التدريب العربي والدولي لأجهزة الأمن الفلسطينية.. لمصلحة من؟
23 ذو الحجه 1425

لا يبدي الفلسطينيون ارتياحاً للجهود العربية والدولية لإعادة تدريب وتمويل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، خاصة في هذا الوقت الذي تستعد فيه "إسرائيل" لتنفيذ خطة الانسحاب من قطاع غزة، وبعض مستوطنات شمال الضفة الغربية، وتخشى فصائل المقاومة أن تُستغل تقوية الأجهزة الأمنية في الانقضاض على تلك الفصائل ونزع سلاحها.<BR><BR>ويبدو أن الأمر مرتبط فعلاً بشكل وثيق بخطة الانسحاب "الإسرائيلية" من قطاع غزة، حيث تسعى تلك الدول لتمكين السلطة الفلسطينية من بسط سيطرتها بشكل كامل على قطاع غزة كمقدمة لإعادة سيطرة الأجهزة الأمنية على كامل أراضي السلطة الفلسطينية، وتقوية الأجهزة الأمنية بما يمكنها من تنفيذ أي إجراءات تطلب منها كمصادرة أسلحة أو اعتقال نشطاء.<BR><BR><font color="#0000FF"> تدريب شامل: </font><BR>وقد أفادت مصادر فلسطينية أن مصر وبريطانيا أبدتا استعدادهما لتدريب ضباط أمن فلسطينيين، وذكرت أن نحو 45 ضابطاً سيبدؤون قريباً دورة تدريبية في مصر، في الوقت الذي تتلقى فيه السلطة الفلسطينية مساعدات أمنية تتمثل في معدات وسيارات وأسلحة من جهات دولية عدة.<BR><BR>وتشير المصادر الفلسطينية الخاصة بموقع المسلم إلى أن التدريبات العربية والخارجية للأجهزة الأمنية الفلسطينية ستكون شاملة، ولن تقتصر على النواحي الاستخباراتية.<BR>وأوضحت أن التدريب سيقوم على تمكين تلك الأجهزة من مواجهة الحالات الطارئة كالمظاهرات الصاخبة وحالات الهجوم على المراكز الحكومية والسيطرة على العناصر المشاغبة.<BR>ورأت أن السلطة الفلسطينية والجهات التي ستدرب الأجهزة الأمنية تطلق مسميات مدنية على هذه التدريبات حتى لا تأخذ أي بعد أمني يتعلق بالمقاومة.<BR><BR>وأشارت إلى أن هذه التدريبات تحاول منح الأجهزة الأمنية القدرة على السيطرة على الأراضي الفلسطينية بشكل سهل قوي، وبشكل يمكنها من تنفيذ كل إجراءاتها، سواء كان عمليات اعتقال أو مصادرة أو ملاحقة أو مراقبة الحدود، وأنها ستكون لب عمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.<BR><BR>بعض المصادر الفلسطينية والتي رفضت ذكر اسمها أكدت أن مجموعة من الضباط البريطانيين بالفعل بدأت في أحد الفنادق في مدينة غزة بالمرحلة الأولى لتدريب عدد من العناصر الأمنية، وأن المرحلة القادمة ستكون على شكل أوسع وستضم المئات من عناصر الأمن الفلسطيني، إضافة إلى تقديم الدعم مادي ومالي لهذه الأجهزة. <BR><BR><font color="#0000FF"> ليست جديدة: </font><BR>وتعد قضية تدريب الأجهزة الأمنية الفلسطينية على يد دول عربية ليست جديدة، حيث ترددت منذ نحو عامين، خاصة بعد تشكيل محمود عباس (أبو مازن) لحكومته الأولى قبل عام ونصف، وأخذت قضية تدريب أجهزة الأمن تسيطر مرة أخرى على الأراضي الفلسطينية تتردد بين مدة وأخرى .<BR><BR>وكان أحمد قريع (رئيس الحكومة الفلسطينية) قد زار الأردن قبل نصف العام، بعد أن اجتمع في رام الله بـ(مدير المخابرات المصري) عمر سليمان، وبحث مع الحكومتين المصرية والأردنية تدريب قوات الأمن الفلسطينية، وتردد أن الحكومتين (المصرية والأردنية) وافقتا على القيام بهذه المهمة من خلال إرسال خبراء تدريب إلى كل من غزة والضفة.<BR><BR><font color="#0000FF"> موطئ قدم: </font><BR>يذهب بعض المراقبين إلى التحذير من أن وراء هذه التدريبات مساع مصرية وأردنية لإيجاد موطئ قدم لهما في غزة والضفة من بوابة تدريب الأجهزة الأمنية، وبموافقة فلسطينية، وهو ما تنفيه الأطراف الثلاثة.<BR><BR>وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت في مايو 2004م قد ذكرت أن قوات مصرية ستشارك في حفظ الأمن بغزة، وقالت: إن (الرئيس المصري) حسني مبارك، أبلغ مدير ديوان شارون خلال محادثة سرية، التزامه الشخصي بضمان الأمن في غزة بعد الانسحاب "الإسرائيلي" الكامل منها. <BR><BR>وأضافت الصحيفة وقتها أن مبارك وشارون توصلا، بعد ذلك التعهد، إلى تفاهم حول ترتيبات أمنية في غزة، عقب الانسحاب وأيضاً على الحدود مع مصر خلال زيارة (مدير المخابرات) عمر سليمان لـ"إسرائيل" الأسبوع الماضي. <BR><BR>وقالت الصحيفة: إن الجانبين اتفقا على إجراء اتصالات بين طواقم أمنية من البلدين، لاستكمال الخطة والتوصل إلى اتفاق حول حجم القوات المصرية التي سيسمح بدخولها إلى غزة. <BR>وأكدت مصادر سياسية "إسرائيلية" رفيعة في ذلك الوقت، على حد وصف الصحيفة حدوث تقارب ملموس بين مصر و"إسرائيل". <BR><BR>لكن (الرئيس الفلسطيني) محمود عباس نفى في تصريح صحفي سابق في سبتمبر 2004م أن مصر والأردن تريدان العودة لغزة والضفة الغربية، وقال: إن مصر وافقت على المساعدة في تدريب وإعادة تأهيل القوات الفلسطينية‏، حيث يقوم مسؤولي أجهزة الأمن الفلسطينية بزيارة القاهرة للاتفاق على تأهيل وتدريب القوى الأمنية الفلسطينية.<BR><BR>وقال: الحكومة المصرية لن ترسل قوات مصرية‏ إلى غزة لكن سيكون هناك ضباط لتدريب القوات الفلسطينية‏ لا أكثر من هذا، ولا نريد أكثر من هذا‏،‏ وكل من يحمل الموقف المصري أكثر من هذا فهو مخطئ "‏.‏<BR><BR>ويذكر أنه بتاريخ 15-9-2004م أوردت صحيفة الأهرام المصرية خبراً يقول: إن (وزير الخارجية المصري) أحمد أبو الغيط، و(رئيس جهاز المخابرات) عمر سليمان سيطلبان من "إسرائيل" ضمانات مقابل مساعدة الفلسطينيين في السيطرة على الوضع في غزة عقب الانسحاب "الإسرائيلي".<BR><BR>وأكدت صحيفة الأهرام وقتها أن 45 ضابطاً فلسطينياً بدؤوا في ذلك الوقت تدريباً في مصر لمدة سبعة أسابيع في إطار المبادرة المصرية لمساعدة السلطة الفلسطينية على بسط الأمن في غزة في حالة انسحاب "إسرائيلي" من القطاع.<BR><BR><font color="#0000FF"> تدريبات سياسية: </font><BR>ولا يرى د. غازي حمد (المحلل السياسي من غزة) أي ضرورة فعلية لتدريب الأجهزة الأمنية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الضغوط الدولية والخارجية على السلطة الفلسطينية هي التي دفعت في هذا الاتجاه.<BR><BR>ورأى حمد في تصريح خاص لموقع المسلم أن هذه التدريبات تأخذ مغزى سياسي أكثر منه أمنى، وكأن هناك مشكلة في أداء الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وكأنها غير قادرة على التعامل مع الفصائل المقاتلة أو المواجهة مع التنظيمات فهي تحتاج لهذا النوع من التدريب، خاصة من دولتين لهما تجربة في مجال مواجهة الحركات الإسلامية.<BR><BR>وأضاف: أتصور أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية لديها خبرة في المجال الأمني، وإن كان ينقصها التقنيات لذلك فهي تدريبات ذات مغزى سياسي أو تأتي ضمن ترتيبات طرحها الاتحاد الأوروبي وأمريكا، حيث طرحت بريطانيا ومصر والأردن تدريب الأجهزة الأمنية الفلسطينية.<BR><BR><font color="#0000FF"> الحوار وليس الأمن: </font><BR>وشدد د.حمد على أن التفاهمات التي تجري بين المقاومة وأبي مازن ستكون بمثابة صمام أمان للمجتمع الفلسطيني وفي وجه عملية التغول من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية على الفصائل الفلسطينية.<BR><BR>وقال: أعتقد أنه من الخطأ أن تبدأ الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة أبو مازن عهدها الجديد بمحاربة المقاومين، وأتصور أن الإشكالية الكبرى ستكون من قبل "إسرائيل" وليس من الفصائل.<BR><BR>ورأى أن الأجواء الفلسطينية لا تشير إلى إمكانية صدام بين الأجهزة الأمنية المقاومة، نظراً لاختلاف الأوضاع اليوم عنها في العام 1996م، حيث لا تقتصر المقاومة اليوم على حركة حماس حيث تخوض جهات من حركة فتح والقوى اليسارية العمل المسلح ضد "إسرائيل"، وتمتلك الفصائل ترسانات أسلحة فمن الصعب أن تفتح الأجهزة الأمنية جبهة مع كل فصائل المقاومة.<BR><BR><font color="#0000FF"> الفصائل قلقة: </font><BR>وأوضح د.حمد أن الفصائل الفلسطينية قلقة من هذه التدريبات وأنها متوجسة مخافة أن تتجه هذه التدريبات حول كيفية قمع المقاومة ومصادرة الأسلحة وكيفية الضبط والاعتقال ووقف الهجمات.<BR><BR>وأكمل يقول:" يفترض أن تكون الأولوية الآن ليست للأمن، بل لترتيب البيت الداخلي وإدارة الاقتصاد وبشكل جدي وإنتاج مشاريع بشكل جيد وضبط حالة القوى، وإعادة بناء النسيج الاجتماعي، وإنشاء نظام سياسي ديمقراطي بشكل جيد.<BR><br>