لماذا يفضل المرشحون الأمريكان إسرائيل على العرب؟!
24 رجب 1425

ما أن تهل مواسم الانتخابات الأمريكية حتى نسمع عن مزادات وتخفيضات و أوكازيونات يقدمها مرشحو الأحزاب المختلفة للدولة الصهيونية، ويتبارون في نيل رضائها طمعاً فيما يسمي أصوات اليهود (6 ملايين)، ولا أحد يتحدث إطلاقاً عن العرب أو الحكومات العربية أو أصوات عرب أمريكا رغم أنها تفوق اليهود وتتراوح بين 8 و10 ملايين!<BR><BR>وترتب على هذا أن أصبحت مواسم الانتخابات فرصة لإسرائيل لابتزاز سياسيي أمريكا والحصول على أقصى ما يريدون منها، وبالمقابل تنام المصالح العربية ويتجمد أي حديث عن التسويات السياسية أو القضية الفلسطينية، ويبرر المسؤولون العرب هذا – وكأنه أمر مسلم به – بالقول: إنه وقت الانتخابات ومراعاة نفوذ اللوبي الصهيوني دون أن يسأل أحد نفسه: لماذا لا يضعنا مرشحو الرئاسة الأمريكية في اعتبارهم ويتجاهلون العرب كأنهم "نكرة" لا أهمية لهم ؟!<BR><BR>وغالباً ما تدفع هذه الحالة الغريبة المراقب العربي للحيرة فلا يستطيع معرفة أي المرشحين أقرب إلى المصالح العربية، وأيهما موالٍ للوبي الصهيوني بسبب "إسهال" التصريحات الموالية لإسرائيل التي يصدرها الطرفان، والتي لا يخرج منها ولو تصريح واحد على سبيل الخطأ يتحدث عن الحقوق العربية أو الفلسطينية، وهو ما يظهر حالياً في تصريحات كل من بوش وكيري معاً حتى أن الصحف الأمريكية نفسها تقول عن سياستهما تجاه العرب وإسرائيل أنهما " وجهان لعملة واحدة "!؟<BR>ويبدو أن هناك جملة أمور يستغلها هؤلاء المرشحين في خطب ود أنصار اللوبي الصهيوني أمام ناخبيهم، مقابل التجاهل التام للدول العربية ومصالحها، منها: <BR> - الحديث المكرر عن "ديمقراطية " الدولة اليهودية و" ديكتاتورية" الحكومات العربية الذي أصبح أمراً مسلماً به، بحيث باتت عبارة " الديمقراطية الإسرائيلية وسط بحر الديكتاتورية والكراهية العربية " وكأنها أحد بنود الدستور الأمريكي.. وقد وصل الأمر بالمرشح الديمقراطي كيري للقول: "إن بلاده لن تكون آمنة "طالما أن إسرائيل الديموقراطية الحقيقية الوحيدة في المنطقة تبقى ضحية حملة إرهابية متواصلة"؟! <BR><BR> - ترسيخ معنى "ديكتاتورية الحكومات العربية" في القاموس السياسي الغربي دفع الحكومات الغربية عموماً لتجاهل أي مواقف عربية باعتبار أنها لا تعبر عن الشارع الحقيقي؛ لأن الحكام ليسوا منتخبين ديمقراطياً، فضلاً عن أنه جرى استغلال ذات المعنى في تهديد بقاء هذه الحكومات عبر مشاريع "الحريات" وتعليم العرب والمسلمين الديمقراطية لوقف كراهيتهم للغرب<BR>- تورط بعض الحكومات العربية مع أمريكا في تربيطات سياسية أو اقتصادية (بترولية) أو أمنية (قواعد عسكرية) شكل حلقة ضغط علي هذه الحكومات ونقطة ضعف نتج عنها ليس فقط تجاهل مصالح هذه الدول مقابل تعظيم مصالح إسرائيل، ولكنه الأمر وصل لحد قيام مرشحي الرئاسة الأمريكية بتوجيه إهانات لزعماء عرب ودول كبري مثل السعودية والدعوة – كما قال كيري أيضاً في مقال في مجلة "فوروورد" التي تصدر في نيويورك – لمواجهة ما اسماه "استمرار التمويل السعودي الرسمي للإرهاب" الذي اعتبره خطراً يهدد الولايات المتحدة وإسرائيل معاً، ووقف الاعتماد على النفط العربي.<BR>- <BR> - وصول اليمين المحافظ للسلطة وتغلغله بها، وتحالفه مع التيار الإنجيلي الداعي لما يسميه القس ريتشارد شيزيك (نائب رئيس جمعية الإنجيليين)، التي تمثل 43 ألف كنيسة "الكنيسة المضطهدة " في بقاع من العالم خارج الولايات المتحدة،، تناغم مع المصالح الصهيونية التي تلعب على وتر تقاطع مصالح اليهود مع المسيحيين الأمريكان ضد العرب المتطرفين.<BR><BR>ولهذا لم يكن غريباً أن تلعب إدارة بوش ورقة شارون مع اقتراب الانتخابات الرئاسية وألا تعير اهتماماً يذكر لردود الفعل العربية، بل وتقدم دعمها المبطن للبناء في مستوطنات الضفة حرصاً على أصوات اليهود، وتهمل "خارطة الطريق" التي وضعتها بنفسها.<BR><BR>ولم يكن غريباً أيضاً أن يقول كيري: لن نمارس ضغطاً على إسرائيل لتقدّم تنازلات، وسنطبق عقوبات على سورية، ولن نسمح بإيران نووية!؟ وأن يقوم جون كيري بتعيين (النائب اليهودي السابق) ميل ليفن مستشارًا رئيسيًّا لشؤون الشرق الأوسط، وهو ما لاقى ترحيبًا واسعًا من جانب المنظَّمات اليهودية- الأمريكية.<BR>حتى أن ليفن- المعروف بتأييده للكيان الصهيوني- قال عقب تعيينه: إن "كيري" يُظهر كل المعايير والاستطلاعات دعمًا بنسبة 100% للكيان الصهيوني، لافتًا إلى أن من يريد رسم صورة لهذا الدعم فعليه إلقاء نظرة على تصويته في الكونجرس في العِقدين الماضيين.<BR>وبعد أن كان بعض العرب يعولون على كيري وسياسته الجديدة فوجئ الجميع بتحوله 360 درجة نحو الكيان الصهيوني، ووجه المرشح الديموقراطي صفعة للدول العربية والإسلامية التي تراهن على تحسن في علاقاتها مع واشنطن في حال "إطاحة" الإدارة الجمهورية في البيت الأبيض في نوفمبر المقبل.<BR><BR>حيث قال كيري في مقال في مجلة "فوروورد" التي تصدر في نيويورك: "إن الولايات المتحدة وإسرائيل تواجهان تحديات أمنية حاسمة بسبب استمرار التمويل السعودي للإرهاب، وسعي إيران إلى تطوير برامج أسلحة نووية ومواصلة سورية رعاية عمليات إرهابية"!!<BR>وقال كيري: إن أميركا لن تكون آمنة طالما أن العراق يهدد بأن يتحول إلى ملجأ للإرهابيين، وحذر من أنه "إذا استمرينا من غير استراتيجية فعالة فإننا لن نكون قادرين على دعم حليفنا (الإسرائيلي) على أفضل وجه ممكن". واعتبر أن غياب قرار حاسم في واشنطن أدى إلى تقدم برنامج الأسلحة النووية الإيرانية مشدداً على أننا لن نسمح بإيران نووية. <BR><BR>وأشار كيري إلى أن قانون محاسبة سورية الذي أيده في مجلس الشيوخ "أعطى الرئيس صلاحيات لفرض عقوبات على سورية واتخاذ خطوات ملموسة إزاءها في ضوء دعمها للإرهاب واحتلالها لبنان"، وشدد على "أنني كرئيس لن أؤخر تطبيق العقوبات كما فعلت إدارة بوش لأشهر عدة".<BR>وقال: إن التهديد الاستراتيجي الأكبر للعلاقات الأميركية - الإسرائيلية هو اعتماد أميركا على نفط الشرق الأوسط". واعتبر إن "الأمن القومي الأميركي يتطلب إنهاء هذا الاعتماد"، وردد اتهامات ظهرت بعد 11 سبتمبر مفادها أن الأصوليين الجهاديين الإسلاميين يحصلون على دعم سعودي إيديولوجي ومالي!؟<BR>بل أن كيري كشف عن خطة لإنهاء اعتماد أميركا على النفط الشرق أوسطي في غضون عشر سنوات من خلال الاستثمار في الأبحاث لإيجاد مصادر بديلة للطاقة القابلة للتجدد بما فيها الغاز الطبيعي والفحم. وقال: إن أميركا يجب أن تعتمد على قدراتها الخلاقة" وليس على أصحاب القرار في السعودية. <BR><BR>أيضا تعهد كيري أن ينشئ مكتباً في وزارة الخارجية مجاملة لإسرائيل "مخصصاً لمكافحة اللاسامية، ورصد الأعمال اللاسامية حول العالم" لإدراجها ضمن التقرير السنوي لوزارة الخارجية حول حقوق الإنسان، وتعهد بإطلاق "حملة دبلوماسية عامة حازمة في الدول العربية والإسلامية لمواجهة اللاسامية والبروباغاندا المعادية لإسرائيل، والتي تتسبب في نشر الجهل والكراهية، وسيكون ذلك في إطار جهد دولي تقوده الولايات المتحدة لنشر التعليم العلماني وتطوير الاقتصاد والمبادرات التثقيفية"!!<BR>وختم مقاله بالتأكيد على أن أميركا في عهده "لن تقدم على أي عمل يهدد العلاقة الخاصة مع إسرائيل ولن أمارس ضغطاً على إسرائيل لتـــقديم تـــنازلات يمكن أن تهدد أمنها"!؟<BR><BR>الانتخابات..لعبة فلوس ونفوذ! <BR><BR>وهنا يثار سؤال أهم: لماذا ينجح اللوبي الصهيوني ويؤثر في كل المرشحين في الإدارات الأمريكية المختلفة وليس هناك دور للعرب في التأثير علي الانتخابات الأمريكية؟<BR>في لقاء سابق، سألت الدكتور عبد الرحمن العمودي (الأمين العام للمجلس الإسلامي الأمريكي، أحد أكبر المنظمات الإسلامية الأمريكية) عن سر فوز مرشحين موالين لإسرائيل في انتخابات الرئاسة والكونجرس الأمريكي، بل وتكالب المرشحين على أصحاب النفوذ اليهودي، فرد بعبارة واحدة موجزة قائلا: "اللعبة السياسية في أمريكا هي لعبة فلوس في النهاية، ومن يدفع أكثر هو الذي يتحصل على نفوذ أكبر، فالنفوذ يأتي بالفلوس "!<BR><BR>وضرب مثلاً واحداً من انتخابات عام 2000م بقوله: لو عرفت أن اللوبي الصهيوني جمع بنفسه 100 مليون دولار في الحملة الانتخابية الأخيرة للرئيس بوش، وأن العرب قدموا بالمقابل 300 ألف دولار فقط لحملة بوش الانتخابية حينئذ يمكنك أن تعرف كيف يؤثرون عليه؟!<BR><BR>وحتى نعرف تأثير الدعم المالي علينا أن نعرف أنه يوجد الآن رجل صهيوني في الإدارة الأمريكية موجود منذ أيام كلينتون وهو (روبرت كلارك)، وكان يسمى وقتها The male - أي: الدخيل - في مجلس الأمن القومي الأمريكي، ومعروف أنه جاسوس على الحكومة الأمريكية لصالح إسرائيل والموساد وعرف عنه ذلك.<BR>ورغم ذلك جاء أحد أعيان اللوبي الصهيوني في حملة بوش عام 2000م، وطلب من بوش أن يظل هذا الرجل (كلارك) في موقعه ولا يتم عزله مقابل الدعم المقدم لبوش، فاستمر هذه الصهيوني في منصبه، ولا زال موجوداً، وهذا يرجع للنفوذ المالي اليهودي ؟! <BR><BR>وقد روى عضو ناشط في منظمة إسلامية أمريكية واقعة أخرى من انتخابات الكونجرس الأخيرة، فقال: إن أحد أعضاء الكونجرس قال لنا: "يا عرب يا مسلمين..ميزانيتي للانتخابات 2 مليون دولار، 50-55% منها أتحصل عليها كهبات من الشركات الكبرى؛ لأن لها مصالح معي، و45% من ميزانيتي للانتخابات تأتيني من اللوبي الصهيوني.. فهل تستطيعوا أن تنافسوا اللوبي الصهيوني وتقدموا لي 45% من ميزانية انتخابي كي أؤيد مطالبكم؟! "<BR><BR>ومع أن مسألة النفوذ المالي الصهيوني معروفة في لعبة الانتخابات الأمريكية منذ زمن فلم يحدث أن تكتل العرب يوماً للعب دور منافس حفاظاً على مصالحهم في مواجهة المصالح الإسرائيلية، وما أنفقته بعض الدول العربية الخليجية في بعض المرات جاء إما لتحقيق مصلحة ذاتية قصيرة أو كمجرد هبة للمرشحين دون مقابل حتى ولو كانوا موالين للوبي اليهودي؟!<BR><BR>وهناك عشرات القصص عن مرشحين أمريكيين مالوا نحو المصالح العربية وخاصموا النفوذ الصهيوني وهاجموا إسرائيل فكان جزاؤهم تكتيل النفوذ والمال اليهودي ضدهم وإسقاطهم في الانتخابات، وأبرز مثال معروف هنا هو (السيناتور الأميركي السابق) بول فيندلي الذي أسقطه اللوبي الإسرائيلي في أمريكا عندما جمع لمنافسه مبلغ مليون دولار لدعم حملة انتخابه، وكانت هذه سابقة في تاريخ الإنفاق في الانتخابات المحلية في ولاية ألينوي لعضوية مجلس النواب في الكونجرس.<BR><BR>ولا يعني هذا أن النفوذ المالي وحده هو الذي يحكم اختيارات الناخبين الأمريكان رغم أنه يأتي في المرتبة الأولي بسبب التنظيم والخبرة التي يتمتع بها اللوبي الصهيوني، الذي بدأ نشاطه عام 1950م، فهناك عوامل جديدة بدأت تؤثر في اتجاهات الناخبين مثل العداء للمسلمين والإسلام الذي تزايد عقب 11 سبتمبر واستغله الصهاينة في مزيد من تعميق نفوذهم، وسعي مؤرخين موالين للوبي المسيحي الصهيوني للتركيز على الجذور الإنجيلية للأمريكان والروابط الدينية بين اليهود والمسيحيين الأمريكان في مواجهة الإسلام.<BR> <BR>وقد فطن لذلك تجمع المنظمات الإسلامية والعربية الأمريكية، ولكن بقيت عقبة فارق الخبرة الكبير بينهم وبين اللوبي الصهيوني وهو 52 عاماً؟!<BR><br>