تعديل قانون الانتخاب في مصر ..الدوافع الحقيقية
19 محرم 1426

القاهرة – المسلم- همام عبد المعبود<BR>لقي إعلان (الرئيس المصري) حسني مبارك موافقته على تعديل قانون الانتخاب لرئاسة الجمهورية ليسمح بالانتخاب الحر المباشر، قبيل الانتخابات المقررة في سبتمبر 2005م، ترحيباً كبيراً في الشارع المصري فيما قوبل بالفرح الممزوج بالحذر الشديد من قبل بعض الأحزاب والقوى السياسية، حيث لم تتحدد بعد طبيعة التعديلات التي سيقرها البرلمان وما إذا كانت حقيقية أم شكلية لامتصاص غضب الداخل وضغط الخارج.<BR><BR>فقد شدد عدد من قادة الأحزاب والقوى السياسية والناشطين المصريين على ضرورة ألا يضع التعديل الدستوري المنتظر أي قيد على أي مواطن يرغب في الترشيح للمنصب، وألا ينص على جواز التجديد للرئيس لأكثر من فترتين، فيما قالت جماعة الإخوان: "إنها تستلزم إطلاق حرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف، وإيقاف العمل بقانون الطوارئ، وتشكيل لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات إشرافاً كاملاً، وإلغاء كافة المحاكم والقوانين الاستثنائية المقيدة للحريات، فضلاً عن ضرورة الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي ومثول المدنيين أمام قاضيهم الطبيعي".<BR><BR>وكان الرئيس مبارك، قد أعلن السبت 26-2-2005م، في خطاب نقله التلفزيون المصري، من مسقط رأسه بمحافظة المنوفية (شمال القاهرة)، أنه طلب من البرلمان مناقشة المادة 76 المتعلقة بانتخاب الرئيس "لمناقشتها واقتراح التعديل المناسب تماشياً مع المرحلة الحالية في تاريخ مصر"على أن يطرح التعديل للاستفتاء عليه قبيل الانتخابات المقررة في سبتمبر 2005م، واصفاً خطوته هذه بأنها "تاريخية". <BR><BR>وتابع مبارك "حددت في هذا الطلب المبادئ الأساسية التي تضمن تحقيق الهدف منه، وذلك بأن يكون انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر مع إتاحة الفرصة للأحزاب السياسية لخوض الانتخابات الرئاسية، وتوفير الضمانات التي تسمح لأكثر من مرشح بالتقدم لانتخابات رئاسة الجمهورية ليختار الشعب من بينهم بإرادته الحرة".<BR><BR>وقال مبارك: "إن هذا التعديل التاريخي في مسيرة حياتنا الدستورية يتيح لأول مرة في التاريخ السياسي لمصر الفرصة لكل من لديه القدرة على العطاء والرغبة في خدمة الوطن وتحمل مسؤولية الحفاظ على مكتسبات الشعب ومنجزاته ورعاية شعبه وأمنه ومستقبله لأن يتقدم للترشيح في إطار دعم برلماني وشعبي للانتخاب المباشر لرئيس الجمهورية".<BR> وأضاف: "هذا التحول الجوهري هو تأكيد للنظام الجمهوري الديمقراطي الذي يستهدف إعلاء سيادة الشعب واحترام إرادته لتكون له الكلمة الأولى والأخيرة في اختيار من يقود مسيرته"، وقال: "وقد أخذت بزمام هذه المبادرة من أجل أن نبدأ عهداً جديداً نمضي فيه قدما نحو آفاق جديدة على طريق الإصلاح". <BR><BR>وبعد إعلان الرئيس بساعات، بدأ مجلسا الشعب والشورى، بعد ظهر السبت، إجراءات التعديل وقررا إعداد مشروع قانون بشأنه في غضون 15 يوماً، كما تلا رئيسا مجلس الشعب فتحي سرور والشورى صفوت الشريف نص اقتراح الرئيس الذي يتضمن شروطاً لضمان "جدية الترشيح" أبرزها أن "يحصل من يرغب في الترشيح على تأييد ممثلي الشعب المنتخبين في المؤسسات الدستورية (مجلسي الشعب والشورى) وفي المجالس الشعبية المحلية". وقال الدكتور محمد كمال(عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم):"إن البرلمان سوف يقوم بتعديل مادة الدستور خلال أسبوعين".<BR><BR>وكانت أحزاب المعارضة المصرية تترقب أن يعلن الرئيس مبارك قراراً بتشكيل لجنة تتولى إعداد تعديلات على الدستور تفتح الباب لانتخابات تعددية على رئاسة الجمهورية، غير أن أحداً لم يكن يتوقع أن يتم ذلك التعديل قبل الانتخابات الرئاسية التي ستستحق في سبتمبر 2005م الجاري، خاصة بعدما صرح الرئيس برفضه إجراء أي تعديل على الدستور قبيل الانتخابات المقررة في 2005م، ولكن شيئاً ما لم يعلن بعد، ستكشف عنه الأيام القليلة القادمة، دفع الرئيس للموافقة على إجراء التعديل. <BR><BR>ترحيب حذر<BR>ومن جهتها، رحبت جماعة الإخوان المسلمين بدعوة (الرئيس المصري) محمد حسنى مبارك مجلسي الشعب والشورى لإدخال تعديلات دستورية على المادة 76 بحيث تسمح بانتخاب رئيس الجمهورية من بين أكثر من مرشح بالانتخاب الحر المباشر، معتبرة أنها" خطوة تمثل تحركاً إيجابياً على طريق الإصلاح السياسي المنشود".<BR><BR>وقالت الجماعة في بيان لها، أصدرته السبت 26 فبراير 2005م، وتلقى مراسلنا بالقاهرة نسخة منه: إن الإصلاح السياسي المنشود "يستلزم إطلاق الحريات العامة، من حرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف، وإيقاف العمل بقانون الطوارئ، فضلاً عن ضرورة تشكيل لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات إشرافاً كاملاً داخل وخارج اللجان بدءاً من تنقية كشوف الناخبين وانتهاء بالفرز وإعلان النتائج، وإلغاء كافة المحاكم والقوانين الاستثنائية المقيدة للحريات"، مؤكدة على "ضرورة الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي ومثول المدنيين أمام قاضيهم الطبيعي".<BR><BR>وأعربت الجماعة في البيان الذي ذيِّل بتوقيع (المرشد العام) محمد مهدي عاكف عن أملها في" أن يتخذ النظام المصري خطوات سريعة وجادة لتحقيق الإصلاح المنشود الذي طالما طالب به الإخوان والقوى السياسية وجموع الشعب المصري خاصة في الوقت الراهن الذي يستلزم تقوية الجبهة الداخلية للنهوض بمصر وتقدمها ورقيها ولمواجهة التحديات الخارجية".<BR><BR>وقد لاقى القرار ترحيباً بالشارع المصري، وفي محاولة من موقع (المسلم) لاستمزاج الرأي العام في مصر بهذا الخصوص ، التقى المسلم بعدد من أفراد الشعب المصري وكانت تلك أقوالهم، يقول المهندس أحمد كمال (61 عاما) – بالمعاش-: " والله القرار جريء، وطالما انتظرناه، لكن المهم ألا تكون هناك نية مبيتة لتفريغه من معناه، وألا يكون حبراً على ورق !!. ويقول الدكتور إبراهيم ذا النون (51 عاماً)– أستاذ جامعي- : "أعتقد أن القرار مجرد لعبة محسوبة لامتصاص غضب الجماهير التي بدأت ولأول مرة منذ زمن طويل ترفع صوتها، وتقول: " كفاية " وتقول: " لا ..للتجديد لمبارك وللتوريث لجمال ابنه". و يعقب علي إدريس (48 عاماً) – مدرس ابتدائي-: " دعونا نحسن الظن بهم حتى يتضح لنا خلاف ذلك، وإن غداً لناظره قريب !!<BR><BR>كما قال عبد الله السناوي (رئيس تحرير صحيفة العربي الناطقة بلسان الحزب الناصري): "إنه أول انتصار في معركة الديمقراطية ولا بد أن تتواكب معه خطوات أخرى منها تقليص صلاحيات الرئيس وإلغاء حالة الطوارئ". فيما وصف (رئيس حزب التجمع) الدكتور رفعت السعيد هذه الخطوة بأنها "تطور إيجابي واستجابة لمطالب المعارضة وتفاعل مع مطالب الرأي العام ويضع مصر على طريق جديد في الحريات العامة والديمقراطية".<BR><BR>وقد اعتبر سيد بدوي (سكرتير عام حزب الوفد) أن هذا التعديل "يحقق أملاً يسعى له الشعب المصري منذ 20 عاماً، ويزيل عقبة رئيسة في مسيرة الإصلاح السياسي". وأضاف أنه "يعد كذلك أساساً لتعديلات قانونية واسعة تتيح تفعيل مبادئ الحريات العامة الواردة في الدستور، والتي كانت معطلة بسبب القوانين الجائرة"، بينما أوضح جورج إسحق منسق "الحركة المصرية من أجل التغيير" والتي تطلق على نفسها اسم "كفاية" : إن تعديل الدستور "خطوة إيجابية ولكن يجب ألا تكون منقوصة، أي لا بد من استكمالها بإجراءات أخرى أهمها إلغاء قانون الطوارئ حتى يمكن إجراء انتخابات حقيقية".<BR><BR>وقال محمد الوصيف (رئيس حزب مصر الفتاة): "لم يكن معقولاً أن تجرى الانتخابات الرئاسية الفلسطينية بين أكثر من مرشح، بينما تخضع انتخابات الرئاسة في مصر لقواعد الاستفتاء"، مشيراً إلى أن "هذه الخطوة تزيد الاستقرار في مصر، فالشعب المصري يملك الوعي وقادر على الاختيار"، كما وصف المتحدث باسم الحركة المصرية من أجل التغيير الصحفي عبد الحليم قنديل قرار مبارك بأنه "فجوة في جدار النظام الشمولي وليس إزالة للجدار كله"، مشدداً على أنه "يجب ألا يشغل الرئيس المنصب أكثر من فترتين".<BR><BR>وأشار حسين عبد الرازق إلى أن قرار الرئيس فيه "استجابة جزئية لمطالب المعارضة التي تطالب بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، والذي يجعله الدستور صاحب القرار السياسي والتنفيذي الوحيد كما تعطيه المادة 74 الحق في اتخاذ إجراءات مطلقة بما في ذلك تعطيل الدستور وحل مجلس الشعب"، مطالباً بإجراء الانتخابات "بعيداً عن التزوير الذي عرفته كل الانتخابات في مصر منذ بدء التعددية السياسية بعد دستور 1923 باستثناء انتخابات عامي 1924 و1950م"، متخوفاً من أن تكون الضوابط والضمانات التي يتضمنها الاقتراح أن "يتقدم الحزب الوطني بمرشحه ويقوم باختيار المرشحين الآخرين لكونه يسيطر على كل المجالس المنتخبة بسبب التزوير".<BR><BR>وكان اجتماع في القاهرة لوزراء خارجية الدول العربية ومجموعة الثماني قد ألغي، حيث كان من المتوقع أن يثير الاجتماع قضايا حساسة بشأن الإصلاحات في مصر، وطوال عام مضى طالب الرئيس بوش مصر بقيادة الإصلاح الديمقراطي في الشرق الأوسط. وفي خطابه الأخير عن حالة الاتحاد، قال لبوش: إنه يأمل أن تكون مصر رائدة للديمقراطية في الشرق الأوسط، كما كانت رائدة للسلام، ثم عاد وكرر الجملة نفسها الثلاثاء 22 فبراير الجاري في خطابه أمام القمة الأوروبية-الأمريكية في بروكسيل. <BR><BR>وكانت قد تشكلت منذ أكثر من عام حركة شعبية تضم مثقفين ونقابيين وكتاباً وصحافيين أطلقت على نفسها اسم " الحركة المصرية من أجل التغيير"، وجعلت شعارها الأساسي "كفاية" في إشارة إلى رفضها التجديد للرئيس المصري لولاية خامسة ورفضها " توريث الحكم لنجله جمال مبارك". <BR><BR>وقد شهدت القاهرة، في الأسابيع الأخيرة عدداً من المظاهرات المطالبة بعدم التمديد للرئيس مبارك لمدة رئاسية خامسة وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، اندلعت في وسط العاصمة أمام دار القضاء العالي، وفي معرض القاهرة الدولي للكتاب، وأمام جامعة القاهرة، كما انطلقت حملة مصرية يقودها الثلاثي الذي أعلن الترشح للرئاسة وهم (النائب السابق) محمد فريد خميس والروائية الدكتورة نوال السعداوي والناشط – الأمريكي الجنسية- الدكتور سعد الدين إبراهيم، لجمع مليون توقيع على عريضة تقدم لمجلسي الشعب والشورى قبيل الانتخابات المقررة في سبتمبر 2005 م الجاري. <BR><BR>يشار إلى أن الرئيس مبارك (76 عاماً) يحكم مصر منذ قرابة ربع قرن، كما أنه يستعد للترشح لمدة رئاسية خامسة تمتد لست سنوات أخرى وفق نص دستور البلاد الصادر في عام 1971م، والذي كان يحدد مدة ولاية الرئيس بفترتين متتاليتين فقط، إلا أن (الرئيس السابق) أنور السادات أقدم قبيل اغتياله في أكتوبر 1981 على تعديل دستوري يستبدل حرف التاء المربوطة في عبارة "يجوز التمديد له لمدة أخرى"، بحرف الدال لتصبح "لمدد أخرى".<BR><br>