لمن تذهب أصوات مسلمي أمريكا في الانتخابات المقبلة؟
10 رجب 1425

يبدو أن كلا المرشحين الجمهوري (بوش) والديمقراطي (كيري) يتجهان بشكل أكبر للتركيز على أصوات المسلمين الأمريكيين الذين ترشحهم مراكز أبحاث أمريكية للعب دور حيوي في تحديد نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها نهاية هذا العام ، ويبدو أن بوش أصبح أكثر حاجة لأصوات مسلمي أمريكا _على حد قول صحف أمريكية_ .<BR>ويبدو أن فوز بوش بنسبة ضئيلة من الأصوات في انتخابات عام 2000م على منافسه آل جور بلغت بضعة آلاف صوت فقط في بعض الولايات، وبفارق 2% من الأصوات (فاز بأصوات ولاية أوهايو بفارق 165 ألف صوت فقط) ، إضافة إلى تردي مكانته في استطلاعات الرأي لصالح منافسه كيري ، ستدفعه مرة أخرى لمخاطبة ود مسلمي أمريكا الذين كانوا سبباً رئيساً في نجاحه عام 2000م.<BR>فقد أشار مقال نشرته جريدة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية في السابع عشر من أغسطس الحالي إلى أن (الرئيس الأمريكي الحالي) جورج دبليو بوش أصبح أكثر حاجة لأصوات مسلمي أمريكا في الوقت الراهن مع تراجع التأييد الشعب له وفقاً لاستطلاعات الرأي العام الأمريكية، خاصة أن سياساته الداخلية والخارجية أدت إلى وقوفهم بشكل جماعي ضد التصويت له.<BR>وقال مؤلف المقال "دانتي تشين": إن قدرة مسلمي أمريكا على التصويت ككتلة انتخابية واحدة تزيد من أهميتهم خاصة في الانتخابات الرئاسية القادمة التي يتوقع كثير من المحللين أن تكون انتخابات متقاربة، هذا إضافة إلى أن بوش يبدو في استطلاعات الرأي متأخراً على كيري، وهو ما يزيد من حاجة بوش لأصوات المسلمين، الذين سبق وأن صوتوا له جماعياً في انتخابات عام 2000م .<BR>أيضاً تحدث الكاتب "كارل ويسر" في مقال نشره في السادس عشر من أغسطس الحالي 2004م في جريدة "سينسناتي إنكويرر" الصادرة في ولاية أوهايو الأمريكية، التي تضم نسبة كبيرة من مسلمي أمريكا عن اهتمام الحزبين الديمقراطي والجمهوري باجتذاب أصوات الناخبين في بعض الولايات الهامة والحرجة، ومن بينها ولاية أوهايو.<BR>وقال ويسر: إن مسلمي أمريكا كأقلية يتمتعون في انتخابات العام الحالي بعدة خصائص تميزهم عن الجماعات الأخرى وتجعلهم صوتاً يسعى الحزبان الكبيران إلى اجتذابه، مثل : وجودهم المكثف في بعض الولايات ، والتصويت ككتلة انتخابية واحدة، كما حدث في عام 2002م ، أما الأهم فهو أن المسلمين الأمريكيين يعدون من أكثر الجماعات السياسية تعبئة سياسية في الوقت الحالي نظراً للضغوط العديدة التي تعرضوا لها خلال السنوات الثلاثة الأخيرة عقب تفجيرات سبتمبر 2001م .<BR>وقال ويسر: إن بوش فاز بأصوات ولاية أوهايو بفارق 165 ألف صوت في انتخابات عام 2000م ، وهو ما يعني أن المسلمين الأمريكيين (عددهم في هذه الولاية 150 ألف ) قادرين - إذا صوتوا كجماعة وبنشاط - أن يغيروا اتجاه ولاية أوهايو في انتخابات الرئاسة القادمة ، وربما ولايات أخرى .<BR>وزاد من اهتمام معسكري بوش وكيري بأصوات مسلمي أمريكا أن المسلمين بدؤوا حملة ضخمة في عدة ولايات للتسجيل في كشوف الانتخابات رصدت جانباً منها صحيفة ميامي هيرالد الصادرة في ولاية فلوريدا الأمريكية في الثالث عشر من أغسطس الحالي ، حيث أشارت إلى أن مسؤولي مقاطعة بروارد بفلوريدا (أحد الولايات الهامة في سباق الانتخابات) وصلهم حوالي ثلاثة آلاف استمارة تسجيل لناخبين جدد جمعتها منظمة مسلمة أمريكية تدعى "التصويت قوة" بعد حملة نظمتها لتسجيل الناخبين الجدد قامت بها على مدار صيف العام الحالي في الأحياء الفقيرة وأحياء الأقليات بجنوب ولاية فلوريدا. <BR>وتشير تقارير منظمات إسلامية أمريكية إلى تزايد أعداد المسلمين ليصل العدد إلى حوالي 7 مليون نسمة الآن، وهو العدد الذي تعترف به الحكومة الأمريكية ، ومن بين هؤلاء ما بين مليون إلى مليوني ناخب يشاركون في العملية الانتخابية في أمريكا، وتسعى المنظمات الإسلامية والعربية لمضاعفة الرقم إلى 3 أو 4 مليون ناخب، بحيث يكون هناك دور قومي لمسلمي أمريكية في الانتخابات ونفوذ يعادل نفوذ اللوبي الصهيوني (عمره 52 عاماً، حيث بدأ نشاطه عام 1950م )، ويزيد خصوصاً أن عدد يهود أمريكا أقل من المسلمين (حوالي ستة ملايين) ولكن نفوذهم المالي والسياسي أكبر .<BR>أيضاً تتابع وسائل الإعلام الأمريكية النشاط الكبير الذي تقوم به المنظمات الإسلامية الأربعة الكبري ، ورصدها لتوجهات مواقف كبار المرشحين السياسيين (للرئاسة أو الكونجرس) تجاه قضايا مسلمي وعرب أمريكا ، فعلى سبيل المثال أطلق مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية خدمة إخبارية خاصة بالانتخابات القادمة نوفمبر 2004م تتناول مواقف كبار المرشحين السياسيين تجاه قضايا مسلمي وعرب أمريكا، بهدف تقوية مسلمي أمريكا سياسياً من خلال توعيتهم بصفة أسبوعية بمواقف المرشحين السياسيين تجاه إحدى قضاياهم الهامة وكيفية دعمهم .<BR>وهناك اهتمام أكبر من مسلمي أمريكا بمواقف مرشحي الرئاسة تجاه قانون مكافحة الإرهاب المعروف اختصاراً باسم "باتريوت آكت " ، حيث تثير بعض بنود باتريوت آكت خشية جماعات الحقوق والحريات المدنية بالولايات المتحدة بسبب تبعاتها السلبية على حقوق جميع الأمريكيين، وينظر مسلمو أمريكا بعين القلق على وجه الخصوص لبعض بنود القانون، مثل: المواد 213 و215 و412 و802 التي تقيد حريتهم .<BR>صحيح أن اللوبي الإسلامي بدأ يتشكل عام 1990م، وعمره قصيرة وينقصه الدعم المالي القادر على جلب النفوذ ، إلا أن الكوادر والخبرات ، والمطلوب مزيد من التنسيق وتوحيد مواقف المسلمين والتواصل مع الجهات التي توفر التمويل .<BR>فاللوبي اليهودي الأمريكي جمع بنفسه 50 مليون دولار في الحملة الانتخابية الأخيرة ، كما جمع 50 مليون أخرى (أي 100 مليون إجمالاً) للرئيس الأمريكي بوش ، وبالمقابل قدم العرب 300 ألف دولار فقط لحملة بوش الانتخابية ، وهذا هو الفارق الأساسي بين اللوبي العربي والصهيوني ، إضافة إلى أن وجود المسلمين والعرب الأمريكيين ونشاطهم داخل المجتمع المدني الأمريكي مازال محدودا لأسباب مختلفة، مثل: قلة الخبرة السياسية وحداثة العهد وافتقار المسلمين والعرب الأمريكيين النسبي وليس المطلق للطاقات والموارد البشرية والمادية اللازمة لتفعيل وجودهم على المستويين السياسي والمدني بالولايات المتحدة.<BR><BR><font color="#0000FF">هل يسقطوه كما أنجحوه ؟! </font><BR>والحقيقة أن المسلمين الأمريكيين اعتادوا التصويت للحزب الديمقراطي بسبب دوره المساند للأقليات عموماً ، ولكنهم غيروا سياساتهم، وصوتوا لبوش ككتلة انتخابية في عام 2000م بعد أن أعلن بوش مساندته لمسلمي أمريكا على صعيد الحقوق المدنية، وأعلن أنه سيلغي قانون الأدلة السرية الذي شكا منه المسلمون (78 % من المسلمين الأمريكيين صوتوا لصالح الجمهوريين في عام 2000م)، ولكن السياسات الأمنية والقوانين المقيدة للحريات واضطهاد المسلمين والعرب في عهد بوش بدعوى محاربة الإرهاب دفعت المنظمات الإسلامية للمطالبة علنا بإسقاط بوش والتصويت لصالح من يقف مع المسلمين . <BR>وقد أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة بشأن توجهات مسلمي أمريكا نحو مرشحي الرئاسة في الانتخابات الحالية أن 54 % منهم يميلون لجون كيري، وأن 26 % منهم يميلون للمرشح العربي رالف نادر في حين لا يساند بوش سوى نسبة قليلة جداً من المسلمين الأمريكيين لا ترقى إلى أن تشكل رقماً عشرياً !؟ <BR>ولا شك أن هذه الاستطلاعات تزعج فريق الدعاية لبوش بشدة ، ففي انتخابات 2000م التقى بوش الذي كان مرشحاً جمهورياً للرئاسة آنذاك بجماعات إسلامية، وهو الأمر الذي لم يفعله منافسة الديمقراطي آل جور ، ونوه بوش آنذاك لإلغاء قانون الأدلة السري الذي لاقى كراهية كبيرة ، ولكن بوش لم يقدم أي شيء للمسلمين، بل علي العكس سعى عقب تفجيرات 11 سبتمبر لاعتماد المزيد من القوانين التي تضع مزيداً من القيود على مسلمي أمريكا ما جعلهم يشعرون بالإحباط والرغبة في إسقاطه .<BR>والمعروف أن أجندة مسلمي أمريكا تطورت تطوراً كبيراً خلال السنوات العشرة الأخيرة من القرن العشرين، وخاصة بعد تأسيس مؤسسات مسلمي أمريكا السياسية الأربع الكبرى، وهي - مرتبة وفق تاريخ إنشائها - مجلس الشؤون العامة الإسلامية (MPAC)، والذي أسس في عام 1988م، والمجلس الإسلامي الأمريكي (AMC)، الذي أسس في عام 1990م ، مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR)، والذي أسس في عام 1994م، والاتحاد الإسلامي الأمريكي (AMA)، والذي أسس في عام 1994م.<BR><BR><font color="#0000FF">هل يختار المسلمون كيري ؟! </font><BR>والمعضلة التي تواجه مسلمي أمريكا الآن أنهم في حالة الإصرار على إسقاط بوش لن يكون أمامهم سوي خيار المرشح الديمقراطي "كيري" ، أو المرشح من أصل عربي رالف نادر، و(الأول) قدم على مدار الشهور القليلة الماضية أوراق اعتماده رئيساً مخلصاً للمصالح الإسرائيلية، وطمأن اليهود على ولائه لهم ، في حين أن فرص نجاح (الثاني) شبه معدومة وتأييده معناه عملياً الانتقاص من حصة كيري لصالح بوش كما حدث عام 2000م مع آل جور !؟ <BR>فقد كشف جون كيري (المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية) عن حقيقة أصوله اليهودية، متفاخرًا أن له صلة رحم تربطه باليهود، ومؤكدًا في الوقت نفسه أنها ميزة كبيرة يمتلكها في سباق الانتخابات يفتقدها منافسه الرئيس "جورج بوش" ، وقال كيري في مارس الماضي: إنه سوف يستخدم حق الفيتو ضد أي قرار في مجلس الأمن يرى أنه يدين "إسرائيل"!<BR>كما ردد خلال لقاء مع الجالية اليهودية أنه إذا انتُخب رئيسًا للولايات المتحدة فسوف يكون أول رئيس أمريكي له تراث يهودي وقريب يهودي (يقصد "كاميرون" شقيقه الذي يعمل مستشارًا له ويعتنق اليهودية) ، وأن أجداده كانوا يهودًا ثم اعتنقوا الكاثوليكية عندما هربوا من أوروبا .<BR>أيضاً تبني كيري نفس مواقف بوش في القضايا العربية ، وقال لصحيفة هآرتس الإسرائيلية اليومية في يوليه الماضي 2004م: "إن الدولة اليهودية لا تجد من تتفاوض معه من الجانب الفلسطيني، وإنه لن يحاول فرض اتفاق سلام على الجانبين إذا ما تم انتخابه كرئيس للولايات المتحدة " ، وقال "إن الأمر يرجع إلى إسرائيل إذا ما كانت ترغب في التفاوض من أجل السلام، إلا أنها تحتاج أيضاً إلى شريك لتفعل ذلك معه، وليس هناك شريك بعد" !؟ .<BR>بل إن "كيري" أعرب عن تأييده لموقف إسرائيل في قضية بناء جدار الفصل العنصري، واصفًا إياه بأنه عمل قانوني هدفه الدفاع عن النفس، وطالب القيادة الفلسطينية بالقضاء على فصائل المقاومة .<BR>والغريب أن نسبة من سيصوتون من العرب الأمريكيين للمرشح الديمقراطي كيري – وفق استطلاعات ذكرها الدكتور جيمس زغبي (أحد قادة العرب الأمريكان) ستصل إلى 54 في المئة، فيما سيساند 24 في المئة منهم إعادة انتخاب الرئيس بوش لمدة رئاسية ثانية ، كما أن نسبة من أعربوا عن تأييدهم لإعادة انتخاب بوش بين المسلمين من العرب الأمريكيين في أربع من كبرى الولايات الأمريكية لم تزد عن 6 % فيما زادت نسبة من سينتخبون كيري من المسلمين العرب الأمريكيين عن 65 % فيما أعربت نسبة 30 % من العرب الأمريكيين المنتمين للحزب الجمهوري عن اعتزامهم انتخاب مرشح آخر غير بوش. <BR>وأظهر استطلاع آراء العرب الأمريكيين في الولايات الأربع أن 58 % منهم يفضلون مواقف كيري إزاء ضرورة حماية الحقوق المدنية، و55 % منهم يفضلون مواقفه من العراق، و54 % يشعرون بأن موقفه إزاء الصراع العربي الإسرائيلي أفضل من مواقف بوش، ولكن عندما سئل العرب الأمريكيون عن آرائهم فيمن يحظى بثقتهم في حل الصراع بوش أم كيري؟ أعربت نسبة 50 % منهم عن اعتقادها بأنه ليس بوسع أي منهما تسوية الصراع !؟ <BR>أما بالنسبة للمرشح من أصل عربي رالف نادر فإن نسبة من قالوا إنهم سيصوتون لصالح نادر من العرب الأمريكيين وصلت إلى 13 %، ولكنها ستواصل الانخفاض مع الاقتراب من موعد انتخابات الرئاسة، وسيتحول 67 % من أنصار رالف نادر من العرب الأمريكيين إلى كيري إذا تحسنت مواقفه من الصراع العربي الإسرائيلي ، وفي المقابل أعربت نسبة 62 % من الذين سيصوتون لنادر عن استحالة تصويتهم لصالح بوش، وأعربت نسبة 36 % منهم عن احتمال التحول لتأييد بوش إذا تحسنت مواقفه قبل الانتخابات من القضية الفلسطينية.<BR>أصوات مسلمي وعرب أمريكا ستكون حاسمة لا شك في انتخابات نوفمبر القادم في أمريكا لانتخابات الرئاسة والكونجرس معاً، والمتوقع أن يكون الفارق فيها ضئيل للغاية بين بوش وكيري ، فالعرب الأمريكيين يمتلكون 5% من أصوات الناخبين في ولاية ميشيجان و2% من إجمالي الناخبين المسجلين في أوهايو، ويمتلكون نفس نسبة الأصوات في كل من بنسلفانيا وفلوريدا، ولهذا بدأ سباق من نوع خاص على أصواتهم بدأه بوش وسيلحق به كيري .<BR><br>