أصداء بيان العلماء السعوديين حول العراق
26 رمضان 1425

في وقت يشهد فيه العالم العربي والإسلامي صمتاً مطبقاً أمام مجازر وانتهاكات واضحة ضد الشعوب العربية والإسلامية، في فلسطين والعراق وغيرهما، بات من المثير للجدل، خروج صوت إسلامي يحمل وزناً إقليمياً، ليطلق كلمة حق يرسم فيها الصورة الحقيقية للجهاد في سبيل الله، ويفتي -بما يملك من علوم شرعية - بواجب الجهاد والمناصحة والوقوف في وجه الاحتلال وعدم التعامل مع الاحتلال، وعدم الوشاية بالمجاهدين، وغيرها من الأحكام الدينية الواضحة والصريحة.<BR><BR>الفتوى الخاصة التي أصدرها مجموعة من العلماء وطلاب العلم والمشايخ في المملكة العربية السعودية، في بيان نشر قبل أيام والمتعلقة بما يحدث في العراق عامة، وفي مدينة الفلوجة خاصة، تصدرت وكالات الأنباء وكبريات الصحف الغربية والعربية، لما للموضوع من أهمية دينية في المنطقة؛ لسببين رئيسين،هما:<BR>1- أن الكثير من الناس يعدون أن الحرب الأمريكية والبريطانية في العراق، هي حرب دينية بالدرجة الأولى، وأنها امتداد لما أطلقه بوش وغيره من صقور الإدارة الأمريكية، من حملة صليبية على البلاد الإسلامية، وهو ما وجد صداه واضحاً في الإعلام الغربي بعد صدور الفتوى الأخيرة.<BR>2- أن منطقة الشرق الأوسط، وخاصة السعودية، تحمل صفة المرجعية الدينية بالنسبة للدين الإسلامي، ففيها مهبط الوحي، وعلى أرضها مكة المكرمة، وإليها يحج ملايين المسلمين كل عام، وفيها أشهر العلماء وطلاب العلم المسلمين.<BR><BR>لذلك فليس غريباً أن تتصدر مثل هذه الفتوى، وكالات الأنباء والصحف العالمية والعربية، وتصطف حولها الآراء والأفكار والملاحظات من قبل المختصين والعامة.<BR><BR>ومع تسارع نقل مثل هذا البيان عبر الإنترنت و إمكانيات المتابعة الآنية والتعليق الفوري على الأحداث، والربط الموضوعي والأرشيفي، عبر تزويده بروابط أهم المواد المتعلقة حول موضوع معين، فقد وجدت فتوى العلماء وطلاب العلم صدى واسعاً في البلاد العربية والغربية، ساهمت فيها آلاف الأقلام من مختلف الشعوب.<BR><BR>وكمثال على ذلك، فقد حظي الخبر الذي أورده موقع (ياهو) على الإنترنت حول هذه الفتوى، بتباين الآراء والأفكار، وسطرت عشرات الآلاف من الأسطر في التعليق عليه وقد انقسمت بين مؤيد ومعارض، وتفاوتت التوجهات ما بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، وآراء المحللين السياسيين (كل حسب انتمائه)، فضلاً عن الحياديين والمراقبين .<BR><BR><font color="#0000FF"> رأي الوسيلة الإعلامية أولاً: </font><BR>تحت عنوان (علماء الدين السعوديون يدعمون الحرب المقدسة)، نشر موقع (ياهو) الشهير عبر صفحاته على الإنترنت، خبر صدور فتوى العلماء وطلاب العلم السعوديين.<BR>وكون الوسيلة الإعلامية (أياً كانت) ترسم خطاً أساسياً لأي معلومة توردها للناس، خدمة لسياستها وسياسة ممولها الأساسي، فإن (ياهو) لم يكتف ببث الخبر كما هو، بل وضعه في قالب خبري، مع إيراد بعض المعلومات حوله، ما يوفر أرضية فكرية تسحب القارئ إلى حيث يريد الناشر. <BR><BR>وجاء الخبر كما يلي: " حث العلماء الدينيون السعوديون البارزون العراقيين على مساندة المقاتلين الذين يشنون حرباً مقدسة على قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، في وقت تعدّ فيه القوات الأمريكية اليوم السبت، لهجوم كبير على المرتع الخاص بالمتمردين في الفلوجة". <BR><BR>مقدمة الخبر هدفت بالتحديد، إلى إبراز ثلاث نقاط أساسية، تخدم سياسة الأمريكيين الناشرين، والمؤيدين بطبيعة الحال للاحتلال الأمريكي، وهي: <BR>1- إظهار مدينة الفلوجة بالمكان الخاص للمتمردين، أي: المقاتلين الذين خرجوا على الشرعية الوطنية والحكومية، وما يدعمها من قوات خارجية، وهي بالتالي تقول بين السطور: " إن كل مدن العراق البقية، لا يوجد فيها هؤلاء المتمردون، إذن فهم مؤيدون للحكومة والقوات الأجنبية".<BR>2- ربط كلمة "الحرب المقدسة" بما يتعلق بالقتال في الفلوجة، وإعطاءها الطابع الديني البحت، بعيداً عن أي مسمى للمقاومة المشروعة، وهو ما يوطد أن الحرب هي حرب دينية بالأساس، وأنها مرتبطة بمتشددين مسلمين لا يزالون يروجون للحروب المقدسة ضد الأجانب.<BR>3- ربط العلماء وطلاب العلم السعوديين، بمفهوم "الحرب المقدسة" في العراق، عبر تأييدهم في فتواهم لهذه الحرب، دون أي ذكر للمقاومة، ما يروج لادعاءات أمريكية بأن بعض العلماء السعوديين متشددون.<BR><BR>وبعد أن أورد الخبر في الموقع بعضاً من فقرات الفتوى المنتقاة، قال الخبر: "إن العلماء الذين أصدروا الفتوى هم من العلماء المستقلين، وبعضهم قد واجه انتقادات كبيرة في الماضي بسبب مواقفهم وأفكارهم المتطرفة".<BR>وأضافت أن فتوى صادرة في المملكة العربية السعودية خلال العام الماضي، أكدت أن الدعوة إلى الجهاد أمر منوط بالحاكم فقط.<BR>مضيفة أنه لم يصدر حتى الآن أي تعليق من قبل المسؤولين السعوديين حول هذه الفتوى.<BR>كما لم ينس القائمون على الموقع من ذكر تنظيم "القاعدة" ووجوده في السعودية، واتهامات مضمنة بوجود علاقة قديمة بين بعض هؤلاء العلماء مع (زعيم التنظيم) أسامة بن لادن !<BR><BR>هذا الرأي المضمن في الخبر، شكل أكبر التيارات التي شهدتها الآراء اللاحقة في الخبر، والتي علقت عليه في الصفحة الخاصة برأي ومشاركات القراء.<BR>وهو ما هدفت إليه سياسة الموقع بالدرجة الأولى، واستطاعت أن تصل إليه بكل حرفية إعلامية.<BR><BR><font color="#0000FF"> آراء وأفكار المعلقين على الخبر: </font><BR>بلغت عدد المشاركات التي أضيفت للخبر من قبل القراء أكثر من 5000 مشاركة، أدلى فيها القراء بآرائهم وأفكارهم حول خبر الفتوى، فيما وجد بعض منهم في هذه الفسحة، مكاناً لنشر أفكاره المتطرفة، واتخذه آخرون سبيلاً لوضع توقعاتهم الشخصية أو لإيراد معلومات موثقة من مصادر أخبار تخدم سياسة الخبر.<BR>كما شهدت مساحة الآراء، فرصة للمساجلة بين بعض المتضادين بالآراء حول القوات الأمريكية المحتلة، أو مفهوم الحرب الصليبية، أو أفكار الجهاد في سبيل الله، وغيرها من المواضيع المتعلقة بالخبر الأساسي.<BR>ركزت الكثير من المشاركات، على اتهام المملكة العربية السعودية والشعب السعودي، بدعم القتال ضد أمريكا والأمريكيين في العالم.<BR>ودعا الكثير من المشاركين إلى احتلال السعودية، والسيطرة على النفط ، بدعوى محاربة ما أسموه (بالإرهاب).<BR><BR>المشاركة الأولى التي نشرت في صفحات التعليق على الخبر، قالت: "في الحرب على (الإرهاب) كان العراق بريئاً دائماً لذلك، يجب علينا أن ندمر السعودية، وعندها سنفوز بهذه الحرب".<BR><BR>أما المشاركة الثانية فقد قالت: " يوجد في السعودية 11 مليون فقط من أبنائها، والبقية من العمال الأجانب، لذلك، كل ما علينا فعله هو طرد الـ11 مليون، وتوطينهم في البلاد العربية المجنونة الأخرى .<BR>ونهددهم بين فعل ذلك أو تدمير مكة (..). ونقول للعالم: "نعم إننا نريد السيطرة على النفط".<BR>وعندها سيتحدد سعر برميل النفط بـ20 دولاراً للبرميل الواحد.<BR><BR>ويظهر الميل الواضح للتأكيد على أطماع الأمريكيين في السعودية، وللفكرة التي تروجها الآلية الإعلامية في الولايات المتحدة، المتعلقة بصورة السعودية، وكونها مصدراً للنفط المطموع فيه، ومركزاً للثقل الديني في العالم الإسلامي.<BR><BR>المشاركة 224 جاءت تحت عنوان " نحن عالة على النفط السعودي، وقالت المشاركة: " لذا نحن ضعفاء ضد المملكة العربية السعودية، ولهذا فبوش يحب السعوديين".<BR>وتضيف المشاركة رقم 600، اتهامات أخرى للسعودية، عبر الادعاء مجدداً أن "السعوديين مولوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ومولوا القاعدة وطالبان، ومولوا الحرب العراقية ضد أمريكا".<BR><BR>ويتابع صاحب المشاركة بالقول: "لماذا اختارت أمريكا غزو أفغانستان والعراق، بدلاً عن المملكة العربية السعودية"، محتجاً على العلاقات بين بوش والحكومة السعودية واستيراد النفط منها.<BR><BR>وذهبت بعض المشاركات إلى أبعد من ذلك، كالمشاركة رقم 1225:والتي قالت: " العالم سيكون أفضل إذا تخلصنا من إيران والمملكة العربية السعودية وكوريا الشمالية وفرنسا، وأيضاً الأمم المتحدة العديمة الفائدة".<BR><BR><font color="#0000FF"> أفكار مؤيدة: </font><BR>المشاركة 228، دافعت عن العراقيين وعن الفتوى بالقول: "أمريكا هاجمت النساء والأطفال الأبرياء بقنابل النابالم، لذا أرجو فقط أن تتذكروا أننا عملنا بعض الأشياء الفظيعة جداً ضد الناس".<BR><BR>فيما تأسف المشاركة (602) على قرار الحرب من قبل الرئيس بوش، وقالت: " أنا فقط أشعر بالأسف على الجنود الأمريكيين الذين يتوقون إلى هذه الحرب الظالمة التي أعلنها بوش بدون أي سبب مقنع".<BR><BR>كما دافعت المشاركة رقم 4560، عن جهاد العراقيين ضد بلدهم، بالقول: " إنهم يدافعون عن بلدهم، لماذا وصلت أمريكيا بالأساس إلى هناك، وأعتقد أن "تحرير العراقيين" هي كذبة كبيرة".<BR><BR>المشارك الذي حمل اسم (بيل) وحاول الدفاع قدر المستطاع عن فحوى فكرة الفتوى، قال في إحدى مشاركاته التي حملت الرقم 5051 " لن يكون أي أمريكي سعيداً بأن يرى عائلته، الزوجة والأطفال مقتولين، ثم يبقي أيديه مربوطة خوفاً من أن يتهم بأنه إرهابي إذا دافع عن عائلته". <BR>ويضيف " الدفاع عن نفسك وعن عائلتك وأطفالك هو الأمر الطبيعي، والعكس هو الشاذ".<BR><BR>ويضيف (بيل) في مشاركة رد فيها على أحد المشاركين الذين ادعوا أن القوات الأمريكية هي أقوى القوات العسكرية في العالم بالقول: "هذا غير صحيح، فلدى القوات الأمريكية أكثر الأسلحة تطوراً في العالم، ولكن عندما يتعلق الأمر بالقتال وجهاً إلى وجه، سنجد الجنود الأمريكيين جبناء، ويميلون إلى الهروب بعيداً عن الموت؛ لأنهم غير جاهزين للموت، بخلاف العراقيين المتمرسين، والذين لا يفكرون بالهرب، بل بالفوز أو الموت".<BR><BR>ويضيف في مشاركة أخرى، تقول: "التقارير من العراق إنهم خائفون حتى أن يذهبوا إلى الحمامات، فهل تعتقد أن لدى الجنود الأمريكيين شجاعة بالفعل".<BR><BR>كما أن المشاركة رقم 5046 تدافع عن فكرة العلماء الذين أصدروا الفتوى بالقول: "إن القوات الأمريكية هي التي بدأت الحرب هناك، والعلماء يحاولون الدفاع عن أنفسهم وعن الناس الذين يقودونهم".<BR><BR>فيما تسخر المشاركة رقم 225، من فكرة ذهاب القوات الأمريكية إلى العراق، والمشاكل التي واجهتها حتى الآن من قتل جنود وخسائر مادية، بالقول: "نحن حتى الآن لم نتلق أي نفط من العراق، لذلك، فنحن من أجل أي شيء نقاتل في العراق... ذلك البلد الصغير المكون من الرمل، سيكلفنا أكثر من 3 بلايين سنة للدفاع عنه، و65 مليون سنة لإعادة مهجريهم، و28 مليون سنة لتمويل صناعاتهم الدفاعية"!<BR><BR>وتدافع المشاركة التي حملت رقم (2285) عن الدين الإسلامي، كدين سلام، وتقول: " منذ مئات السنين، عندما حاول الصليبيون غزو المسلمين فشلوا، فهل قتلهم المسلمون؟ لقد سمحوا لهم أن يغادروا البلاد ويعودوا إلى ديارهم بسلام".<BR><BR>وتتابع المشاركة بالقول: إن كره المسلمين لنا عبر السنوات اللاحقة، جاءت بسبب ما نفعله معهم".<BR>وشددت المشاركة على قوة المسلمين في صد القوات الأمريكية المحتلة بالقول: " لا يمكن أن نغزو هؤلاء الناس، إنهم سيحاربون حتى آخر رجل لديهم. قل لي.... كيف يمكن أن تعتقد أن 120,000 جندي أمريكي سيستطيعون غزو ملايين المسلمين ؟ لذلك أعتقد أن الفلوجة ستكون مذبحة لكلا الجانبين".<BR><BR>كما دافعت المشاركة رقم 3505، عن جهاد العراقيين عن أنفسهم، وقالت: " لا أعتقد أن المسلمون فعلوا أفضل مما كان سيفعله النصارى، عندما يتعلق الأمر بعمل شيء صحيح، خاصة وأن الغزو الأمريكي للعراق لم يكن مبرراً".<BR>وتضيف المشاركة " لقد قتل أكثر من 100 ألف عراقي حتى الآن، معظمهم من الأبرياء، ونحن قد شعرنا بنفس الشيء عندما هاجمنا البريطانيون قبل إعلان الاستقلال، ولا أعتقد أن أمريكا تملك أي أرضية أخلاقية في هذا الغزو".<BR><BR><font color="#0000FF"> أفكار ومشاركات أخرى: </font><BR>بالإضافة إلى مئات الأفكار والمشاركات التي دارت بشكل أو بآخر حول قضية الفتوى الصادرة من قبل العلماء الـ26.<BR>بعض هذه الأفكار روجت لفكرة الإبادة الجماعية ضد العراقيين، كالمشاركة رقم (20) التي طرحت فكرة استخدام "القنبلة النيترونية" من أجل حصاد الناس، والإبقاء على البنية التحتية، (وما فيها بالتالي من آبار نفط ومنشآت وغيرها).<BR>وتتابع المشاركة "ليس من المخجل أن نتكلم عن "القنبلة النترونية"، لكننا لا نملك خيارات أخرى، ونحن نبدو كهتلر.. إننا نواجه أناساً يكرهوننا"...<BR><BR>فيما حاولت إحدى المشاركات تعليق علميات القتل في العراق، بالعراقيين أنفسهم وبالمقاتلين الذين يواجهون الأمريكيين.<BR>وبعد سجال طويل عبر المشاركات ضد مشارك دافع بكل حماس عن العراقيين والأطفال والشيوخ، قال المشارك: " إنك تبدو كأنك عربي، ويبدو أنك غير راغب بالنظر إلى إخوتك الذين يقتلون الأطفال بالعشرات باسم الله ".<BR>وتتابع المشاركة "انس الأطفال المقتولين بسبب القنابل المزروعة بجانب الطريق، والمقتولين من قبل الفدائيين، كمثال، قد يقف أمام الله _عز وجل_ رجلان، الأول فدائي عربي فجر نفسه في حشد من بين اليهود لقتل الأبرياء(!!) باسم الله، وجندي أمريكي أطلق النار على طفل عراقي بالخطأ أثناء سيره في شوارع العراق، فقتله. أنا متأكد أن الله سينظر إلى الجندي الأمريكي كبريء، ويعامل الفدائي بأنه مجرم"!!<BR><BR>فيما وجدت بعض المشاركات فرصة لإبراز موقفها من اليهود الذين "يسيرون الأمريكيين كما يريديون".<BR>وقالت المشاركة رقم 4559: " أنا لا أكره اليهود على الإطلاق!<BR> إلا عندما يأخذون كل دولار من الأمريكيين !"<BR><BR>وغيرها من الأفكار والمشاركات الكثير، التي أثبتت أن صدور مثل هذه الفتوى في هذا الوقت، ذات أهمية بالغة، يخاف منها الغرب، ويخشى أن تتحول إلى سلاح أيديولوجي ضد القوات المحتلة الطامعة بما تملكه المنطقة من نفط وثروات أخرى .<BR><br>