزية .<BR>وقد نجحت الخطة على ما يبدو ، وأعادت السعودية توضيح الفكرة أكثر على لسان (وزير الخارجية السعودي) الأمير سعود الفيصل الذي قال: إن إرسال قوات إسلامية يتطلب توفير متطلبات أن تكون بديلاً لقوات الاحتلال الموجودة حالياً وليس إضافة لها، كما أوضح أن هذه القوات لن ترسل إلى العراق إلا في حال قدمت السلطات العراقية طلباً واضحاً بذلك على أن تكون بإمرة الأمم المتحدة ، وشدد على أنه "قد يتم إرسال قوات إسلامية لتحل محل قوات التحالف، وليس لتنضوي تحت لوائها". <BR>أما عمرو موسى فنسف الفكرة بقوله : إن الدول العربية والإسلامية لا ترغب في الوقت الحالي في إرسال قوات إلى العراق ، وإن ما طرحته السعودية بشأن إرسال قوات عربية وإسلامية إلى العراق ليس مقترحاً ولا مبادرة؛ بل هو تفكير من جانب السعودية في كيفية المساعدة في تحقيق انسحاب القوات الأجنبية من العراق، ومساعدة الحكومة العراقية !<BR>وتقول أوساط في الجامعة العربية: إن الأمين العام عمرو موسى الذي يعارض فكرة إرسال قوات عربية وإسلامية للعراق الآن؛ لأنها ستكون مكسب لقوات الاحتلال ومكافأة لها ومخرج لورطتها هناك على حساب العرب ، كما أنه انزعج من الأنباء التي تتردد عن قبول أربعة دول فكرة المشاركة في هذه القوة حتى الآن ، سعى لإقناع السعوديين بتأجيل الفكرة أو وضع شروط عربية لتنفيذها أبرزها: تحديد موعد جلاء قوات الاحتلال بالكامل عن العراق ووقف تدخلها في شؤون العراقيين .<BR><BR>ولا شك أن دخول أي قوات عربية للعراق الآن في ظل استمرار الاحتلال ووجود حكومة عينها المحتل سيكون مكسبها كبيراً للأمريكان لا يقدر بثمن ومخرج مشرف لهم من المستنقع العراقي ، كما أنه قد يؤلب قوات المقاومة ضدهم ، وقد تزامنت زيارة موسى للسعودية مع صدور تحذيرات من "كتائب ثورة العشرين - الجناح العسكري للمقاومة الإسلامية في العراق " للدول العربية والإسلامية من إرسال قوات عسكرية إلى العراق مؤكدة إنها ستعدها "قوات احتلال" .<BR>وقالت المجموعة – في بيان بثته قناة الجزيرة – :إنها ستعد أية قوات أجنبية عربية كانت أو إسلامية قوات احتلال". <BR><BR><font color="#0000FF">قصة إرسال القوات ؟ </font><BR>وكانت البلبلة حول فكرة إرسال قوات عربية للعراق قد بدأت في يوليه الماضي 2003م مع تزايد الورطة الأمريكية في العراق ، وبدأت في أعقاب نشر خبر في صحيفة الأهرام المصرية الرسمية على أربعة أعمدة يوم‏ 30 يوليه 2003م تؤكد فيه أن الجامعة ستبحث مسألة إرسال قوات عربية للعراق ، وذلك تحت عنوان يقول ‏:‏ (بمشاركة ‏13‏ دولة عربية‏..‏ لجنة المتابعة الوزارية تناقش يوم 5 أغسطس 2003م إرسال قوات حفظ سلام عربية إلى العراق‏).<BR>وصرح حسام زكي (رئيس المكتب الصحافي في الجامعة) في آخر يوليو 2003م بأن وزراء خارجية لجنة المتابعة "سيبحثون إرسال قوات حفظ سلام عربية إلى العراق " ، وأضاف: " المطروح أمام الوزراء العرب، هو: هل سترسل كل دولة عربية قوات بشكل فردي؟ وهل سيكون بقرار من الأمم المتحدة؟ وما هو شكل القرار؟ " .<BR>وقد أكد محللون سياسيون مصريون أن الضغوط الأمريكية المكثفة على بعض الدول العربية (الحليفة) ربما كانت وراء هذه المحاولة لتوريط الجامعة العربية في العراق ، وإسباغ الشرعية على الاحتلال الأمريكي للعراق من جهة ، وتخفيف عبء المقاومة عن كاهل قوات الاحتلال من جهة أخري ، بيد أن اعتراض دول عربية أخرى إضافة إلى (الأمين العام) عمرو موسى ربما عرقل مناقشة هذه الخطوة وهو ما أعلنه موسى فيما بعد .<BR>بيد أن المسألة نوقشت بالفعل في اجتماع لجنة المتابعة العربية ولم تحظ بالعدد الكافي للتصويت لطرحها للنقاش ، و بالتالى لم تناقشها الجامعة العربية أصلاً؛ لأنه كان هناك رفض لطرحها في هذا التوقيت، ولأنه من غير المنطقي بحث مثل هذا الطلب الذي يسبب حساسية وحرجاً بالغاً للعديد من الحكومات العربية .<BR>وقد طرح الدكتور/ أحمد يوسف (مدير معهد الدراسات العربية التابع للجامعة العربية في ذلك الحين) ما أسماه حلاً وحيداً مشرفاً لحل إشكال‏ إرسال قوات عربية للعراق يخرج الأمريكان من ورطتهم !<BR> ويتلخص هذا الاقتراح الذي أورده الكاتب فهمي هويدي في مقاله 5 أغسطس 2003م في " إرسال قوات سلام عربية في إطار اتفاق سياسي واضح‏ يحدد أجلاً للانسحاب الأمريكي من العراق‏، ويضع جدولاً زمنياً لذلك الانسحاب‏، وهو ما حدث مع الكويت في عام‏ 1961م حين هدد العراق باحتلالها ، واستدعي حاكمها الشيخ صباح السالم قوات بريطانية لحماية بلاده‏ ، حيث اجتمع - حينذاك - مجلس الجامعة العربية وأعلن وقوفه إلى جانب الكويت في حقها في الاستقلال‏، وقرر الإسهام في تأمين ذلك الحق للكويتيين،‏ واشترط انسحاب القوات البريطانية التي تم استدعاؤها‏ قبل أن تتوجه قوة سلام عربية إلى الكويت‏ وهو ما حدث بالفعل‏ وأنهى الأزمة في حينها بكرامة وسلام‏.‏<BR>ويبدو أن الرسالة الأولى التي وجهتها الجامعة العربية لواشنطن بخصوص رفض إرسال قوات عربية ، أسهمت في زيادة الغضب الأمريكي لحد صرف النظر مؤقتاً عن فكرة توسيع دول الأمم المتحدة في العراق وطلب قوات عربية ودولية لمساعدتها في تهدئة العراقيين ، حيث نسبت صحيفة نيويورك تايمز يوم 14 أغسطس 2003م لمسؤولين في الإدارة الأمريكية القول: إن الولايات المتحدة تخلت عن فكرة منح دور أكبر للأمم المتحدة في العراق ، وإن هناك 21 ألف جندي ينتمون إلى ثماني عشرة دولة ينتشرون في العراق بجانب 139 ألف جندي أمريكي، وأن الإدارة الأمريكية تسعى حالياً إلى طلب المساعدة من دول أخرى خاصة التي تقدم مساعدات الإغاثة .<BR>ولكن قيام عدة دول بسحب قواتها من قوات التحالف، أبرزها: أسبانيا والفلبين، وغيرهما هدم هذا التحالف الغربي في العراق وساهم في تحلله تدريجياً الأمر الذي تطلب إعادة البحث عن قوات عربية لتهدئة المقاومة، وعلى أمل أن ينجح الجنود العرب في وقف المقاومة .<BR>ويبدو أن الرسالة الثانية التي وجهها موسى وفيصل من جدة للأمريكان بضرورة الانسحاب قبل إرسال أي قوات عربية ستزيد الموقف الأمريكي في العراق تأزماً، وستدفع الأمريكان لمزيد من التنازلات أملاً في مساندة قوات عربية لها مستقبلاً في العراق، وتنظيم انسحابها من هناك في حالة استمرار المقاومة بنفس هذه الضراوة والعنف. <BR> <BR>وقال الأمير سعود الفيصل: الطلب يجب أن يأتي من الحكومة العراقية، وبدعمٍ كامل وظاهر من فئات الشعب العراقي، وأن تعمل هذه القوات تحت مظلة الأمم المتحدة.<BR><BR>على الجانب الآخر قال (الأمين العام للجامعة العربية) عمرو موسى بعد محادثات مع القادة السعوديين أمس الأحد إن الدول العربية والإسلامية لا ترغب في الوقت الحالي في إرسال قوات إلى العراق. <BR><BR>ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن عمرو موسى قوله- عقب محادثات أجراها في مدينة جدة على البحر الأحمر- إن الدول العربية والإسلامية فعلاً لا تريد أن ترسل قوات إلى العراق، وهذه مسألة تتعلق بكل دولة. <BR>وأضاف: إن ما طرحته السعودية بشأن إرسال قوات عربية وإسلامية إلى العراق ليس مقترحاً ولا مبادرة، بل هو أفكار وتفكير من جانب السعودية في كيفية المساعدة في تحقيق انسحاب القوات الأجنبية من العراق، ومساعدة الحكومة العراقية.<BR><br>